الأمم المتحدة: لبنان يعيش فترة هي الأكثر دموية «منذ جيل»

37 منشأة صحية أُغلقت في أنحاء البلاد نتيجة الأحداث

سيارة مدمرة في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على بعلبك في شرق لبنان (أ.ف.ب)
سيارة مدمرة في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على بعلبك في شرق لبنان (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: لبنان يعيش فترة هي الأكثر دموية «منذ جيل»

سيارة مدمرة في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على بعلبك في شرق لبنان (أ.ف.ب)
سيارة مدمرة في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على بعلبك في شرق لبنان (أ.ف.ب)

أكدت الأمم المتحدة، الجمعة، بأن التصعيد «الكارثي» للهجمات الإسرائيلية ضد عناصر «حزب الله» ترك لبنان بمواجهة فترة هي الأكثر دموية منذ سنوات؛ إذ تغصّ المستشفيات بالضحايا.

وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، عمران رضا، إن «التصعيد الأخير في لبنان أقل ما يمكن وصفه به هو أنه كارثي»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقصف الطائرات الحربية الإسرائيلية، منذ الاثنين، معاقل «حزب الله» في أنحاء لبنان، ما أسفر عن مقتل أكثر من 700 شخص وإصابة نحو 6000 بجروح.

وانفجرت مئات أجهزة الاتصال في مختلف مناطق لبنان، الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً على الأقل، وإصابة نحو 3000 بجروح في هجوم اتُّهمت إسرائيل بالوقوف خلفه.

وقال رضا للصحافيين في جنيف، في اتصال عبر الفيديو من بيروت: «نشهد فترة هي الأكثر دموية في لبنان منذ جيل، ويعبّر كثيرون عن مخاوفهم من أن هذه ليست سوى البداية».

وأشار إلى أنه يوم (الاثنين) وحده، بلغت حصيلة القتلى نصف الحصيلة التي سُجّلت عام 2006 والتي بلغت 1200 قتيل خلال 34 يوماً من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله». وقال إن «مستوى النزوح ومستوى الصدمة والذعر كانا هائلين».

في الوقت ذاته، حذّر رضا من أن «قطاع الصحة يعاني من الضغط الشديد».

وأفاد بأن «أحداث الأسبوع الماضي، بما في ذلك انفجار أجهزة الاتصال، أدت إلى نفاد الإمدادات الصحية تقريباً».

وتابع أنه «في ظل التصعيد الأخير وبلوغ المستشفيات قدرتها الاستيعابية القصوى، يعاني النظام من محدودية الموارد للإيفاء بالطلب المتزايد».

وأكّدت الناطقة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، أن المستشفيات في لبنان «تعاني من الضغط».

وأشارت إلى أن انفجار أجهزة الاتصال خلّف العديد من الإصابات الحرجة، خصوصاً في الأيدي والعيون، وهو ما تطلب علاجاً خاصاً.

وقالت إن 777 شخصاً ما زالوا في المستشفيات بعد هذه الانفجارات و«152 من هؤلاء حالاتهم حرجة».

وأضافت أن «ذلك يعني أنهم لن يغادروا المستشفى في أي وقت قريب، وبالتالي يملأ كل يوم من القصف والانفجارات أسرّة لا يمكن أن تصبح خالية قريباً».

وأفادت في الوقت ذاته بأن 37 منشأة صحية أُغلقت في أنحاء لبنان نتيجة الأحداث.

وشددت هاريس على أن وكالات الإغاثة بذلت الكثير من الجهود للاستعداد لأحداث قد تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في لبنان، في حال تصاعد إطلاق النار عبر الحدود الذي شهدته البلاد خلال العام الأخير.

وقالت إن «منظمة الصحة العالمية» ساعدت في «تدريب معظم العاملين في مجال الصحة في معظم المستشفيات على التعامل مع الأعداد الكبيرة للضحايا»، لكن «خططنا لم تشمل أي أعداد كتلك التي تأثّرت في الواقع».

وأضافت: «كانت بعيدة عن أي سيناريو يمكن للتخطيط العادي، حتى لحدث مروّع كهذا، أن يتوقعه».


