استجواب شاهد في ملفّ سلامة ومقابلة بينهما الأسبوع المقبل

فريق الدفاع عن الحاكم السابق لمصرف لبنان مرتاح لإجراءات قاضي التحقيق

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أ.ب)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أ.ب)
TT

استجواب شاهد في ملفّ سلامة ومقابلة بينهما الأسبوع المقبل

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أ.ب)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أ.ب)

لم تحمل جلسة التحقيق الثانية في ملفّ حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة أي جديد، بل اقتصرت على سماع إفادة الشاهد المحامي ميشال تويني، الذي مَثُل أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، بحضور وكيله المحامي كمال حيدر، بينما تغيّب الشاهد الثاني المحامي مروان عيسى الخوري، الذي أرسل معذرة بسبب وجوده خارج لبنان، فتقرر قبول هذه المعذرة وإرجاء الاستماع إليه إلى الأسبوع المقبل مع موظفين في البنك المركزي تغيّبوا عن هذه الجلسة.

وفي حين رحّل استكمال استجواب الحاكم السابق إلى الأسبوع المقبل، بانتظار مزيد من المعطيات، أفاد مصدر قضائي بأن القاضي حلاوي «قرر إجراء مواجهة ما بين سلامة وتويني الخميس المقبل، والاستماع إلى الشهود».

وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن جلسة الخميس «ستكون مكثّفة، بحيث يستمع قاضي التحقيق في الجلسة نفسها إلى مدير دائرة القطع والعمليات الخارجية في البنك المركزي نعمان ندّور، ومدير الشؤون القانونية في المصرف بيار كنعان، لشرح النقاط الواردة في تقرير هيئة التحقيق الخاصة والتي تحتاج إلى تفسير»، مشيراً إلى أن حلاوي «طلب الاستماع إلى حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أو من ينوب عنه، فارتأى الأخير انتداب ندوّر وكنعان لهذه المهمّة».

وتسير إجراءات التحقيق بشكل هادئ، وبدا واضحاً أن جميع أطراف القضية مرتاحون إلى الأسلوب المعتمد من قِبل حلاوي، بما يحفظ سرّية التحقيق. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة هذا الملفّ، أن «فريق الدفاع عن سلامة راضٍ عن الإجراءات التي يتبعها القاضي حلاوي والتي تخدم مصلحة موكلهم». ورأت المصادر أن «الأسئلة التي طرحها قاضي التحقيق على الحاكم السابق خلال استجوابه يوم الاثنين والتدقيق بكلّ التفاصيل الواردة في تقرير لجنة التحقيق الخاصة وكلّ مستند قدّمه الحاكم ووكيله القانوني مارك حبقة، أعطى انطباعاً بأن حلاوي يتعاطى مع الملفّ بمسؤولية عالية وبخلفيّة قانونية بعيدة عن أي اعتبار آخر».

وقالت المصادر: «لو أن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار أمهل سلامة لتقديم مستنداته إلى حين الاستماع إلى الشهود، لما كان اتخذ قراراً بتوقيفه».

وشددت المصادر نفسها على أن فريق الدفاع عن رياض سلامة «مهتمّ إلى أبعد الحدود بأن تأخذ القضية مسارها الطبيعي، وأن يضع قاضي التحقيق يده على كلّ المعلومات والوثائق ويتخذ القرار المناسب؛ لأن هذا القرار يصبّ أولاً وأخيراً في صالح القضيّة وإحقاق الحقّ الذي ينتظره اللبنانيون».

ولم تحسم حتى الآن مسألة تمثيل الدولة اللبنانية عبر هيئة القضايا في وزارة العدل، ولا يزال القاضي بلال حلاوي يرفض حضور رئيسة الهيئة القاضية هيلانة إسكندر أو من يمثلها من المحامين جلسات الاستجواب، إلى أن تبيّن صفتها القانونية التي تجيز لها مواكبة الجلسات.

وقال مصدر متابع للتحقيق إن القاضية إسكندر «لم تستحصل حتى الآن على كتاب من وزارة المالية لتفويضها بمتابعة القضية أو اتخاذ صفة الادعاء بالوكالة عنها». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن إسكندر «اتخذت صفة الادعاء الشخصي باسم الدولة اللبنانية، وطلبت ضمّ هذا الادعاء إلى الملفّ لتكون شريكة في كلّ الجلسات، وهذا ما لن يحصل قبل تسلّم قاضي التحقيق كتاباً من وزير المال يوسف الخليل ويتخذ القرار بقبوله أو رفضه»، لافتاً إلى أن حلاوي «يرفض حضور أي طرف، سواء أكانت هيئة القضايا أو لجنة الدفاع عن حقوق المودعين، جلسات التحقيق، ما لم تكن تتمتّع بصفة قانونية؛ حتى لا يكون ذلك سبباً في بطلان التحقيق الاستنطاقي أو مبرراً لتقديم دعاوى ردّ بحقه أو طعن بإجراءاته». وأكد أن رئيسة هيئة القضايا «ستستأنف قرار قاضي التحقيق بعدم قبول ادعائها أمام الهيئة الاتهامية في بيروت، لكن هذا الادعاء لن يوقف التحقيقات إلّا إذا طلبت الهيئة الاتهامية من حلاوي إيداعها الملفّ برمته».

