أحزمة نارية إسرائيلية في عمق جنوب لبنان تحت سقف الحرب الواسعةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5060632-%D8%A3%D8%AD%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%85%D9%82-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%B3%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B9%D8%A9
أحزمة نارية إسرائيلية في عمق جنوب لبنان تحت سقف الحرب الواسعة
جنود إسرائيليون يتفقدون الأضرار الناتجة عن صواريخ «حزب الله» في الشمال (رويترز)
وسّع الجيش الإسرائيلي أحزمته النارية إلى مجرى نهر الليطاني، الذي تكرر استهدافه على مدى أيام، نفذت خلاله الطائرات ضربات عنيفة استهدفت وديان فرون والغندورية وصريفا وزوطر المحاذية لمحمية وادي الحجير، فيما بدا أنه قصف تمهيدي لأي عملية عسكرية محتملة في الداخل اللبناني.
والضربات العنيفة التي تركزت في منطقة واحدة، استهدفت مواقع غير مأهولة تبعد مسافة تتراوح بين 10 و12 كيلومتراً عن أقرب منطقة حدودية، وتقع في الخط الحدودي الثاني إلى العمق في لبنان، وتعد ممراً حيوياً للعبور باتجاه القرى الحدودية الواقعة على الخط الحدودي المباشر مع شمال إسرائيل.
وادي الحجير
ويُنظر إلى المنطقة على أنها نقطة استراتيجية لإطلاق الصواريخ الثقيلة باتجاه أهداف إسرائيلية، وكانت في «حرب تموز» 2006 تعرضت لضربات عنيفة، ونفذ فيها الجيش الإسرائيلي إنزالاً عسكرياً، كما حاولت الدبابات التوغل فيها، قبل أن تتعرض لمقاومة بالصواريخ الموجهة، وعُرفت فيما بعد بمعركة الدبابات في وادي الحجير.
وتقول مصادر ميدانية إن المنطقة التي تعرضت لاستهداف، مكسوّة بغطاء نباتي كبير، وتبعد عن المنازل والمناطق المأهولة بالحد الأدنى 4 كيلومترات، لكن القصف المتكرر «أحدث دويّاً هائلاً»، وقالت إن هذه الغارات «هي الأعنف ولم يسبق أن سمعنا دويّاً مشابهاً منذ بدء الحرب».
وقالت المصادر إن وتيرة القصف «تعد سابقة منذ بدء الحرب بالنظر إلى أن الغارات السابقة كانت تُنفَّذ بالطائرات المسيّرة، أو بالقصف المدفعي، أو بغارات جوية متقطعة في محيط المنطقة». وأضافت أن القرى في محيط الوادي «باتت مكتظة بالسكان والنازحين الذين فروا من القرى الحدودية إليها بعد اندلاع الحرب».
أعنف الهجمات في العمق
ويعد الهجوم الأخير الذي بدأ في 5 سبتمبر (أيلول) الحالي، وتكرر في 6 و7 و8 منه على إيقاع نشاط تجسسي لم يتوقف حتى يوم الثلاثاء بتحليق مكثف للطائرات المسيّرة الإسرائيلية، أعنف هجوم ينفذه سلاح الجو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية منذ الهجوم الاستباقي الذي نفذه الجيش الإسرائيلي لإحباط رد «حزب الله» على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت أواخر يوليو (تموز) الفائت.
ويتقاطع هذا التصعيد مع تهديدات إسرائيلية، جاء أبرزها من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي الذي قال إن الجيش «على أهبة الاستعداد ولديه خطط عملياتية جاهزة»، كما يتزامن مع زيارة قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي (CENTCOM) الجنرال مايكل إريك كوريلا إلى شمال إسرائيل حيث طُرحت عليه الخطط العملياتية للجيش الإسرائيلي في لبنان.
مناورات عملياتية
ورغم هذه المؤشرات، لا يرى رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات» الدكتور هشام جابر، أن ما يجري تمهيد ناري لعمل عسكري واسع، كما يستبعد أي ضربة استباقية. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الضربات في المفهوم العسكري «طبيعية في ظل التوتر الآخذ بالتنامي»، وتندرج ضمن إطار «المناورات العملياتية».
ويقول جابر، وهو جنرال متقاعد من الجيش اللبناني: «أعتقد أن التصعيد الجاري لا يزال تحت سقف الحرب الواسعة، ولن يخرقه بفعل الضغوط الأميركية، في وقت يبدو نتنياهو مأزوماً في كل الساحات، حيث يشعلها كلما خمدت أخرى في غزة والضفة وسوريا ولبنان، وهو يريد أن يبقى في حالة حرب ليطيل أمد وجوده في الحكم». ويشير إلى أن الجانب الإسرائيلي «يضرب الأهداف حيث وُجدت، لكن ضمن قواعد اللعبة».
عشرات الغارات في أسبوع
وتصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي في الخط الثاني من الحدود. ففي الأسبوع الأول من سبتمبر، تم استهداف نحو 50 مبنى عسكرياً وبنية تحتية ومستودع أسلحة، وتم تدمير عشرات المنصات لإطلاق القذائف التي كانت موجهة نحو منطقة شمال إسرائيل، حسبما أفاد الجيش الإسرائيلي.
وفي 5 سبتمبر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف أكثر من 10 من البنى التحتية العسكرية ومنصات إطلاق تابعة لـ«حزب الله» في بلدات زوطر والجبين، في حين أفادت وسائل إعلام محلية بغارات جوية استهدفت أطراف بلدتَي صديقين وكفرا.
وكانت ليلة 6 سبتمبر الأعنف من حيث عدد الغارات، وأفيد بسلسلة غارات على وادٍ يقع ما بين بلدتَي فرون وصريفا، واستهدفت المساحات الحرجية بين البلدتين، كما أفيد بان أصوات الانفجارات القوية التي سُمعت ناجمة عن استخدام إسرائيل صواريخ ارتجاجية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف أكثر من 15 منصة صاروخية وبنية عسكرية لـ«حزب الله» في جنوب لبنان، قائلاً إن «عدة منصات كانت جاهزة لإطلاق فوري نحو الأراضي الإسرائيلية». وتزامن مع قصف آخر استهدف مناطق حدودية، وتلا تلك الضربات إطلاق صواريخ باتجاه الجليل الأعلى.
وفي المنطقة نفسها، أغارت طائرات حربية في منطقة قبريخا على منصة صاروخية تابعة للحزب، حسبما أفاد الجيش الإسرائيلي، كما استهدف في فرون عناصر من الدفاع المدني كانوا يقومون بإطفاء الحرائق، مما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم في بلدة فرون.
وفي 8 سبتمبر، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي بـ3 صواريخ استهدفت منزلاً في منطقة الدبشة في بلدة خربة سلم لجهة بلدة السلطانية، وأفيد بإصابة عدد من المدنيين بجروح طفيفة من القاطنين في محيط المنزل المستهدف.
جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمانhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5084403-%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86
الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)
يتعامل الأردن مع تحديات أمنية وسياسية خطِرة على حدوده الشمالية مع سوريا، والشرقية مع العراق، والغربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ومع التحدّي الأخير يتعامل الأردن بحذر شديد مع مخطّطات الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب، ودعوات تهجير الفلسطينيين التي عدّتها عمّان «إعلان حرب عليها»، لتتعاظم هواجس داخلية تفرض نفسها على صنّاع القرار بقوة.
ومع بدء الدورة الأولى من عمر مجلس النواب العشرين الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل وجود كتلة معارضة «حرجة» تملك 31 مقعداً قابلة للزيادة تمثلها كتلة «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخّصة في البلاد.
قياس شرعية الانتخابات
بدأت القصة الجديدة بين السلطة الأردنية والحركة الإسلامية من قياس «شرعية» الانتخابات الأخيرة، بعد مشاركة نواب الحركة حصولهم على قرابة نصف مليون صوت على مستوى البلاد كافة، من أصل نحو مليون و600 ألف مقترع شاركوا في الانتخابات، إلى جانب حصدهم أيضاً مقاعد مُخصّصة للمرأة والشركس والشيشان في عدد من الدوائر المحلية، على مستوى المحافظات.
وباعتراف الحزب المعارض بنزاهة الانتخابات، تكون المعايير التي سعى الإسلاميون إلى تكريسها مرتبطة فقط بعدد المقاعد التي يحصلون عليها، مستندين إلى سيطرتهم على وعي الرأي العام، من خلال امتلاكهم منابر دينية وإعلامية غير متوافرة لخصومهم.
كانت ثمة تحذيرات جاءت على ألسنة شخصيات سياسية وازنة وخبرات قانونية، من أن قانون الانتخاب الذي توافقت عليه لجنة ملكية، ومنح صوتين للناخب أحدهما لدائرته المحلية والآخر للدائرة العامة المخصصة مقاعدها الـ41 للأحزاب، أبرزها أن الصوت الثاني سيكون «صوتاً مجانياً» مُعطىً لمرشحي الحركة الإسلامية، لكن هذه التحذيرات قوبلت بالسخرية.
كان «عرّابو» القانون يسخرون من التحذيرات، وسط ثقة مُفرطة بأنفسهم، بينما سعى «طباخو» القانون إلى تشكيل أحزاب سياسية قيل إنها ستنافس الحركة الإسلامية، بل ستقلّص عدد مقاعدهم. لكن الحقيقة جاءت بعكس توقعات استطلاعات الرأي السرّية، بل إن تلك التوقعات جاءت بمبالغات لا صلة لها بالواقع.
استناداً إلى ما سبق، ونتيجة لمراجعات مراكز قرار و«جرد الحسابات»، أُقيل ضباط كبار في جهاز الاستخبارات العامة، وسياسياً أعيد تموضُع شخصيات في مواقع متقدمة في الديوان الملكي، وتحييد آخرين، مع إلزام الحكومة الجديدة بتدوير الزوايا الاقتصادية الحادة في موازنة العام المقبل، واختصار تصريحاتها بالشأن السياسي. ومن المتوقع أن تطال التغييرات مواقع متقدِّمة، أمنية وسياسية قبل نهاية العام.
وحسب مخضرمين سياسيين، كان من السهل الطعن بدستورية قانون الانتخاب النافذ، خصوصاً في ظل التعارض الواضح في نصوص احتساب درجة الحسم (العتبة) التي جاءت نتيجتها بمضاعفة عدد مقاعد الحركة الإسلامية على الأقل.
وقد استند هؤلاء إلى نصّين متعارضين في حسابات الفوز والخسارة في الانتخابات، ثم إنه رغم التحذيرات أدّى الإصرار على الخطأ لنتائج غير متوقعة، وسقوط استطلاعات الرأي المسكوت عنها، والتي «أُجريت بطرق غير علمية»، كما وصفها مطّلعون تحدثت معهم «الشرق الأوسط».
خطاب العرش... بين السطور
في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي انطلقت أعمال الدورة العادية من عُمر مجلس النواب العشرين، بعد إلقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خطاب العرش. وحمل الخطاب بين سطوره «مفاتيح» لسياسة الأردن، في ظل تحوّلات كبيرة، لعل أهمها إدارة العلاقات الأردنية مع الحليف الأميركي بعد فوز دونالد ترمب بفترة رئاسية جديدة، والمفاجآت التي قد تحملها سياساته، عطفاً على سياساته وقراراته في دورته السابقة، ومدى الحرج الذي قد يتسبّب به الرجل في لقاءاته الرسمية وتصرفاته الشخصية.
لم يأخذ الكلام الملكي المساحة اللازمة من التحليل وقراءة ما بين السطور، واكتفى المحللون بإبراز فقرات من الخطاب تتعلق بالشأن الداخلي، إثر قول الملك إن مستقبل بلاده «لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبّي مصالحه أو تخرج عن مبادئه»، واصفاً الأردن بـ«الدولة الراسخة الهوية، التي لا تغامر في مستقبلها».
ولم يتطرّق المحلّلون إلى سقوط عبارة «حل الدولتين» من الخطاب والاكتفاء بالإشارة إلى «السلام العادل والمشرّف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي عن الأشقاء الفلسطينيين»، مع تمسّك الأردن بأولوية إعادة «كامل الحقوق لأصحابها ومنح الأمن للجميع، رغم كل العقبات وتطرّف الذين لا يؤمنون بالسلام».
