جعجع يحاكي شارعه بتعديل الدستور وأسئلة حول تغييبه لـ«الطائف»

مصادر «القوات اللبنانية» تؤكد أن عدم استحضاره سقط سهواً

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
TT

جعجع يحاكي شارعه بتعديل الدستور وأسئلة حول تغييبه لـ«الطائف»

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

فاجأ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعض حلفائه قبل خصومه، بالطروحات التي أوردها في خطابه بمناسبة ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، وتحديداً بـ«عدم ممانعته تعديل الدستور، على أن ننتخب أولاً رئيساً للجمهورية تبعاً للدستور، وندعو بعدها إلى طاولة حوار في قصر بعبدا تُطرح فيها كل شؤوننا وشجوننا الوطنية، ويتركز النقاش على عنوان أوحد: أي لبنان نريد فيما البلد يواصل انهياره، وهل نحن في حاجة إلى تركيبة جديدة؟».

ومع أن خصومه وبعض حلفائه فوجئوا بطروحاته هذه، فإن «التيار الوطني الحر» لم يشاركهم رأيهم بتلقف موقف جعجع بإيجابية، موحياً، بحسب بيان «التيار»، بأنه التحق بموقفه.

ويُجمع بعض حلفاء جعجع، وهم من النواب الذين شاركوا في احتفال «القوات اللبنانية» أو غابوا عنه، على أنه خص بطروحاته الشارع المسيحي، ما يفسر قول «التيار الوطني الحر» بأنه التحق به، بدلاً من أن يتوجه إلى شريكه المسلم في الوطن الذي يشاركه بسواده الأعظم انتقاده لتفرد «حزب الله» بقرار الحرب والسلم.

ويؤكد هؤلاء لـ«الشرق الأوسط» أنهم يتفهمون الهواجس التي يشكو منها الشارع المسيحي بجميع مكوناته من موقع اختلافهم في مقاربتهم لانتخاب الرئيس وقضايا أخرى ما زالت عالقة بلا حلول، لكنهم لا يرون مبرراً لرهانه منذ الآن على دور لـ«حزب الله» فور انتهاء الحرب في جنوب لبنان، وكان من الأفضل التريث ليكون على بينة مما سينتهي إليه الوضع، محملاً الحزب مسؤولية ما لحق بالجنوب من دمار وخسائر، لئلا يفسّر موقفه وكأنه يحاول عزل الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها الحزب.

لماذا تجنب جعجع ذكر الطائف؟

ويسألون: لماذا تجنّب جعجع الإشارة إلى اتفاق الطائف بقوله إنه لا يمانع طلب البعض تعديل الدستور؟ وهل تغييبه يعني أن مفاعيله السياسية انتهت؟ ومن هي الجهة السياسية المستفيدة من عدم استحضاره؟ وما هو البديل؟ وما المانع من أن يصّنف كلامه في خانة تشجيع الدعوات المطالبة بالفيدرالية، وإن كان ربط تعديله بالحفاظ على وحدة لبنان وحدوده؟

ويؤكد هؤلاء أن الطائف لم ينفذ كما يجب، وهناك ضرورة لاستكمال تطبيقه وتنقيته من الشوائب التي أصابته جراء تجاوزات ارتكبها بعض القيمين على تنفيذه، ويلفتون إلى أن الظروف الصعبة التي يمر بها البلد على إيقاع الحرب المشتعلة في الجنوب بين «حزب الله» وإسرائيل ليست مواتية للحديث عن تعديل الدستور وأي لبنان نريد؛ كون هذه الطروحات تشكل خروجاً على روحية الطائف الذي لا يزال يتمتع بحصانة عربية ودولية، باعتباره الناظم الوحيد للعلاقات بين المكونات اللبنانية، ويأخذون على حليفه عدم مخاطبته شريكه المسلم في ظل العلاقة غير السوية القائمة بينه وبين الغالبية في الشارع السني، وإن كانت تتقاطع وإياه على معارضتها لتفرد الحزب بقرار السلم والحرب.

هواجس مشروعة

ويرى بعض حلفاء جعجع أن مجرد إشارته إلى عدم ممانعته تعديل الدستور، يمكن أن يدغدغ مشاعر الذين يتصدّرون الدعوات للفيدرالية التي أخذت تتزايد في الشارع المسيحي، بذريعة أنها الحل الوحيد في ظل استحالة التعايش مع فائض القوة التي يتمتع بها «حزب الله». ويؤكدون أن مخاوف الشارع المسيحي لا تعالج بتقسيمات يمكن أن تأخذ البلد نحو المجهول، وإنما بوجود دولة قوية عادلة تفرض كامل سيطرتها على أراضيها لقطع الطريق على إقحام البلد في مزيد من الاحتقان والتطييف، فيما المطلوب أن تبحث كل هذه الهواجس، وهي مشروعة، في ظروف مستقرة ليست متوافرة حتى الساعة.

ويتوقف هؤلاء أمام الغياب السني عن المهرجان الذي اقتصر على النائب أشرف ريفي، الذي فوجئ ببعض ما طرحه جعجع، ويقولون إن غياب بعض حلفائه من النواب السنة عن الاحتفال يفسر بعدم سوية العلاقة بينهم وبين «القوات»، وإن كانوا على توافق يتعلق بالإطار الدبلوماسي لانتخاب الرئيس.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المعارضة تقف حالياً أمام استحقاق سياسي يستدعي الالتفات لإعادة تصويب موقفها، في ظل ما يتردد عن الخلاف الذي حصل بين النائب الزحلاوي بلال الحشيمي وزميله القواتي إلياس اسطفان، الذي سعى إلى تسويته رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض بجمعهما في منزله بحضور النائب جورج عقيص، ولم يخلُ اللقاء من تبادلهما العتب لتنقية الأجواء بينهما.

