أعادت حوادث الخطف المتكررة في منطقة البقاع الشمالي في شرق لبنان، تسليط الضوء على الواقع الأمني بمنطقة الحدود اللبنانية مع سوريا، التي يُنظر إليها على أنها متفلتة أمنياً.
واتجهت الأنظار مجدداً نحو الحدود اللبنانية مع حصول ثلاث عمليات خطف متتالية، منذ مطلع الأسبوع، إلى داخل القرى السورية الواقعة شمالي منطقة الهرمل، التي يسكنها لبنانيون ويختبئ فيها عشرات الفارين المطلوبين للعدالة، الملاحقون من الجيش اللبناني بمؤازرة دوريات لفرع المخابرات في البقاع.
عمليتا تحرير مخطوفين في يومين
وأسفرت المداهمات والتضييق على المطلوبين عن احتجاز وتوقيف أقارب لمتورطين في الهرمل وفي شمالي الهرمل، في ظل انتشار عسكري وأمني كثيف للجيش اللبناني على الجانب اللبناني المحاذي للقرى السورية.
وأدت تلك الإجراءات، الأربعاء الماضي، إلى تحرير ثمانية فلسطينيين من سكان مخيم برج البراجنة، وقعوا في شباك عصابات الاتجار بالبشر من خلال تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وكانوا قد استدرجوا وخطفوا من منطقة البقاع بعدما أوهمتهم عصابات الخطف بتأمين سفرهم إلى الدول الأوروبية عن طريق البحر.
ليل ٩-١٠ / ٩ / ٢٠٢٤، أقدمت عصابة إجرامية على استدراج ٨ فلسطينيين من سكان مخيم برج البراجنة إلى منطقة البقاع بزعم تأمين هجرتهم إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، وقامت بخطفهم مطالِبةً بفدية للإفراج عنهم. على الأثر، نفذت مديرية المخابرات عملية رصد ومتابعة أمنية بالتزامن مع عمليات دهم، ما... pic.twitter.com/7BDSK8ambV
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) September 11, 2024
وتمكن فرع مخابرات في منطقة البقاع يوم الخميس من تحرير ثلاثة مخطوفين وهم: الشيخ منير مكارم (سوري)، بشار سامر حمزة (لبناني) ومجد بو قنصور (سوري). وتم استرداد المخطوفين من داخل الأراضي السورية شمالي الهرمل إلى لبنان، بعد يومين من خطفهم.
نتيجة الرصد والمتابعة الأمنية من قبل مديرية المخابرات، تم تحرير ٣ مواطنين في منطقة البقاع، كانوا قد خُطفوا بتاريخ ٩/ ٩/ ٢٠٢٤.#الجيش_اللبناني #LebaneseArmy pic.twitter.com/YtNPWcIYQp
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) September 12, 2024
خطف عائلة سورية نازحة
وتتكرر عمليات الخطف أثناء دخول وخروج أشخاص وعائلات من التابعية السورية وهم يتوجهون إلى الأراضي اللبنانية من خلال المعابر غير الشرعية، وبالعكس.
وجديد هذه العمليات تمثل بخطف سيدة سورية وطفلها، أثناء محاولتها دخول الأراضي اللبنانية من خلال أحد المعابر القريبة من بلدة زيتا الحدودية السورية التي يسكنها لبنانيون.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن خاطف السيدة وطفلها تواصل مع ذويها في لبنان، مطالباً بفدية مالية قدرها 25 ألف دولار أميركي، وأن الاتصالات جارية مع المعنيين في الجانب اللبناني بهدف متابعة القضية من أجل التوصل إلى حلول تقضي بتحرير المرأة وطفلها.
وغالباً ما تحصل عمليات تعذيب وتصوير فيديوهات ترسل لذوي المخطوفين وهم يطالبون أهلهم بتحريرهم.
تنسيق أمني
ويؤكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن هناك 14 بلدة حدودية سورية يسكنها لبنانيون، 9 منها محاذية للحدود اللبنانية السورية من الجانب السوري، ولا وجود فيها لأي جهاز أمني لبناني أو سوري، كما لا يمكن التدخل في هذه القرى من الجانبين إلا بتنسيق مسبق، كما حصل مرات عدة، كان آخرها عملية كشف جريمة مقتل باسكال سليمان، منسق حزب «القوات اللبنانية» في منطقة جبيل.
وكان الجيش اللبناني قد قام بعدد من المداهمات توغل فيها في هذه القرى وعمل على توقيف مطلوبين وإعادة مسروقات.
وتجري محاولات ومداهمات وعمليات نوعية محدودة منسقة بين الطرفين اللبناني والسوري، يتم فيها التوغل لمسافات بعيدة داخل هذه الأراضي البعيدة عن رقابة الدولتين بجانب الحدود، في قرى خارجة عن سيطرة الدولتين يلجأ إليها تجار المخدرات والمطلوبين بجرائم القتل والفارين من وجه العدالة ومن ملاحقات ومداهمات القوى الأمنية، علماً بأنه تم توقيف عدد لا بأس به من هؤلاء المطلوبين بمجرد عودتهم إلى الداخل اللبناني.