قراءة في سلوك «الإسلاميين»
بعد الرسائل الملكية تلك، دخل النواب في منافسة محمومة على مقاعد الرئاسة وانتخاب أعضاء المكتب الدائم للمجلس. وجاءت النتيجة حاسمة لصالح الرئيس الأسبق أحمد الصفدي الذي نافسه النائب صالح العرموطي (الإسلامي)، الآتي محمولاً على أكتاف أعلى الأصوات على مستوى الدوائر المحلية.
أراد «الإسلاميون» في المجلس إيصال «مظلوميتهم» إلى الشارع، فبعد إعلان خمس كتل حزبية تحالفها في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، كانت منافسة كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي» غير مُجدية؛ نظراً لقرارهم بعزل أنفسهم عن أي تحالفات حتى مع المستقلين من أعضاء المجلس، ولم ينجحوا إلا في استقطاب 6 نواب من خارج كتلتهم (الـ31 نائباً)، على الرغم من وجود 23 نائباً مستقلاً، مع توزّع 115 من النواب على 12 حزباً فازوا بمقاعد بعد تجاوز درجة الحسم في الانتخابات النيابية الأخيرة.
هؤلاء، بالإضافة إلى حزب «جبهة العمل الإسلامي»، جاؤوا على التوالي: حزب «الميثاق»، و«إرادة»، و«الوطني الإسلامي»، و«تقدّم»، و«الاتحاد»، و«الأرض المباركة»، وحزب «عزم»، وحزب «العمل»، وحزب «العمال»، و«المدني الديمقراطي»، وحزب «نماء».
ويُدرك الإسلاميون صعوبة التحالف، وكانوا قد ضيّعوا فرصة قدّمها قبل انتخابات الرئاسة وقتها المرشح الصفدي؛ إذ ضمن لهم مقعدين في المكتب الدائم هما مقعد النائب الثاني للرئيس، وأحد مقعدي المساعدين للرئيس، ورئاسة بعض اللجان. غير أنهم آثروا الانعزال ورفض التفاوض، فكانت فكرتهم المركزية - كما وصفها مقربون منهم في حوارات مع «الشرق الأوسط» - أنهم يريدون «إيصال رسائل» تُفيد بتعرّضهم لحصار ومحاربة من قبل الأحزاب الرسمية، وبذلك يحصدون المزيد من الشعبية أمام الشارع الأردني، وهذا ما حصل فعلاً.
وبالفعل، تابع الإسلاميون خطتهم في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، وسعوا للترشح عن مقعدي النائب الأول والثاني للرئيس. وبعد استعراضات تحت القبة، انسحب مرشحو الحركة في رسالة أرادوا منها التذكير بقدرتهم على المشاغبة في مواجهة توزيع المواقع القيادية في المجلس.
إلا أن ما استقرت عليه خطة المواجهة معهم تحت القبة سيحرمهم أيضاً فرص الفوز برئاسة اللجان النيابية الدائمة، وعلى رأس هذه اللجان: المالية، فلسطين، التوجيه الوطني، الاقتصاد والاستثمار، الشؤون الخارجية، والحريات العامة، وفق مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
مواجهة مرتقبة
يُدرك صنّاع القرار في الأردن اليوم مدى خطورة وجود كتلة «حرجة» بحجم كتلة «جبهة العمل الإسلامي» تحت قبة المجلس، لا سيما أنه عُرف عنهم التزامهم في حضور الجلسات التشريعية، وبراعتهم في اختيار مداخلاتهم في الجلسات الرقابية، في ظل احتكارهم لعبة النصاب في التصويت على قرارات المجلس.
ثم إن للإسلاميين صدقيتهم في الإعلام المحلي، وهم الذين استخدموا التواصل الاجتماعي بفاعلية في إيصال صوتهم. ولذا فهم يستخدمون لعبة شحن الشارع بمظلوميتهم وكشفهم عن خفايا التصويت على القرارات في المجلس.
وبرأي متابعين، فإن الحصيلة الشعبية لحزب «جبهة العمل الإسلامي» قابلة للارتفاع في ظل ضعف حجة من يواجههم في العمل العام.
