دمشق: عقود تطوّع بحوافز مالية كبيرة ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش

ترجيحات بإلغاء الخدمة الإلزامية

شعار الجيش السوري (أرشيفية من «سانا»)
شعار الجيش السوري (أرشيفية من «سانا»)
TT

دمشق: عقود تطوّع بحوافز مالية كبيرة ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش

شعار الجيش السوري (أرشيفية من «سانا»)
شعار الجيش السوري (أرشيفية من «سانا»)

في إطار خطة الحكومة السورية لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتحويل «الجيش العربي السوري» إلى جيش «احترافي» يعتمد على المتطوعين، أعلنت وزارة الدفاع عقود تطوع جديدة، تتضمّن رواتب تُعد عالية، قياساً بما تضمنته العقود التي أُعلنت سابقاً، إذ يصل راتب المتطوع إلى أكثر من 135 دولاراً أميركياً.

وبينما كشفت مصادر عسكرية وثيقة الاطلاع عن أن الإعلان السابق لم تلبِ نتيجته الأعداد المطلوبة من المتطوعين، ووُضعت مسألة رفع الرواتب في إطار الإغراءات المالية للتشجيع على التطوع، رأت مصادر على اطلاع في دمشق، أن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية قد تكون من ضمن المبادرة العربية لحل الأزمة السورية، ورجحت أن يكون من ضمن الخطة إلغاء الخدمة الإلزامية.

عقود جديدة أكثر إغراءً

وقالت مصادر عسكرية وثيقة الاطلاع إنه «بعد إعلان الوزارة في أكتوبر (تشرين الأول) عقود تطوع للراغبين، تقدّمت أعداد لا بأس بها، وهناك تدقيق كبير وتشدد في عملية القبول، وقد قُبلت كثير من الطلبات، ولكن الأعداد غير كافية». وأضافت المصادر: «في ظل هذه الحال، أعلنت الوزارة عقود تطوع جديدة، وفي محاولة لدفع الشباب للتطوع رفعت قيمة الرواتب والميزات الإضافية». وأكدت أن «تحسين الوضع المعيشي لضباط وصف ضباط وعناصر الجيش والقوى الأمنية يُعد أولوية بالنسبة إلى القيادة العليا».

وقبل يومين، نشرت وزارة الدفاع، عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، صورة لعقود تطوع جديدة، تضمّنت قيمة الرواتب والميزات الإضافية. ووفق المنشور، هناك عقدان للتطوع. الأول: عقد مقاتل متطوع لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، بناء على رغبة المتطوع وموافقة القيادة العامة، على ألا يتجاوز عمره 32 سنة، والآخر يتعلّق بعقد مقاتل متطوع لمدة عشر سنوات، قابلة للتجديد بناء على رغبته وموافقة القيادة العامة، شرط عدم تجاوز عمر المتقدم 32 سنة.

الإعلان تضمّن أن راتب المتطوع مع تعويضاته يتراوح ما بين مليون و800 ألف ومليوني ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي 14800 ليرة سورية في السوق السوداء)، في حين لا يتجاوز الراتب الشهري لموظف الدرجة الأولى في المؤسسات الحكومية المدنية 450 ألف ليرة، في حين تحتاج الأسرة المؤلفة من 5 أفراد إلى أكثر من 12 مليون ليرة في الشهر.

ووفق ما جاء في الإعلان، يحدّد الراتب المقطوع وفق رتبة المتطوع، ويُضاف إليه تعويض الميدان بنسبة 100 في المائة من الراتب المقطوع، وبدل سكن بنسبة 100 في المائة، والعبء العسكري بنسبة 100 في المائة، والمهمة القتالية بقيمة 100 ألف ليرة سورية، وبدل مواصلات بقيمة 150 ألف ليرة سورية.

وأشار الإعلان إلى أن أي زيادة على الرواتب والأجور ستشمل المتطوعين بميزاتهم وتعويضاتهم، بالإضافة إلى تقديم منحة زواج غير مستردة قيمتها مليونا ليرة سورية. كما يُعفى المتطوع، حسب الإعلان، من الخدمة الإلزامية في صفوف قوات الجيش، بشرط أن يقضي في التطوع خمس سنوات، في حين يُعفى من الخدمة الاحتياطية كل من قضى عقد السنوات العشر في التطوع.

وتضمّن الإعلان مكافأة بدء خدمة، وهي قيمة أربعة رواتب شهرية مقطوعة يتقاضاها المتطوع بعد مضي سنة على عقد التطوع السنوات الخمس، في حين يتقاضى ثمانية رواتب مقطوعة بعد مضي سنة من الخدمة في عقد تطوع السنوات العشر.