لذلك، فإن نواباً في «القوات»، كما ينقل عنهم زملاؤهم في المعارضة، يدعون إلى عدم تحميل جعجع، بتغييبه للطائف في خطابه، أثقالاً سياسية، فهو باقٍ على التزامه به، وكان أول من أيده منذ أن توافق النواب في اجتماعهم في الطائف بالمملكة العربية السعودية على وثيقة الوفاق الوطني، وبالتالي فإن عدم إشارته للطائف، كما يقول هؤلاء، سقط سهواً ولم يكن عن سابق تصور وتصميم، ولا بد من «توضيح موقفنا في أقرب فرصة».

فهل يعاد الاعتبار للنظام اللبناني بعد تنقيته من الشوائب على نحو يبدد الهواجس التي تعتري الشارع المسيحي ويطمئنه لمستقبله، خصوصاً أن هناك صعوبة في تحويل لبنان إلى مقاطعات غير قابلة للحياة، وأن مجرد إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية المفتوحة على مشاريع ذات نكهة سياسية سيؤدي إلى انقسام المعارضة على نفسها، وهي تواجه، كما تقول مصادرها، هيمنة «حزب الله» على القرار السياسي للبنان؟


مقالات ذات صلة

توقيف رياض سلامة يفتح ملفات المصارف اللبنانية على مصراعيها

المشرق العربي رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في مصرف لبنان في 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)

توقيف رياض سلامة يفتح ملفات المصارف اللبنانية على مصراعيها

أوقف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بشبهة «اختلاس أموال من البنك المركزي وصرف نفوذ وتبييض أموال، وإثراء غير مشروع».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الأمن والدفاع المدني يعاينون سيارة استُهدفت الاثنين بغارة إسرائيلية على الطريق المؤدية إلى بلدة الناقورة أدت إلى مقتل اثنين أحدهما متعاقد مع الـ«يونيفيل»... (إ.ب.أ)

مواجهات «مستقرة» بخسائر محدودة بين «حزب الله» وإسرائيل

تسير المعركة على جبهة جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» بوتيرة «مستقرة» ترتكز على «استمرار المواجهات ضمن خسائر محدودة» للطرفين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الحاكم السابق للمصرف المركزي في لبنان رياض سلامة (رويترز)

توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بعد استجوابه

أوقف القضاء اللبناني، اليوم (الثلاثاء)، الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة، بعد استجوابه بشأن قضية اختلاس أموال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

التمديد لقائد الجيش اللبناني... خلاف متجدد مع استمرار الفراغ الرئاسي

بدأ بعض القوى طرح تمديد ولاية قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية مع بدء العد العكسي لانتهاء ولايتهم، بعدما كان قد مُدّد لهم العام الماضي نتيجة الفراغ الرئاسي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني أمام السيارة المستهدفة بالغارة الإسرائيلية على طريق الناقورة التي أدت إلى مقتل مدنيين لبنانيين اثنين (إ.ب.أ)

مقتل لبنانيين في غارة إسرائيلية على الناقورة

قتل مدنيان بغارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما في بلدة الناقورة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل فتاة فلسطينية في عملية إسرائيلية بالضفة

مركبة عسكرية إسرائيلية تمر على الطريق خلال مداهمة في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تمر على الطريق خلال مداهمة في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)
TT

مقتل فتاة فلسطينية في عملية إسرائيلية بالضفة

مركبة عسكرية إسرائيلية تمر على الطريق خلال مداهمة في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تمر على الطريق خلال مداهمة في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

قتلت فتاة فلسطينية، تبلغ من العمر 16 عاماً، برصاص القوات الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، في بلدة كفر دان غرب جنين بالضفة الغربية.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان أوردته «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا)، إن «طواقمها نقلت فتاة بعد إصابتها برصاص قوات الاحتلال في كفر دان، وذلك بعد منع طواقمها من الوصول لموقع الإصابة لنحو نصف ساعة».

وأشارت إلى أن «طواقمها نقلت إصابة برصاص الاحتلال لشاب بالفخذ».

ولم تقدم السلطات الفلسطينية مزيداً من التفاصيل حول ظروف وفاة الفتاة.

وفي الوقت ذاته، أفادت «وفا» بإصابة أحد صحفاييها في البلدة نفسها عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على سيارة تقل صحافيين.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في كلتا الواقعتين.

وأطلقت إسرائيل الأسبوع الماضي عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية لاستهداف مقاتلين من حركتي «حماس» و«الجهاد»، منددة بزيادة كبيرة في الهجمات على إسرائيل من المنطقة.

وفي وقت سابق، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم مجموعة مسلحة بمسيّرة بالقرب من طولكرم خلال الليل بعد أن أطلق المسلحون النار على القوات الإسرائيلية.

وأفادت تقارير إعلامية غير مؤكدة بأن أربعة أشخاص أصيبوا.

وذكرت تقارير فلسطينية أن العملية الإسرائيلية الأخيرة في طولكرم، الواقعة في شمال غربي الضفة الغربية على الحدود مع إسرائيل، بدأت قبل يومين.

وكانت القوات الإسرائيلية قد داهمت المدينة الأسبوع الماضي.

وتدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية بشكل كبير منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقتل منذ ذلك الحين أكثر من 650 فلسطينياً في عمليات عسكرية إسرائيلية أو اشتباكات، وفقاً للسلطات الصحية المحلية.

وفي الوقت نفسه، تزايدت أيضاً أعمال العنف من جانب المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين.