إسرائيل تخير لبنان بين التراجع... أو الحرب الشاملة

شنت غارات غير مسبوقة على الجنوب وقيدت التجمعات في شمالها تحسباً لرد «حزب الله»

لبنانيون يطلون على موقع في مرجعيون تتصاعد منه الدخان بعد غارة إسرائيلية أمس (أ.ب)
لبنانيون يطلون على موقع في مرجعيون تتصاعد منه الدخان بعد غارة إسرائيلية أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تخير لبنان بين التراجع... أو الحرب الشاملة

لبنانيون يطلون على موقع في مرجعيون تتصاعد منه الدخان بعد غارة إسرائيلية أمس (أ.ب)
لبنانيون يطلون على موقع في مرجعيون تتصاعد منه الدخان بعد غارة إسرائيلية أمس (أ.ب)

خيّرت إسرائيل لبنان بين التراجع عن العمليات العسكرية التي يخوضها «حزب الله» لمساندة غزة من الجنوب أو الحرب الشاملة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر قولها: «لا توجد خطوط حمراء». وقالت إن اغتيال قائد «وحدة الرضوان»، إبراهيم عقيل، كان بمثابة رسالة واضحة للحزب بأن «حرب الاستنزاف انتهت وقواعد اللعبة تغيرت». وقالت إن «إسرائيل مستعدة لحرب شاملة». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر عسكرية أن إسرائيل تدفع «حزب الله» نحو هدفين: التفاوض والتسوية (للتراجع وفك ارتباطه مع قطاع غزة)، أو الحرب الشاملة. ولوّحت بمواصلة عمليات اغتيالات كبار المسؤولين، ورفعت إسرائيل مستوى التهديد، أمس، عبر صورة بثها الجيش الإسرائيلي تفيد بأن حسن نصر الله على رأس قائمة الاغتيالات. وبعد أكثر من مائة غارة غير مسبوقة شنها الطيران الإسرائيلي على مواقع «حزب الله» في جنوب لبنان نهار أمس، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري أن «عشرات» الطائرات الحربية شنت مساء «غارات واسعة» ضد أهداف للحزب «بينها منصات صاروخية»، بعد رصد «استعدادات لإطلاق صواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية». كما فرض الجيش قيوداً على التجمعات من مدينة حيفا الشمالية حتى الحدود مع لبنان، تحسباً لرد من الحزب.


مقالات ذات صلة

طوفان من نار يستبق وقف النار

المشرق العربي دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

طوفان من نار يستبق وقف النار

استبقت إسرائيل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين «حزب الله» الذي يبدأ سريانه الرابعة فجر اليوم (الأربعاء) بتوقيت بيروت وتل أبيب (الثانية بتوقت غرينتش.

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (أرشيفية - أ.ب)

روسيا تشن هجمات غير مسبوقة... وتتوعد بالمزيد

أفادت السلطات الأوكرانية بأن القوات الروسية شنت ليل الاثنين - الثلاثاء هجمات غير مسبوقة بطائرات مسيّرة على مدن أوكرانية، مما تسبب في انقطاع التيار.

شؤون إقليمية المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)

طهران: مستعدون للتفاوض مع واشنطن

أكدت الحكومة الإيرانية، أمس (الثلاثاء)، استعدادها للتفاوض مع واشنطن ودول غربية، لكنها حددت لذلك شرطي «إثبات الثقة» و«الالتزام بأوامر المرشد» علي خامنئي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفته ضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (رويترز)

لبنان وإسرائيل يقتربان من وقف النار

يقترب لبنان وإسرائيل من التوصل إلى هدنة، بجهود أميركية وفرنسية، إذ أعلن في الولايات المتحدة وفرنسا أمس (الاثنين) أن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح.


ليلة الاستعداد للعودة في مراكز الإيواء: فرحة تنتظر الأمان المؤجل

ليلة الاستعداد للعودة في مراكز الإيواء: فرحة تنتظر الأمان المؤجل
TT

ليلة الاستعداد للعودة في مراكز الإيواء: فرحة تنتظر الأمان المؤجل

ليلة الاستعداد للعودة في مراكز الإيواء: فرحة تنتظر الأمان المؤجل

منذ ساعات الفجر الأولى، بدأت أمل جعفر جمع أغراضها، من فرش وأغطية. لا أشياء ثمينة تقتنيها في خيمتها التي لجأت إليها طوال شهرين، هي وأطفالها الأربعة وشقيقها، لكنها تأخذ معها ما تيسر من حاجيات ضرورية بعد أن دُمر منزلها وكل محتوياته في يارون (قضاء بنت جبيل).

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هي فرحة لا توصف، سنعود بعد نحو سنة و3 أشهر من التهجير، فقد نزحت بداية إلى النبطية، ومن ثمّ إلى مبنى (العازارية) في وسط بيروت بعد بدء العدوان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي».

ولأجل عودتها إلى قريتها التي تأمل أن تتمكن من الوصول إليها في حال انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، ألبست أطفالها ثياباً تليق بالمناسبة، وفق ما تقول، تحضيراً للعودة إلى بلدتها الحدوديّة. وتضيف: «كأنه يوم ولادتنا من جديد. هو يوم استثنائي، لا مثيل له طوال سنوات حياتي التي لم تتعد الخمسين».

