التمديد لـ«يونيفيل» بالجنوب يبقى «ورقياً» وتنفيذه يرتبط بغزة

لبنان يتمسك بدوره في تطبيق «1701»... ولا يحبذ ترحيل إقراره

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تؤمّن الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل عند مشارف قرية كفرشوبا في جنوب لبنان (د.ب.أ)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تؤمّن الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل عند مشارف قرية كفرشوبا في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

التمديد لـ«يونيفيل» بالجنوب يبقى «ورقياً» وتنفيذه يرتبط بغزة

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تؤمّن الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل عند مشارف قرية كفرشوبا في جنوب لبنان (د.ب.أ)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تؤمّن الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل عند مشارف قرية كفرشوبا في جنوب لبنان (د.ب.أ)

يبقى التمديد لـ«قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» لعام جديد قائماً على الورق، ولن تكون له من مفاعيل ميدانية على الأرض ما دامت التهدئة في الجنوب مرتبطة بوقف النار في غزة الذي لا يزال متعثراً.

فالتمديد لـ«يونيفيل» سيبقى عالقاً دون تنفيذ في انتظار ما ستؤول إليه المباحثات المتنقلة بين القاهرة والدوحة للتوصل لوقف النار في غزة، والتي تتأرجح بين هبّة ساخنة وأخرى باردة، من دون أن تبادر الأطراف المشاركة فيها إلى نعيها، كما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، رغبة منها في إعطاء فرصة لعلها تؤدي إلى تنعيم الموقف الإسرائيلي على نحو يخرجها من التأزم ويضعها على سكة التطبيق؛ لإنهاء الحرب في القطاع، إفساحاً في المجال أمام الالتفات إلى الوضع المشتعل في جنوب لبنان والتفرغ لتهدئته بتطبيق القرار «1701».

ومع أن تطبيقه، وفق المصادر الدبلوماسية الغربية، لا يعني أن الطريق سالكة سياسياً، ما دامت إسرائيل لا توافق، دون شروط، على وقف النار في الجنوب امتداداً للتوصل إليه على الجبهة الغزاوية، وتشترط التوافق مع الحكومة اللبنانية على تسوية تقود حتماً إلى تحقيق الاستقرار المستدام على امتداد الحدود الشمالية بينها وبين لبنان على قاعدة تحويل جنوب الليطاني إلى منطقة منزوع منها سلاح «حزب الله»، أساساً لإخضاعها دون أي شريك إلى سيادة الجيش اللبناني بمؤازرة «يونيفيل».

جندي من «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» بمنطقة مرجعيون الحدودية (إ.ب.أ)

وتؤكد أنه كان من غير الجائز تأجيل التصويت على التمديد للقوات الدولية، التي لا بد من تفعيل حضورها في منطقة العمليات المشتركة التي تجمعها ووحدات من الجيش اللبناني لتطبيق القرار، وهذا يتطلب من «حزب الله» أن يعيد النظر في سلوكه وتعاطيه مع «يونيفيل»، وذلك بامتناعه عن التحريض عليها بتعبئته جمهوره على نحو يمنعها من مؤازرتها الجيش اللبناني لبسط سيادة السلطة اللبنانية على جميع الأراضي.

ومع أنها تعترف بوجود صعوبة، في المدى المنظور، في تطبيق الـ«1701»، فإنها تسأل: «ما البديل في حال تعذّر على مجلس الأمن التمديد للـ(يونيفيل)؟»، وتؤكد أن «الضرورة تقتضي التمسك بدورها الذي لا غنى عنه، ليكون في وسع المجتمع الدولي الاستعانة بها لتطبيقه عندما تسمح الظروف السياسية المحيطة بلبنان؛ بدءاً بالحرب الدائرة في غزة وضرورة إنهائها لما له من انعكاس إيجابي على الوضع المتفجر في الجنوب، رغم أن إمكانية توسع الحرب أخذت تتراجع».

وتسأل المصادر الدبلوماسية: «أي وضع سيكون عليه الجنوب مع غياب المرجعية الدولية؟ ومن سيتولى ضبطه؟ وكيف يمكن لحكومة تصريف الأعمال التعايش في هذه الحال مع وضع قابل للاشتعال في أي لحظة، ومن شأنه أن يهدد الاستقرار؟». وتقول إن هناك ضرورة للتمديد للـ«يونيفيل» ليكون في وسعها تقطيع الوقت بأقل الأضرار والانتظار ريثما تنجح المباحثات في التوصل إلى وقف النار في غزة، على إيقاع استعداد إيران في أي لحظة تراها مواتية للرد على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، رغم أنها توافقت مع الحزب على استبعاد التلازم في الردّين.

