عام من الحرب أضعف «حماس» ولكن لم يقضِ عليها

جانب من الدمار جرَّاء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جرَّاء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

عام من الحرب أضعف «حماس» ولكن لم يقضِ عليها

جانب من الدمار جرَّاء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جرَّاء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

بعد عام على الحرب، تراجعت قوة حركة «حماس» التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، مع تدمير مراكزها وقتل قادتها، واضطرارها لخوض حرب من داخل الأنفاق، إلا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية والجوية لم تقضِ عليها، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شنّت «حماس» هجوماً دامياً ومباغتاً وغير مسبوق على إسرائيل، واقتحم مقاتلوها مواقع عسكرية ومستوطنات حدودية مع القطاع، وأطلقت نحو 5 آلاف صاروخ باتجاه مناطق وسط وجنوب إسرائيل. وأسفر الهجوم عن مقتل 1205 أشخاص، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد للوكالة، استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمّر وهجوم برّي على قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط 41467 قتيلاً على الأقل، معظمهم من المدنيين، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس». في أغسطس (آب)، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 17 ألف مقاتل فلسطيني في القطاع.

وأقرّ مصدر في حركة «حماس» بأن «آلافاً من عناصر المقاومة استُشهدوا في المعارك»؛ لكنه أضاف أن «الاحتلال يَكذب ويبالغ في الأرقام، ويخلط بين المدنيين والمقاومين». وأضاف: «يدّعي الاحتلال أنه يعرف كل شيء. ماذا كان يعرف في السابع من أكتوبر؟ فشل أمني وعسكري وسياسي وتخبط... يهربون من الفشل بارتكاب المجازر».

وتطارد إسرائيل قادة ونشطاء «حماس»، وأعلنت قتل كثير منهم. وبين الأهداف التي حددتها، رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار الذي تتهمه بالتخطيط لهجوم السابع من أكتوبر، مع محمد الضيف، قائد «كتائب القسام» الذي أعلن الجيش الإسرائيلي قتله بغارة جوية في خان يونس جنوب القطاع؛ إلا أن «حماس» نفت ذلك.

وسُمّي السنوار على رأس المكتب السياسي للحركة في أغسطس، خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران في 31 يوليو (تموز)، في ضربة نُسبت إلى إسرائيل. ومنذ اندلاع الحرب لم يظهر السنوار علناً.

ويقول مصدر في حركة «حماس» إن مهمة حماية السنوار «أُسندت إلى فريق أمني خاص من (كتائب القسّام)»، مؤكداً أن السنوار من مخبئه «يقود جناحَي الحركة السياسي والعسكري».

ويقول الباحث في مجلس العلاقات الخارجية بروس هوفمان: «العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وجّهت ضربة قاسية لـ(حماس)؛ لكنها ليست ضربة مميتة».

«انتحار سياسي»

من جهة أخرى، أصيبت المؤسسات الحكومية التي تديرها «حماس» بشلل كبير، ودمّر الجيش الإسرائيلي معظم هذه المؤسسات.

وتتهم إسرائيل «حماس» باستخدام المدارس ومؤسسات صحية ومدنية لإدارة عملياتها؛ لكن «حماس» تنفي.

ولم تترك الحرب مكاناً آمناً في القطاع؛ إذ تحوّلت أكثر من مائتي مدرسة غالبيتها تابعة لوكالة «الأونروا»، إلى ملاجئ لمئات آلاف النازحين، ولم تعد هناك مراكز للرعاية الصحية.

وأعلن مدير الإعلام الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، أن إسرائيل دمّرت كافة الجامعات والمنشآت الصناعية والتجارية، ومحطة توليد الكهرباء الوحيدة، ومضخات المياه والصرف الصحي، ومراكز الشرطة والدفاع المدني، والسجون.

ودمّر الجيش الإسرائيلي كلياً أو بشكل كبير نحو 450 ألف منزل ومنشأة، من بينها مستشفيات ومدارس ودور عبادة، وأكثر من 80 في المائة من البنية التحتية في القطاع؛ حسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة. وتسببت الضربات الإسرائيلية في تحويل مناطق واسعة في القطاع إلى أكوام من الركام، وفق ما ورد في تقارير منظمات تابعة للأمم المتحدة.

وبحلول منتصف عام 2024، انخفض اقتصاد غزة إلى «أقل من سدس مستواه في عام 2022»، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة قال إن الأمر «سيستغرق عقوداً» لإعادة غزة إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

وأدّت الحرب وتداعياتها إلى تأجيج الغضب والإحباط على نطاق واسع بين سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، وكان ثلثاهم فقراء قبل الحرب، وفقاً لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، مخيمر أبو سعدة.

