وزير خارجية لبنان يربك الحكومة بطلبه استبدال القرار 1701

أصدر بياناً توضيحياً قال فيه إنه تحدث عن «أمر افتراضي وليس بديلاً»

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب
TT

وزير خارجية لبنان يربك الحكومة بطلبه استبدال القرار 1701

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب

أحدث موقف وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، الذي أعلن فيه «استعداد لبنان للدخول بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، ودعوته مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار جديد بديلاً عن القرار 1701 لوقف الحرب في جنوب لبنان»، صدمة في الأوساط الرسميّة اللبنانية، وأربك الحكومة التي لم يجد رئيسها ولا وزراؤها تفسيراً لهذا الكلام، خصوصاً أن تصريح بوحبيب جاء من مقرّ رئاسة الحكومة بعد اجتماع عقده الرئيس نجيب ميقاتي مع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي. وذهب خبراء إلى وصف هذا الموقف بأنه «اغتيال للدولة ومؤسساتها الدستورية».

ومن القاهرة، أصدر بوحبيب بياناً توضيحياً جاء فيه: «أطالب وأتمسك بتطبيق القرار 1701. ولقد عمل لبنان بكل طاقته مع عدة دول صديقة للتجديد لليونيفيل أخيراً التزاماً بالقرار 1701». وأضاف: «إن ما ذُكر حول إصدار قرار جديد هو أمر افتراضي وليس بديلاً من القرار الحالي، علماً أننا منفتحون دائماً على الحوار الإيجابي مع جميع شركائنا الدوليين ضمن ثوابتنا وإجماعنا الداخلي».

رئيس حكومة لبنان خلال استقباله الاثنين السفراء والقائمين بأعمال سفارات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بحضور عدد من الوزراء (رئاسة الحكومة)

لكن قبل صدور التوضيح، كشفت مصادر وزارية شاركت في الاجتماع، أن «كلام بوحبيب شكّل مفاجأة، خصوصاً أن المحادثات التي أجراها الرئيس ميقاتي مع السفراء بحضور عدد من الوزراء بينهم بوحبيب، لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى ما أعلنه وزير الخارجية من على منبر السراي الحكومي». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «السفراء استغربوا كلام وزير الخارجية واستوضحوا الوزراء الذين شاركوا في اللقاء عمّا إذا كانت الحكومة فعلاً بصدد الطلب من مجلس الأمن إصدار قرار جديد لوقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله». وشددت المصادر الوزارية على أن حكومة لبنان «متمسّكة بقرار مجلس الأمن 1701 وكل القرارات الدولية ذات الصلة، ولا نعرف الأسباب التي حملت وزير الخارجية على إطلاق مثل هذا الموقف».

ويخالف هذا الكلام الموقف الرسمي للدولة اللبنانية الذي يعبّر عنه دائماً رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي سواء أمام الموفدين الدوليين أو خلال النشاطات الرسمية. واعتبر مصدر دبلوماسي أن كلام وزير الخارجية «غير مفهوم ويثير الريبة»، مذكراً بأن «تغيير أي قرار لمجلس الأمن يحتاج شبه إجماع في الأمم المتحدة أو تأمين أكثرية غير متوفرة حالياً». وسأل المصدر الدبلوماسي عبر «الشرق الأوسط»: «هل العلاقات المتوترة الآن بين واشنطن وموسكو وبكين تسمح بالوصول إلى قرار جديد؟ وهل يملك بوحبيب معلومات بهذا الخصوص لا تملكها الدولة اللبنانية ولا دول القرار عن إمكانية التفاهم على قرار جديد لوقف الحرب في جنوب لبنان؟»، معتبراً أن «محاولة تغييب القرار 1701 وإثارة الشكوك حول التمسّك به يشكل خطراً على لبنان وليس على القرار نفسه».

وذكّر المصدر الدبلوماسي بأن «القرار 1701 يتضمّن التزاماً بتطبيق القرار 1559 (الذي ينصّ على حلّ جميع الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية) كما يتضمن القرار إلزام بيروت ودمشق بتطبيق القرار 1680 الذي ينصّ على ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا»، لافتاً إلى أن «المطلوب من الحكومة توضيح هذا الموقف، حتى لا يرتّب على لبنان نتائج خطيرة».

وأوحى بوحبيب في تصريحه بأنه يتحدّث باسم الدولة عندما قال «إننا كحكومة نريد وقف إطلاق النار ووقف الحرب، وأبلغنا معظم المعنيين استعدادنا للقيام بمفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين من أجل ذلك». وأضاف: «لم نطلب من مجلس الأمن وقف القتال (...) نحن نتكلم مع الدول كلها ومع مجلس الأمن، وفي حال حصول وقف إطلاق نار يجب أن يكون هناك قرار جديد، فإذا كان هناك نوع من قرار جيد نقبل به كدولة، وسنحاول أن نقنع حزب الله به، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية».

من جهته، رأى الباحث في الشؤون الجيوسياسية زياد الصّائغ أن «ما صدر عن وزير خارجية لبنان ليس مجرّد إرباك للدولة ومؤسساتها الدستورية فحسب، بل يشكّل انقلاباً كاملاً على الدستور، وضرباً ممنهجاً للقرارات الأممية وفي مقدمها القرار 1701، الذي لم يُحترم في الأساس من موقّعيه، ما سمح بانتهاك مزدوج للسيادة اللبنانية، انتهاكٌ إسرائيلي وانتهاك قوى الأمر الواقع وكأنهما في حلف موضوعي».

