العراق: رفض سني لربط العفو العام بتعديل قانون الأحوال الشخصية

تحضيرات في البرلمان العراقي لعقد جلسة انتخاب رئيسه في 18 مايو 2014 (إعلام المجلس)
تحضيرات في البرلمان العراقي لعقد جلسة انتخاب رئيسه في 18 مايو 2014 (إعلام المجلس)
TT

العراق: رفض سني لربط العفو العام بتعديل قانون الأحوال الشخصية

تحضيرات في البرلمان العراقي لعقد جلسة انتخاب رئيسه في 18 مايو 2014 (إعلام المجلس)
تحضيرات في البرلمان العراقي لعقد جلسة انتخاب رئيسه في 18 مايو 2014 (إعلام المجلس)

في وقت يستمر فيه خلو جدول أعمال البرلمان العراقي من فقرة انتخاب رئيس جديد له رغم مرور 10 شهور على شغور المنصب، فإنه لا تكاد تعقد جلسة إلا وتتضمن إدراج مشروع قانون مثل تعديل قانون الأحوال الشخصية أو العفو العام أو الاثنين معاً.

والأسباب التي تكمن في عدم قدرة البرلمان على انتخاب رئيس له تعود إلى الخلافات السياسية السنية - السنية والسنية - الشيعية التي لا تزال مستمرة، خصوصاً أن الأطراف الشيعية الفاعلة هي التي تتحكم الآن بمفتاح باب الصعود إلى منصة رئاسة مجلس النواب. غير أن هذه الخلافات امتدت كما يبدو من منصب رئيس البرلمان إلى قانون العفو العام الذي يطالب به العرب السنّة منذ سنوات، وسط مساومات معهم على تمرير هذا القانون في مقابل موافقتهم على تمرير تعديل مثير للجدل لقانون الأحوال الشخصية الذي تطالب به قوى شيعية نافذة في البرلمان.

وتضمنت جلسة البرلمان التي عقدت الاثنين، مناقشة مشروعي القانونين (العفو العام والأحوال الشخصية) بهدف استكمال قراءتهما وتعديل ما يمكن تعديله منهما لكي يمر داخل البرلمان بالأغلبية. وأشار مراقبون سياسيون في هذا الإطار إلى اتساع دائرة رفض تشريع قانون الأحوال الشخصية لتشمل الأكراد أيضاً، ودفع ذلك بالقوى الشيعية التي تطالب بإقرار قانون الأحوال الشخصية إلى رفع سقف مطالبها بإجراء تعديلات أساسية على قانون العفو العام، وهو ما يعني من وجهة نظر قوى سنية إفراغه من محتواه.

وفي الوقت الذي يرفض فيه النواب السنّة أن يتم تمرير قانون عفو عام لا يتضمن إخراج جميع الأبرياء من السجون والمعتقلات، فإن النواب الشيعة يعملون على إعادة تعريف مفهوم الإرهاب والإرهابي، وهو ما يعني عدم شمول أعداد غفيرة من أبناء المناطق والمحافظات السنية بهذا القانون رغم أنهم قد يكونون ضحايا لشكاوى كيدية أو تقارير من مخبرين سريين.

عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون يسمح بتزويج القاصرات في 6 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

مهر القاصرات

وفي هذا السياق، يقول عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي سجاد سالم، وهو نائب مستقل، إن «الكرد والسنة وجزءاً من الوسط والجنوب لن يعترفوا بتعديل قانون الأحوال الشخصية». وقال سالم في بيان، إن «إعطاء صلاحيات نواب البرلمان القانونية للأوقاف الدينية بقانون الأحوال (الشخصية)، سابقة من نوعها». وأضاف أن «329 نائباً لا يعرفون محتوى مدونات الأحوال الشخصية. والمدونة الواحدة لكل المذاهب كانت لمنع الاحتيال والتلاعب بالحقوق عبر المذاهب»، مشيراً إلى أن «الادعاء بأن قانون الأحوال موصى به من قبل المرجعية افتراء».

أما النائب السني في البرلمان العراقي رعد الدهلكي، فقد أكد من جانبه وجود ضغوط سياسية لتمرير قانون الأحوال الشخصية مقابل تمرير قانون العفو العام. وقال الدهلكي في تصريح متلفز، إن «رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي هدد بسحب قانون العفو من جلسة الاثنين في حال عدم التصويت على الأحوال الشخصية»، مبيناً أن «جدول أعمال الجلسة تضمن قوانين للكرد (إعادة العقارات المصادرة)، والسنّة (العفو العام)، والشيعة (الأحوال الشخصية)، إلا أن التعديل الجديد لقانون العفو أقسى على المعتقلين من القانون السابق». وأضاف: «لن نصوّت على قانون الأحوال الشخصية لأنه يعطي صلاحيتنا للأوقاف، ولن نقبل بقانون العفو أن يكون مهراً للقاصرات»، مشدداً على أنه «يجب الحصول على أدلة كافية لانتماء المحكومين للتنظيمات الإرهابية ولا نعتمد على الاعتراف فقط»، في إشارة إلى أن اعترافات المسجونين قد تكون تمت بالإكراه.

