ولادة الحكومة السورية الجديدة برئاسة الجلالي

«الخارجية» في عهدة بسام الصباغ «تلميذ المعلم»

رئيس الوزراء السوري الجديد محمد غازي الجلالي (الإخبارية السورية)
رئيس الوزراء السوري الجديد محمد غازي الجلالي (الإخبارية السورية)
TT

ولادة الحكومة السورية الجديدة برئاسة الجلالي

رئيس الوزراء السوري الجديد محمد غازي الجلالي (الإخبارية السورية)
رئيس الوزراء السوري الجديد محمد غازي الجلالي (الإخبارية السورية)

أعلنت دمشق تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد غازي الجلالي، وذلك بعد نحو عشرة أيام من تكليف الرئيس السوري بشار الأسد له بتشكيل الوزارة الجديدة، خلفاً لرئيس الوزراء السابق حسن عرنوس.

وأبرز التغييرات التي طرأت على الحكومة تعيين نائب وزير الخارجية والمغتربين بسام الصباغ وزيراً للخارجية، خلفاً للوزير السابق فيصل المقداد الذي أصبح نائباً لرئيس الجمهورية، ومفوضاً بمتابعة تنفيذ السياسة الخارجية والإعلامية في إطار توجيهات رئيس الجمهورية.

وقالت مصادر متابعة في دمشق إنه منذ تعيين الصباغ نائباً لوزير الخارجية في 2023 (أغسطس/آب)، كان واضحاً أنه تم تحضيره ليشغل منصب وزير الخارجية، خلفاً للمقداد. وحسب المصادر فإن الصباغ، وهو من مواليد مدينة حلب، وعمل مندوباً دائماً للبلاد لدى الأمم المتحدة، يتمتع بصفات دبلوماسية مميزة، ويُعدّ ممن تتلمذوا على يد وزير الخارجية الدمشقي الراحل وليد المعلم، الذي كان يتمتع بمرونة عالية وحنكة دبلوماسية رفيعة.

وزير الخارجية السوري بسام الصباغ (سانا)

ويأتي تعيين الصباغ في وقت تنشط فيه الحركة الدبلوماسية الروسية للدفع بملف التقارب السوري - التركي، وسط ضغوط إيرانية وتباين سوري في المواقف التي كانت تعبّر عنها مؤسستا الرئاسة ووزارة الخارجية. كما يأتي تغيير وزير الخارجية السوري في ظل تصعيد إسرائيلي خطير تحاول دمشق تجنّب نيرانه المباشرة.

وبسام صباغ من مواليد مدينة حلب 1969، وحاصل على إجازة من المعهد العالي للعلوم السياسية 1990، وكان مديراً في مكتب نائب وزير الخارجية من 2000 إلى 2001، ومسؤول مكتب في وزارة الخارجية بين عامي 1994 و1995.

وشغل منصب سكرتير ثانٍ بالسفارة السورية في واشنطن خلال المدة من 1995 إلى 2000.

كما شغل موقع مستشار سياسي في البعثة الدائمة لسوريا لدى الأمم المتحدة في نيويورك في المدة من 2001 إلى 2006، بعدها عُيّن مدير إدارة في مكتب وزير الخارجية بدمشق ما بين 2006 و2010، وكان خلالها من المقربين إلى وزير الخارجية وليد المعلم، ليُعيّن بعدها ممثلاً دائماً لسوريا لدى مكتب الأمم المتحدة في فيينا، وسفير دمشق لدى النمسا وسلوفاكيا وسلوفينيا من 2010 إلى 2020، قبل أن يشغل منصب مندوب سوريا الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، ومكتب الأمم المتحدة المختص بالمخدرات والجريمة (UNODC). كما شغل الصباغ منصب المندوب الدائم لسوريا لدى منظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» في لاهاي بهولندا، قبل أن يتولى منصب المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة في 2020.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد كلّف في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، محمد غازي الجلالي، بتشكيل الحكومة السورية الجديدة خلفاً لرئيس الوزراء السابق حسين عرنوس. وذلك بعد يوم واحد من المشاورات التي أجراها الأسد بصفته الأمين العام لحزب «البعث العربي الاشتراكي» مع القيادة المركزية للحزب حول تكليف رئيس لمجلس الوزراء يشكّل الوزارة الجديدة.