واعتبر الصائغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتقال الاستراتيجي لرفض مندرجات القرار 1701 وطلب إصدار قرار جديد هو إطلاق مسار ترتيبات أمنية جديدة على حساب سيادة الدولة»، داعياً مجلس النواب اللبناني بكتله السيادية إلى «مساءلة حكومة تصريف الأعمال حول هذه المسارات الملتوية، كما أنه على القوى المجتمعية الحيّة رفض أي تلاعب بالأسس التي يمكن أن تمهّد لاستعادة الدولة سيادتها». وختم: «لقد تم اغتيال الدولة اللبنانية عبر رضوخ دبلوماسيتها لأجندات غير لبنانية، وهذا مسمار جديد في نعش دفنها».


مقالات ذات صلة

اتهام جندي أميركي سابق بمحاولة الانضمام لـ«حزب الله»

الولايات المتحدة​ امرأة تقوم بلف علم «حزب الله» اللبناني (د.ب.أ)

اتهام جندي أميركي سابق بمحاولة الانضمام لـ«حزب الله»

وُجّهت إلى عنصر سابق في الجيش الأميركي سافر إلى لبنان وسوريا في مسعى للانضمام إلى «حزب الله» تهمة محاولة دعم منظمة «إرهابية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تصاعد دخان بعد قصف إسرائيلي في جنوب لبنان يوم 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف منصات صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة نفّذت غارة جوية في جنوب لبنان قبل قليل، وقال إنها استهدفت منصات إطلاق صواريخ متوسطة المدى في موقع لجماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس

القضاء اللبناني يفرج عن حفيدة رفعت الأسد وأمها

أطلق القضاء اللبناني سراح شمس دريد الأسد، حفيدة رفعت الأسد ووالدتها رشا خزيم، بعد توقيفهما قبل أسبوع على أثر استخدامهما جوازي سفر مزورين.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

تفاؤل لبناني بإنجاز الاستحقاق الرئاسي الأسبوع المقبل

قبل أسبوع من موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحددة في 9 يناير، ما زال التكتم يسود مواقف الأفرقاء اللبنانيين لجهة أسماء مرشحيهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (رئاسة البرلمان)

الخروقات الإسرائيلية تتواصل جنوب لبنان... وترقب للانسحاب من الناقورة

تتواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار مع توغل الجيش الإسرائيلي إلى بلدات إضافية في جنوب لبنان لم ينجح بالدخول إليها خلال الحرب.

لينا صالح (بيروت)

القضاء اللبناني يفرج عن حفيدة رفعت الأسد وأمها

صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس
صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس
TT

القضاء اللبناني يفرج عن حفيدة رفعت الأسد وأمها

صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس
صورة متداولة في «إكس» لرفعت الأسد مع حفيدته شمس

أطلق القضاء اللبناني سراح شمس دريد الأسد، حفيدة رفعت الأسد، ووالدتها رشا خزيم، بعد توقيفهما قبل أسبوع في مطار بيروت الدولي، على أثر استخدامهما جوازي سفر مزورين ومحاولتهما السفر عبرهما إلى الخارج.

وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي رائد أبو شقرا «تسلّم الموقوفتين من جهاز الأمن العام بعد انتهاء التحقيقات الأولية معهما، وقرر تركهما بسندي إقامة، كما ادعى عليهما بجرم حيازة جوازات سفر مزورة واستخدامها على الأراضي اللبنانية، وأحال الملفّ إلى القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا لمحاكمتهما بهذا الجرم». وقال المصدر القضائي إن «الإفراج عن شمس الأسد ووالدتها جاء بعد استنفاد مدّة التوقيف الاحتياطي، إذ إن الجرم عبارة عن (جنحة استخدام وثيقة رسمية مزورة)، والمحكمة ستحاكمهما على هذا الأساس وتصدر الحكم بحقهما»، مشيراً إلى أن المحكمة «قد تكتفي بمدة التوقيف الاحتياطي وربما تفرض عليهما غرامة مالية».

وضع قانوني معقد

ويفترض بقاء شمس الأسد ورشا خزيم على الأراضي اللبنانية إلى حين انتهاء محاكمتهما وتنفيذ الحكم الذي سيصدر بحقهما، لكنّ المصدر القضائي لفت إلى أن السيدتين «تعانيان من وضع قانوني صعب ومعقد». وقال: «بعد صدور الحكم وتنفيذه يمكن لجهاز الأمن العام أن يصدر وثيقتين تمكنهما من التجول بموجبها في الأراضي اللبنانية إلى حين إيجاد الصيغة القانونية التي تسمح لهما بالمغادرة».

وشدد على أن «هذا الواقع سيبقى قائماً إلى أن تحصل حفيدة رفعت الأسد ووالدتها على جوازي سفر جديدين، إما أن يصدر عن السلطات السورية الجديدة أو عن السفارة السورية في بيروت، بعد أن تعيد تشغيل قنصليتها التي جرى إيقافها عن العمل لدى اكتشاف علاقتها بالتزوير في تاريخ صلاحية جوازي السفر والتغيير في وقوعاتهما».

علم المعارضة السورية مرفوعاً على مبنى السفارة في بيروت بعد سقوط الرئيس بشار الأسد (السفارة السورية)

واعترفت السيدتان في الساعات الأولى من توقيفهما بأنهما «دخلتا لبنان خلسة بسبب انتهاء صلاحية جوازي السفر، وأنهما تفاجأتا بسرعة سقوط نظام بشار الأسد ما تعذّر عليهما الاستحصال على جوازات جديدة». وأكد المصدر القضائي أنه «لا مشكلة قانونية في عودة شمس ورشا إلى دمشق والاستحصال على جوازات جديدة، لكونهما لا توجد ملاحقة بحقهما هناك، خصوصاً أن هناك الكثير من العائلات التي كانت محسوبة على نظام الأسد ما زالت في الداخل السوري، إلا أن لبنان لن يجبرهما على العودة إلا بقرار ذاتي».