مصر تُصعّد ضد إسرائيل وتحمّلها عواقب «تأزيم الموقف»

القاهرة قالت إن نتنياهو يحاول عرقلة جهود الوسطاء

نتنياهو أمام خريطة قطاع غزة ويخبر المشاهدين بأن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)
نتنياهو أمام خريطة قطاع غزة ويخبر المشاهدين بأن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)
TT

مصر تُصعّد ضد إسرائيل وتحمّلها عواقب «تأزيم الموقف»

نتنياهو أمام خريطة قطاع غزة ويخبر المشاهدين بأن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)
نتنياهو أمام خريطة قطاع غزة ويخبر المشاهدين بأن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)

مع غضب يتسع ضده في إسرائيل، ومحاولات أميركية للدفع بمقترح قريب لاتفاق هدنة بغزة، أدت تصريحات جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، إلى رد حاد من القاهرة شمل تحذيراً من تداعيات «التعنت المستمر» على المنطقة، وعدّه ضمن مساعي «عرقلة جهود الوساطة».

وقال خبراء لـ«الشرق الأوسط» إن التصعيد المصري يأتي عقب تمسّك نتنياهو بالبقاء في محور فيلادلفيا بالمخالفة لاتفاق السلام بين البلدين عام 1979، مؤكدين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول إفساد المفاوضات على أمل وصول حليفه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض للحصول على دعم أكبر واستمرار بقائه السياسي، مشترطين ضغوطاً أميركية حقيقية للذهاب إلى اتفاق يحقق الاستقرار بالمنطقة.

وعقب إضراب عمّ إسرائيل واحتجاجات تطالب بإبرام صفقة تبادل أسرى، رفض نتنياهو في خطاب ليلة الاثنين «الانسحاب من محور فيلادلفيا» الذي بات عقبة رئيسية بالمفاوضات الحالية، مضيفاً: «صدمت من بعض الأصوات داخل الحكومة تريد خروجنا من محور فيلادلفيا»، في إشارة إلى وزير الدفاع، يوآف غالانت.

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

وكشف نتنياهو عن أنه «وقف في وجه ضغوط عالمية من أجل السيطرة على محور فيلادلفيا ودخول رفح (أواخر مايو «أيار» الماضي)»، مضيفاً: «لقد حرصنا على ألا يدخل دبّوس إلى غزة من جانبنا لكنهم (حماس) سلّحوا أنفسهم عبر محور فيلادلفيا ومصر».

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الثلاثاء، عن زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، قوله إن تصريحات نتنياهو عن محور فيلادلفيا «خدعة سياسية لا تمت للواقع بصلة».

وردت مصر على نتنياهو، في إفادة للخارجية، الثلاثاء، بتأكيد «رفضها التام للتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي»، مشيرة إلى أنه «حاول من خلالها الزج باسم مصر لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي، وعرقلة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة».

ورفضت مصر «جميع المزاعم التي يتم تناولها من جانب المسؤولين الإسرائيليين في هذا الشأن»، محملة «الحكومة الإسرائيلية عواقب إطلاق مثل تلك التصريحات التي تزيد من تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية، التي تؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة».

رجل يبحث عن ضحايا أو ناجين عقب غارة إسرائيلية في حي الزيتون شمال غزة (أ.ف.ب)

ورأى مساعد وزير الخارجية الأسبق المصري، السفير رخا أحمد حسن، أن «نتنياهو يراهن على الاستمرار في الحرب إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، وهو من اخترع البقاء في محور فيلادلفيا ليكون مبرراً لإفساد المفاوضات وإطالة أمدها لأنه يعلم تماماً أن مصر لن تقبل بهذا الاحتلال لهذا المحور».

وانتظاراً لأمل وصول ترمب للبيت الأبيض، لضمان بقائه السياسي، سيواصل نتنياهو، وفق تقديرات الخبير الاستراتيجي، اللواء سمير فرج، تعطيل اتفاق الهدنة، مؤكداً أن ممر فيلادلفيا جزء من اتفاقية السلام والوجود الإسرائيلي مخالف لها»، مضيفاً أن التصعيد المصري لم يأت إلا بسبب تصريحات نتنياهو و«إصراره على التعنت على مدار الفترة الماضية».

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب الاتفاقية الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979، ومنذ اندلاع حرب غزة بات نقطة أزمة بين القاهرة وتل أبيب، خاصة بعد احتلاله من جانب الجيش الإسرائيلي في مايو الماضي مع الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

وبات المحور عقبة رئيسية في مصير اتفاق هدنة غزة مع تمسُّك نتنياهو بالبقاء فيه على خلاف مَطالب «حماس» بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، والرفض المصري، وسط مفاوضات تراوح مكانها وتنتظر «مقترحاً نهائياً أميركياً».

وكشف موقع «أكسيوس»، الأميركي، الاثنين، نقلاً عن مصدرَين أميركييْن، عن أن بايدن يدرس تقديم اقتراح نهائي في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وفق ما أبلغ به مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان عائلات الرهائن الأميركيين المحتجزين في غزة، الأحد.

