إسرائيل تهدد بـ«تقويض السلطة الفلسطينية»

استعداداً لمواجهة تحركات رام الله في «الأمم المتحدة»

الرئيس الفلسطيني متوسطاً رئيس وأعضاء الحكومة الفلسطينية (رويترز)
الرئيس الفلسطيني متوسطاً رئيس وأعضاء الحكومة الفلسطينية (رويترز)
TT
20

إسرائيل تهدد بـ«تقويض السلطة الفلسطينية»

الرئيس الفلسطيني متوسطاً رئيس وأعضاء الحكومة الفلسطينية (رويترز)
الرئيس الفلسطيني متوسطاً رئيس وأعضاء الحكومة الفلسطينية (رويترز)

بعد أن فشلت الحكومة الإسرائيلية في ثنْي دول العالم عن التجاوب مع النشاطات الدبلوماسية الفلسطينية والعربية، قررت اللجوء إلى التهديد، إذ قام مسؤولون في الحكومة بتسريب معلومات عن خطة وضعتها وزارة الخارجية، بالتعاون مع ديوان رئاسة الوزراء، تتضمن سلسلة إجراءات عقابية قاسية مِن شأنها أن تُقوّض السلطة وتساعد في انهيارها.

وقالت المصادر، وفقاً لعدة وسائل إعلام عبرية، يوم الخميس، إنه «في مداولات مكثفة أُجريت في الكابينت (المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة)، وفي وزارة الخارجية وفي محافل أخرى، أُعدّت خطط عمل تتضمن خطوات تدريجية، وصولاً إلى توجيه الضربة القاضية للسلطة، حتى تحطيمها».

وأوضحت المصادر أن مِن بين هذه الخطط: منع تحويل الأموال (التي تجبيها إسرائيل من الضرائب والجمارك الفلسطينية وتتسلم عليها عمولة)، وأيضاً قطع التنسيق الأمني (الذي يعني التحكم الإسرائيلي بمصائر الفلسطينيين المرضى الذين يحتاجون للعلاج في الخارج، والطلبة الذين يدرسون في الجامعات الأجنبية، والمدرسين الذين يدرّسون في جامعات بالخارج، ومسؤولي السلطة الذين يغادرون لغايات العمل الدبلوماسي) وغيرهما.

أرشيفية للرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
أرشيفية للرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

ضغوط غربية

وباشرت دول غربية، في مقدمتها الولايات المتحدة، ممارسة ضغوط شديدة على الرئاسة الفلسطينية، وعلى مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، للتخفيف من حجم مشروع القرار، وتخفيف لغته القوية والواضحة والصريحة، كي يتمكن عدد من الدول من التصويت لصالح مشروع القرار. من جانبه، عَدَّ داني دانون، مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، المطالب الفلسطينية «إرهاباً دبلوماسياً»، وقال إن «تعاون الأمم المتحدة معها سيكون الدرك الأسفل أخلاقياً».

وذكرت مصادر سياسية في تل أبيب أن مشاورات سياسية محمومة على أعلى المستويات، تجري في إسرائيل لمواجهة هذه الخطوات. ووجّه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس تعليماته لطاقم وزارته لإعداد خطوات متدرجة ضد السلطة الفلسطينية، محذّراً بأنه إذا جرى تنفيذ كل هذه التهديدات في «الأمم المتحدة»، خلافاً لما تقرَّر في اتفاقات أوسلو، فلن تتردد إسرائيل في السير حتى النهاية، على حد قول مصادر سياسية نقلتها وسائل إعلام عبرية.

وأكدت المصادر أن وزارة الخارجية تستعدّ لضرب السلطة الفلسطينية، من خلال وقف تحويل الأموال، وقطع التعاون الأمني، وشطب اتفاقات أوسلو، وإغلاق المكاتب الدبلوماسية الأجنبية التي تعمل في نطاق السلطة الفلسطينية.

