العراق يواصل استعداداته لإجراء تعداد سكاني بعد توقف 27 عاماً

وزارة التخطيط تقدّر عدد السكان بـ43 مليون نسمة

رجل عراقي يحمل حاجياته ويعبر زقاقاً في أحد أحياء بغداد القديمة (أ.ف.ب)
رجل عراقي يحمل حاجياته ويعبر زقاقاً في أحد أحياء بغداد القديمة (أ.ف.ب)
TT

العراق يواصل استعداداته لإجراء تعداد سكاني بعد توقف 27 عاماً

رجل عراقي يحمل حاجياته ويعبر زقاقاً في أحد أحياء بغداد القديمة (أ.ف.ب)
رجل عراقي يحمل حاجياته ويعبر زقاقاً في أحد أحياء بغداد القديمة (أ.ف.ب)

تواصل الحكومة العراقية جهودها الحثيثة لاستكمال إجراءات التعداد السكاني، المقرّر في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وإذا ما سارت العملية بشكل سلِس حتى ذلك التاريخ، فسيكون الأول من نوعه بعد 27 عاماً على آخر تعداد جرى عام 1997.

وسعت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2005 إلى إجراء التعداد السكاني، لكن أسباباً سياسية وأمنية حالت دون ذلك.

وكانت العقبة الأكبر، حسب وزارة التخطيط، الخلاف بين العرب والأكراد حول المادة 140 من الدستور، المتعلقة بتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازَع عليها، حيث كانت مطالب العرب والأكراد تتمحور حول «إجراء تعداد سكاني خاص للمناطق المتنازع عليها قبل إجراء التعداد العام»، قبل أن تحصل وزارة التخطيط على حكم من المحكمة الاتحادية، يقضي بـ«عدم التعارض بين الأمرين».

في الأثناء، كشفت وزارة التخطيط التي تقود جهود إجراء التعداد، عن النسبة التقديرية لإجمالي عدد السكان في العراق.

وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، في تصريحات صحافية، الأحد، إن «النسبة التقديرية لسكان البلد تقدَّر بنحو 43 مليون نسمة، وذلك وفقاً لتقديرات العام الماضي 2023».

وأضاف أن «نسبة الرجال في البلد تبلغ 50.5 في المائة، بينما تبلغ نسبة النساء 49.5 في المائة، من مجموع سكان البلد».

وأشار الهنداوي إلى أن «وزارة التخطيط مستعدة، وبجهودها الفنية الكاملة، لغرض إجراء التعداد العام للسكان في نوفمبر المقبل».

وكان الهنداوي قال لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، إن «التعداد ذو طبيعة تنموية خالصة، ولا يستهدف معرفة التركيبة السكانية القومية أو الطائفية، وتخلو الاستمارة المحدّدة لمعلومات المواطنين من ذِكر هاتين الصفتين، لكنها تأخذ بالاعتبار ديانة الأشخاص».

وأضاف أن «ما تفكّر فيه الدولة ليس عدد المواطنين العرب أو الأكراد، إنما يهمها أن تعرف أوضاع هؤلاء المالية والمعيشية والاجتماعية، لتكون قادرة على معالجتها».

وكانت بعض الشخصيات والأوساط السُّنية أبدت اعتراضاً على عدم وجود حقل خاص بـ«مذهب» الأشخاص في ورقة الإحصاء؛ لأن ذلك، في نظرها، يكرّس «المزاعم الشيعية» بأن أتباع «المذهب الشيعي» هم الأكثرية.

حُجّاج شيعة يرفعون أعلاماً ويعبرون مصفاة نفطية متوجّهين إلى كربلاء في ذكرى أربعينية الحسين في 2024 (أ.ف.ب)

لكن وزارة التخطيط التي تؤكد على الطابع التنموي للتعداد السكاني، تشير إلى إمكانية معرفة النسب التقريبية لكل مذهب أو قومية من خلال معرفة إجمالي عدد سكان المحافظة الواحدة؛ كونَ معظم المحافظات ذات لون مذهبي وقومي واحد، سواءً كان سُنياً أو شيعياً أو كردياً أو عربياً.

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، ترأّس رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى للسكّان، لوضع اللمسات الأخيرة، ومتابعة التحضيرات الجاري العمل عليها لإجراء التعداد العام للسكّان، واتخذ في الاجتماع مجموعة قرارات تسهّل عملية الإعداد والتدريب لإجراء الإحصاء، ومن بين تلك القرارات «فرض حظر التجوال في عموم محافظات العراق يومي 20 و21 نوفمبر المقبل، لإجراء الإحصاء السكّاني».

وتقرَّر كذلك معالجة المتطلّبات مع حكومة إقليم كردستان العراق فيما يخص تدريب الكوادر الإحصائية لعملية الترقيم والحصر.