تروي أمل كيف أمضت ليلتها الماضية: «لقد أشعلنا موقدة من حطب، واجتمعنا حولها في انتظار مرور الوقت، حتّى الإعلان عن وقف إطلاق النار الذي حصل عند الرابعة فجراً». وتضيف: «رغم أنها كانت ليلة صعبة ودامية للغاية، فإنها انتهت، وانتهى معها كابوس الحرب وكل القهر. سنعود حتّى لو لم يكن لنا مكان يؤوينا. سننصب خيمة ونسكن فيها».

اللافت أيضاً أن أمل تبضعت بعض حاجيات المطبخ، في اليومين الماضيين؛ «كي نتمكن من طهي طعامنا حيث سنمكث. أحضرت بعض الأدوات التي نحتاجها في المطبخ».

تحضيرات في مراكز الإيواء

ومثل أمل كثر، في مراكز الإيواء، يتحضرون للعودة إلى منازلهم وقراهم في الجنوب والنبطية والضاحية الجنوبية لبيروت، منذ إعلان سريان وقف إطلاق النار بلبنان. في باحة أحد المراكز، تقف سيارة أجرة، رُفعت على سقفها فرش وأغطية، وأشياء خاصة.

وإلى جانبها، سيارة أخرى تنقل منال شحيمي أغراضها إليها. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفرحة اليوم أكبر من أن تسعني؛ سنعود إلى منزلنا الذي نشتاق إليه في برج البراجنة. لا بأس إن تضرر قليلاً، سنعيد ترميمه، المهم أن نأوي إليه ليحتضننا من جديد».

ليل الثلاثاء - الأربعاء، لم تغمض عينا منال، حالها حال غالبية النازحين، واللبنانيين عموماً، تقول: «سمعنا أن هناك اجتماعاً إسرائيلياً، فبتنا نعدّ الثواني وليس الساعات؛ وددنا لو نعود إلى البرج لحظة إعلان وقف النار، لكننا تريثنا بينما تتضح الأمور أكثر، وها نحن اليوم نحمل أغراضنا ونغادر».

وعن الأشياء التي جمعتها واختارت أن تنقلها معها، تقول: «ملابسنا وتفاصيل رافقتنا أنا و8 من أفراد عائلتي طوال فترة نزوحنا إلى هنا، التي امتدت لأكثر من 9 أسابيع. أخذنا معنا أغطيتنا وفرشنا وحاجياتنا الأساسيّة. الأشياء لا تهم، المهم أننا سنعود».

تُخبر منال عن أمنياتها المستقبلية: «أول ما خطر ببالي، بعد العودة إلى الضاحية، أن تعود أيضاً حياتنا إلى طبيعتها، كما كانت قبل العدوان. لا نريد أكثر... نريد الاستقرار ليس أكثر، وأن نكون آمنين في منازلنا».

فرح وأناشيد

داخل باحة «العازارية»، مظاهر الفرح والأناشيد الجنوبية تعمّ المكان. نسوة يرقصن ويصفقن احتفالاً بالعودة، وأطفال يلهون، تبدو على وجوههم ملامح الفرح، وفي المكان نفسه، لا تزال الملابس معلقة على حبال موصولة بين جدران المكان، وطفلة صغيرة قررت غسل الأواني والصحون، لأخذها نظيفة إلى منزلها في الضاحية الجنوبية.

وخلال الحرب التي استمرت نحو 65 يوماً، استقبل مركز «العازارية» في وسط بيروت أكثر من 3500 نازح من مختلف المناطق اللبنانية، وهو حتّى ساعات النهار الأولى، كان قد غادره نحو نصف النازحين إليه، في حين اختار بعض العائلات التريث قليلاً وعدم مغادرة المكان.

وهناك أيضاً، تجلس مُسنة سبعينية في الباحة تحتسي فنجان قهوة، وتقول إنها لن تغادر المكان راهناً في انتظار التأكد من أن مدينة النبطية باتت آمنة تماماً؛ إذ إن مدينتها نالت حصة كبيرة من العدوان والتدمير الذي أصاب البشر والحجر هناك.

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أننا نشتاق إلى النبطية؛ أرضها وناسها، فإننا لا نثق بإسرائيل؛ فماذا لو غدرت بنا؟ لسنا خائفين، لكننا حذرون قليلاً. سننتظر بعض الوقت ونرى متى سنعود، وكذلك تفادياً لزحمة السير أيضاً».

وتروي ثقل ساعات الليلة الأخيرة في الحرب: «كانت ليلة دامية، تساوي في همجيتها كل ما عشناه في أيام العدوان السابقة ببيروت، ربما يمكن القول هي الأعنف، والأكثر توتراً على الإطلاق. بكيت في نهايتها، لا سيّما عند سماعنا تأكيد خبر وقف إطلاق النار». وتختم: «لا نريد سوى الأمان. لا شيء سوى الأمان، وألا تتكرر الحرب».