تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

من خطف آيخمان إلى ضرب المفاعلين النوويين العراقي والسوري وسرقة الأرشيف الإيراني مروراً بسلسلة طويلة من الاغتيالات

تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)
تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)
TT

تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)
تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)

تُعد عمليتا تفجير أجهزة النداء (البيجر) والاتصالات اللاسلكية التي يستخدمها عناصر «حزب الله» في لبنان وسوريا، يومي الثلاثاء والأربعاء، من كبرى العمليات الأمنية الناجحة التي قام بها، على ما يُعتقد، جهاز الموساد الإسرائيلي. أدى اختراق أجهزة (البيجر)، وزرع متفجرات في الآلاف منها ثم تفجيرها عن بُعد في الوقت ذاته، إلى مقتل ما لا يقل عن 12 شخصاً وجرح ما يقرب من ثلاثة آلاف آخرين بينهم عدد كبير من مقاتلي «حزب الله» والسفير الإيراني في بيروت. وتكرر الأمر ذاته الأربعاء من خلال تفجير أجهزة اتصال لاسلكية لـ«حزب الله» في أكثر من منطقة لبنانية.

فكيف تُقارن هاتان العمليتان بعمليات الموساد السابقة؟ هذه جولة على أبرز النجاحات التي يتفاخر بها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي منذ تأسيسه في عام 1949.

آيخمان... خطفه عملاء الموساد من الأرجنتين وتم إعدامه في إسرائيل

مطاردة أدولف آيخمان

تاريخياً، يُعد الوصول إلى أدولف آيخمان أحد أبرز نجاحات الموساد في ستينات القرن الماضي. فهذا الضابط الألماني المكلف بملف اليهود في جهاز «الغيستابو»، (البوليس السري الألماني)، يوصف بأنه أحد مهندسي ما يُعرف بـ «الحل النهائي»، ومسؤول عن نقل مئات آلاف اليهود الأوروبيين إلى معسكرات الاعتقال النازية في ما تُعرف بالمحرقة. فرَّ آيخمان بعد هزيمة هتلر في الحرب العالمية الثانية، وبدأ حياة جديدة بهوية مختلفة في الأرجنتين عام 1950.

اختفت أخباره لسنوات قبل أن تصل معلومات إلى الاستخبارات الإسرائيلية أنه يختفي في أميركا الجنوبية. أرسل الموساد فريقاً تمكَّن من تعقبه، وخطفه ونقله بعملية معقدة إلى إسرائيل عام 1960. حوكم وأُعدم شنقاً.

إيلي كوهين

نجح الموساد بين عامَي 1962 و1965 في زرع عميل له داخل أروقة الحكم في سوريا. وُلد إيلي كوهين في مصر لأبوين يهوديين من سوريا. في عام 1960 جنّده الموساد للعمل جاسوساً وأعطاه هوية جديدة باسم كمال أمين ثابت، وأرسله إلى الأرجنتين تحت غطاء رجل أعمال من أبوين سوريين. انتقل كوهين، في عام 1962، إلى سوريا، مستغلاً شبكة العلاقات التي بناها في الأرجنتين، وصار مقرباً من شخصيات بارزة في هرمية الحكم بسوريا. تم طرح اسمه في مرحلة من المراحل مرشحاً محتملاً لشغل منصب رفيع في وزارة الدفاع السورية. وفي الواقع، قدّم كوهين مجموعة كبيرة من المعلومات للموساد، بما في ذلك تفاصيل استغلها سلاح الجو الإسرائيلي لضرب أهداف داخل سوريا.

اعتقلته أجهزة الأمن السورية (بمساعدة سوفياتية مزعومة) خلال إرساله تقريراً للموساد عام 1965، حوكم وأُعدم شنقاً في دمشق. ولم تتمكن إسرائيل حتى اليوم من استرجاع جثمانه.

طائرة الميغ 21... هربها طيار عراقي إلى إسرائيل (Center for Israel Education)

سرقة الميغ 21

كانت طائرة الميغ 21 فخر الصناعة السوفياتية في ستينات القرن الماضي، وتم تزويد دول عربية بأعداد منها. قرر جهاز الموساد الحصول على واحدة منها للتعرف على التكنولوجيا المستخدمة فيها. في عام 1964، أغرى عملاء إسرائيليون طياراً عراقياً مسيحياً (منير ردفة) بالسفر إلى أوروبا حيث تفاوضوا معه على الهرب بطائرة ميغ 21 لقاء حصوله على الجنسية هو وعائلته، بالإضافة إلى مبلغ كبير من المال. قام الطيار العراقي بالفعل بتنفيذ المهمة المطلوبة منه عام 1966، وفرَّ بطائرته إلى إسرائيل، فيما تم تهريب عائلته إلى إيران. بعد الحصول على الطائرة السوفياتية، قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة كي تتعرف بدورها على التكنولوجيا السوفياتية المستخدمة فيها.