ويحصل المتطوع على مكافأة سنوية بقيمة راتبي شهرين مقطوعين يتقاضاها عن كل نهاية سنة خدمة من سنوات عقد السنوات الخمس، وأربعة رواتب شهرية مقطوعة عن كل نهاية سنة خدمة من سنوات عقد السنوات العشر.

ويأتي إعلان وزارة الدفاع السورية عقود تطوع جديدة، بعدما كانت قد أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقود تطوع لمدة عشر سنوات براتب يصل مع التعويضات إلى مليون و300 ألف ليرة سورية، مع بدل مواصلات بقيمة 150 ألف ليرة، بالإضافة إلى مكافآت يحصل عليها المتطوع، منها مكافأة سنوية تعادل أربعة رواتب شهرية مقطوعة يتقاضاها نهاية كل سنة من سنوات عقد التطوع، ومنحة زواج غير مستردة بقيمة مليوني ليرة.

الهدف جيش احترافي

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع، اللواء أحمد سليمان، في لقاء أجرته معه قناة فضائية محلية، أن الحكومة السورية تسعى إلى «بناء جيش احترافي متطوع»، مضيفاً: «إنه هدف، وهناك استراتيجية موضوعة له، وهناك خطط مرحلية، وجدول زمني، وسيجري الاعتماد على العنصر المتطوع، وأن يكون هو الأغلب الذي يشكّل القوام الرئيسي».

كما كشف سليمان في يونيو (حزيران) الماضي عن عزم الحكومة السورية تغيير مفهوم الخدمة العسكرية الإلزامية، وتحويل «الجيش العربي السوري» إلى جيش يعتمد على المتطوعين، من خلال عقود تطوع جديدة، وعن جدول زمني لتسريح عشرات الآلاف مع نهاية العام الحالي، ومثلهم العام المقبل.

الاستجابة لـ«المبادرة العربية»

مصادر مطلعة في دمشق، وبعد أن ذكرت أن هناك أسباباً كثيرة وراء إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، رجحت أن تكون هذه المسألة من ضمن ما تضمنته «المبادرة العربية» لحل الأزمة السورية، والمعروفة بمبادرة «خطوة مقابل خطوة». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في دول الجوار والدول الغربية هم من المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وتلك الدول تطالب بإعادتهم، ويعتقد أن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية ستنتهي بإلغاء الخدمة الإلزامية، وبالتالي ستفتح الباب أمام كثير من اللاجئين المتخلفين عن هذه الخدمة للعودة إلى بلادهم».

وسبق أن ذكرت مصادر مطلعة في دمشق في يونيو الماضي أن المؤسسة العسكرية بدأت منذ 6 أشهر تنفيذ خطة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، بإشراف مباشر من الرئيس السوري بشار الأسد، القائد العام للقوات المسلحة. وتضمّنت الخطة سلسلة من القرارات والإجراءات لمكافحة الترهل الإداري، عبر دمج عدد من الإدارات، منها إحلال «الوقاية الكيميائية» محل «إدارة الكيمياء»، ودمج الأشغال العسكرية مع الإسكان العسكري، وإدارة النقل مع إدارة المركبات، وإدارة الحرب الإلكترونية بإدارة الإشارة، وغيرها.

تجدر الإشارة إلى أنه، وبعد 13 عاماً من بدء الأزمة السورية والحرب التي شهدتها، تعاني القوات المسلحة التي يُقدر إجمالي عدد أفرادها قبل عام 2011 بنحو 295 ألفاً، وقوات احتياط قوامها 314 ألفاً، من استنزاف مالي كبير ونقص بشري، عقب مقتل وفقد الآلاف من الجنود في العمليات الحربية، وإصابة الآلاف بإعاقات منعتهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، بالإضافة إلى آلاف صرفوا من أعمارهم أكثر من 7 سنوات في الخدمة العسكرية، الأمر الذي ترك أثراً بالغ الخطورة على المجتمع السوري، يتمثّل في فرار آلاف من الشباب السوري في سن الخدمة الإلزامية والاحتياط خارج البلاد، ما أفقد سوريا شريحة واسعة من قوة العمل الشابة، في ظل ظروف اقتصادية متردية.


مقالات ذات صلة

«الحرس الثوري»: جبهة المقاومة لا تعتمد على أحد ولم نفقد أذرعنا

شؤون إقليمية سلامي يلقي كلمة في مناسبة لقواته (إيرنا)

«الحرس الثوري»: جبهة المقاومة لا تعتمد على أحد ولم نفقد أذرعنا

حذر قائد «الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي «أعداء» بلاده من أن «الخطأ الأول سيكون خطأهم الأخير»، قائلاً إن «جبهة المقاومة لا تعتمد على أحد».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

السعودية ومصر تبحثان الوضع في سوريا

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

يستعد وفد إسلامي - مسيحي من «لقاء سيدة الجبل» للتوجه إلى دمشق للمشاركة في قداس بمطرانية الموارنة وزيارة الجامع الأموي.