الحكومة الفلسطينية في اجتماع للفريق الوطني للتنمية الاقتصادية (وفا)
الحكومة الفلسطينية في اجتماع للفريق الوطني للتنمية الاقتصادية (وفا)

خطوات في الأمم المتحدة

وذكرت صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، في عدد الخميس، أنه «يجري الاستعداد في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية، التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، التي سيبدأ بحثها، يوم الأربعاء المقبل، خلال الدورة الحالية للجمعية العامة.

والخطوات، التي يطرحها الفلسطينيون على الجمعية العامة ومؤسساتها المختلفة، تتمثل في الترحيب بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الصادر في 19 يوليو (تموز) 2024، بشأن العواقب القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأرضي الفلسطينية المحتلّة، بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية استمرار وجود إسرائيل في هذه الأراضي، مطالِبة تل أبيب بإنهاء وجودها غير القانوني في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ اعتماد القرار.

كما تُطالب إسرائيل بالامتثال لالتزاماتها القانونية، بموجب القانون الدولي، بالانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط لجميع قواتها العسكرية من الأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك مجالاها الجوي والبحري، ووضع حد فوري لسياساتها وممارساتها غير القانونية، بما في ذلك وقف جميع أنشطة الاستيطان الجديدة، وإجلاء جميع المستوطنين، وتفكيك أجزاء الجدار الذي شيدته في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، فضلاً عن إلغاء جميع التشريعات والتدابير التي تخلق أو تحافظ على الوضع غير القانوني، بما في ذلك تلك التي تُميز ضد الشعب الفلسطيني.

آليات عسكرية إسرائيلية متمركزة عند مدخل مخيم طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
آليات عسكرية إسرائيلية متمركزة عند مدخل مخيم طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

تعديل التركيبة السكانية

ويطالب الفلسطينيون أيضاً بإلغاء جميع التدابير الرامية إلى تعديل التركيبة السكانية، وطبيعة ووضع أي أجزاء من الأراضي، وإعادة الأراضي وغيرها من الممتلكات غير المنقولة، فضلاً عن جميع الأصول التي جرى الاستيلاء عليها من أي شخص طبيعي أو قانوني، منذ بدء احتلالها في عام 1967، وجميع الممتلكات الثقافية، والأصول المأخوذة من الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية، والسماح لجميع الفلسطينيين النازحين أثناء الاحتلال بالعودة إلى مكان إقامتهم الأصلي.

كما يطالبون بجبر الضرر الذي لحق جميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين في الأرض الفلسطينية المحتلّة، دون الإخلال بالتعويضات الإضافية المستحَقة على إسرائيل عن الأضرار التي لحقتها قبل عام 1967، والامتثال الفوري لأوامر محكمة العدل الدولية التي تشير إلى التدابير المؤقتة في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل) فيما يتصل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في الحماية من جميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من الاتفاقية.

وتتضمن المطالب الفلسطينية عدم عرقلة الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في دولة مستقلة ذات سيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلّة، ودعوة الدول الأعضاء إلى الامتثال بالتزاماتها القانونية، كما تنعكس في الرأي الاستشاري، وعدم الاعتراف بقانونية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلّة، وعدم تقديم المساعدة، أو المساعدة في الحفاظ على الوضع الناجم عن هذا الوجود غير القانوني.

فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت سوق الخضر المركزي بعد هجوم إسرائيلي في رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت سوق الخضر المركزي بعد هجوم إسرائيلي في رام الله بالضفة الغربية (رويترز)

المعاملات الاقتصادية

ويطالب الفلسطينيون كذلك بالامتناع عن الدخول في معاملات اقتصادية أو تجارية مع إسرائيل بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلّة أو أجزاء منها، والتي قد تُرسخ وجودها غير القانوني في الأراضي، والامتناع عن إنشاء وصيانة البعثات الدبلوماسية في إسرائيل، عن أي اعتراف بوجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ومنع العلاقات التجارية أو الاستثمارية التي تساعد في الحفاظ على الوضع غير القانوني الذي خلقته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلّة.

كما يطالب الفلسطينيون الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد مؤتمر للأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة، وفقاً لالتزامات الدول الأطراف بموجب المواد 146 و147 و148 فيما يتصل بالعقوبات الجزائية والانتهاكات الجسيمة والحاجة المُلحّة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وضمان احترامها وفقاً للمادة 1 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع.

