الجيش الإسرائيلي يعزز تموضعه في غزة

قائد عسكري: ما دامت الحكومة لم تقرر الانسحاب سنتصرف كأننا باقون للأبد

الجيش الإسرائيلي يهدم المباني المحيطة بممر نتساريم من أجل إنشاء منطقة عازلة (أ.ف.ب)
الجيش الإسرائيلي يهدم المباني المحيطة بممر نتساريم من أجل إنشاء منطقة عازلة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعزز تموضعه في غزة

الجيش الإسرائيلي يهدم المباني المحيطة بممر نتساريم من أجل إنشاء منطقة عازلة (أ.ف.ب)
الجيش الإسرائيلي يهدم المباني المحيطة بممر نتساريم من أجل إنشاء منطقة عازلة (أ.ف.ب)

على الرغم من الموقف العلني لقيادة الجيش الإسرائيلي الداعم لصفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في غزة، والدخول في صدام مع القيادة السياسية ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو؛ فإن قواته تسعى لتعزيز الوجود الاحتلالي للقطاع، وتُظهر الرغبة في البقاء فترة طويلة فيه.

وتؤكد مصادر عسكرية في تل أبيب أن الجيش انتهى من إقامة حزام أمنى على طول الحدود، صادر من خلالها الأرض الفلسطينية بعرض كيلومتر وجعلها حزاماً أمنياً، إذ هدم كل البيوت والعمارات وجرف الأشجار لتكون أرضاً جرداء وأعلنها منطقة عسكرية، ويطلق النار على كل من يدخلها من الفلسطينيين.

وفي صبيحة (الاثنين) حرص قائد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، العميد آفي روزنفيلد، على تسليم زمام القيادة للعميد الجديد براك حيرام، في مراسم رسمية على الأراضي الفلسطينية في منطقة بيت حانون.

وقد أثارت هذه الخطوة الاستثنائية استهجاناً حتى لدى أوساط عسكرية، إذ جرت العادة على إقامة مثل هذه الإجراءات داخل قاعدة عسكرية أو في مقر هذا اللواء في غلاف غزة. وقد رد ناطق بلسان حيرام على الانتقادات قائلاً إنه «ما دامت الحكومة لم تقرر أن ننسحب من غزة سنتصرف كما لو أننا باقون هنا إلى الأبد».

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتضاف هذه الخطوة إلى قرار هيئة رئاسة أركان الجيش إعادة إقامة مكتب إدارة مدنية لقطاع غزة، وتعيين العميد إليعاد غورن، رئيساً له ومسؤولاً عن ترتيب المساعدات الإنسانية التي تصل إلى مليوني مواطن من سكان غزة.

وقال مسؤول أمني، في حديث مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن «الجيش لا يستطيع أن يترك فراغاً. فالحكومة عندنا لا تضع خطة استراتيجية حول مستقبل غزة، ولا تحدد للجيش أهدافاً معقولة لحل المشكلات هناك، وترفض الحلول التي يقترحها آخرون. وليس هناك مفر، الجيش ملزم بإعطاء أجوبة للجنود وللسكان».

وأضاف: «هذه الدائرة ستعمل في غزة لسنين طويلة كما يبدو. فمن يعتقد أننا سنغادرها في الأيام القريبة أو بعد التوصل إلى اتفاق يكون مخطئاً».

وادَّعى ناطق عسكري بأن أولى المهمات التي أخذها غورن على عاتقه هي «السماح بنقل عدد من الجرحى والمرضى الفلسطينيين لتلقي العلاج في مستشفيات الإمارات العربية والأردن، ثم تطعيم الأطفال الفلسطينيين ضد شلل الأطفال، ثم إعادة فتح معبر رفح. وبدأ يعد خطة لفتح الطريق بين الشمال والجنوب، يُتوقع منها أن تؤدي إلى عودة مليون فلسطيني نازح في الجنوب، إلى شمال القطاع. وقال إنه يسعى لكسب ثقة المؤسسات الدولية والمواطنين الفلسطينيين.

المعروف أن الجيش الإسرائيلي ينتشر اليوم بقوات كبيرة على محور «نتساريم» (يقطع قطاع غزة عرضياً)، الذي بدأت إسرائيل السيطرة عليه مع بداية العملية البرية في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من الخط الحدودي الفاصل شمال شرقي منطقة جحر الديك، وصولاً إلى شارع صلاح الدين الرئيسي، حتى شارع الرشيد البحري، بطول يصل إلى 6 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات.

كما توجد القوات الإسرائيلية على محور فيلادلفيا الممتد على الحدود مع قطاع غزة، وهي تقيم مواقع وتحصينات وأبراج مراقبة ومعسكرات جديدة صغيرة، بينما جرى تركيب كشافات أنوار ضخمة.

