مقاربة حكومية لبنانية تمدّد أزمة الودائع المصرفية لـ20 عاماً

الاقتراحات تقتطع مبالغ كبيرة من المدخرات

من اجتماع سابق بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووفد من جمعية المصارف (الوكالة الوطنية)
من اجتماع سابق بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووفد من جمعية المصارف (الوكالة الوطنية)
TT

مقاربة حكومية لبنانية تمدّد أزمة الودائع المصرفية لـ20 عاماً

من اجتماع سابق بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووفد من جمعية المصارف (الوكالة الوطنية)
من اجتماع سابق بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووفد من جمعية المصارف (الوكالة الوطنية)

تكشف التسريبات المتوالية لمضمون الخطة الحكومية المحدّثة لإصلاح أوضاع المصارف في لبنان، أن أزمة المودعين ستظل مقيمة بحيثياتها الملتبسة والمؤلمة في سجلات القطاع المالي إلى أمد يزيد عن عِقد كامل للحسابات القابلة للسداد المتدرج، ولمدة مضاعفة تتعدى عشرين عاماً للمبالغ التي تفوق الحد المضمون البالغ مائة ألف دولار.

وتشي هذه المقاربات المعدّلة شكلياً عن خطط سابقة فشلت في بلوغ مرحلة التشريع المنشود، حسب مصادر مالية معنية، بالتعمّد المتكرر لإعفاء الدولة من الموجبات القانونية لسداد سحوباتها المكشوفة من البنك المركزي، لقاء شطب معظم توظيفات البنوك لديه البالغة نحو 80 مليار دولار؛ ما يفضي إلى تحميل المودعين وحدهم الجزء الأكبر من أوزار الفجوة المالية المقدرة حكومياً بنحو 72 مليار دولار.

خطة مرشحة للسقوط

وتفرض هذه المعطيات، وفق مصادر مصرفية، ترقب موقف السلطة النقدية إزاء الطروحات المحدّثة، باعتبارها المرجعية الحاكمة في تصويب الخيارات والإحصاءات ذات الصلة، بينما تشير معلومات موازية إلى أن حاكم البنك المركزي بالإنابة، وسيم منصوري، يعكف بدوره على إنضاج مقاربات جديدة لمعالجة أزمة المودعين العالقة في دوامة تقاذف مسؤوليات الفجوة المالية.

ومن المرتقب أن تلاقي الخطة الحكومية الجديدة مصير سابقاتها من السقوط في أتون السجال السياسي والاعتراضات الشديدة من قِبل المودعين، المقيمين منهم وغير المقيمين؛ ما يحول دون مرورها في اللجان النيابية، في حين سبق لمجلس شورى الدولة أن حكم بإبطال قرار سابق لمجلس الوزراء بالموافقة على استراتيجية النهوض بالقطاع المالي، وتحديداً في شقها المتعلق بإلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف؛ كونه يرتد بالمثل على إيفاء حقوق المودعين.

وتشير المصادر المعنية إلى التناقض الكبير أساساً في تعريف ماهية الفجوة، حيث يصرّ الفريق الاستشاري الحكومي على تصنيفها خسائرَ لاحقة بالقطاع المالي حصراً، بينما هي في الواقع، وفق تقييم جهات سياسية ونيابية وازنة ومصرفية، ديون قائمة على الدولة وموثقة في قيود ميزانية البنك المركزي.

في الحالتين، حسب ترجيحات قانونية، تنتفي أي ذريعة قانونية أو إجرائية لتحميل المودعين أي مسؤولية، بينما هم تكبدوا فعلاً خسائر جسيمة في استرداد شرائح من مدخراتهم خلال السنوات الخمس للأزمة، سواء بالاقتطاعات المباشرة أو بصرف الدولار بسعر متدنٍ عن السعر الساري، والمستمر حالياً بمستوى 15 ألف ليرة للدولار المصرفي، مقابل سعر 89.5 ألف ليرة لسعر التداول.

