نزوح وتهافت على البقالة والوقود... سكان بيروت يتخوفون من اندلاع حرب شاملة

سيارات تصطف للحصول على الوقود في محطة وقود في بيروت (إ.ب.أ)
سيارات تصطف للحصول على الوقود في محطة وقود في بيروت (إ.ب.أ)
TT

نزوح وتهافت على البقالة والوقود... سكان بيروت يتخوفون من اندلاع حرب شاملة

سيارات تصطف للحصول على الوقود في محطة وقود في بيروت (إ.ب.أ)
سيارات تصطف للحصول على الوقود في محطة وقود في بيروت (إ.ب.أ)

أصيب سكان العاصمة اللبنانية بيروت بالتوتر والقلق الشديدين مع تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية ضد «حزب الله»، حيث تخوف الكثيرون من احتمالية اندلاع حرب شاملة بالبلاد، مع تعهد الجانبين بتصعيد حدة الصراع.

وتلقى المواطنون في بيروت وعدد من المناطق الأخرى في جنوب لبنان وشرقه، رسائل أرسلتها إسرائيل إلى محطات الراديو وبعض الهواتف الجوالة صباح أمس (الاثنين)، محذرة من عمل عسكري وشيك، ومطالبة السكان بالابتعاد عن أهداف مرتبطة بـ«حزب الله».

لبناني يمسك هاتفه وعليه رسالة من الجيش الإسرائيلي للإخلاء (أ.ف.ب)

وأثارت هذه الإنذارات حالة من الذعر في جميع أنحاء العاصمة، التي تهيمن جماعة «حزب الله» على ضواحيها الجنوبية، وهرع الآباء إلى المدارس لتسلم أطفالهم، بعد أن أمرت وزارة التعليم اللبنانية في وقت متأخر من صباح الاثنين، بإغلاق بعض المدارس العامة والخاصة، مشيرة إلى «الأوضاع الأمنية والعسكرية» التي قد تعرض الطلاب للخطر.

وبحلول فترة ما بعد الظهر، امتدت صفوف السيارات والدراجات النارية من محطات الوقود إلى شوارع المدينة، وفر العديد من السكان على أمل العثور على ملجأ في جبال لبنان الشمالية، فيما تهافت الكثيرون على محلات البقالة لشراء وتخزين المياه والأطعمة، بحسب ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

أب يتسلم ابنتيه من المدرسة مبكراً بعد تحذير وزارة التعليم بإغلاق بعض المدارس العامة والخاصة (رويترز)

في الوقت نفسه، كانت الأخبار العاجلة تتدفق عبر شاشات هواتف الناس، وتوضح تفاصيل الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة على جنوب لبنان، وبسبب ما شهدوه من عقود من الصراعات، اعتقد الكثيرون أنهم يعرفون ما هو قادم، وأن هناك احتمالية لاندلاع حرب شاملة بالبلاد.

وتوقع مواطن من بيروت يدعى ضاهر عامدي (34 عاماً)، أن تنزلق المدينة قريباً إلى حرب شاملة.

وقال وهو يجلس خارج مقهى شبه فارغ، يستنشق سيجارة ببطء: «إنها حرب بكل تأكيد».

ومن جهتها، قالت جويل ناصر (44 عاماً)، وهي أم لثلاث فتيات، تتراوح أعمارهن بين 6 و8 و16 عاماً، ذهبت لأخذهن بسرعة من مدرستهن في شرق بيروت، بعد تحذير وزارة التعليم: «أنا خائفة، خائفة جداً. لست مستعدة لحدوث حرب».

وخلال اليوم، أصبح مدى القصف الإسرائيلي المميت أكثر وضوحاً. فقد أظهرت وسائل الإعلام أعمدة ضخمة من الدخان تحوم فوق القرى في مختلف أنحاء الجنوب. وكان الناس يحدقون في هواتفهم، ويشاهدون ارتفاع عدد القتلى بشكل مفزع.

وفي منطقة الطريق الجديدة في غرب بيروت، جلس حبيب بازي (75 عاماً) خارج منزله في حالة من الصدمة، حيث قال إنه كان يشاهد القنوات الإخبارية على شاشة التلفزيون منذ صباح الاثنين، وخرج للاستراحة من مشاهد الدمار التي يبدو أنه لا نهاية لها.

وأضاف بازي: «لقد تحطم قلبي. لا يمكنني أن أقول غير ذلك».

وفي مركز تسوق شهير في ضاحية جنوبية لبيروت تهيمن عليها جماعة «حزب الله»، كانت ميرنا (38 عاماً)، وابنها البالغ من العمر 14 عاماً، يتجولان في ممرات متجر للبقالة ويدفعان عربتي تسوق كبيرتين ممتلئتين بأكياس السكر والعدس والأرز.

وقالت ميرنا إن معظم جيرانها فروا إلى منازل أقارب في أجزاء أخرى من البلاد، مضيفة: «أخبرت زوجي أنه يتعين علينا المغادرة، يجب أن نغادر قريباً بالتأكيد».