كما تقرَّر دعم وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي للعملية الإحصائية، من خلال تهيئة القاعات الدراسية للتدريب، وكذلك مراكز الشباب، من خلال وزارة الشباب والرياضة، والإسراع في تحويل المتطلبات المالية والتخصيصات لتمويل مشروع التعداد.

وانطلقت مطلع الشهر الحالي عمليات الترقيم والحصر للمباني والمساكن والمنشآت، مع أخذ المعلومات الأوّلية عن عدد أفراد الأسرة، وتوزيع الأسر حسب الذكور والإناث، لتكون معلومات مهمة يستند إليها العدّاد حتى موعد إجراء التعداد المقرّر.


مقالات ذات صلة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: المالكي يشترط «تجريد» السوداني من السلطة

المشرق العربي «الإطار التنسيقي» حذر من «الانهيار» بعد أزمتَي «سرقة القرن» و«التنصت» (إكس)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: المالكي يشترط «تجريد» السوداني من السلطة

اطَّلعت «الشرق الأوسط» على تفاصيل اجتماع عُرض فيه محضر قضائي عن «شبكة التنصت»، انتهى بطرح نوري المالكي شروطاً «قاسية» على السوداني مقابل «عدم الاستقالة مبكراً».

علي السراي (لندن)
رياضة عربية جلال خلف رئيس الوفد العراقي ذكر أن هذا القرار مصطنَع (بطولة غرب آسيا للناشئين)

الاتحاد العراقي يعلّق نشاطاته كافةً في بطولات غرب آسيا

قرّر الاتحاد العراقي لكرة القدم تعليق أنشطته كافةً في اتحاد غرب آسيا، احتجاجاً على قرار الأخير بإقصاء المنتخب العراقي للناشئين من نصف نهائي بطولة غرب آسيا.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
رياضة عربية عدنان درجال خلال زيارته أيمن حسين في الكويت (منصة «إكس»)

عاصفة من الغضب في الكويت بعد تصريحات عدنان درجال… ومحامون يطالبون بطرده

حددت المحكمة الإدارية الكويتية جلسة 6 نوفمبر المقبل لنظر الدعوى المقامة من المحامي عادل اليحيى التي تطالب بمنع دخول ‫رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم إلى الكويت

«الشرق الأوسط» (الكويت)
المشرق العربي قوات من البيشمركة الكردية خلال احتفال في أربيل عاصمة إقليم كردستان 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

كردستان العراق يسلّم طهران ناشطاً كردياً إيرانياً

سلّمت قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) في السليمانية ثاني أكبر مدن كردستان العراق، السلطات الإيرانية ناشطاً كردياً إيرانياً ينتمي إلى حزب معارض بارز.

«الشرق الأوسط» (السليمانية)
شؤون إقليمية عناصر من القوات البيشمركة في حزب «كوملة» الكردستاني الإيراني المعارض في معسكر تدريبي بموقع شمال العراق (إكس)

تحركات في كردستان ضد المعارضة الإيرانية تستبق زيارة بزشكيان

أثار اعتقال معارض إيراني في مدينة السليمانية وتسليمه إلى السلطات الإيرانية أسئلة سياسية في إقليم كردستان.

فاضل النشمي (بغداد)

إسرائيل تحاصر الفلسطينيين وتغلق آخر منافذهم للعالم

TT

إسرائيل تحاصر الفلسطينيين وتغلق آخر منافذهم للعالم

جنود إسرائيليون عند معبر «جسر أللنبي» بين الضفة الغربية والأردن (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون عند معبر «جسر أللنبي» بين الضفة الغربية والأردن (إ.ب.أ)

مع إغلاق إسرائيل جسر أللنبي من جهتها (والمعروف أردنياً بالملك حسين) الواصل بين الضفة والأردن، تكون تل أبيب قد وضعت بشكل رسمي جميع الفلسطينيين بالضفة في عزلة تامة، باعتبار المعبر منفذهم الأخير إلى العالم الخارجي. وشوهد آلاف الفلسطينيين يعودون في حافلات إلى معبر «الكرامة» الفلسطيني (الجسر المؤدي للمعبر الأردني - الإسرائيلي) في أريحا بالضفة الغربية، بعدما منعوا من السفر إلى المملكة الأردنية، بسبب إعلان إسرائيل إغلاق المعبر من جهتها، وذلك بعد هجوم نفذه سائق شاحنة أردني، وتسبب في قتل 3 إسرائيليين على المعبر.

وعلى الجانب الأردني من المعبر الحدودي، تكدس آلاف آخرون على جسر الملك حسين (الأردني)، بينما لا يستطيعون العودة إلى بيوتهم وعائلاتهم في الضفة الغربية، بعد القرار الإسرائيلي.