وجاء تشكيل الوزارة الجديدة على النحو الآتي: محمد غازي الجلالي رئيساً لمجلس الوزراء، ومحمد عبد الستار السيد وزيراً للأوقاف، وسلام سفاف وزيرة للتنمية الإدارية، ومحمد سامر الخليل وزيراً للصناعة، واللواء محمد خالد الرحمون وزيراً للداخلية، ومحمد رامي مرتيني وزيراً للسياحة، وعلي محمود عباس وزيراً للدفاع، وإياد الخطيب وزيراً للاتصالات وتقانة المعلومات، والقاضي أحمد السيد وزيراً للعدل، وزهير خزيم وزيراً للنقل، وديالا بركات وزيرة للثقافة، وفراس حسن قدور وزيراً للنفط والثروة المعدنية، ولؤي عماد المنجد وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، وأحمد بوسته جي وزير دولة، ومحمد عامر المارديني وزيراً للتربية، ولؤي خريطة وزيراً للإدارة المحلية والبيئة، ومعتز قطان وزيراً للموارد المائية، وبسام حسن وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، ورياض عبد الرؤوف وزيراً للمالية، وأحمد ضميرية وزيراً للصحة، وسنجار طعمة وزيراً للكهرباء، وفايز المقداد وزيراً للزراعة والإصلاح الزراعي، ومحمد ربيع قلعه جي وزيراً للاقتصاد والتجارة الخارجية، وأحمد هدلة وزير دولة، وسمر السباعي وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، وحمزة علي وزيراً للأشغال العامة والإسكان، وزياد غصن وزيراً للإعلام.

ومن اللافت تعيين شخصيات تكنوقراط مثل وزير الكهرباء سنجار طعمة، والإعلامي والخبير الاقتصادي زياد غصن وزيراً للإعلام الذي عُرف بانتقاده للسياسات الاقتصادية للحكومات السابقة.

وجاءت ديالا بركات لتخلف في وزارة الثقافة لبانة مشوح التي تعرّضت لانتقادات كثيرة في الفترة الأخيرة على خلفية تأجير قلعة دمشق لحفل زفاف لرجل أعمال سوري.


مقالات ذات صلة

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

المشرق العربي اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

مدنيون سوريون يتطوعون لتنظيم ازدحام السير في دمشق بعد سقوط النظام

عند تقاطع مروري في منطقة أبو رمانة بدمشق، يبذل متطوعون شباب بلباس مدني كلّ ما في وسعهم؛ لتنظيم السير في مدينتهم التي تختنق بازدحام السيارات والفوضى المرورية.

المشرق العربي عزام غريب المعروف باسم «أبو العز سراقب» خلال لقائه مجموعة من المقاتلين أبريل 2024 (قناة «الجبهة الشامية» عبر «تلغرام»)

ماذا نعرف عن عزام غريب محافظ حلب الجديد؟

أعلنت وسائل إعلام سورية، اليوم السبت، تعيين عزام غريب المعروف باسم «أبو العز سراقب» قائد «الجبهة الشامية» محافظاً لحلب.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
المشرق العربي مسلحان من «قسد» عند مدخل مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (رويترز)

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

أبدت تركيا تمسكاً بتصفية «الوحدات» الكردية، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرض لعقوبات أميركية نتيجة هجماتها على مواقع «قسد» في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
تحليل إخباري آليات الجيش تدخل مركزاً للتنظيمات الفلسطينية (مديرية التوجيه)

تحليل إخباري لبنان يبدأ إزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات

بدأ لبنان عملية إزالة السلاح الفلسطيني المنتشر خارج مخيمات اللاجئين، والذي يتركز بيد فصائل متحالفة مع النظام السوري السابق.

بولا أسطيح (بيروت)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)
اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)
TT

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)
اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد. ورغم الأزمات الداخلية والدولية الكثيرة التي يواجهها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حالياً، ومنها الأزمة الاقتصادية، والتوتر حول الملف النووي، فإن فقدان النفوذ المفاجئ في سوريا بعد سقوط الأسد لصالح جماعات المعارضة المسلحة هو ما يشغل المسؤولين الإيرانيين بشكل أكبر، وفق ما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

فعلى المدى القريب، تسعى طهران لاستعادة بعض نفوذها مع حكام دمشق الجدد، إذ يصرُّ الدبلوماسيون الإيرانيون على أنهم لم يكونوا مرتبطين بشكل وثيق بالأسد، وقد أُصيبوا بخيبة أمل من رفضه تقديم تنازلات.

وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مقابلة أخيراً: «لقد توصَّلنا منذ زمن بعيد إلى استنتاج مفاده بأن استمرار الحكم في سوريا سيواجه تحدياً أساسياً، وكان من المتوقع أن يظهر المسؤولون الحكوميون مرونة تجاه السماح للمعارضة بالمشارَكة في السلطة، ولكن هذا لم يحدث». وأضاف: «كانت طهران دائماً على اتصال مباشر مع وفد المعارضة السورية. ومنذ عام 2011، كنا نقترح على سوريا ضرورة بدء محادثات سياسية مع تلك المجموعات المعارضة التي لم تكن مرتبطة بالإرهاب».

في الوقت نفسه، أصرَّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني، على أنَّ إيران دخلت سوريا في عام 2012 بناءً على طلب الأسد، فقط للمساعدة في هزيمة تنظيم «داعش»، قائلاً: «وجودنا كان استشارياً، ولم نكن أبداً في سوريا للدفاع عن مجموعة أو فرد بعينه. كان الأهم بالنسبة لنا هو المساعدة في الحفاظ على وحدة الأراضي والاستقرار في سوريا». لكن هذه التفسيرات لم تجد استجابةً تُذكر في دمشق، وتظل إيران واحدة من الدول القليلة التي انتقدها أحمد الشرع، زعيم «هيئة تحرير الشام».