كما كشف الموقع ذاته عن لقاء جمع رئيس الموساد، ديفيد برنياع ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، الاثنين، لمناقشة سبل الدفع من أجل التوصل لاتفاق لتأمين الإفراج عن الرهائن.

وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية، أنه بالتوازي مع المحادثات التي أجراها رئيس الموساد في الدوحة، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، محادثات مع رئيس الوزراء القطري.

فلسطينيون ينقلون ضحية إلى مستشفى في أعقاب غارة إسرائيلية بحي الزيتون شمال غزة (أ.ف.ب)

وانتقد بايدن خلال تصريحات، الاثنين، للصحافيين بالبيت الأبيض، نتنياهو بأنه «لا يفعل ما يكفي لتأمين اتفاق»، مضيفاً «نحن نتفاوض... نحن في منتصف المفاوضات»، بعد أحاديث له عن اتفاق وشيك.

ويؤكد السفير رخا، في هذا الإطار، أنه لا اتفاق من دون ضغط أميركي حقيقي على نتنياهو، متوقعاً أن يتضمن المقترح الجديد من واشنطن «لغماً يفجّر المحادثات كما رأينا من قبل في المقترحات السابقة»، وقد يكون هذا آخر عهد إدارة بايدن بالهدنة مع قرب الانتخابات الرئاسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن خطاب نتنياهو رسالة واضحة لبايدن و«حماس» بعدم التنازل، مستبعداً أن تؤدي الإضرابات والاحتجاجات إلى ضغوط حقيقية على رئيس وزراء إسرائيل في ضوء وقائع سابقة استطاع الالتفاف عليها ومواجهتها بالقانون لوقفها أو بحشود مضادة.

وبرأي مطاوع، فإن اللقاءات التي يذهب لها مسؤولون إسرائيليون في إطار المفاوضات هي إحدى الوسائل التي يستخدمها نتنياهو للتخلص من الضغوط الداخلية ليزعم أنه يريد صفقة و«الحقيقة عكس ذلك، فهو يسعى لتضييع الوقت لا غير»، متوقعاً أن يفشل المقترح الأميركي الجديد في تقديم تفاهمات تقود إلى اتفاق قريب، خاصة مع تصاعد توقعات أن يرحّل ملف الهدنة للإدارة الأميركية المنتخبة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.


مقالات ذات صلة

تمسك نتنياهو بـ«فيلادلفيا»... هل يفاقم التوترات مع مصر؟

تحليل إخباري جانب من الحدود بين قطاع غزة ومصر التي تعرف بـ«محور فيلادلفيا» (أرشيفية - د.ب.أ) play-circle 06:53

تمسك نتنياهو بـ«فيلادلفيا»... هل يفاقم التوترات مع مصر؟

تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تمسكه بالبقاء في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، يثير تساؤلات بشأن تداعيات ذلك على مسار التوترات مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

حديث إسرائيلي عن مقترح مصري تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، بعد تأكيد القاهرة وجود أفكار مصرية في هذا الصدد واشتراط إسرائيل رداً إيجابياً من «حماس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز) play-circle 01:30

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تمسك يد ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

مصر تتمسك بانسحاب إسرائيل من «معبر رفح» وسط حديث عن «هدنة قريبة»

تزامنت تأكيدات مصر على رفض البقاء الإسرائيلي في الجانب الفلسطيني من «معبر رفح» الحدودي مع غزة و«محور فيلادلفيا»، مع مساع تبذلها بالتعاون مع أميركا لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (رويترز)

تقارير: محادثات بين مصر وإسرائيل لإعادة فتح معبر رفح وإتمام اتفاق لوقف النار في غزة

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن هناك محادثات بين مصر وإسرائيل لإعادة فتح معبر رفح لزيادة إدخال المساعدات إلى غزة والتحرك نحو اتفاق لوقف النار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
TT

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)

خارج المخيمات باشر القائد العام للحكم الجديد في سوريا، أحمد الشرع، رسم معالم حكومته الأولى بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. ومنح الشرع منصب وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة لحليف وثيق له من مؤسسي «هيئة تحرير الشام» هو أسعد حسن الشيباني، ووزير الدفاع لحليف آخر هو مرهف أبو قصرة (أبو الحسن 600)، فيما ضم أول امرأة لحكومته هي عائشة الدبس التي خُصص لها مكتب جديد يُعنى بشؤون المرأة.

وجاءت هذه التعيينات في وقت باشرت فيه حكومات أجنبية اتصالاتها مع الحكم الجديد في دمشق وغداة إعلان الولايات المتحدة أنَّها رفعت المكافأة التي كانت تضعها على رأس الشرع بتهمة التورط في الإرهاب، البالغة 10 ملايين دولار.

وعقد الشرع اجتماعاً موسعاً أمس مع قادة فصائل عسكرية «نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»، بحسب ما أعلنت القيادة العامة التي يقودها زعيم «هيئة تحرير الشام».

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان «الجيش الوطني» المتحالف مع تركيا أنَّ مقاتليه يتأهبون لمهاجمة «الوحدات» الكردية شرق الفرات، في خطوة يُتوقع أن تثير غضباً أميركياً. وفي هذا الإطار، برز تلويح مشرعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بفرض عقوبات على تركيا إذا هاجمت الأكراد السوريين.