وبموازاة رفض حضورها جلسات الاستجواب، تقدّمت القاضية هيلانة إسكندر بشكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الأول اتخذت فيها صفة الادعاء الشخصي بحقّ سلامة وكلّ من يظهره التحقيق، بما يخوّلها المشاركة في الجلسات، فأحال حلاوي هذه الشكوى على النيابة العامة المالية لإبداء رأيها قبل أن يتخذ القرار المناسب بشأنها.


مقالات ذات صلة

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية» وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
TT

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)

في تسجيل مصور مدته نحو دقيقة، يروي شاب يمني أنه تم التغرير به وبزملائه الذين يظهرون معه في الفيديو، للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات أمنية خاصة، ليجدوا أنفسهم في جبهات الحرب الروسية مع أوكرانيا.

وأبدى الشاب الذي غطى وجهه، وزملاؤه رغبتهم في العودة إلى اليمن، ورفضهم أن يقتلوا كما قُتِل زملاؤهم.

وتكشّف، أخيراً، كثير من التفاصيل حول تجنيد القوات المسلحة الروسية لمئات الرجال اليمنيين للقتال في أوكرانيا، من خلال عملية تهريب غامضة، تبين وجود كثير من أوجه التعاون المتنامية بين موسكو والجماعة الحوثية في اليمن.

كما كشفت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية في تقرير لها، الأحد الماضي، عن تفاصيل تحويل مئات الرجال اليمنيين إلى مقاتلين في صفوف الجيش الروسي، من خلال «عملية تهريب غامضة».

وفي هذه التسجيلات تتكشف جوانب من تفاصيل ما تمارسه مجموعة من المهربين الحوثيين الذين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لليمنيين لتنفيذ حملة تجنيد للمئات منهم، وإرسالهم للقتال إلى جانب القوات الروسية، وتعمل هذه المجموعة من داخل اليمن ومن دول عربية أخرى، بالتعاون مع آخرين داخل الأراضي الروسية.

وتسهل الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية في اليمن قبل نحو عشرة أعوام، تجنيدَ كثير من الشباب اليمنيين الذين نزحوا خارج البلاد وفشلوا في البحث عن فرص عمل أو الوصول إلى دول أوروبا، سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية لتقديم طلبات لجوء.

وتمكن السماسرة من تجنيد المئات من هؤلاء وإرسالهم للقتال في روسيا، وفق ما أكدته مصادر مقربة من عائلاتهم وأخرى في الحكومة اليمنية.

وفي مقطع مصور آخر، يظهر مجموعة من الشبان اليمنيين، ويذكر أحدهم أنهم كانوا يعملون في سلطنة عمان، وأن شركة للمعدات الطبية تابعة للقيادي الحوثي عبد الولي الجابري أغرتهم بالحصول على عمل لدى شركة روسية في المجال الأمني وبرواتب مجزية.

مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

ويضيف: «غرورا بنا بأنهم سيدفعون رواتب شهرية تعادل 2500 دولار لكل فرد، وعند وصولنا إلى المطار في روسيا، استقبلنا مندوبون عن وزارة الدفاع الروسية، وأبلغونا أنه سيتم توظيفنا حراسَ أمن في منشآت».

وبعد يومين من وصولهم، تم إرسالهم إلى معسكرات للتدريب، حيث يجري إعدادهم للقتال منذ شهرين، ولم يتقاضوا من الرواتب التي وُعِدوا بها سوى ما بين 185 دولاراً و232 دولاراً (ما بين 20 إلى 25 ألف روبل فقط).

ويؤكد الشاب أن الروس أخذوا 25 من زملائه إلى الجبهات، وأن هؤلاء جميعاً لقوا مصرعهم؛ إما داخل العربات التي كانوا يستقلونها، أو داخل المباني التي كانوا يتمركزون فيها، بينما هو وبقية زملائه ينتظرون، بقلق، نقلهم من موقع وجودهم في معسكر قريب من الحدود الأوكرانية، إلى الجبهات. وطالب الحكومة اليمنية بالتدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

شركة أدوية للسمسرة

لكن أحد اليمنيين، واسمه أحمد، وهو على معرفة بإحدى المجموعات التي تم تجنيدها، يوضح أنه وأصدقاء له حذروا هؤلاء الشبان من الذهاب إلى روسيا؛ لأن هناك حرباً قد يتورطون فيها، إلا أنهم ردوا عليه بأنهم قادرون على الفرار إلى أوروبا لطلب اللجوء كما فعل المئات من اليمنيين سابقاً، حين وصلوا إلى روسيا البيضاء، ومن هناك تم تسهيل نقلهم إلى الأراضي البولندية.

