الإنزال الإسرائيلي في مصياف استهدف منشأة تصنيع صواريخ إيرانية

إيران تنفي استهداف أيٍّ من مستشاريها بالغارة... وواشنطن أُبلغت بها ولم تعترض

الإنزال الإسرائيلي في مصياف استهدف منشأة تصنيع صواريخ إيرانية
TT

الإنزال الإسرائيلي في مصياف استهدف منشأة تصنيع صواريخ إيرانية

الإنزال الإسرائيلي في مصياف استهدف منشأة تصنيع صواريخ إيرانية

نفت السفارة الإيرانية في دمشق استهداف «أيٍّ من المستشارين الإيرانيين» في الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة مصياف السورية في ريف حماه الغربي، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري، وأكدت في بيان لها، الجمعة، أن «الاعتداء لم يستهدف أيّاً من المستشارين الإيرانيين»، مؤكدة أن «الادعاءات الإسرائيلية عبارة عن أكاذيب».

وأضاف بيان السفارة أنه «بعد 11 شهراً من الإخفاقات، الكيان الصهيوني محبط لدرجة أنه لا يرى أي سبيل لإنقاذ نفسه سوى قتل الأطفال ونشر الأكاذيب».

بيان السفارة الإيرانية في دمشق جاء بعد أيام من الغارات الإسرائيلية على مركز البحوث العلمية وعدة مواقع عسكرية في منطقة مصياف، قالت وكالة «سانا» السورية الرسمية إنها أسفرت عن مقتل 18 شخصاً وإصابة نحو 37 آخرين، بينهم ستة أشخاص في حالة حرجة، بالإضافة إلى تضرر الطرق والبنية التحتية للمياه والكهرباء والهاتف، في حين أفادت تقارير إعلامية بتدمير منشأة سرية لإنتاج الصواريخ تابعة لـ«حزب الله» بالقرب من الحدود اللبنانية.

«إكسيوس»: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة

وقال موقع «إكسيوس» الأميركي إن «إسرائيل أطلعت إدارة بايدن على تفاصيل العملية العسكرية في مصياف بسوريا، وهي لم تعارض توجيه هكذا ضربة». وأشار الموقع إلى أن «إيران شيدت منشأة إنتاج الصواريخ تحت الأرض في مصياف بسوريا عام 2018، كي تكون منيعة ضد ضربات إسرائيل».

وما زال الوجوم يخيم على ريف حماه الغربي بعد مرور خمسة أيام على الضربات الإسرائيلية، نظراً للخسائر البشرية الكبيرة ولحجم الدمار والأضرار التي ألحقتها في البنية التحتية من شبكات مياه وكهرباء واتصالات. وقالت مصادر محلية إن حالة من الاحتقان تسود المنطقة لشعور أهلها بأنهم «ضحايا معارك لا علاقة لهم بها». وبحسب المصادر، عززت الضربة شعور الأهالي الذين يعانون منذ سنوات من الفقر وتردي الواقع الخدمي بـ«القهر» و«القلق»، وسط تساؤلات عن سماعهم أصوات المروحيات الإسرائيلية في أجواء المنطقة لمدة تزيد عن الساعة، من دون أن تتصدى لها القوات المنتشرة في المنطقة.

وبثت صفحات إعلامية محلية، الجمعة، صوراً لشباب متطوعين من مصياف قالوا إنهم يقومون بإزالة الأنقاض من المواقع التي تعرضت لضربات في الهجوم الإسرائيلي، وهو الأعنف منذ أشهر.

رواية «المرصد السوري»

«المرصد السوري لحقوق الإنسان» نقل عن 7 مصادر موثوقة من مدنيين وعسكريين شاركوا في التصدي للإنزال الجوي الإسرائيلي، معلومات تكشف أن عملية الإنزال التي نفذتها إسرائيل «دقيقة للغاية ومركبة»، وتم فيها استهداف موقع «حير عباس» بشكل أساسي، وهو مصنع مخصص لتصنيع وتطوير الصواريخ الدقيقة متوسطة المدى، أنشأته وتشرف عليه ميليشيا «الحرس الثوري» الإيراني.

وأضاف «المرصد» أن خمس مروحيات شاركت في العملية، وحلقت على علوٍّ منخفض، وكانت إحداها تحمل في مقدمتها «بروجكتر» بإضاءة عالية جداً، شوهد ضوؤه بوضوح في الأجواء من قبل الأهالي، كما شارك فيها عدد من الطائرات المسيّرة التي تمكنت الدفاعات الجوية التابعة للقوات الحكومية السورية من إسقاط إحداها في منطقة بانياس الساحلية، بالإضافة لمشاركة الطائرات الحربية.

ووفق معلومات «المرصد»، سبق الإنزال الجوي تنفيذ سلسلة من الضربات الجوية المكثفة التي استهدفت مواقع حيوية في المنطقة. واعتمدت القوات الإسرائيلية على التشويش الكامل على الدفاعات الجوية في المنطقة، ما سهّل عملية الإنزال التي نُفذت بواسطة مروحيات تحمل نحو 100 جندي من القوات الخاصة الإسرائيلية. كما أشار «المرصد» إلى نشوب اشتباكات عنيفة على الأرض لأكثر من ثلاث ساعات، حيث كانت الأصوات مسموعة بوضوح في محيط المنطقة.

وأضاف «المرصد» أن القوات المهاجمة تمكنت من اقتحام المصنع وتفجيره، من دون تأكيد ما إذا كانت القوات المهاجمة قد تمكنت من سحب وثائق مهمة من داخل موقع «حير عباس»؛ كون الموقع أُغلق وحوصر بشكل كامل من قبل الإسرائيليين قبل تفجيره، مع نفي عملية أسر عناصر إيرانية.

27 قتيلاً

واستهدفت إسرائيل مقر المخابرات العسكرية وعدة نقاط أخرى كانت مخصصة لحماية المصنع، بالإضافة إلى المركبات والآليات التي تحركت بالقرب منه، بما في ذلك الدراجات النارية، كما قطعت الطائرات المسيّرة الطريق المؤدي إليه بالكامل، حيث حاولت جرافة إعادة فتح الطريق بعد الضربة الأولى، لكن تم استهدافها، ما أدى إلى تدميرها بالكامل ومقتل سائقها، الذي بقيت جثته متفحمة في مكانها حتى صباح اليوم التالي.

وبحسب «المرصد»، قُتل نحو 27 شخصاً، بينهم ستة مدنيين وأربعة من قوات النظام، وأربعة عشر شخصاً من السوريين العاملين مع الميليشيات الموالية لإيران، بينهم خمسة عناصر من «حزب الله» السوري، بالإضافة إلى ثلاثة أشخاص مجهولي الهوية. وتحولت بعض جثث القتلى إلى أشلاء وأخرى تفحمت، كما أُصيب خلال الغارات ما لا يقل عن 32 آخرين بجروح متفاوتة.

ونقل تقرير «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين وغربيين آخرين، أن عملية الإنزال نفذتها قوات خاصة إسرائيلية هبطت من المروحيات، واستخدمت قوات برية في الهجوم، ليتم أخذ مواد من منشأة الصواريخ السرية.

وشملت العملية غارات جوية على مركز الدراسات والبحوث العلمية في منطقة مصياف، مع الإشارة إلى أن أحداً لم يصب في صفوف الإسرائيليين المشاركين في العملية.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن إسرائيل أبلغت كبار المسؤولين الأميركيين قبل تنفيذ العملية، في حين كشف موقع «إكسيوس» في وقت سابق عن قيام وحدة النخبة في القوات الإسرائيلية بغارة غير عادية في سوريا دمرت خلالها مصنعاً للصواريخ الدقيقة تحت الأرض، تابعاً لإيران، وفقاً لثلاثة مصادر مطلعة على العملية.

وسبق أن تعرض مركز البحوث العلمية لعدة ضربات في الفترة الماضية، بعد تقارير تفيد بتحوله منذ عام 2018 إلى منشأة لتطوير صواريخ لـ«حزب الله» اللبناني تحت إشراف «الحرس الثوري» الإيراني.


مقالات ذات صلة

حملة واسعة لمنع تعليم أولاد السوريين النازحين غير الشرعيين في لبنان

المشرق العربي تلامذة في إحدى المدارس اللبنانية (المركزية)

حملة واسعة لمنع تعليم أولاد السوريين النازحين غير الشرعيين في لبنان

شنّ «التيار الوطني الحر» حملة واسعة ضد الحكومة اللبنانية؛ لسماحها بتسجيل أولاد السوريين النازحين غير الشرعيين، وانضم إلى الحملة حزب القوات اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء السوري الجديد محمد غازي الجلالي (الإخبارية السورية)

محمد غازي الجلالي أول رئيس للحكومة السورية من الجولان المحتل

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، السبت، مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الحكومة الجديدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من قوات الجيش السوري (أرشيفية - رويترز)

دمشق: عقود تطوّع بحوافز مالية كبيرة ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش

أعلنت وزارة الدفاع السورية خطة حكومية لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتحويل «الجيش العربي السوري» إلى جيش «احترافي» يعتمد على المتطوعين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي استهداف مسيّرة إسرائيلية سيارةً في القنيطرة العام الماضي (المرصد السوري)

تسريبات هجوم إسرائيل على مصياف: كوماندوز جوي وخطف إيرانيين

كشفت التسريبات حول هجوم إسرائيل على منشأة تصنيع أسلحة إيرانية وسط سوريا، عن هبوط قوات الكوماندوز من مروحيات استولت على معدات ووثائق وقبضت على إيرانيين.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب)
شؤون إقليمية سوريون يتفقدون الدمار في موقع الغارات الإسرائيلية التي شنّتها ليلاً على مشارف مصياف في محافظة حماة بوسط سوريا (أ.ف.ب)

تقرير: قوات إسرائيلية داهمت منشأة صواريخ إيرانية في حماة واستولت على وثائق

كشفت المحللة الإسرائيلية لشؤون الشرق الأوسط إيفا كولوريوتيس، عن أن مصادر أمنية أبلغتها أن إسرائيل نفذت عملية خاصة في سوريا الخميس الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