وتوثق خلاصات التدقيق الجنائي في ميزانيات البنك المركزي، والذي نفذته الشركة الدولية «الفاريز إند مارسال» قبل عامين، استدانة الدولة نحو 48 مليار دولار من مخزون العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان، نصفها تم تخصيصه لصالح مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة خلال الفترة الممتدة من عام 2010 إلى عام 2021، ونحو 7.57 مليار دولار لدعم سلع استهلاكية. ويضاف إليها قيد حاكمية البنك السابقة لفروق دعم العملة بنحو 16.5 مليار دولار.

تقسيط حتى عام 2035 و... أبعد

وتلحظ المقترحات المتجددة ضمان سداد 100 ألف دولار لكل مودع مهما بلغ عدد حساباته أو مبالغها المجمعة، على أن يتم تقسيط الدفع على مدار 11 سنة، أي لغاية عام 2035 بالحد الأدنى. في حين يتم توزيع الحسابات الأعلى على أسهم ملكية في البنوك وسندات دين مرؤوسة وكوبونات صفرية الفائدة تستحق قيمتها الاسمية بعد 20 و30 سنة، فضلاً عن سندات مصدرة من صندوق منشود لاسترداد الودائع.

وبالأسبقية، وفق المعلومات، يظل الاقتراح قائماً لجهة تصنيف الحسابات بين «مؤهلة» للقيود الدفترية قبل انفجار الأزمات «تستحق» مبلغ الضمانة المحدد عند مستوى 100 ألف دولار، و«غير مؤهلة» تلاحق التحويلات من الليرة إلى الدولار بعد خريف عام 2019، بحيث تتدنى الضمانة إلى 36 ألف دولار. كما سيتمّ شطب جزء من الأموال المضمونة من الودائع، بما يوازي القروض التي سددها العميل بالشيكات المصرفيّة، والسحوبات النقديّة، والتحويلات إلى الخارج، واستخدام البطاقات الدولية.

كذلك، سيجري التدقيق من قِبل هيئة التحقيق الخاصة لدى البنك المركزي في مصادر الودائع التي تتعدى نصف مليون دولار، مع خفض السقف إلى 300 ألف دولار للأشخاص المعرضين سياسياً، فضلاً عن شطب الفوائد التي تتعدى 1 إلى 2 في المائة المضافة إلى الحسابات خلال السنوات من 2015 إلى 2020، بالإضافة إلى إتاحة خيار الصرف المتدرج بالليرة للودائع المتوسطة، مع ارتضاء الاقتطاع بين 55 و75 في المائة من المبلغ.


مقالات ذات صلة

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

مقتل 6 أشخاص في بعلبك وغارة إسرائيلية «عنيفة» على الضاحية الجنوبية

أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، مساء السبت، بأن غارة إسرائيلية وصفتها بأنها «عنيفة جداً»، استهدفت منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يشن غارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)
سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يشن غارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)
سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

شن الطيران الإسرائيلي غارات على ضاحية بيروت الجنوبية استهدفت حارة حريك بعد إنذارات بالإخلاء.

وكان الجيش الإسرائيلي طالب، اليوم الجمعة، سكان منطقتي الحدث وحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وعدة بلدات في جنوب لبنان، بإخلاء منازلهم فورا والانتقال إلى شمال نهر الأولي، محذرا من أنه سيقصف هذه المناطق بدعوى نشاط جماعة حزب الله فيها.

ووجه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنذار إخلاء إلى سكان بلدات الطيبة وعدشيت القصير ودير سريان، وكذلك إلى سكان بلدتي برج الشمالي ومعشوق في جنوب لبنان. وقال أدرعي في حسابه على منصة إكس "يجب عليكم الإخلاء دون تأخير... يحظر عليكم التوجه جنوبا. أي تحرك نحو الجنوب قد يشكل خطرا على حياتكم".

وطالب متحدث الجيش الإسرائيلي أيضا بإخلاء بعض المباني في منطقتي الحدث وحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وحذر من أن الجيش "سيعمل ضدها على المدى الزمني القريب".

وسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان، وقتلت العديد من كبار قادة جماعة حزب الله التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر تشرين الأول 2023. وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف ونزوح ما لا يقل عن مليون لبناني من الجنوب، وألحقت دمارا واسعا في أنحاء مختلفة من البلاد.

الجيش الإسرائيلي يطالب سكان بلدتي برج الشمالي ومعشوق في جنوب لبنان بإخلاء منازلهم فورا