حراك أميركي تمهيداً لإعلان خفض الجنود في العراق

«التحالف الدولي» ينقل معدات إلى أربيل وشمال شرقي سوريا

مروحية تحلق بالقرب من قاعدة «حرير» في أربيل (أرشيفية - رووداو)
مروحية تحلق بالقرب من قاعدة «حرير» في أربيل (أرشيفية - رووداو)
TT

حراك أميركي تمهيداً لإعلان خفض الجنود في العراق

مروحية تحلق بالقرب من قاعدة «حرير» في أربيل (أرشيفية - رووداو)
مروحية تحلق بالقرب من قاعدة «حرير» في أربيل (أرشيفية - رووداو)

من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة الأميركية قريباً عن اتفاق لخفض عديد جنودها في العراق، بالتزامن مع أنباء عن نقل معدات للتحالف الدولي من الأنبار وبغداد إلى إقليم كردستان وشمال شرقي سوريا.

وتشكك قوى سياسية شيعية بتحقق الانسحاب الأميركي من العراق، لكن الحكومة تقول إن ذلك سيتم وفق جدول زمني، دون قطع «العلاقة الأمنية» مع دول التحالف الدولي.

ونقلت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، السبت، أن واشنطن تستعد للإعلان خلال أسبوع عن الاتفاق مع بغداد على تخفيض عديد الجنود الأميركيين في العراق.

وسيعني الانسحاب أن تعمل القوات العراقية دون مساعدة كاملة ومباشرة من القوات الأميركية، كما أن الغموض يلف قضية محورية في وجود «التحالف الدولي» تتعلق بتأمين الدعم الجوي للقوات العراقية.

مراحل نهائية

قال مسؤولون أميركيون للصحيفة إن مفاوضات الانسحاب مع العراقيين وصلت إلى «المراحل النهائية»، لكنهم أكدوا أن «المعركة ضد تنظيم (داعش) لم تنته بعد».

ويتطابق هذا التلميح مع تقارير سابقة أفادت بأن واشنطن ستبقي على قوة عسكرية صغيرة، ستتمركز لاحقاً في إقليم كردستان العراق.

وكانت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية، كامالا هاريس، قد قالت في مناظرتها الأخيرة مع دونالد ترمب: «ليس هناك جندي أميركي واحد يخدم في منطقة قتال نشطة في أي مكان حرب حول العالم، وهي المرة الأولى في هذا القرن».

لكن الولايات المتحدة لديها حالياً 2500 جندي في العراق ونحو 900 جندي في سوريا، ويقومون بعمليات عسكرية واستخبارية لمنع عودة ظهور تنظيم «داعش»، كما يقول «التحالف الدولي».

وأعرب بعض النواب الأميركيين عن عدم ارتياحهم لخروج عسكري كامل، قائلين إن ذلك قد يسمح لـ«داعش» بإعادة تنظيم صفوفه أو بزيادة نفوذ الجارة الإيرانية داخل العراق.

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد صرح بأن العراق لم يعد بحاجة لوجود القوات الأميركية في بلاده؛ لأنها نجحت إلى حد بعيد في هزيمة تنظيم «داعش»، وأنه يعتزم الإعلان عن جدول زمني لانسحابها في وقت قريب.

ومن المتوقع أن ينص الاتفاق على «السماح للقوات الأميركية باستخدام قواعد في العراق لتقديم الدعم في سوريا».

قاعدة حرير في أربيل بإقليم كردستان (السومرية)

إجراءات خاصة

نقلت وكالات أنباء محلية عن قائد عسكري لم يفصح عن هويته، أن قوات التحالف الدولي بدأت إجراءات خاصة استعداداً للانسحاب من العاصمة بغداد.

وأوضح الضابط، السبت، أن «هذه الإجراءات تشمل مواقع في المنطقة الخضراء والعمليات المشتركة، ضمن سياق يُتوقع أن ينتهي فعلياً منتصف العام المقبل، مع الانتقال لموقع بديل في إقليم كردستان وفق المعلومات الأولية».