ويدعو الفلسطينيون، في هذا الصدد، حكومة سويسرا، بصفتها واضعة اتفاقيات جنيف، إلى القيام بالتحضيرات اللازمة لعقد المؤتمر على وجه السرعة، ويطالبونها بالدعوة إلى مؤتمر دولي خلال الدورة الـ79 للجمعية العامة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين.


مقالات ذات صلة

غزة «مقطعة الأوصال»... وإسرائيل تحاول «عزل رفح»

المشرق العربي نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)

غزة «مقطعة الأوصال»... وإسرائيل تحاول «عزل رفح»

بينما يشدد الجيش الإسرائيلي ضغطه لعزل مدينة رفح، على الحدود مع مصر، عن بقية أرجاء قطاع غزة، يبدو القطاع اليوم فعلياً مقطع الأوصال رغم أن التوغلات الإسرائيلية

كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (غزة - القاهرة)
العالم العربي لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (أرشيفية - رويترز)

السيسي وماكرون يبحثان عقد قمة ثلاثية مع العاهل الأردني بالقاهرة

أفادت الرئاسة المصرية، السبت، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي ناقش مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون هاتفياً عقد قمة ثلاثية مصرية فرنسية أردنية بالقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عبد العاطي خلال لقاء جبريل الرجوب في القاهرة (الخارجية المصرية)

«فتح»: استمرار الوضع الحالي يخدم إسرائيل

قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» الفلسطينية، جبريل الرجوب، السبت، إن الوفد قدم في أثناء زيارته للقاهرة «أفكاراً لبناء شراكة وطنية فلسطينية».

«الشرق الأوسط» ( القاهرة )
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يمين) مستقبلاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

نتنياهو سيناقش مع ترمب في واشنطن الرسوم الجمركية و«التهديد الإيراني»

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه سيتوجه إلى واشنطن، الأحد، للقاء الرئيس الأميركي ومناقشة مسائل من بينها الرسوم الجمركية و«التهديد الإيراني».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا لقاء عبد العاطي وفد حركة «فتح» الفلسطينية في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تجدد رفضها لـ«التهجير» ومحاولات تقويض وحدة الأراضي الفلسطينية

أكدت مصر «التأكيد على موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم»، وحذرت من عواقب استمرار الصمت الدولي المخزي تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

غزة «مقطعة الأوصال»... وإسرائيل تحاول «عزل رفح»

نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

غزة «مقطعة الأوصال»... وإسرائيل تحاول «عزل رفح»

نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)

بينما يشدد الجيش الإسرائيلي ضغطه لعزل مدينة رفح، على الحدود مع مصر، عن بقية أرجاء قطاع غزة، يبدو القطاع اليوم فعلياً مقطع الأوصال رغم أن التوغلات الإسرائيلية براً ما زالت محدودة.

وطلبت إسرائيل من سكان رفح إخلاءها، علماً أن قواتها تسيطر حالياً على نحو 60 في المائة من أراضي المدينة. ويأتي ذلك بعدما أعلن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بدء السيطرة على محور «موراغ» الذي يفصل فعلياً رفح في أقصى جنوب القطاع عن خان يونس.

وترجح مصادر ميدانية، تحدّثت لـ«الشرق الأوسط»، أن تبسط القوات الإسرائيلية سيطرتها على رفح خلال أيام، وبذلك تكون عزلتها عن وسط القطاع وجنوبه. كما أن وجود القوات الإسرائيلية على محور «نتساريم» يعني أنها تفصل جنوب القطاع ووسطه عن شماله. ويشهد شمال القطاع بدوره عمليات تهجير على غرار ما يحصل في الشجاعية شرق مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا وأجزاء من جباليا.

إلى ذلك، استقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، السبت، وفداً من حركة «فتح»، وأكد له موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين، وتزامن اللقاء مع معلومات عن تقديم مصر مقترحاً جديداً بمثابة «حل وسط»، يهدف إلى «سد الفجوات» بين إسرائيل و«حماس» بخصوص التهدئة في غزة.