وهاجم أردني يعمل سائق شاحنة، بمسدس، إسرائيليين على معبر «أللنبي»، وقالت السلطات الإسرائيلية إن 3 إسرائيليين قُتلوا جراء الهجوم.

ووفق وسائل إعلام عبرية، فإن منفذ العملية استخدم «مسدساً صغيراً نجح في تهريبه في شاحنته، وأطلق الرصاص من مسافة قصيرة».

وأعلنت السلطات الإسرائيلية إغلاق المعبر حتى إشعار آخر عقب الهجوم، وقالت سلطة المطارات الإسرائيلية إنه بالإضافة إلى إغلاق الجسر الذي شهد الهجوم، فإن المعبرين البريين الآخرين (الشيخ حسين شمالاً، ووادي عربة جنوباً) مع الأردن تم إغلاقهما بطلب من السلطات الأمنية.

وأكد المدير العام للإدارة العامة للمعابر والحدود الفلسطينية نظمي مهنا، أن الحركة على معبر الكرامة، الجسر المؤدي من الضفة الغربية إلى الأردن وبالعكس متوقفة تماماً، ولا تفاصيل أخرى حول إعادة تشغيله.

كما أكد الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردنية إغلاق جسر الملك حسين أمام حركة السفر.

ويستخدم الفلسطينيون فقط معبر «الكرامة» للوصول إلى جسر الملك حسين - أللنبي لمغادرة الضفة الغربية، إلى أي مكان، في حين يستخدم الإسرائيليون عموماً معبري الشيخ حسين شمالاً، ووادي عربة جنوباً للوصول البري إلى الأردن، أو مطار بن غوريون للسفر إلى الخارج.

ويمر عبر المعبر يومياً نحو 10 آلاف مسافر فلسطيني، كما أنه ممر لآلاف شاحنات البضائع.

جنود إسرائيليون يستنفرون بعد إطلاق نار عند معبر «جسر أللنبي» بين الضفة الغربية والأردن (رويترز)

والمعبر الذي شهد الهجوم، يتم الوصول إليه عبر 3 نقاط رئيسية فلسطينية (معبر الكرامة)، وإسرائيلية (جسر أللنبي)، وأردنية (جسر الملك حسين)، ويعمل بنظام ساعات محددة ما يخلق أزمة خانقة وشكاوى كثيرة من المسافرين الفلسطينيين الذين طالبوا السلطة بالعمل لفتحه على مدار 24 ساعة.

ويعاني الفلسطينيون من أزمة خانقة في الانتقال خارج بلادهم منذ بداية موسم الصيف لهذا العام، ويتعرضون لمضايقات وصعوبات خلال رحلتهم، ما يستغرق ساعات عدة، ويضطر بعضهم للعودة أو النوم على أحد المعابر جراء الاكتظاظ الشديد.

ويُجبر الفلسطينيون على المرور عبر معبر الكرامة، وختم جوازاتهم هناك ثم دفع مبلغ ضريبي للمغادرة قبل أن ينتقلوا في حافلات إلى معبر أللنبي الإسرائيلي، ويخضعون لتدقيق ثانٍ وتفتيش، ثم يتحركون عبر حافلات لجسر الملك حسين من أجل تدقيق ثالث قبل الولوج إلى الأردن، أما الذين يسافرون خارج الأردن، فعليهم الذهاب إلى مطار الملكة علياء.

وبخلاف الإسرائيليين، يُمنع الفلسطينيون من السفر عبر مطار بن غوريون إلا في حال حصولهم على تصريح خاص، وهو أمر معقد ونادر الحدوث.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الهجوم الخطير الذي وقع، الأحد، عند معبر أللنبي، يجدد المخاوف من تصعيد التوترات مع الأردن، وأضافت: «في السنوات الأخيرة، تصاعدت التوترات، وطيلة الحرب في غزة».

وزعمت «يديعوت» أن أردنيين وزعوا الحلوى في جميع أنحاء المملكة، وكتب على أحد أطباق الحلوى «حلويات للعملية البطولية». لكن رغم ذلك أكدت الصحيفة العبرية أن حواراً على مختلف المستويات انطلق بين إسرائيل والأردن من أجل التحقيق، وضمان منع تكرار العملية. وأضافت: «رغم الحوار بين الطرفين، فإن التوترات لا تزال واضحة».

ورأت الصحيفة أنه «ينبغي التأكيد على أن الأردن وإسرائيل يحافظان، على الرغم من التوترات بينهما، على اتصالات مستمرة بشأن أنشطة مكافحة (الإرهاب) لأن الحدود الشرقية تثير قلقاً كبيراً للجيش الإسرائيلي و(الشاباك)، في ضوء المحاولات المتواصلة من قبل إيران و(حماس) لتهريب الأسلحة والعبوات الناسفة إلى الضفة الغربية».