وأشار الضابط إلى أن «الإخلاء الفعلي سيكون في منتصف العام المقبل 2025 أو قبله بقليل، ومن المقرر أن يتم الإخلاء من مواقع المنطقة الخضراء والعمليات المشتركة».

إلى ذلك، سُمع دوي انفجارات في قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غربي العراق ومقترباتها، تبين أنها أصوات تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية لقوات التحالف الدولي ضمن القاعدة.

وتعرضت هذه القاعدة خلال السنوات الماضية إلى هجمات صاروخية من قبل فصائل مسلحة موالية لإيران في العراق.

وطبقاً لمصدر أمني عراقي، فإن «التدريبات كانت تهدف إلى فحص منظومة السيروم الدفاعية، ما تسببت بسماع دوي انفجارات».

بالتزامن، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن طائرتين تحملان معدات عسكرية ولوجيستية هبطتا في قاعدة بالحسكة السورية، في إطار تعزيز وجود التحالف الدولي في المنطقة، ورفع التحصينات الدفاعية للقاعدة، تحسباً لأي هجمات محتملة، حسب المصدر.

وقالت المصادر إن الطائرتين كانتا قادمتين من الأجواء العراقية، فيما أشار «المرصد» إلى أن قوات التحالف الدولي تواصل إرسال تعزيزات عسكرية عبر البر والجو من العراق إلى قواعدها في شمال سوريا منذ سنوات.

السوداني مستقبلاً قائد القيادة الوسطى والسفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي (أرشيفية - إعلام حكومي)

تهديد الأمن العراقي

سياسياً، قالت السفيرة الأميركية لدى بغداد آلينا رومانوسكي، السبت، إن التهديدات لأمن العراق واستقراره وسيادته لا تزال قائمة.

وأشارت رومانوسكي في منشور عبر منصة «إكس»، إلى التزام الولايات المتحدة بالعمل جنباً إلى جنب مع شركائها في الحكومة العراقية والمجتمع المدني، لتعزيز عراقٍ سلمي ومزدهر للأجيال القادمة.

إلى ذلك، غادر رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، السبت، إلى نيويورك بعد أن زار، مساء الجمعة، عدداً من أبرز قادة «الإطار التنسيقي» ليس من بينهم زعيم «دولة القانون» نوري المالكي.

وكان اللقاء الأبرز مع زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلين الذي كان قد أقام دعوى قضائية ضد محمد جوحي، الموظف الرفيع في مكتب السوداني والمتهم بإدارة شبكة تنصت على هواتف عدد من كبار المسؤولين والقادة السياسيين.

ومن المقرر أن يلقي السوداني كلمة العراق أمام الجمعية العامة في نيويورك، كما سيشارك في قمّة المستقبل التي يُشارك فيها العديد من قادة الدول والرؤساء؛ لتعزيز التعاون ومواجهة التحديات وتأكيد الالتزامات»، وفقاً للمكتب الإعلامي لرئيس الحكومة.


مقالات ذات صلة

مصادر عراقية: إيران لا تريد إحراج السوداني في حرب لبنان

المشرق العربي السوداني خلال لقائه أنطونيو غوتيريش في نيويورك (إعلام حكومي)

مصادر عراقية: إيران لا تريد إحراج السوداني في حرب لبنان

رغم أن الحكومة العراقية انخرطت في الجهود الدولية الهادفة إلى وقف النار في لبنان، فإنها تجاهلت إعلان الفصائل المسلحة الموالية لإيران استعدادها للمشاركة في الحرب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح (الشرق الأوسط)

برهم صالح لـ«الشرق الأوسط»: العراق أفضل شاهد على العنف... والمنطقة قريبة من الهاوية

دشّنت «الشرق الأوسط» سلسلة جلسات حوارية مع صنّاع القرار حول العالم، بدأت مع الرئيس العراقي السابق برهم صالح، الذي قدّم تصوراته عن مستقبل التصعيد في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الاجتماع بين نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يتعاقد مع شركات عالمية لإعادة هيكلة المصارف الحكومية