عملية غضب الله (1972)

في عام 1972، أمرت حكومة إسرائيل جهاز الموساد باغتيال المسؤولين، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن عملية ميونيخ التي قُتل فيها 11 رياضياً إسرائيلياً كانوا يشاركون في الألعاب الأولمبية. وبناءً على ذلك، نفَّذ الموساد سلسلة عمليات اغتيال استهدفت أفراداً في جماعة «أيلول الأسود» وحركة «فتح» و«منظمة التحرير الفلسطينية» في أوروبا. لكن أبرز فصول الاغتيالات حصل في بيروت حيث قام عملاء للموساد بقتل قادة فلسطينيين بارزين. تم تجميد عملية «غضب الله» في عام 1973 بعدما قتل الموساد خطأً نادلاً في مطعم بالنرويج، بعدما اعتقد أنه الشخص المطلوب قتله. أُعيد إحياء العملية عام 1979 عندما اغتال عملاء الموساد القيادي الفلسطيني علي حسن سلامة الذي يصفه الإسرائيليون بأنه مسؤول العمليات في «أيلول الأسود».

رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن وقائد أركان الجيش الإسرائيلي رفائيل إيتان خلال الإعلان عن تدمير مفاعل تموز العراقي في 9 يونيو 1981 (غيتي)

المفاعلان العراقي والسوري والبرنامج النووي الإيراني

اكتشفت إسرائيل في سبعينات القرن الماضي أن العراق يطوِّر قدراته النووية من خلال مفاعل يتم بناؤه بالتعاون مع فرنسا. حاول جهاز الموساد في البداية إخافة المهندسين الفرنسيين العاملين في هذا المشروع. كما نجح عملاؤه في تفجير مكونات للمفاعل النووي قبل شحنها إلى العراق. في نهاية المطاف، نفَّذت طائرات إسرائيلية عملية ضخمة دمّرت فيها المفاعل العراقي (مفاعل تموز أو أوزيراك) عام 1981.

بعد 26 سنة من تفجير المفاعل العراقي، نفَّذ الطيران الإسرائيلي عملية جديدة دمَّر فيها مفاعلاً نووياً سورياً كان يتم بناؤه بمساعدة عملاء كوريين شماليين على ضفاف نهر الفرات شرق سوريا. كشف الإسرائيليون المفاعل السوري عام 2004 عندما تمكن عملاء الموساد من اختراق جهاز كمبيوتر يحمله مدير كبير في هيئة الطاقة الذرية السورية خلال زيارته جنيف للقاء وكالة الطاقة الذرية. فكَّ العملاء الإسرائيليون شفرة الجهاز واستخرجوا صوراً للعالم السوري مع علماء كوريين وتصميماً لمفاعل مخصص لتخصيب البلوتونيوم. نفَّذت طائرات إسرائيلية ليلة 6 سبتمبر (أيلول) 2007 «عملية البستان»، وتم فيها تدمير المفاعل السوري في ريف دير الزور.

خوف إسرائيل من القدرات النووية لجيرانها لم يتوقف عند سوريا والعراق. فهمُّها الأساسي منذ سنوات بات إمكانية أن تطور إيران قدرات نووية عسكرية. في عام 2018، تمكَّن فريق من عملاء الموساد من الوصول إلى مخزن سرِّي في طهران يُخفي فيه الإيرانيون أرشيفهم النووي. حصل الفريق الذي يضم إيرانيين يعملون للاستخبارات الإسرائيلية على آلاف الوثائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وتم تهريبها إلى إسرائيل. ضمَّت الوثائق 50 ألف صفحة و163 قرصاً مدمجاً.

وفي عام 2021، نفّذ عملاء الموساد عملية أخرى لتخريب منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز. تضمنت العملية انفجاراً مركّزاً أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنشأة وتعطيل عمل أجهزة الطرد المركزي فيها.

أفراد من القوات الإيرانية يحملون نعش العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده خلال مراسم تشييعه في طهران (رويترز)

إضافة إلى ذلك، قتل عملاء مزعومون للاستخبارات الإسرائيلية منذ عام 2007 ما لا يقل عن 5 علماء إيرانيين أبرزهم بلا شك محسن فخري زادة، كبير مهندسي البرنامج النووي. قُتل فخري زادة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 عندما تعرضت سيارته لكمين قرب طهران. تردد في البداية أن مسلحين أطلقوا النار عليه، لكن تبين لاحقاً أن الاغتيال نفِّذ برشاش محمول على سيارة نيسان ويتم التحكم به عن بُعد.