مقالات ذات صلة

الحوثيون: استهدفنا تل أبيب وعسقلان في إسرائيل

المشرق العربي صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة زعموا أنها استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

الحوثيون: استهدفنا تل أبيب وعسقلان في إسرائيل

قال الحوثيون في اليمن، الجمعة، إنهم استهدفوا إسرائيل بإطلاق صاروخ باليستي صوب تل أبيب وطائرة مسيّرة صوب عسقلان تضامناً مع غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي عَلم لبناني يرفرف وسط اشتباكات عبر الحدود بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في صور بلبنان (رويترز)

مسؤول أمني إسرائيلي: أي عملية برية في لبنان ستكون «أقصر» ما يمكن

قال مسؤول أمني إسرائيلي، الجمعة، إن أي عملية برية قد تنفذها القوات الإسرائيلية ضد «حزب الله» في لبنان ستكون «أقصر» ما أمكن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي لبنانيون يتفقدون الدماء بعد غارة إسرائيلية استهدفت بلدة المعيصرة في كسروان (أ.ف.ب)

وزير الصحة: 25 قتيلاً في ضربات إسرائيلية على لبنان منذ صباح الجمعة

قال وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، إن 25 شخصاً قُتلوا في ضربات إسرائيلية على لبنان منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال فلسطينيون يعبرون من شمال غزة للعمل في إسرائيل (أ.ف.ب)

نقابات ترفع شكوى لمنظمة العمل الدولية بشأن معاملة إسرائيل لعمال فلسطينيين

رفعت عشر نقابات عمالية عالمية شكوى، الجمعة، لمنظمة العمل الدولية تتهم فيها إسرائيل بأن معاملتها للعمال الفلسطينيين منذ بدء حرب غزة تنتهك معاهدة عالمية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي صورة لنتنياهو خلال مظاهرة في نيويورك ضد حرب غزة والهجمات على لبنان (أ.ف.ب)

«سنمسك بك»... محتجون يتظاهرون أمام فندق يقيم به نتنياهو في نيويورك

تظاهر محتجون ضد إسرائيل أمام فندق يقيم فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة نيويورك الأميركية، مساء الخميس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مغادرة لبنان جواً مهمة صعبة... ولبنانيون يغادرون براً أو على متن يخت

مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

مغادرة لبنان جواً مهمة صعبة... ولبنانيون يغادرون براً أو على متن يخت

مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
مسافران يتفقدان لوحة المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في 27 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

على وقع الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان، أصبح العثور على مقعد في طائرة مغادرة من بيروت مهمّة شبه مستحيلة، مع إلغاء غالبية شركات الطيران الأجنبية رحلاتها واقتصار حركة النقل الجويّ على الشركة اللبنانية.

وبعدما ألغت «الخطوط الجوية التركية» رحلاتها من بيروت وإليها، حاول المهندس الزراعي جيلبير مدوّر مراراً حجز تذكرة سفر إلى لشبونة حيث تعقد شركة أسمدة عالمية يعمل لحسابها الأسبوع المقبل اجتماعاً لجميع موظفيها مقرراً منذ مطلع العام.

وقال الشاب البالغ 32 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الثلاثاء أُلغيت رحلتي من بيروت إلى إسطنبول، التي كانت مقررة الاثنين المقبل، فحاولت إيجاد رحلات أخرى عبر إسطنبول ومنها إلى لشبونة، من دون أن أوفّق».

وعلى غرار مسافرين كثر، لم يبقَ أمام مدوّر الذي يسافر بمعدّل ثلاث مرات شهرياً، خيار سوى شركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية التي حاول إيجاد مقعد على إحدى طائراتها.

وأكد أن «أول رحلة متوفرة إلى إسطنبول كانت الخميس المقبل، لكن ذلك لا يناسبنا، أنا وزميلَيّ؛ لأن الندوة تنتهي في ذلك اليوم».

ويُظهر الموقع الرسمي لمطار رفيق الحريري الدولي الوحيد العامل في لبنان، إلغاء عشرات الرحلات القادمة والمغادرة، مع تسيير معظم الرحلات من جانب شركة الطيران اللبنانية وبعض الشركات الأخرى على غرار الخطوط الإثيوبية والعراقية وشركة «بيغاسوس» التركية المنخفضة التكلفة.

«أزمة» سفر

وحاول مدوّر التوجه إلى أي دولة يمكنه أن يستقلّ منها طائرة إلى لشبونة، لكنه وجد أن «كل الرحلات المغادرة من بيروت هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل إما محجوزة بالكامل أو تكلفة التذكرة باهظة الثمن».