ومن جهتها، قالت لاما عبد الستار التي كانت تتسوق مع ابنتها بالمركز التجاري نفسه: «الموت قريب جداً، أنا قلقة من أنه قريب جداً». ولكن رغم يقينها من أن الحرب قادمة، فإنها لم تكن تعرف ما إذا كان من الأفضل لها أن تغادر البلاد أم تبقى، أو إلى أين ستذهب.

وأضافت: «أي قرار سأتخذه قد لا يكون القرار الصحيح، فأنا لست متأكدة من أي شيء».

ومن جهته، قال بلال بورغاوي (37 عاماً): «ليس هذا هو الوقت المناسب لهذه الحرب»، مشيراً إلى تدهور الوضعين السياسي والاقتصادي للبنان منذ سنوات.

وقال إنه اعتاد إدارة وكالة سياحة، لكن أعماله توقفت خلال العام الماضي، مع قلق العديد من العملاء بشأن الوضع الأمني.

وأشار بورغاوي إلى أنه يعمل الآن حارس أمن يكسب نحو 300 دولار شهرياً، وذلك بالمقارنة مع 20 ألف دولار شهرياً كان يكسبها عندما كان يدير وكالة السياحة.

وأكمل قائلاً: «لا نستطيع أن نتحمل المزيد من الضغوط التي نشعر بها الآن».

وفي محطة وقود في حي المزرعة في غرب بيروت، قال مواطن يدعى فريد في الثلاثينات من عمره أثناء انتظاره في طابور طويل لملء سيارته، إن عائلته تستعد للمغادرة إلى شرق لبنان.

وأضاف: «عائلتي مذعورة حقاً، إنهم يبكون طوال الوقت. أستمر في محاولة تهدئتهم، وأقول لهم إنهم لن يهاجمونا، ولن يقصفونا هنا، لكنني بصراحة لا أعرف».

وخلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان الاثنين 492 قتيلاً، بينهم 35 طفلاً، بحسب ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية، في أعنف قصف جوي على الإطلاق يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.


مقالات ذات صلة

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت ذات طابع عسكري فقط؛ بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثل في ضرب منطقة أضحت بيئة مؤيدة لـ«حزب الله».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها في نقل الأسلحة.

ودعا الجيش الإسرائيلي السلطات السورية واللبنانية إلى «العمل لمنع استخدام المعابر المدنية لأغراض إرهابية».

وأضاف المتحدث باسم «حزب الله» أنه يستغل المعابر المدنية، ومن ضمنها معبر جوسية، لنقل الأسلحة التي يعود مصدرها إلى إيران عبر سوريا؛ حيث يتم استخدام هذه الوسائل القتالية ضد إسرائيل وقوات الجيش الإسرائيلي العاملة في لبنان.

وطالب الجيش الإسرائيلي في بيان، اليوم (الأحد)، سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها تمهيداً لقصفها، محذراً السكان من التوجه جنوباً. والبلدات الخمس هي: زوطر الشرقية وزوطر الغربية وأرنون ويحمر والقصيبة.

وقال الجيش الإسرائيلي: «عليكم إخلاء منازلكم فوراً والانتقال إلى شمال نهر الأولي. لضمان سلامتكم، يجب عليكم الإخلاء دون تأخير. كل من يوجد بالقرب من عناصر (حزب الله) أو منشآته أو أسلحته يعرض حياته للخطر».

كما قال الجيش الإسرائيلي في بيان منفصل إن صفارات الإنذارات دوت في وسط البلاد بسبب صواريخ أُطلِقت من لبنان.

وأضاف الجيش أنه رصد 6 قذائف عبرت من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية، وقال إن قواته الجوية اعترضت 5 صواريخ منها، وسقط الأخير في منطقة مفتوحة.

وقصفت القوات الإسرائيلية ليلاً أطراف الماري، قرب حاجز الجيش، بالقذائف الفوسفورية، بالتزامن مع تنفيذ غارات على مدينة الخيام، وتفخيخ المنازل وتفجيرها، بعد تدمير مسجد طيرحرفا، بحسب ما أوردته «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، الأحد.

وطالت الغارات كفرشوبا، الخيام، النبطية حي الراهبات، النبطية الفوقا وبين النميرية والشرقية، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، ونفذت غارة من مسيرة على دوحة كفررمان، وفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

كما قصفت المدفعية الإسرائيلية صباح اليوم بلدات يحمر الشقيف، الجبل الأحمر بين حاروف وشوكين وزبدين، وأغارت على أرنون وكفرتبنيت وحرش علي الطاهر ومحيط قلعة الشقيف، مجرى اللليطاني بين زوطر وديرسريان، وبين شوكين وميفدون، وأطراف كفرصير، بالإضافة إلى شنها 3 غارات على عين قانا في إقليم التفاح.

وقالت الوكالة اللبنانية: «أغار الطيران المعادي على طريق الخردلي، مما أدى إلى قطع الطريق بين النبطية ومرجعيون، بعدما كان الجيش وقوات (اليونيفيل) قد فتحاه أول من أمس، إثر غارة عليه».