المستوطنون يسعون لتحطيم السلطة الفلسطينية و«حماس» معاً

الجيش الإسرائيلي يعلن قلقه من الإرهاب اليهودي لكن أفعاله تُغذيه

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في جنين بالضفة الغربية 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في جنين بالضفة الغربية 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)
TT

المستوطنون يسعون لتحطيم السلطة الفلسطينية و«حماس» معاً

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في جنين بالضفة الغربية 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في جنين بالضفة الغربية 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)

على الرغم من المواقف التي يعلنها الجيش الإسرائيلي ويعبّر فيها عن «قلقه البالغ» من تفاقم نشاطات الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين، وما يسفر عنه من حَرَج أمام المؤسسات الدولية، فإن العمليات الحربية المدمِّرة التي تقوم بها قواته في مختلف أنحاء الضفة الغربية، يراها كثيرون سنداً لهذا الإرهاب تُغذّيه وتُقوّيه.

فاليمين المتطرف، المشارك في الحكومة الإسرائيلية، بالإضافة إلى منظمات الإرهاب اليهودية، ترى في الحملة العسكرية للجيش أملاً يحقق مرادها في تحطيم السلطة الفلسطينية وحركة «حماس»، وغيرهما من الفصائل المعارِضة، وإشاعة الفوضى العارمة بالضفة الغربية. وهذا هو بالضبط ما ورد في مشروع وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي نُشر في سنة 2017، تحت عنوان «خطة الحسم».

فهذه الخطة، التي تحولت إلى برنامج سياسي لحزب «الصهيونية الدينية»، تضع ثلاث مراحل لتصفية القضية الفلسطينية، وخلق الظروف الملائمة للقضاء على فكرة «دولتين للشعبين»، والعودة إلى جعل إسرائيل دولة يهودية تسيطر على فلسطين بالكامل.

لاجئون فلسطينيون يسيرون بين أنقاض منازل مدمرة في مخيم طولكرم 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)

ثلاث مراحل

المرحلة الأولى من المشروع تتمثل في تكثيف الاستيطان وإحداث الفوضى، في حين تهدف المرحلة الثانية إلى إسقاط السلطة الفلسطينية، أما الثالثة فتشمل ترحيل الفلسطينيين الذين يرفضون أن يعيشوا رعايا بلا حقوق في الدولة اليهودية.

لكن البعض يرى أنه لا يوجد شيء يُحوّل الضفة الغربية إلى فوضى مثل ممارسات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، مشيرين إلى أن هذه الممارسات، التي بدأت بنهاية مارس (آذار) 2020، تحت اسم «كاسر الأمواج»، وشملت حملة اعتقالات ليلية بلا توقف، ثم ارتفعت شراستها درجات عدة بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث استُخدم الطيران الحربي لقصف البيوت السكنية، في حين قامت الدبابات والجرّافات بهدم البيوت، وزاد عيار التدمير، في الأيام الأخيرة، مع حملة الجيش ضد مخيمات اللاجئين، والتي بدأت تُمارس التعطيش والتجويع، ومن ثم الترحيل، حيث جرى إبعاد أكثر من خمسة آلاف فلسطيني من بيوتهم وأشغالهم.

صورة لمنزل دُمّر خلال العملية الإسرائيلية في مخيم طولكرم بالضفة الغربية 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)

ثلاث وثائق

ولفت البروفيسور آسا كشير إلى ثلاث وثائق خطيرة نُشرت مؤخراً حول الحملة في الضفة، هي خطاب الاعتزال لقائد المنطقة الوسطى في الجيش، اللواء يهودا فوكس، والثانية كتاب رئيس جهاز «الشاباك»، روني بار، حول الأعمال الخطيرة لوزير الأمن القومي، أيتمار بن غفير، وغيره، والثالثة كانت خلاصة تصريحات قائد المنطقة الوسطى، اللواء آفي بلوط، للتحقيق في أعمال الشغب اليهودية بقرية جيت. وقبل ذلك نُشر بيان مشترك مُشابه لبيان رئيس الأركان، ورئيس «الشاباك» والمفتش العام السابق للشرطة.

ويقول كشير: «هذه الوثائق تؤدي بنا إلى التشخيص المناسب لمفترق الطرق الذي وصلنا إليه. فمنظمة الإرهاب هي مجموعة منظمة تُنفذ أعمالاً للمسِّ بالأرواح أو بالممتلكات، لأجل زرع الخوف في مجموعة أخرى لدفعها إلى عمل مرغوب فيه من ناحية الإرهابيين؛ ألا وهو طرد الفلسطينيين من أماكن عيشهم وسكنهم بهدف السيطرة عليها، ثم الاستيطان فيها وضمّها إلى إسرائيل».

