الدول الكبرى تحذر من «غزو بري» إسرائيلي «وشيك» ضد لبنان

دبلوماسيون يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن رفض أميركي لتدخل مجلس الأمن

مدفع هاوتزر إسرائيلي من عيار 155ملم يطلق النار قرب الحدود مع غزة (أ.ف.ب)
مدفع هاوتزر إسرائيلي من عيار 155ملم يطلق النار قرب الحدود مع غزة (أ.ف.ب)
TT

الدول الكبرى تحذر من «غزو بري» إسرائيلي «وشيك» ضد لبنان

مدفع هاوتزر إسرائيلي من عيار 155ملم يطلق النار قرب الحدود مع غزة (أ.ف.ب)
مدفع هاوتزر إسرائيلي من عيار 155ملم يطلق النار قرب الحدود مع غزة (أ.ف.ب)

هيمن الوضع المتفجر عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية على أعمال اليوم الثاني من الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وسط مخاوف جديّة عبر عنها دبلوماسيون من قيام إسرائيل بغزو بري سعياً إلى وقف هجمات «حزب الله» عبر الحدود، وقطع صلة «جبهة الإسناد» التي فتحها تضامناً مع «حماس» في غزة.

وكشف دبلوماسيون كبار من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع المتردي عبر الخط الأزرق والتصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» وصل إلى «نقطة اللاعودة» بسبب تمسك الطرفين بمواقفهما. وعبّر أحدهم عن «تشاؤم حيال هذا الوضع»، مضيفاً أن إسرائيل «تستعد لغزو بري يبدو وشيكاً».

سيارات مدنية على طول الطريق السريع المؤدي الى المدخل الجنوبي لبيروت (أ.ف.ب)

ووسط جهود أميركية مكثفة لـ«منع حصول حرب شاملة» حذر منها الرئيس جو بايدن على منبر الجمعية العامة، استبقت الدبلوماسية الفرنسية الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن مساء الأربعاء حول التصعيد عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، ودخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خط الاتصالات بما في ذلك مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، أملاً في تدخل طهران مع القوى والميليشيات التي ترعاها في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن لوقف الهجمات ضد إسرائيل ووقف زعزعة الاستقرار الهش في الشرق الأوسط. وخلال هذا الاجتماع، طلب ماكرون من بزشكيان استخدام طهران «لنفوذها لدى الأطراف المزعزعة للاستقرار التي تتلقى دعمها من أجل المضي نحو وقف لإطلاق النار في غزة ووقف للأعمال العدائية» و«دعم تهدئة عامة» في الشرق الأوسط.

وطبقاً لدبلوماسي غربي رفيع تحدث لـ«الشرق الأوسط» بشرط عدم نشر اسمه نظراً لحساسية الموضوع، فإن «المساعي لاتخاذ موقف موحد من مجلس الأمن يدعو إلى وقف التصعيد» عبر الخط الأزرق «لا يلقى الكثير من الحماسة من جانب الولايات المتحدة» التي «تفضل العمل على خط الاتصالات الثنائية مع القوى المعنية من أجل وقف التدهور»، مشيراً إلى «إحباط» دول مجلس الأمن من هذا الموقف الأميركي.

«إنذار أخير»؟

وخلال نشاطات الجمعية العامة، رأى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن موقف إسرائيل أظهر مرة أخرى أنه من الضروري للمجتمع الدولي أن يطور آلية لحماية المدنيين الفلسطينيين. وقال إنه «في بيئة لا يتم فيها تنفيذ القرارات الدولية، ينبغي إدراج التدابير القسرية ضد إسرائيل على جدول الأعمال». وأضاف: «كما أوقف تحالف الإنسانية هتلر قبل سبعين عاماً، فلا بد أن يوقف تحالف الإنسانية (رئيس الوزراء الإسرائيلي) نتنياهو وشبكة القتل التابعة له».

وكان نتنياهو أرجأ مجيئه إلى نيويورك من الأربعاء إلى الخميس في ظل التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله». وسرب دبلوماسيون أن نتنياهو يستعد لتوجيه «إنذار أخير» لـ«حزب الله» قبل إعلان الحرب.

وحاول رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إجراء مشاورات عاجلة للجم أي تحرك بري إسرائيلي في اتجاه الأراضي اللبنانية.