«عملية موسى» (1984 - 1985)

في بداية ثمانينات القرن الماضي تمكن عملاء الموساد من تنفيذ أكبر عملية تهريب لآلاف اليهود الإثيوبيين الذين فروا إلى السودان. تمت العملية بعدما أقام عملاء إسرائيليون منتجعاً للسياحة والغطس على ساحل البحر الأحمر في السودان، كان يتم من خلاله تهريب اليهود الإثيوبيين بحراً إلى إسرائيل.

وبين عامَي 1984 و1985 نُقل قرابة 8000 يهودي إثيوبي جواً من الخرطوم إلى بلجيكا ومنها إلى إسرائيل. في عام 1985 انضمت الولايات المتحدة إلى عملية إنقاذ اليهود الإثيوبيين وأطلقت عليها اسم «عملية جوشوا» وتضمنت نقل بين 500 و800 يهودي إثيوبي إلى إسرائيل.

عماد مغنية

اغتيال عماد مغنية عام 2008

كان عماد مغنية قيادياً كبيراً في «حزب الله» اللبناني ويُتهم بالتورط في عمليات إرهابية عديدة بينها تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983، وتفجير مقر المارينز في مطار بيروت في العام نفسه، وخطف طائرة «تي دبليو إيه» عام 1985، وتفجير سفارة إسرائيل في بوينس آيرس عام 1992، وتفجير المركز اليهودي في هذه المدينة عام 1994.

تمكن عملاء للموساد بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية -كما تردد- من شحن قنبلة مخصصة لقتله وتهريبها إلى دمشق في انتظار وصوله إليها. وقد سنحت الفرصة بالفعل في فبراير (شباط) 2008 عندما كان في دمشق حيث اُغتيل بتفجير سيارة.

يحيى عياش

طاردت الاستخبارات الإسرائيلية القيادي الفلسطيني في كتائب «القسام»، يحيى عياش، منذ عام 1993 بعدما اتهمته بالوقوف وراء سلسلة من التفجيرات الانتحارية التي أوقعت عشرات القتلى والجرحى. نجحت عملية اغتياله في يناير (كانون الثاني) عام 1996. لم يكن الموساد وراء قتله، بل جهاز الشاباك الذي زرع مادة متفجرة في هاتف محمول تم تسليمه إليه في مكان اختبائه بقطاع غزة. فُجّر الهاتف عن بُعد خلال اتصال بين عياش ووالده.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

المشرق العربي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

سعت إسرائيل، أمس (الجمعة)، إلى التوسّع داخل لبنان فيما يمكن وصفه بـ«الوقت الضائع»، بانتظار بدء لجنة المراقبة عملها لتنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ تنفيذه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)

57 % من الإسرائيليين يريدون حرباً على إيران

دلت نتائج استطلاع للرأي على أن 57 % من الإسرائيليين يؤيدون تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، التي هدد فيها بشن هجمات حربية على إيران.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدلي بتصريحاته على هامش قمة «مجموعة العشرين» في مدينة ريو دي جانيرو (أ.ف.ب) play-circle 01:22

ماكرون يدعو إلى الوقف «الفوري» لأي أعمال «تنتهك» وقف إطلاق النار في لبنان

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الوقف «الفوري» لكل «الأعمال التي تنتهك» وقف إطلاق النار الساري في لبنان منذ الأربعاء، على ما أعلن قصر الإليزيه الجمعة.

المشرق العربي أفراد من الأمن الإسرائيلي يمرّون أمام حافلة مثقوبة بالرصاص في أعقاب هجوم تم الإبلاغ عنه عند تقاطع قريب من مستوطنة أرئيل بالقرب من نابلس بالضفة الغربية في 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب) play-circle 00:32

إسرائيل: 8 إصابات على الأقل في إطلاق نار على حافلة بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن فلسطينياً أطلق النار على حافلة بالقرب من مستوطنة أرئيل في الضفة الغربية المحتلة اليوم، ما أسفر عن إصابة 8 على الأقل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من دبابات تنتظر في موقعها بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية 28 نوفمبر 2024 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: حققنا «إنجازاً استراتيجياً» ومستعدون للهجوم إذا ارتكب «حزب الله» خطأ

قال قائد المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي، اليوم (الجمعة)، إن الجيش نجح في عملياته في إعادة «حزب الله» إلى الوراء لسنوات عدة، ووصف ذلك بأنه «إنجاز استراتيجي».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
TT

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)

دفعت التطورات العسكرية شمال غربي سوريا وتحديداً في مدينة حلب وريفها الغربي، الآلاف إلى حركة نزوح جماعية كبيرة، تعددت وجهاتها بين أحياء وسط مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بدمشق وشمال غربي إدلب على الحدود مع تركيا، ومناطق أخرى آمنة.