ويقول أبو سعدة إن «حماس» تتعرض «لانتقادات لاذعة»، مضيفاً: «أعتقد أن الشعب لن يقبل العودة لهذا الوضع الكارثي» بعد انتهاء الحرب. أما المحلل السياسي جمال الفادي، فيرى أن هجوم السابع من أكتوبر كان «انتحاراً سياسياً لـ(حماس) التي وجدت نفسها معزولة الآن».

ويرفض القيادي في الحركة باسم نعيم هذا الرأي. ويقول نعيم الذي يقيم -كما عشرات غيره من قادة الحركة- في قطر، إنه «في حين أن البعض قد لا يتفق مع وجهات نظر (حماس) السياسية، فإن المقاومة ومشروعها لا يزالان يتمتعان بدعم واسع النطاق».

«ضربات قاسية»

وأقرّ نعيم بأن «حماس» تلقّت «ضربات قاسية»؛ لكنه قال إن «المقاومة لا تزال صامدة وقادرة على ضرب الاحتلال في أي مكان».

وأضاف للوكالة: «المقاومة تستفيد من تجارب العدوان، وتعيد ترتيب صفوفها وتكتيكاتها، بما يمكّنها من إيقاع أكبر الخسائر في العدو، وتقليل الخسائر البشرية والمادية عندها». وتابع بأن «الميدان يقدّم صورة الصمود والمقاومة رغم الدمار والتجويع والإبادة».

أما القيادي في «حماس» طاهر النونو، فيرى أن «(حماس) ما زالت لاعباً رئيسياً في القضية الفلسطينية، وليس فقط في غزة».

ويشير إلى أن الضربات القاسية «لا تؤثر على قدرة الحركة في قيادة العمل السياسي، وإدارة مواجهة العدوان».

وأظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في يونيو (حزيران) الماضي، أن67 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع في غزة والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، يعتقدون أن «حماس» سوف تهزم إسرائيل في نهاية المطاف. وتبلغ النسبة 48 في المائة في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

ترحيب إسرائيلي حار بموقف ترمب بشأن الرهائن

شؤون إقليمية ترمب يتوسط نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - د.ب.أ)

ترحيب إسرائيلي حار بموقف ترمب بشأن الرهائن

لقي موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الرهائن لدى «حماس» ترحيباً حاراً من الإسرائيليين مقابل صدمة لدى الغزيين.

العالم العربي قطاع غزة المدمَّر إثر الحرب (أ.ف.ب)

«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة

أعلن مسؤول في «حماس» وآخر من «فتح» أن الحركتين اتفقتا على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب بين حركة «حماس» وإسرائيل، المتواصلة منذ أكثر من 13 شهراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle 00:45

نتنياهو يشكر ترمب على تصريحه القوي بشأن الرهائن

شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على «تصريحه القوي بشأن الرهائن».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رجل يختبئ خلف عمود بينما ينتشر الدخان والغبار نتيجة انفجار خلال غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة في حي الزيتون على مشارف مدينة غزة في الأول من سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة غزة

أكد مصدر فلسطيني مطلع، التوصلَ لاتفاق بين حركتَي «فتح» و«حماس» على تشكيل لجنة تحمل اسم «لجنة الإسناد المجتمعي»؛ لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب. وقال…

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون في حي مدمر بسبب الغارات الإسرائيلية على مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة

أكد مسؤولان في «حماس» و«فتح» أن الحركتين اتفقتا على تشكيل لجنة تحمل اسم «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مسؤول: الجيش الأميركي نفّذ ضربة دفاعاً عن النفس في دير الزور بسوريا

خلال دورية مشتركة أميركية كردية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (رويترز)
خلال دورية مشتركة أميركية كردية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (رويترز)
TT

مسؤول: الجيش الأميركي نفّذ ضربة دفاعاً عن النفس في دير الزور بسوريا

خلال دورية مشتركة أميركية كردية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (رويترز)
خلال دورية مشتركة أميركية كردية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (رويترز)

قال مسؤول أميركي، الثلاثاء، إن الجيش الأميركي نفّذ ضربة واحدة على الأقل دفاعاً عن النفس في منطقة دير الزور بسوريا خلال الليل، مضيفاً أن الضربة لا صلة لها بتقدم الفصائل المسلحة حاليا في البلاد.

ولم يفصح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، عن المستهدف في الضربة، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.