محور فيلادلفيا (تايمز أوف إسرائيل)

وتوحي هذه الممارسات بأن القوات الإسرائيلية تخطط للبقاء في هذه المنطقة، أطول فترة ممكنة بغضّ النظر عن العمليات العسكرية، وربما ضمن خطة مستقبلية دائمة، وهو ما أكده مصدر عسكري إسرائيلي مؤخراً في حديث لإذاعة الجيش، إذ قال إن «هذه الممارسات وُجدت لنبقى، وهي نتاج جهد عسكري للاحتفاظ بالأرض واحتلال مستمر لسنوات، وهذا ما يؤلم (حماس) أكثر في المفاوضات»، وفق رأيه.


مقالات ذات صلة

مباحثات سعودية لتعزيز العمل المشترك في دعم حقوق الشعب الفلسطيني

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (واس)

مباحثات سعودية لتعزيز العمل المشترك في دعم حقوق الشعب الفلسطيني

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، (الأحد)، مستجدات القضية الفلسطينية مع نظرائه في مصر والأردن وتركيا لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيرَيه البحريني والغامبي أوضاع فلسطين

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان هاتفياً مع نظيرَيه؛ البحريني الدكتور عبد اللطيف الزياني، والغامبي مامادو تانقارا، مستجدات الأوضاع في فلسطين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي طفلة فلسطينية تنظر إلى الأنقاض وسط الحرب المستمرة في خان يونس بغزة (رويترز)

عودة شلل الأطفال إلى غزة... كل ما عليك معرفته

أكدت السلطات الصحية في قطاع غزة تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال منذ 25 عاماً هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي طفل يجلس ممسكاً بالكعك في مخيم جباليا للنازحين الفلسطينيين شمال غزة (أ.ف.ب)

غزة: تسليم نحو 1.2 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال

أعلن مسؤول في منظمة الصحة العالمية، الجمعة، أن نحو 1.2 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال تم تسليمها لقطاع غزة بالفعل قبل بدء حملة تطعيمات.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«قسد» تواصل استجابتها للعشائر وتخلي سبيل دفعة جديدة من السجناء

الإفراج عن محكومين من سجون «قسد» اليوم الاثنين (المرصد)
الإفراج عن محكومين من سجون «قسد» اليوم الاثنين (المرصد)
TT

«قسد» تواصل استجابتها للعشائر وتخلي سبيل دفعة جديدة من السجناء

الإفراج عن محكومين من سجون «قسد» اليوم الاثنين (المرصد)
الإفراج عن محكومين من سجون «قسد» اليوم الاثنين (المرصد)

بحضور مكتب العلاقات العامة لقوى الأمن الداخلي بمناطق «الإدارة الذاتية»، بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، وشيوخ ووجهاء عشائر المنطقة، أُخلي سبيل دفعة من 50 شخصاً من السجن المركزي بمدينة الحسكة. على أن يُخلى سبيل المتبقين على دفعات في الأيام المقبلة.

ووفق «وكالة الأنباء الكردية (هاوار)»، فإن إطلاق سراح دفعة جديدة من المعتقلين الذين شملهم «قانون العفو العام»، جاء «تطبيقاً لمخرجات (ملتقى العشائر الثاني)»، وتطبيقاً لـ(قانون العفو العام) الذي حمل الرقم (10)، الصادر عن (مجلس الشعوب الديمقراطية) في إقليم شمال وشرق سوريا، يوم 17 يوليو (تموز) الماضي. مع الإشارة إلى أن عدد المعتقلين الذي أخلي سبيلهم ممن شملهم قانون العفو بلغ 1111 شخصاً. وقد أخلي سبيل الدفعة الأولى منهم في 21 يوليو الماضي».

مظلوم عبدي القائد العام لقوات «قسد» يتوسط ممثلي العشائر في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

يذكر أن «ملتقى العشائر الثاني» انعقد في 17 يوليو تحت عنوان: «الوحدة الوطنية»، وضم «الإدارة الذاتية» و«مجلس سوريا الديمقراطية» و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وعدداً كبيراً من شيوخ ووجهاء العشائر العربية شرق وشمال سوريا، وعدداً من المكونات السورية. وفي استجابة لمطالب شيوخ ووجهاء العشائر، أُصدر «قانون العفو»، ويشمل المرضى، وكبار السن، وفئات محددة ممن حكم عليهم بالمؤبد أو بالسجن لسنوات طويلة وفق مواد محددة من «قانون الإرهاب» المطبق في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية (قسد)». كما يشمل «العفو» الجرائم المرتكبة من قبل السوريين قبل تاريخ 17 يوليو 2024، والمنصوص عليها في «قانون مكافحة الإرهاب» رقم «7» لعام 2021 وتعديلاته، والجرائم الواقعة على أمن «الإدارة الذاتية» والمنصوص عليها في «قانون العقوبات العام» رقم «2» لعام 2023.