بولا أسطيح (بيروت)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي يعلن «مقتل وإصابة» أكثر من 3000 جندي كوري شمالي في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن كييف ستدعم الجهود اللازمة لتحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)

السلطات العراقية تراقب محاولات لتسويق «داعش»

بعد أيام من رفع علم تنظيم «داعش» في إحدى قرى محافظة كركوك شمال بغداد، رصدت القوات الأمنية الاثنين في بغداد عبارات تمجد التنظيم الإرهابي.

حمزة مصطفى (بغداد)

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
TT

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

تتوالى زيارات خصوم الرئيس السوري السابق بشار الأسد اللبنانيين إلى دمشق بعد سنوات من المنع.

وبعد يوم من مبادرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الأحد، إلى زيارة سوريا، حيث التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع؛ يستعد وفد إسلامي - مسيحي من «لقاء سيدة الجبل»، لزيارة دمشق، يوم الجمعة، للمشاركة في قداس في مطرانية الموارنة وزيارة الجامع الأموي، من دون أن يتضمن جدول أعماله لقاء الشرع.

ويتحدث رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، عن «مجموعة أهداف للزيارة التي تحظى بمباركة البطريرك بشارة الراعي، وأبرزها تهنئة الشعب السوري على سقوط نظام الأسد ومعه جسر العبور بين طهران وبيروت».

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إنه سيجري تأكيد أننا «ننظر بعين الأمل لا القلق من المسار الجديد الذي دخلته المنطقة، وبروز اتجاه سياسي جديد في سوريا»، مضيفاً أن «الزيارة لن يتخللها لقاء مع الشرع أو تقديم أي مذكرة له بوصفه يمثل الدولة السورية، لأننا نرى أن هذا شأن سوري».

رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد (أرشيفية)

وتابع سعيد: «سنحضر قداساً يترأسه المطران سمير نصار، وستكون هناك زيارة للجامع الأموي، وغداء في الشام، قبل العودة إلى بيروت».

ويشير سعيد إلى أن الوفد سيسعى إلى تأكيد «التمسك بالعيش المشترك في زمن صعود الأصوليات يميناً ويساراً والتيارات المتشددة داخل الطوائف»، معتبراً أنه «يُفترض إعطاء فرصة للتجدد مع أملنا بقيام دولة عادلة سواء في لبنان أو في سوريا قادرة على حماية كل المواطنين والجماعات خصوصاً بعد سقوط مقولة إن أحزاباً تحمي الجماعات، مع سقوط الأسد و(حزب الله)».

موقف «القوات»

تأتي هذه الزيارة بعد مواقف أطلقها الشرع خلال لقاء جنبلاط، خصوصاً تأكيده أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادته، واستقلال قراره واستقراره الأمني».

وقد تركت هذه المواقف ارتياحاً لدى نواب وقوى سياسية. وقالت مصادر في «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط»: إنه «لا بد من التنويه بمواقف الشرع، وتحديداً قوله إن ما حصل أعاد إيران 40 سنة إلى الوراء؛ وبهذا نتقاطع استراتيجياً معه على مستوى المنطقة».

كما تحدثت المصادر في «القوات اللبنانية» عن أنه «فيما يتعلق بتأكيد الشرع أن سوريا الجديدة لن تكون كسوريا القديمة؛ فإنها أفضل للعلاقات بين الدولتين» لافتةً إلى أن «التخلص من نظام الأسد خطوة استراتيجية كبرى، كما أن إقفال طريق سوريا أمام إيران خطوة (فوق الاستراتيجية)».

وعن احتمال توجه وفد من «القوات» لزيارة سوريا، قالت المصادر: «الأمور مرهونة بأوقاتها، فالشرع يشكل راهناً فريق عمله، ونحن منهمكون في الاستحقاق الرئاسي».

التنسيق الرسمي

وفي الوقت الذي بدأ التنسيق الأمني اللبناني - السوري عبر جهاز الأمن العام قبل فترة، يبدو أن التنسيق الحكومي يتقدم هو الآخر.

وأعلن وزير الصحة في الحكومة السورية الانتقالية ماهر الشرع، الأسبوع الماضي، أن «التواصل بيننا وبين الدولة اللبنانية قائم من اليوم الأول»، كاشفاً عن لقاء قريب بينه وبين وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض. إلا أن الأبيض قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التواصل لم يحصل بعد» لكنه أبدى ترحيباً بالتعاون مع وزارة الصحة السورية لأن «الأمن الصحي (السوري - اللبناني) مشترك، وكثير من الهموم واحدة».