وتابع: «كما أن الشرطة في الضفة لا تعمل ضد منظمات الإرهاب اليهودية كما هو مطلوب منها وفق القانون الدولي وقِيم الشرطة. وتوجد شهادات على امتناع منتظم من جانب الشرطة عن التدخل في الأحداث واعتقال المهاجمين، والتحقيق مع المشبوهين وتقديمهم إلى المحاكمة. سلوك الشرطة يعبر عن روح أجواء رعاية سياسية تهبّ بقوة من نواب اليمين المتطرف ومن ممثليهم في الحكومة».

ويؤكد كشير أن هذه الطريقة تجعل منظمات الإرهاب تعمل تقريباً دون عراقيل، للسيطرة بالعنف على كل المناطق. ويُحذر من أن هذه المنظمات يمكن أن تسيطر على كل دولة إسرائيل، إذا لم يجرِ العمل على معالجة الظاهرة من أساسها، موضحاً أن «الخطر من منظمات الإرهاب اليهودية، مثلما عَرَضه رئيس (الشاباك)، ومثلما يُفهَم من أقوال قادة المنطقة الوسطى، ليس أقل من الخطر على مجرد وجود دولة إسرائيل».


مقالات ذات صلة

غارة إسرائيلية على بلدة عيترون في جنوب لبنان

المشرق العربي صورة ملتقطة من موقع في شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان تظهر تصاعد الدخان أثناء القصف الإسرائيلي لمنطقة لبنانية في 4 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية على بلدة عيترون في جنوب لبنان

شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، صباح الجمعة، غارة استهدفت بلدة عيترون في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الممثل الأميركي بن ستيلر بيم عدد من معجبيه في تورونتو (أ.ف.ب)

انطلاق مهرجان تورونتو السينمائي... و«الأمن» يفضّ احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين

انطلق «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي» (الخميس)، بعرض أول لفيلم «ناتكراكرز (Nutcrackers)»، في حين شهد احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (تورونتو)
المشرق العربي وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك (د.ب.أ)

بيربوك: الخيار العسكري البحت ليس الحل في غزة

أكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، الجمعة، أنّ الخيار العسكري البحت ليس الحل للحرب الإسرائيلية ضد حركة «حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطيني نازح يتفقد منزله في دير البلح بقطاع غزة نهاية أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: الوضع الإنساني في غزة يتجاوز الكارثي

حذّرت الأمم المتحدة، الخميس، من أن الوضع الإنساني في قطاع غزة «يتجاوز الكارثي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي آليات عسكرية إسرائيلية خلال عملية في مدينة جنين بالضفة الغربية الخميس 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي ينسحب من جنين ومخيمها

ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، الجمعة، أن القوات الإسرائيلية انسحبت من جنين ومخيمها «بعد عشرة أيام من العدوان».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

البيت الأبيض: أجزاء من «فيلادلفيا» ليست مناطق كثافة سكانية ولا تتطلب انسحاباً إسرائيلياً

جانب من الحدود بين قطاع غزة ومصر التي تعرف بـ«محور فيلادلفيا» (د.ب.أ)
جانب من الحدود بين قطاع غزة ومصر التي تعرف بـ«محور فيلادلفيا» (د.ب.أ)
TT

البيت الأبيض: أجزاء من «فيلادلفيا» ليست مناطق كثافة سكانية ولا تتطلب انسحاباً إسرائيلياً

جانب من الحدود بين قطاع غزة ومصر التي تعرف بـ«محور فيلادلفيا» (د.ب.أ)
جانب من الحدود بين قطاع غزة ومصر التي تعرف بـ«محور فيلادلفيا» (د.ب.أ)

تزايد الجدل حول الإصرار الإسرائيلي على البقاء في محور «فيلادلفيا» مع ادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحدوث تهريب للأسلحة عبر أنفاق تحت الممر، وأصرّ على عدم مغادرة الجيش الإسرائيلي لـ«فيلادلفيا» خلال المرحلة الأولى من صفقة لوقف إطلاق النار.

وأثار ذلك أسئلة حول المعايير المتعلقة بهذا الممر الفاصل بين قطاع غزة ومصر، وهل يعد منطقة كثيفة سكانياً ينطبق عليها ما عرضه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 مايو (أيار) الماضي، ضمن خطة مكونة من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب، تتضمن في المرحلة الأولى انسحاباً إسرائيلياً من «المناطق الكثيفة سكانياً» في غزة.

وفي إجابته عن سؤال خلال مؤتمر صحافي ظهر الخميس، قال جون كيربي منسق الأمن القومي في البيت الأبيض، إن «المرحلة الأولى تتطلب بالفعل مغادرة الجيش الإسرائيلي للمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، لكن هناك أجزاء من ممر (فيلادلفيا) لا تتأهل لتطبيق هذا المعيار؛ لأنها ليست مناطق ذات كثافة سكانية عالية؛ ولذا فإن الإسرائيليين قالوا إنهم بحاجة للبقاء في مناطق على طول هذا الممر». وأضاف أن «هناك مناطق ليست كذلك (ليست ذات كثافة سكانية) ولا تحتاج إلى نوع من الاتفاق».