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)

وكذلك قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إن «الحرب الوحشية» الجارية في غزة أطلقت «رصاصة الرحمة» على الشرعية الدولية.

الموقف الإيراني

وشدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي فوراً على إنهاء العنف والوقف الدائم لإطلاق النار في غزة، ووضع حد لما وصفها «الهمجية البائسة» من إسرائيل في لبنان قبل أن تمتد إلى كل المنطقة والعالم. وحول علاقات بلاده مع المجتمع الدولي، قال إن الفرصة متاحة لدخول عصر جديد يبدأ بالاعتراف بمخاوف إيران الأمنية والتعاون بشأن التحديات المشتركة، ومن أجل بناء عالم أفضل.

وقال ولي العهد البحريني رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إن «المطلوب هو تنفيذ وقف إطلاق نار فوري، والإفراج عن جميع الرهائن، وتبني مسار لا رجعة فيه لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، ويجب أن يحدث ذلك الآن». وذكر بدعوة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للمجتمع الدولي من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط. وندد الرئيس الموريتاني ولد الغزواني بـ«الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان»، مطالباً بوقفها.

وأكد رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش أن بلاده ملتزمة بالتسوية السلمية للنزاعات وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، مكرراً التزام المغرب بالتوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع حول الصحراء «على أساس مبادرة الحكم الذاتي حصراً وفي إطار الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة». وأضاف أن الاهتمام بالأوضاع الداخلية «لن ينسينا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني». كما عبر عن تضامن المغرب الكامل مع لبنان حكومة وشعباً.

مظاهرات ضد الحرب

متظاهرة في نيويورك ضد الحرب (رويترز)

في غضون ذلك، شارك متظاهرون في نيويورك وعدد من المدن الأميركية في احتجاجات تندد بالدعم العسكري الأميركي لإسرائيل في وقت تزايدت فيه مخاطر اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط. وطالب ناشطون بفرض حظر على إرسال الأسلحة لإسرائيل.

ونظم تحالف «آنسر» حشداً في هيرالد سكوير في نيويورك، حيث حمل العشرات لافتات فيها «ارفعوا أيديكم عن لبنان الآن» و«لا لحرب أميركية - إسرائيلية على لبنان».

ونظمت مظاهرة أصغر شهدت حمل لافتات والهتاف بشعارات مماثلة قرب البيت الأبيض في واشنطن ليل الثلاثاء. وقال تحالف «آنسر» في بيان إن «هجمات إسرائيل في لبنان والحصار المستمر والإبادة الجماعية في غزة أصبحت ممكنة بسبب الكم الهائل من القنابل والصواريخ والطائرات الحربية التي تقدمها الحكومة الأميركية». وأضاف أن احتجاجات مماثلة خرجت في مدن أخرى منها سان فرنسيسكو وسياتل وسان أنطونيو وفينيكس.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي: «حماس» هُزمت عسكرياً في كل قطاع غزة

المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: «حماس» هُزمت عسكرياً في كل قطاع غزة

قدّر الجيش الإسرائيلي أن حركة «حماس» الفلسطينية هُزمت عسكرياً في قطاع غزة بأكمله، وأنها الآن تُعد «جماعة إرهابية سيستغرق تفكيكها بعض الوقت».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

تحليل إخباري كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على بنيامين نتنياهو.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)

شعبية نتنياهو ترتفع بفضل الحرب ضد «حزب الله»

أظهر استطلاعان للرأي العام في إسرائيل أن حزب «الليكود»، برئاسة بنيامين نتنياهو، سيفوز بـ25 مقعداً في «الكنيست» إذا أُجريت الانتخابات اليوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

حلفاء نتنياهو ومعارضوه يرفضون وقف النار في لبنان

أصبح واضحاً تماماً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان شريكاً في إعداد خطة وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة وفرنسا، لكنه عاد وتراجع عنها، فما الأسباب؟

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

إسرائيل تقطع رحلة الهروب إلى سوريا بقصف المعابر الحدودية

قطعت الغارات الإسرائيلية طرق العبور من لبنان إلى سوريا، بقصف أربعة معابر حدودية في شمال شرقي البلاد، بعد أربعة أيام من حركة نزوح لافتة باتجاه سوريا.