شهر عسل قصير

الرئيسان التركي والإيراني التقيا في القاهرة على هامش قمة «دول الثماني» لبحث الوضع في سوريا (الرئاسة التركية)

ويدعي كثير من المسؤولين الإيرانيين أنَّ الإنجازات التي تستمتع بها تركيا حالياً في سوريا قد تكون قصيرة الأجل، حيث ستبدأ مصالح أنقرة في التباين مع الحكومة التي تقودها «هيئة تحرير الشام». وقال ناصر مكارم شيرازي، أحد المراجع الدينية في إيران: «علينا متابعة القضية السورية بالأمل، ونعلم أن هذا الوضع لن يستمر؛ لأن الحكام الحاليين في سوريا لن يبقوا متحدين مع بعضهم بعضاً». كما توقَّعت صحيفة «جوان» المحافظة أن «فترة شهر العسل الحالية في سوريا ستنتهي بسبب تنوع الجماعات، والمشكلات الاقتصادية، وانعدام الأمن، وتنوع الفاعلين».

تلقي إيران رسمياً باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل في انهيار نظام الأسد، لكن الاستياء الإيراني من دور أنقرة أيضاً واضح جداً. وفي خطابه الذي ردَّ فيه على سقوط الأسد، قال المرشد الإيراني علي خامنئي، إن «دولة مجاورة لسوريا لعبت دوراً واضحاً في تشكيل الأحداث، وتواصل ذلك الآن».

ونشرت وكالة «فارس» للأنباء ملصقاً يُظهِر زعيم «هيئة تحرير الشام» متحالفاً مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي جو بايدن. كما تساءلت اللجنة الاستراتيجية العليا للعلاقات الخارجية، عمّا إذا كانت «هيئة تحرير الشام» ستظل حليفة لتركيا لفترة طويلة. وقالت: «على الرغم من أن تركيا من الفائزين الرئيسيين من سقوط بشار الأسد على المدى القصير، فإن أنقرة لا يمكنها أبداً جلب حكومة متحالفة معها إلى السلطة في سوريا حتى لو حاولت (هيئة تحرير الشام) تشكيل حكومة مستقرة، وهو أمر مستحيل، وعلى المدى المتوسط ستصبح تهديداً كبيراً لتركيا، التي تشترك بحدود طولها 830 كيلومتراً مع سوريا».

الاعتماد على تركيا

المدفعية التركية في حالة تأهب على الحدود مع تركيا قبالة عين العرب (إعلام تركي)

وتوقَّع الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، مستقبلاً قاتماً لسوريا وتركيا، قائلاً: «في الأسابيع الأخيرة، تم تدمير كل القوة العسكرية لسوريا على يد إسرائيل، وللأسف لم يرد المقاتلون وتركيا بشكل مناسب على إسرائيل. وستستغرق إعادة بناء الجيش السوري والقوات المسلحة سنوات».

وأشار محسن بهاروند، السفير الإيراني السابق لدى بريطانيا، إلى أن حكومة دمشق الجديدة قد تجد نفسها معتمدة بشكل مفرط على تركيا. وقال: «إذا حاولت الحكومة المركزية في سوريا تعزيز سلطتها وسيادتها من خلال التدخل العسكري والمساعدة من الدول الأجنبية - بما في ذلك تركيا - فإن سوريا، أو أجزاء رئيسية منها، ستُحتل من قبل تركيا، وستدخل تركيا في مستنقع ستتكبد منه تكاليف بشرية واقتصادية باهظة».

وتوقع بهاروند حدوث توترات بين تركيا و«هيئة تحرير الشام»، خصوصاً حول كيفية التعامل مع مطالب الأكراد السوريين في شمال شرقي البلاد بشكل من أشكال الحكم الذاتي. وأضاف أن «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا مستعدٌّ لشنِّ هجوم ضد «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية في عين العرب (كوباني)، وهي بلدة سورية ذات أغلبية كردية على الحدود الشمالية مع تركيا.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، يوم الأربعاء، إنه إذا تمت معالجة القضية بشكل صحيح، فلن تسعى أنقرة إلى تدخل عسكري، مضيفاً: «هناك إدارة جديدة في دمشق، وأعتقد بأن هذا الأمر في المقام الأول هو من مسؤوليتها الآن».

وعلى نطاق أوسع، يدفع التغيير في سوريا إيران إلى تسريع إعادة التفكير في سياستها الخارجية. وتتركز المراجعة حول ما إذا كان ضعف ما يُسمى «محور المقاومة» يتطلب من إيران أن تصبح دولة نووية، من خلال بناء علاقات أفضل في المنطقة. ولسنوات عدة، كان القادة الإيرانيون يقولون إن «الدفاع عن إيران يجب أن يبدأ من خارج حدودها»، لكن عدداً من الدبلوماسيين الغربيين يرون أن هذه الاستراتيجية الباهظة التكلفة أصبحت الآن بالية إلى حد كبير، والطريقة التي تشرح بها إيران تراجعها في سوريا ستكون حاسمة في تحديد ما سيحل محل تلك الاستراتيجية.