وبدأت معارك عنيفة حول حلب بعدما تحركت فصائل مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى متحالفة معها تحت شعار علمية سموها «رد العدوان» بهدف السيطرة على المدينة وردت عليها قوات حكومية. والتطورات العسكرية اللافتة تأتي بعد نحو 4 سنوات من التهدئة شمال غربي سوريا بموجب تفاهمات سورية – تركية.

ودفعت التعزيزات والغارات والمعارك، مدنيين إلى النزوح، وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الاشتباكات أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة من منازلهم. فيما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القسم الغربي من مدينة حلب يشهد حركة نزوح كبيرة باتجاه المناطق الشرقية أو خارج المدينة.

وأفاد المرصد، مساء الجمعة، بأن «هيئة تحرير الشام» على مشارف حلب بعدما سيطرت على 55 قرية وبلدة وتلة استراتيجية تقع إما في أطراف حلب الغربية أو في ريف حلب الجنوبي على طريق دمشق – حلب الدولي، الذي انــقـطـع بشكل كامل منذ يوم الخميس.

وبالنسبة للنازحين، فقد بات الخروج مرتكزاً على طريق خناصر الواقع جنوب غربي حلب باتجاه البادية السورية.

ومع ازدياد تهديدات الفصائل المسلحة للقوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و«حزب الله»، أكدت مصادر «نزوح عشرات العائلات خلال اليومين الماضيين من ريف حلب نحو شمال غربي إدلب عند الحدود مع تركيا، حيث أقاموا في خيام مؤقتة في نزوح يعد الثالث لسكان تلك المناطق منذ اندلاع الحرب في سوريا».

وقالت مصادر أهلية في حلب لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إخلاء السكن الجامعي في مدينة حلب بعد تعرضه للقصف ومقتل أربعة طلاب وإصابة طالبين آخرين، حيث توجه الطلاب كُل إلى محافظته.

وبثت وسائل إعلام رسمية سورية، صوراً للدمار الذي لحق بالسكن الجامعي، وقال التلفزيون الرسمي إن «أربعة مدنيين قتلوا من جراء قصف الفصائل المسلحة على المدينة الجامعية»، لكن الفصائل المسلحة نفت استهداف المدينة الجامعية، متهمة القوات الحكومية بذلك بهدف إخلائه وتحويله إلى ثكنه عسكرية».

وشهدت أحياء الحمدانية والفرقان وجمعية الزهراء وحلب الجديدة حركة نزوح كبيرة يوم الجمعة، باتجاه أحياء وسط المدينة مع تصاعد حدة الاشتباكات ووصول الجماعات المسلحة إلى مشارف المدينة.

وشرح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها تريد السيطرة على مدينة سراقب الحيوية، وكذلك طريق «حلب – دمشق»، وطريق «حلب – اللاذقية» الدوليين.

ويقدر عبد الرحمن أن «كل المكتسبات التي حققتها القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و(حزب الله) خلال السنوات الخمس الماضية في مناطق سيطرتها في محافظة حلب (ستنتهي) وسيعود الوضع إلى ما كان عليه أواخر عام 2019». أي قبل التهدئة التركية – الروسية عام 2020.

وأعلنت الفصائل المسلحة المعارضة في الشمال دخولها أول أحياء مدينة حلب والسيطرة على مركز البحوث العلمية في حي حلب الجديدة، وقالت وسائل إعلام داعمة للفصائل المسلحة إنها «سيطرت على أحياء حلب الجديدة والحمدانية، و3000 شقة غرب مدينة حلب، وباتت على بعد 2 كم عن وسط مدينة حلب».

لكن صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة بدمشق نقلت في وقت سابق عن مصادر أهلية في حلب نفيها سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة على بلدة المنصورة ومركز البحوث العلمية غرب حلب الجديدة بريف حلب الغربي

وسجل «المرصد السوري» مقتل نحو 254 شخصاً خلال الأيام الثلاثة منذ بدء هجوم «رد العدوان» الذي أطلقته الفصائل المسلحة غرب حلب، بينهم 24 مدنياً و 144 من «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها، ونحو 86 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. مشيراً إلى أن القوات الحكومية تتركز في مدينة حلب فيما يتوزع على الجبهات في الريف الميليشيات الرديفة التابعة لإيران وإلى حد ما «حزب الله» الذي تقلص دوره بشكل كبير في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.