حسين درويش (بعلبك (لبنان))

مع ارتفاع أعداد النازحين... مطعم خيري في بيروت يكافح لمواكبة زيادة الطلب

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
TT

مع ارتفاع أعداد النازحين... مطعم خيري في بيروت يكافح لمواكبة زيادة الطلب

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)

في مطبخ خيري بالعاصمة اللبنانية بيروت، ينخرط متطوعون بلا كلل في ملء عبوات للوجبات بالأرز والخضراوات بينما يقلب آخرون قدوراً ضخمة لطهي الطعام في محاولة لمواكبة زيادة ضخمة في الطلب من نازحين يفرون من الضربات الإسرائيلية.

وتقول جوزفين أبو عبدو، وهي طاهية وأحد مؤسسي «نيشن ستيشن» أو «محطة البلد»، إن هذا المطبخ الخيري يقدم 700 وجبة في اليوم، ويعمل بأقصى طاقته، لكنها علمت بعد ذلك أن هناك حاجة إلى ألف وجبة، بحسب «رويترز».

متطوعون يقطّعون الخضار لإعداد وجبات طعام في المطبخ الخيري في بيروت (رويترز)

تصف ما يمرون به بينما يسارع فريق المتطوعين من مختلف الأعمار ومن شتى أنحاء لبنان من حولها، في تعبئة الغذاء، وتضيف: «الصعوبات هي أننا لا نلحق، ونحس كأننا نقطة ببحر».

وتأسست «محطة البلد» لمساعدة المتضررين من انفجار مرفأ بيروت المروع الذي وقع في 2020، والفريق الذي كان مؤلفاً من خمسة أفراد فحسب، نما سريعاً ليصبح مكوناً من مائة بمرور الوقت.

يقدم المطعم بعض الأطباق اللبنانية التقليدية مثل الكوسة المحشوة بالأرز واللحم والبرغل والطماطم، بالإضافة إلى حساء الخضار وسلطة الملفوف.

جوزفين أبو عبدو من مؤسسي المطبخ الخيري تعد وجبات مع المتطوعين لتوزيعها على النازحين (رويترز)

وعندما اشتدت الضربات الإسرائيلية على لبنان يوم الاثنين مما اضطر نحو 40 ألفاً للنزوح إلى ملاجئ في غضون أيام، بدأ المتطوعون في طهي وتوزيع كميات إضافية من الطعام، دون أي تمويل إضافي، على الأماكن التي تؤوي نازحين، في استجابة طارئة للتطورات الأحدث.

وأوضحت جوزفين أننا «أول ما بدأنا، لم يكن لدينا تمويل. لبّينا فقط من العوائد التي نحصل عليها بالعادة؛ لأننا لسنا فقط مطبخاً اجتماعياً، بل نبيع أكلاً للناس المحتاجة. عملنا من المدخرات الصغيرة التي كانت لدينا أول 3 أيام، ولاحقاً كثير من الناس قدموا التبرعات».

وأضافت: «الآن التبرعات تغطينا يومين أو ثلاثة، ولنرى كل يوم بيومه».

وقتلت الهجمات الإسرائيلية أكثر من 600 شخص في لبنان منذ يوم الاثنين، مع تفاقم الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» المدعوم من إيران، إلى أسوأ مراحله منذ أكثر من 18 عاماً.

ويطلق «حزب الله» صواريخ على إسرائيل منذ ما يقرب من عام لدعم حليفته حركة «حماس» التي تقاتل إسرائيل في قطاع غزة.

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يرتبون وجبات الطعام التي سيتم توزيعها على للنازحين (رويترز)

ونزح عشرات الآلاف على جانبي الحدود بين إسرائيل ولبنان من منازلهم، وأعلنت إسرائيل أن عودة سكان المناطق الشمالية إلى ديارهم هي أحد أهدافها من الحرب.

وقالت مي عياش، وهي طاهية محترفة متطوعة في المطعم الخيري: «كلنا نحاول بأقصى طاقتنا لنشكل فارقاً ولو ضئيلاً للمساعدة. هذا أقل ما يمكن أن نقدمه، وللأسف اعتدنا على تلك الأوضاع».