تسعى الحكومة العراقية والاتجاهات المالية والمصرفية القريبة منها إلى تسويق فكرة «الإصلاح المالي» وتجاوز العقبات التي تواجهها البلاد جرّاء تخلف نظامها المصرفي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون في مفوضية الانتخابات خلال إعلان انطلاق الحملات الانتخابية في كردستان (موقع المفوضية)

انطلاق الحملات الانتخابية لبرلمان كردستان العراق

انطلقت، الأربعاء، الحملات الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقرر إجراؤها في 20 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة إطلاق طائرة مُسيَّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

«المقاومة الإسلامية في العراق» تشن هجمات بالمُسيَّرات والصواريخ على إسرائيل

أعلنت جماعات مسلحة تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» فجر اليوم (الأربعاء) أنها شنت 3 هجمات بالطيران المُسيَّر والصواريخ، استهدفت مناطق في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

السفارات تتريّث بإجلاء رعاياها... مطار بيروت يعمل بأدنى طاقته

عناصر من الصليب الأحمر في موقع استهدفته غارات إسرائيلية في بلدة شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
عناصر من الصليب الأحمر في موقع استهدفته غارات إسرائيلية في بلدة شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

السفارات تتريّث بإجلاء رعاياها... مطار بيروت يعمل بأدنى طاقته

عناصر من الصليب الأحمر في موقع استهدفته غارات إسرائيلية في بلدة شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
عناصر من الصليب الأحمر في موقع استهدفته غارات إسرائيلية في بلدة شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

علّقت سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان أعمالها مؤقتاً، فيما تتريث السفارات الأجنبية في لبنان بإجلاء رعاياها من البلاد رغم الحرب التي تتصاعد وتيرتها، وتعمّق القصف الإسرائيلي على 5 محافظات لبنانية.

ولا يزال مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت يعمل بشكل طبيعي، بالحدّ الأدنى من طاقته، بفعل وقف شركات الطيران العالمية رحلاتها من وإلى لبنان باستثناء 4 منها فقط، وأعلن رئيس المطار المهندس فادي الحسن لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشركات التي ما زالت تعمل بشكل طبيعي هي طيران الشرق الأوسط (الخطوط الجويّة اللبنانية)، والخطوط العراقية، وشركة (أور إيرلاينز) العراقية، وشركة الطيران الإيراني»، مشيراً إلى أن «السبب الرئيس لتعليق الرحلات هو المخاطر الأمنية التي ارتفعت في الأيام الأخيرة جرّاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «لا توجد عمليات إجلاء لرعايا أجانب عبر المطار، بل رحلات تجارية عادية».

عائلات نازحة من جنوب لبنان تلوذ بحديقة في طرابلس (أ.ف.ب)

تدني حركة السفر عبر المطار

وتحدّث رئيس المطار عن «تدنّي نسبة رحلات المغادرة والوصول لأكثر من النصف». وقال الحسن: «في الأيام التي سبقت الحرب، كان هناك 70 رحلة مغادرة وعدد مماثل في الوصول، أما الآن فلا يتجاوز عدد الرحلات 35 رحلة يومياً، منها 30 رحلة لطيران (الميدل إيست) فقط». وأمل أن «يبقى مطار بيروت بعيداً عن الخطر ومفتوحاً أمام المسافرين بما يخدم مصلحة لبنان وكلّ الدول التي لها رعايا على الأراضي اللبنانية».

خطط مؤجلة للتدخل

وعلى الرغم من دخول لبنان مرحلة الحرب الشاملة التي تشنّها إسرائيل على كامل الأراضي اللبنانية منذ الاثنين الماضي وسيطرتها التامة على الأجواء اللبنانية، لم تبادر أي من الدول العربية والأجنبية بإجلاء رعاياها، بل جددت دعوتها لهم إلى المغادرة فوراً، وحذّرت من السفر إلى لبنان في هذه المرحلة.