رفض كردي

إلى ذلك، نفت رئيسة كتلة حزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي فيان صبري، تأييد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، لمقترح قانون الأحوال الشخصية المطروح في مجلس النواب العراقي. وقالت صبري في بيان: «نحن في إقليم كردستان دائماً ما سنكون مع كل الحقوق والحريات التي كفلها الدستور والمواثيق والاتفاقات الدولية بهذا الشأن ونؤمن بضمان حقوق المرأة والطفل، وقد أعطيت المرأة والطفل في إقليم كردستان حقوقاً كثيرة توازي مصاف الدول المتقدمة، خصوصاً في موضوع الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق وتعدد الزوجات والميراث والحضانة». ولفتت إلى أن «رئيس الإقليم رائد في دعم حقوق المرأة والطفل، وأنه عندما تكلم (في هذا الموضوع) كان الكلام عن موضوع الأقليات والمسيحيين»، بما في ذلك حقوق الأطفال الذين تتغير ديانة والدهم أو والدتهم. وختمت بالقول إن «أي تعديل لقانون الأحوال الشخصية عليه ألا يكون ضد مواد الدستور العراقي التي تؤكد على حقوق المرأة والطفل وحقوق الإنسان».

في السياق نفسه، رفض اتحاد علماء الدين الإسلامي في إقليم كردستان، إدراج مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي في جدول أعمال البرلمان لجلسة الاثنين.

رأي قانوني

من جهته، يرى الدكتور باسل حسين رئيس «مركز كلواذا للدراسات» لـ«الشرق الأوسط»، أن مقترح «قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية يمس مهام السلطة القضائية، بل ويمتد تأثيره إلى أكثر من ذلك، إلى بنية النظام القضائي من خلال إنشاء سلطة موازية للسلطة القضائية. فكان على المجلس لزاماً وعملاً بمبدأ الفصل بين السلطات وانسجاماً مع قرار المحكمة الاتحادية التشاور مع مجلس القضاء قبل تقديم المقترح». وأضاف: «ليس كل تعديل على القوانين، بما فيها قانون العقوبات أو القانون التجاري، يتطلب أخذ مشورة مجلس القضاء، لكن نص قرار المحكمة الاتحادية واضح ويتعلق بالقوانين التي تمس مهام السلطة القضائية، وهو ما يسري على مقترح قانون التعديل تماماً».


مقالات ذات صلة

«مدافع البيشمركة» تثير جدلاً في العراق

المشرق العربي 
قوات من «البيشمركة» الكردية خلال احتفال في أربيل في 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

«مدافع البيشمركة» تثير جدلاً في العراق

شهد العراق في اليومين الماضيين جدلاً متصاعداً على خلفية حصول قوات البيشمركة الكردية على مدافع أميركية يصل مداها إلى 40 كلم، ما أثار تحذيرات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي قوات من «البيشمركة» الكردية خلال احتفال في أربيل عاصمة إقليم كردستان 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

«مدافع البيشمركة» تثير جدلاً واسعاً في العراق

أثارت مدافع «هاوتزر» منحتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى قوات البيشمركة الكردية جدلاً واسعاً في العراق خلال اليومين الأخيرين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي في القضية المعروفة بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

القضاء العراقي يلاحق رئيس هيئة النزاهة

في موقف لافت، قدَّم مجلس القضاء العراقي شكره إلى قاضي نزاهة الكرخ، ضياء جعفر، الذي أمر بإطلاق سراح نور زهير المتهم الرئيس في قضية ما تُعرف بـ«سرقة القرن».

فاضل النشمي (بغداد)
رياضة عربية أنور جسام (الشرق الأوسط)

العراق يودع مدربه أنور جسام بعد معاناة مع المرض

فقدت الرياضة العراقية، صباح اليوم الاثنين، المدرب الشهير أنور جسام، بعد معاناة طويلة مع المرض، عن عمر ناهز الـ77 عاماً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)

معارضة واسعة لتشريع قد يحجب المعلومات عن العراقيين

تبدي منظمات حقوقية غير حكومية، محلية ودولية، قلقاً بالغاً من إقرار البرلمان العراقي مشروع قانون «حق الحصول على المعلومة»، بعد قراءته مرتين حتى أغسطس (آب) الماضي

فاضل النشمي (بغداد)

«مدافع البيشمركة» تثير جدلاً في العراق


قوات من «البيشمركة» الكردية خلال احتفال في أربيل في 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
قوات من «البيشمركة» الكردية خلال احتفال في أربيل في 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
TT

«مدافع البيشمركة» تثير جدلاً في العراق


قوات من «البيشمركة» الكردية خلال احتفال في أربيل في 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)
قوات من «البيشمركة» الكردية خلال احتفال في أربيل في 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

شهد العراق في اليومين الماضيين جدلاً متصاعداً على خلفية حصول قوات البيشمركة الكردية على مدافع أميركية يصل مداها إلى 40 كلم، ما أثار تحذيرات من إمكان استخدامها في نزاعات داخلية.

وحصلت البيشمركة على المدافع الأميركية قبل نحو 40 يوماً، إلا أن الجدل حولها انفجر السبت بعدما قال زعيم حزب «تقدم» رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي: «نرفض رفضاً قاطعاً تسليح قوات محلية (البيشمركة) واجبها الدستوري يقتصر على حفظ أمن داخلي». وأضاف أن «هذا الإجراء المرفوض قد يكون سبباً في ضرب الأمن (...) إذا ما تمت الإساءة باستخدام تلك الأسلحة في نزاعات عرقية أو حزبية مستقبلاً». وتابع أن «هذا النوع من الأسلحة يجب أن يكون حكراً بيد الجيش العراقي».

في المقابل، وجّه ساسة أكراد انتقادات للحلبوسي واتهموه بـ«تزلّف» قوى الإطار التنسيقي للحصول على منصب رئاسة البرلمان المعطل منذ نحو 11 شهراً. وقال القيادي في الحزب «الديمقراطي الكردستاني» هوشيار زيباري، إن موقف الحلبوسي «يعكس البهلوانية الشعبوية الرخيصة وعقلية مريضة لصعود سياسي الصدفة!».