الإفراج عن محكومين من سجون «قسد» اليوم الاثنين (المرصد)

ووفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فإن السجناء الخمسين الذين أطلقت «الإدارة الذاتية» سراحهم، يوم الاثنين، في مدينة الحسكة «كانوا معاقبين بقضايا تتعلق بالإرهاب والتعاون مع تنظيم (داعش)، ولم يثبت أن تلطخت أيديهم بالدماء». وقد شملهم العفو العام الذي صدر في وقت سابق، وأطلق سراحهم من سجن الحسكة المركزي، ويتحدرون من محافظات سورية عدة.

ولفت «المرصد» إلى أن «الإدارة الذاتية» تعمل أيضاً على الإفراج عن المعتقلين داخل «مخيم الهول» من عوائل «داعش» بكفالة عشائرية.

يأتي ذلك فيما تشهد مدينة الرقة شرق سوريا حالة من الاستنفار الأمني من قبل «قوات سوريا الديموقراطية (قسد)» وقوات التحالف الدولي، على خلفية فرار سجناء من جنسيات أجنبية خلال نقلهم من سجن إلى آخر قبل يومين.

وذكرت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، نقلاً عن مصادر ميدانية، أن «قسد» في حالة من الاستنفار، مع نصب الحواجز ضمن أحياء المدينة، بحثاً عن مجموعة من القياديين الأجانب في تنظيم «داعش».

هذا؛ وما زال التصعيد يتواصل في مناطق «الإدارة الذاتية»، التي تشهد هجمات تستهدف مواقع ونقاط «قوات سوريا الديمقراطية»، وأعلنت «قوات العشائر»، المدعومة من القوات الحكومية وطهران، الاثنين، استهدافها مقراً لـ«قسد» في بلدة ذيبان شرق دير الزور، ليل الأحد، بقذائف مدفعية، وأنه توجد أنباء عن سقوط خسائر بشرية. فيما عززت «قسد» مواقعها في بلدة الحوايج شرق دير الزور القريبة من بلدة ذيبان، عقب الاستهداف.

مدخل بلدة ذيبان بريف دير الزور... وهي إحدى أكثر المناطق تعرضاً لهجمات في الشهر الماضي (مصادر إعلامية محلية)

«المرصد السوري» لفت إلى تزامن هجمات المجموعات المحلية المدعومة من إيران، مع هجمات خلايا تنظيم «داعش» على المنطقة، مخلفة قتلى وضحايا وإصابات بين صفوف العسكريين والمدنيين على حدٍ سواء. وإلى أن المشهد «يظهر مدى وجود تنسيق غير معلن بين الطرفين، للإبقاء على مناطق (الإدارة الذاتية) مشتعلة، واستمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار».

ووفق «المرصد»، فقد استهدفت المجموعات المحلية المدعومة من إيران في أسبوع واحد كثيراً من البلدات والقرى الواقعة على ضفة نهر الفرات الشرقية، ضمن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»؛ وكان من بين المواقع المستهدفة نقاط عسكرية في بلدتي درنج وأبو حردوب، وقد اشتبك الطرفان بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، كما تبادلا القصف المدفعي بالأسلحة الثقيلة.

نزوح أهالي حويجة البصيرة شرق دير الزور خلال المواجهات الأولى التي بدأت في شهر أغسطس بين «قسد» وميليشيات مدعومة من إيران (متداولة)

في الأثناء، واصلت خلايا «داعش» تنفيذ عملياتها ضمن مناطق «الإدارة الذاتية»، حيث نفذت 6 هجمات خلال الأسبوع طالت صهاريج نفط ومدنيين وعسكريين، وتسببت في إصابة 4 عناصر من «قسد».

يذكر أن أن تنظيم «داعش» كان قد جمد هجماته ضمن هذه المناطق خلال التصعيد من قبل المجموعات المدعومة من إيران في أغسطس (آب) الماضي، ثم عاد من جديد ليصعّد حدة الهجمات بعد توقف تلك المجموعات في أعقاب الاتفاق الروسي مع «قوات سوريا الديمقراطية»، خلال اجتماع اتفق فيه الطرفان على خفض التوتر، وقدم الجانب الروسي وعوداً بوقف هجمات المجموعات المحلية المدعومة من إيران، وبإبعاد «الفرقة الرابعة» التابعة للقوات الحكومية والمدعومة من إيران عن منطقة ريف دير الزور، ونشر مجموعات بديلة من الحرس الجمهوري.