لذلك؛ فإن وقف النار في غزة سيُدخل الجنوب في مرحلة جديدة تستدعي من الحكومة، كما تقول المصادر الدبلوماسية، التحضير لها؛ بدءاً بالبحث عن مخارج لتطبيق «1701» على مراحل، من دون أن تسقط من حسابها رد فعل «حزب الله» ومدى استعداده للتعاون لتسهيل تفويضه لحليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري التفاوض مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين لتنفيذه.


مقالات ذات صلة

مجلس الأمن يمدد «تقنياً» لـ«يونيفيل» بموازاة جهود لتعزيزها

المشرق العربي مجلس الأمن مجتمعاً في نيويورك (الأمم المتحدة)

مجلس الأمن يمدد «تقنياً» لـ«يونيفيل» بموازاة جهود لتعزيزها

مدد مجلس الأمن بالإجماع لمدة 12 شهراً مهمة «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» بعد مفاوضات شاقة ومعقدة قادتها الدبلوماسية الفرنسية عبر واشنطن وبيروت.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي النائب كنعان خلال مؤتمره الصحافي (الوكالة الوطنية للإعلام)

إبراهيم كنعان ينضم إلى الخارجين من «التيار»: لم يبقَ أمامي إلا خيار الاستقالة

انضم النائب إبراهيم كنعان إلى قافلة الخارجين من «التيار» بين مستقيلين ومُقالين، مؤكداً أنه لم يَعُد أمامه إلا الاستقالة، بعد فشل كل المبادرات التي تقدّم بها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي منزل دمرته غارة جوية إسرائيلية في قرية الخيام الحدودية بجنوب لبنان خلال قتال بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في 26 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

إسرائيل تعلن مسؤوليتها عن غارة في سوريا أدت إلى مقتل 4 من «الجهاد» و«حزب الله»

أكد الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، تنفيذ غارة بطائرة مسيّرة في سوريا خلال وقت سابق اليوم، ما أسفر عن مقتل أحد كبار نشطاء «حركة الجهاد» الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية على زبقين جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة جندي في هجوم طائرة أطلقها «حزب الله»

قال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إن «طائرة معادية» انطلقت من لبنان أصابت أحد جنوده في شمال إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي آليات تابعة لقوات «الأمم المتحدة» المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) تقوم بدورية بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية في منطقة مرجعيون (إ.ب.أ)

لبنان: «اليونيفيل» تكشف إطلاق صاروخ الأحد الماضي بالقرب من موقع لها

كشفت قوة «الأمم المتحدة» المؤقتة في لبنان، اليوم، أن أحد الصواريخ التي أُطلقت من لبنان خلال اشتباك عنيف أُطلق من مكان قريب من موقع تديره قوات حفظ السلام.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مجلس الأمن يمدد «تقنياً» لـ«يونيفيل» بموازاة جهود لتعزيزها

مدرّعتان تابعتان لـ«قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» خلال دورية قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بمنطقة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
مدرّعتان تابعتان لـ«قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» خلال دورية قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بمنطقة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

مجلس الأمن يمدد «تقنياً» لـ«يونيفيل» بموازاة جهود لتعزيزها

مدرّعتان تابعتان لـ«قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» خلال دورية قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بمنطقة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
مدرّعتان تابعتان لـ«قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» خلال دورية قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بمنطقة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

صوّت مجلس الأمن، الأربعاء، بإجماع أعضائه الـ15، على قرار جديد يمدد عاماً كاملاً مهمة «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)»، بعد مفاوضات شاقة ومعقدة قادتها الدبلوماسية الفرنسية داخل أروقة المنظمة الدولية وعبر العواصم، لا سيما مع واشنطن، في ضوء الاحتدام الحربي المتواصل منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين إسرائيل و«حزب الله».

وكشف دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجهود خلال المفاوضات «تركزت على أهمية الدعوة إلى ضبط النفس من كلا الطرفين؛ لتجنب انفجار كبير»، مشدداً على أن «التجديد للـ(يونيفيل) مهم للحفاظ على عملية حفظ سلام فعالة في هذه المنطقة ومنع أي تصعيد (...) بعد 7 أكتوبر الماضي». ولفت إلى أنه رغم الإجماع، فإن «المفاوضات كانت معقدة»؛ بما في ذلك «النقطة الأصعب» التي تمثلت في الحصول على دعم الولايات المتحدة. وأشار إلى أن المفاوضات الرفيعة شملت بيروت وواشنطن لاعتماد تجديد وصفه بأنه «تقني».

وقبيل التصويت على القرار الجديد الذي أُعطي الرقم «2749»، عرضت نائبة المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة، ناتالي برودهيرست، لملابسات عملية التجديد وضرورة الحفاظ على استقرار لبنان.