وقال مصدر دبلوماسي، في سفارة دولة غربية كبرى لـ«الشرق الأوسط»، إن السفارة «ما زالت تنصح رعاياها بمغادرة لبنان على وجه السرعة عبر الرحلات التجارية المتاحة، لكنّها لم تعمد حتى الآن إلى عمليات الإجلاء القسري». وأشار إلى أن «عمليات الإجلاء في عام 2006 كانت صعبة ومعقّدة ومكلفة للغاية، نتمنى ألّا نعيد التجربة نفسها، وأن يبادر مواطنونا إلى السفر الآن عبر مطار بيروت الدولي ما دام الوضع يسمح بذلك حتى الآن، لكنّ هذا الاحتمال وارد جداً»، لافتاً إلى أن «الآلاف ما زالوا في لبنان وهم من أصول لبنانية ويعتقدون أنهم في مناطق آمنة».

وأضاف المصدر الدبلوماسي: «في حال ارتفاع الخطر فإننا وضعنا الخطط الهادفة إلى التدخل والإجلاء سواء عبر البحر باتجاه قبرص، أو من جسر جوّي طارئ».

وعمّا إذا كانت هناك ضمانات إسرائيلية للدول الغربية بعدم إقفال مطار بيروت أو مهاجمته، نفى وجود أي ضمانات. واستطرد قائلاً: «من غير المعروف كيف تتطوّر الأمور، والوضع يخضع للتقييم ساعة بساعة».

دخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بعلبك شرق لبنان (أ.ف.ب)

دعوات للمغادرة

وجددت دول عدّة أبرزها: أستراليا، والولايات المتحدة الأميركية، وكندا، وفرنسا، واليونان، وبريطانيا والبرتغال؛ دعوة مواطنيها إلى مغادرة لبنان فوراً، وذكرت وكالة «رويترز» في تقرير لها، أن أستراليا أعدت خطة طوارئ تشمل إجلاء رعاياها عبر البحر، كما أعلنت كندا أنها ستتعاون مع أستراليا في إجلاء رعاياها من لبنان. في حين أمرت الولايات المتحدة الأميركية بنشر العشرات من قواتها في قبرص استعداداً لسيناريو إجلاء المواطنين الأميركيين من لبنان، وقالت سفارتها في بيروت إن الرحلات التجارية لا تزال متاحة للمواطنين الراغبين بالخروج من لبنان.

وأفاد تقرير «رويترز» بأن فرنسا لديها سفينة حربية في المنطقة وحاملة طائرات هليكوبتر في مدينة تولون (جنوب فرنسا)، قد تحتاج لأيام للوصول إلى منطقة لتشارك بعملية إجلاء رعاياها بحراً.

المطار لا يزال مفتوحاً

وتستنفر الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية للمساعدة في إجلاء الرعايا الأجانب عندما تطلب بلادهم ذلك، وأوضح مصدر أمني أن «الفارق ما بين اليوم ومرحلة 2006، هو أن مطار رفيق الحريري الدولي ما زال مفتوحاً أمام الرحلات المدنية، أما الحرب السابقة فإن إسرائيل سارعت إلى قصف المدرج الرئيسي ومخازن الوقود ووضعته خارج الخدمة في الأيام الأولى للحرب». وكشف لـ«الشرق الأوسط»، أن «معظم السفارات الأجنبية وضعت بالتعاون مع الجيش اللبناني خططاً لإجلاء رعاياها عند الضرورة، عبر المرافئ البحرية لكنّها لم تنفّذ أي خطة حتى الآن»، مؤكداً أن «الأمر يعود لأسباب عدّة أبرزها أن المطار ما زال بالخدمة ويمكن السفر عبره بطريقة طبيعية، كما أن السفارات تعتبر أن الأمور لا تزال مضبوطة وأن إسرائيل تضرب أهدافاً عسكرية محددة لـ«حزب الله»، ما يعني أن الخطر غير محدق».

ولفت المصدر الأمني إلى أن «خطط الإجلاء ستشمل المرافئ البحرية، أي مرفأ بيروت وجونية وسلعاتا وطرابلس، وأن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية جاهزة لتقديم التسهيلات عندما يحين وقت إجلاء الرعايا الأجانب».