لكن ما غاب عن حسابات المطبخ السياسي لـ«جبهة العمل الإسلامي» (وحاضنته الأم جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة)، أنهم قد يكونون الأداة الأهم في التحذير من مخاطر أمن واستقرار المملكة في ظل استمرار نشاطهم السياسي الذي يعرف استخدام الشارع وعاطفته في الاشتباك مع مؤسسات الدولة؛ إذ بمجرد وجود الإسلاميين في المجالس المنتخبة سيوزّع رسائل إلى عدة جهات، أهمّها تحكم اليمين الإسلامي في دولة عُرفت بالاعتدال... وهذا قد يقلب الطاولة على أحلام الحركة في السيطرة والسلطة.
بداية مُقلقة لعلاقة متوترة
أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية حزمة استحقاقات صعبة. وستكون البداية بـ«حفلة» البيان الوزاري وبدء «ماراثون» مناقشة النواب لمضامينه، وهنا سيستغل نواب الحركة الإسلامية المنبر البرلماني لشن هجمات على الحكومة، وتشويه صورتها، منتصرين بذلك أمام الشارع بعد حجبهم الثقة.
وبعد طيّ صفحة الثقة المضمونة للحكومة، سيدخل استحقاق مشروع قانون الموازنة والوحدات المستقلة لسنة 2025. وتكراراً سيصعد نواب الحركة إلى المنبر ليضاعفوا حصّتهم في الشارع، ولن تنتهي الدورة البرلمانية العادية قبل أن يكون لـ«جبهة العمل الإسلامي» الحصّة الأكبر من معركة الرأي العام.
في المقابل، ما يمكن أن تشهده الدورة الحالية في ملف ساخن قد يعيد المشهد لما قبل عام 2011، هو القرار المُرتقب في حل نقابة المعلمين مطلع ربيع العام المقبل. هذا الملف قد يعيد «تسخين» المشهد المحلي على «صفيح» قضية المعلمين وعودتهم إلى الحراك. وللعلم، كان آخر نقيب للمعلمين قبل قرار قضائي جمّد أعمال النقابة وأغلق أبوابها، نائب جاء عن قائمة الحزب الإخواني التي ترشحت على مقاعد الدائرة الحزبية العامة.
نقاط ضعف الحكومة وقوتها
مرتكز القوة لحكومة جعفر حسّان التي أقسمت اليمين مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو شخصية رئيسها. فحسّان يتمتع بصفات الاستقامة والنزاهة، ورفض الاستجابة للضغوط من مختلف القوى والجهات، وقدرته على العمل تحت الضغط بعيداً عن الأضواء. لكن إذا كانت هذه الصفات تصلح لمهمة من نوع إدارة مكتب الملك الخاص، فإنها قد لا تكون مطلوبة تماماً في شخصية رئيس الحكومة.
وحسّان أدار مكتب الملك في حقبتين مختلفتين، وفي عودته للمرة الثانية خلال السنوات الخمس الماضية استطاع الرجل الانفتاح على الآراء، مستفيداً من تنوع ناصحيه ومحبيه، إلا أن مزايا الرئيس نفسه لا تنسحب بالضرورة على بقية فريقه الحكومي؛ إذ بين اختياراته الوزارية مَن قد يدخل الحكومة كاملة في أزمات متعددة.
وأيضاً، بين وزراء حسّان أشخاص لم يسبق لهم تجربة العمل العام، ناهيك بأن ضمن فريقه طامحين في موقع حسّان نفسه، وبينهم من سبق له العمل البرلماني، بل عُرف عن هؤلاء قدرتهم على استفزاز مجالس النواب ومحاولة التذاكي على التشريعات، قبل كشف الأخطاء التي ارتكبت، ومنها أخطاء قانوني الانتخاب والأحزاب.
في هذا السياق، يحقّ عُرفاً لرئيس الوزراء إجراء أول تعديل وزاري على فريقه الحكومي مباشرةً بعد نيل الحكومة الثقة من مجلس النواب، مع توفير مظلة مشاورات «شكلية» لصالح فرص توزير شخصيات من أحزاب لها أذرع نيابية في المجلس الذي بدأت أعماله رسمياً منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.