السوداني: الحكومة العراقية تتعرض إلى التشويه والعرقلة

السوداني اتهم جهات سياسية بعرقلة عمل الحكومة العراقية (إعلام حكومي)
السوداني اتهم جهات سياسية بعرقلة عمل الحكومة العراقية (إعلام حكومي)
TT

السوداني: الحكومة العراقية تتعرض إلى التشويه والعرقلة

السوداني اتهم جهات سياسية بعرقلة عمل الحكومة العراقية (إعلام حكومي)
السوداني اتهم جهات سياسية بعرقلة عمل الحكومة العراقية (إعلام حكومي)

في أول رد ضمني على التهم الموجهة ضد عدد من موظفي مكتبه، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن حكومته تتعرض لمحاولات «تشويه وعرقلة».

وجاءت تصريحات السوداني خلال كلمة ألقاها بمناسبة «المولد النبوي»، شدد فيها على ضرورة «التسلح بالسُّنة النبوية لدفع المخاطر عن العراق، ومواجهة السلوكيات المشبوهة».

ورغم أن السوداني لم يتوقف طويلاً عند القضية التي باتت تُعْرف سياسياً بـ«شبكة التنصت»، فإنه أكد أن «الحكومة تحترم مبدأ المواطنة، وتقديم المصلحة العامة في قيادة شؤون الدولة».

وقال السوداني: «وضعنا برنامجاً حكومياً لامس الهموم الحقيقية للمواطنين، واتخذ طريقاً واضحاً في البناء والإصلاح في جميع مفاصل الدولة».

وفي سياق دفاعه عن مجريات عمل الحكومة ومنهاجها الوزاري، قال: «حققنا نسب نجاح واضحة ظهر أثرها في جميع القطاعات رغم محاولات التشويه والعرقلة للجهود الحكومية التي لن نلتفت لها، ونؤكد المضي قدماً بقوة وثبات».

ودعا السوداني رجال الدين إلى «تعضيد عمل الحكومة وإسنادها عبر النقد البنَّاء، والتقويم الإيجابي، والتشجيع والدعم في حال حُسن الأداء».

ورأى مراقبون عراقيون أن كلام السوداني رسالة مبطنة أخرى إلى جهات سياسية داخل قوى الإطار التنسيقي رفعت كثيراً من سقف المواجهة مع الحكومة.

وشدد قادة في «الإطار التنسيقي» الخناق على رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، على خلفية اعترافات في ملف «التنصت»، وكشفت مصادر موثوق بها، لـ«الشرق الأوسط»، الأسبوع الماضي، أن التحالف الحاكم يخوض الآن معركة «لكسر العظام» قد تفتح الباب لتغييرات عاصفة.

وخلال الأسابيع الماضية، تداول الإعلام المحلي قصصاً لا حصر لها عن «التنصت والتجسس»، على لسان نواب وسياسيين.

ومن الصعب التحقق من هذه المزاعم، كما أن الجهات الرسمية المعنية لم تقدم أي أدلة، لا سيما أن «التنصت» يتطلب تقنيات غير متاحة إلا في نطاق محدود، وفي أيدي أجهزة أمنية.

السوداني خلال احتفال الوقف السُّني العراقي بالمولد النبوي في بغداد (إعلام حكومي)

إجراءات القضاء

إضافة إلى ذلك، عقد السوداني اجتماعاً مع رئيس تيار «الحكمة»، عمار الحكيم، أحد أقطاب «الإطار التنسيقي» لبحث التطورات السياسية.

وقال بيان صادر عن مكتب الحكيم، إن الأخير بحث مع رئيس الحكومة «كل الإجراءات المتعلقة بمكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واسترجاع الأموال»، وشددا على «احترام القضاء واحترام مخرجاته بوصفه حجر الزاوية في المعادلة العراقية».

ومن جانبه، جدد زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي التأكيد على التعاون بين القوى السياسية «لمنع أي انهيار قد يتعرض له العراق»، على حد تعبيره.

وأكد المالكي أن «تضافر جهود جميع السلطات يسهم في استقرار العراق، وتعزيز مبدأ الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة».

وأضاف المالكي: «غالبية الدول والحكومات تتعرض إلى أزمات، ولا توجد دولة في العالم لم تمر بأزمات متنوعة»، وتابع: «الحكومة هي المتصدي الأول لحل الأزمات، لكنها لا تستطيع مواجهة الأزمات العاصفة وحدها».

وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت في وقت سابق شروط المالكي على السوداني مقابل عدم تقديم استقالته، وتضمنت «رفع يد رئيس الحكومة عن جهاز المخابرات، وتسليمه إلى (الإطار التنسيقي)، وتطهير المؤسسات الحكومية من أفراد قبيلة السوداني، وإعادة هيكلة مكتب رئيس الوزراء، والتعهد بعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، وحل حزب (تيار الفراتين) الذي يتزعمه السوداني».