أحد الشباب اليمنيين داخل عربة عسكرية روسية وتفيد المعلومات بمصرعه داخل العربة (فيسبوك)

وبحسب ما أفاد به أحد أعضاء الجالية اليمنية في روسيا لـ«الشرق الأوسط»، فإن سماسرة يقومون بإغراء شبان يمنيين للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات مقابل رواتب تصل إلى 2500 دولار شهرياً، ويتم نقل الراغبين إلى عواصم عربية؛ منها مسقط وبيروت ودمشق، ليجري نقلهم إلى الأراضي الروسية.

ويتابع أنه، وبعد وصولهم، تم إدخالهم معسكرات للتدريب على الأسلحة، بزعم أنهم موظفون لدى شركة أمنية، لكنهم بعد ذلك يرسلون إلى جبهات القتال في أوكرانيا، حيث يوجد شبان عرب من جنسيات أخرى ذهبوا إلى روسيا للغرض نفسه.

ويقدر ناشطون وأفراد في الجالية اليمنية في روسيا بأن هناك نحو 300 شاب يمني يرفضون الذهاب إلى جبهات القتال ويريدون العودة إلى بلدهم، وأن هؤلاء كانوا ضحية إغراءات بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيشها اليمن نتيجة الحرب المستمرة منذ عشرة أعوام.

وطبقاً لأحد الضحايا الذين نشروا أسماء وأرقام المتورطين في هذه العملية، فإن أبرز المتهمين في عمليات التجنيد، عبد الولي الجابري، وهو عضو في البرلمان التابع للجماعة الحوثية، ويساعده في ذلك شقيقه عبد الواحد، الذي عينته الجماعة مديراً لمديرية المسراخ في محافظة تعز.

القيادي الحوثي الجابري المتهم الرئيسي بتجنيد الشبان اليمنيين خلال زيارة صالح الصماد رئيس مجلس الحكم الحوثي السابق له بعد إصابته في المعارك (إعلام حوثي)

وتضم المجموعة، وفقاً لهذه الرواية، شخصاً يدعى هاني الزريقي، ومقيم في روسيا منذ سنوات، ومحمد العلياني المقيم في دولة مجاورة لليمن.

تخفّي السماسرة

ويتهم اثنان من أقارب المجندين الجابري ومعاونيه بترتيب انتقال المجندين من اليمن إلى البلد المجاور، ومن هناك يتم إرسالهم إلى موسكو، بحجة العمل لدى شركات أمنية خاصة، وأن هؤلاء السماسرة يحصلون على مبالغ بين 10 إلى 15 ألف دولار عن الفرد الواحد.

وانتقل القيادي الحوثي الذي يدير الشركة أخيراً إلى مكان غير معروف، وبدّل أرقام هواتفه وانقطع تواصله مع الضحايا، بعد انتشار مقاطع مسجلة لمناشداتهم الحكومة اليمنية التدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

وعينت الجماعة الحوثية الجابري، إلى جانب عضويته بالبرلمان التابع لها، قائداً لما يسمى بـ«اللواء 115 مشاة»، ومنحته رتبة عميد، بينما صدر بحقه حكم إعدام في عام 2020 من محكمة في مناطق سيطرة الحكومة، كما أن ابن أخيه، جميل هزاع، سبق وعُيِّن في اللواء نفسه، في منصب أركان عمليات، وهو حالياً عضو ما يسمى مجلس الشورى التابع للجماعة.

ولا تقتصر مهام سماسرة التجنيد على إرسال شبان من اليمن للقتال في روسيا، بل تتضمن تجنيد عدد من اليمنيين المقيمين هناك للقتال في صفوف الجيش الروسي.

وأُعْلِن منتصف العام الحالي عن مقتل الدبلوماسي اليمني السابق في موسكو، أحمد السهمي، في إحدى الجبهات، حيث كان يقاتل إلى جانب القوات الروسية، وبحسب رواية زملاء له، أنه وبعد انتهاء فترة عمله، أقدم على المشاركة في القتال من أجل الحصول على راتب يمكنه من مواجهة التزاماته لعائلته وأطفاله.

ومنذ شهر، كرّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشاب اليمني، سعد الكناني، الذي قُتل في جبهة لوغانسك، وكان قد حصل على الجنسية الروسية قبل فترة قصيرة من التحاقه بالقتال في صفوف القوات الروسية.