ومنذ مطلع الأسبوع، كثّفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على «حزب الله» في مناطق مختلفة في لبنان، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الحزب المدعوم من إيران والدولة العبرية قبل نحو عام، على خلفية الحرب في قطاع غزة.

وأثار ذلك المخاوف من توسع رقعة الصراع، ودفع شركات طيران كثيرة إلى وقف رحلاتها أو تمديد إجراء تعليق رحلاتها الذي كان سارياً أساساً. وطلبت دول عدة من رعاياها المغادرة أو تجنّب السفر إلى لبنان.

على غرار مدوّر، واجه المخرج هيثم شمص صعوبة في إيجاد تذكرة سفر في رحلة مباشرة إلى بوخارست بعدما أوقفت شركة «تاروم» الرومانية رحلاتها.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ الاثنين، بدأت البحث عن تذكرة عن طريق مكتب سفر».

وروى بانزعاج أن لديه عملاً في رومانيا بدءاً من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه قرر السفر مبكراً، مضيفاً: «لا يُعقل أن أعلق في لبنان وأخسر عقد عمل»، خصوصاً أنه المعيل الوحيد لعائلته.

بعد انتظار دام يومين، عرض مكتب السفر على شمص تذكرة عبر «طيران الشرق الأوسط» إلى إسطنبول، ومنها إلى بوخارست، مانحاً إياه نصف ساعة ليقرر. وقال: «شعرت بضغط شديد لكنني قررت ألا أفوّت الفرصة»، وبالتالي فرصة العمل التي ينتظرها.

والتذكرة الوحيدة التي توفرت لشمص كانت على درجة «الأعمال» إلى إسطنبول «بتكلفة لامست 1300 دولار ذهاباً وإياباً»، وفق قوله.

وتلبية لارتفاع الطلب، أكد مدير المبيعات في «طيران الشرق الأوسط»، أنطوان طبال، للوكالة أن الشركة «تشغّل يومياً بين ثلاث وخمس رحلات إضافية إلى وجهات عدة» بينها باريس وإسطنبول ودبي.

وأوضح: «الطلب أكبر من عدد المقاعد المتاحة... وهذا ما يخلق أزمة».

«اليخت ينتظرك»

وقال رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر، جان عبود، إن «الطلب ازداد أضعاف الأضعاف في حين أن العرض ضئيل جداً».

وشرح أن «مئات وكلاء السياحة والسفر يرصدون الإعلان عن رحلات جديدة، وما إن تتاح لهم طائرة إضافية حتى يحجزون كافة مقاعدها لزبائنهم في غضون عشر دقائق».

وشكا لبنانيون تحدّثت إليهم الوكالة من ارتفاع أسعار البطاقات المتوفرة، الأمر الذي ردّه عبود لاحتساب التكلفة التشغيلية لرحلتَي الذهاب والإياب، ذلك أن «رحلة الذهاب تكون محجوزة بالكامل أما العودة فتكون فارغة».

ومع عقبات السفر جواً، يلجأ كثرٌ للسفر براً إلى الأردن، أو بحراً إلى جزيرة قبرص التي تبعد نحو 250 كيلومتراً عن السواحل اللبنانية.

ويعرض أحد مكاتب السفر رحلات على متن حافلات من بيروت إلى عمّان مروراً بسوريا، تستغرق نحو 12 ساعة، بتكلفة تراوح بين 65 و125 دولاراً.

وتسيّر شركات نقل بحري رحلات على متن يخوت تستغرق خمس ساعات من ميناء ضبية شمال بيروت إلى مدينة آيا نابا في شرق قبرص.

وقال رئيس شركة «بوتينغ ليبانون» الكابتن بيار أبي سعد للوكالة: «سيّرنا هذا الأسبوع 12 يختاً يقل كل منها بين 9 و14 راكباً».

وبلغ متوسط سعر البطاقة للشخص الواحد 1200 دولار، وفق أبي سعد الذي يعتبر التكلفة «مدروسة»؛ نظراً إلى أن «التكلفة التشغيلية لليخت أكبر من تكلفة تشغيل طائرة»؛ بسبب عوامل عدة بينها عدد الركاب وأسعار «الفيول».

وتنتشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لهذا البديل. وكتب أحدهم على «تيك توك» وهو يقف أمام يخت: «إن كانت الطائرة غير متوفّرة، فاليخت ينتظرك!».