لحل طويل الأمد

وعلى الأثر، صوت المجلس بالإجماع على القرار الذي يفيد بأن مجلس الأمن قرر أن «الوضع في لبنان لا يزال يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين»، مطالباً بـ«التنفيذ الكامل للقرار (1701)»، ومكرراً «دعمه القوي للاحترام الكامل لـ(الخط الأزرق) والوقف الكامل للأعمال العدائية». وذكر بهدف «التوصل إلى حل طويل الأمد يقوم على المبادئ والعناصر المنصوص عليها في الفقرة (8) من القرار (1701)»، مقرراً تمديد ولاية الـ«يونيفيل» الحالية حتى 31 أغسطس (آب) 2025. وحض «بقوة جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة على تنفيذ تدابير فورية نحو خفض التصعيد؛ وضمن الأهداف استعادة الهدوء وضبط النفس والاستقرار عبر (الخط الأزرق)». وشجع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على «ضمان بقاء قوات الـ(يونيفيل) على استعداد لتكييف نشاطاتها لدعم خفض التصعيد، في إطار ولايتها وقواعد الاشتباك الخاصة بها». وطلب أيضاً من الأمين العام أن يواصل تقديم التقارير إلى المجلس بشأن تنفيذ القرار «1701» كل 4 أشهر، أو في أي وقت يراه مناسباً، على نحو يتفق مع صيغة تقديم التقارير الحالية كما هو منصوص عليه في القرارات السابقة. وشدد على «أهمية تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط»، على أساس كل قراراته ذات الصلة.

«يونيفيل معززة»

روبرت وود نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة (الأمم المتحدة)

وبعد التصويت، قال روبرت وود، نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن الاستقرار النسبي الذي شهدته منطقة «الخط الأزرق» بعد حرب 2006 «تحطم صباح 8 أكتوبر، عندما بدأ (حزب الله) شن وابل من الهجمات الصاروخية على إسرائيل»، عادّاً أن «(حزب الله) اتخذ القرار التصعيدي بقصف (المجتمعات) في شمال إسرائيل»، مضيفاً أنه «من الخطأ أن هذا المجلس لم يُدن (حزب الله) بعدُ على هذه الأعمال المزعزعة للاستقرار المتكررة». وأسف لأن «أقلية صغيرة من أعضاء المجلس تمنع المجلس من القيام بذلك». وإذ قال إن «لبنان ينبغي ألا يكون ملاذاً للمنظمات الإرهابية أو منصة إطلاق للهجمات ضد إسرائيل»، أضاف أنه «لا خلاف على أن إيران، في انتهاك واضح لحظر الأسلحة المنصوص عليه في القرار (1701)، تزود (حزب الله) بأكثرية الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة التي تطلق على إسرائيل». وكرر «دعم الولايات المتحدة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، ورأى أن «الطريق إلى الاستقرار لا تنتهي باستعادة الهدوء على طول (الخط الأزرق)؛ بل تنتهي بتفاهم شامل (...) يتضمن آليات تنفيذ حقيقية تسمح للسكان النازحين على جانبي (الخط الأزرق) بالعودة إلى ديارهم بأمان وسلامة». وقال إنه «لتحقيق ذلك؛ فسنحتاج بوضوح إلى قوة (يونيفيل) معززة في مرحلة ما للمساعدة في التنفيذ بشكل أكثر إلحاحاً». وأضاف أنه «في المستقبل، نحتاج إلى معالجة الطرق التي يمنع بها (حزب الله) والجهات الفاعلة الخبيثة الأخرى في لبنان التنفيذ الكامل للقرار (1701)».

مخاطر عالية

وما لم يقله القرار الجديد في فقراته العاملة، أورده الدبلوماسيون في ديباجة القرار «2749» الذي أعاد التذكير، ليس فقط بمندرجات القرار «1701» لعام 2006 بل أيضاً بكل القرارات السابقة من «مجلس الأمن» حيال لبنان، لا سيما القرارات: «425» و«426» لعام 1978، و«1559» لعام 2004، ملاحظاً «بقلق بالغ» تصاعد تبادل إطلاق النار عبر «الخط الأزرق» منذ 8 أكتوبر 2023 في «انتهاك لوقف الأعمال العدائية وخلافاً للأحكام الأخرى للقرار (1701)»، محذراً من أن «مزيداً من التصعيد ينطوي على مخاطر عالية تؤدي إلى صراع واسع النطاق». وإذ يعبر عن «أعمق قلقه إزاء عواقب هذه التوترات، التي تسببت في سقوط كثير من الضحايا المدنيين وأجبرت عشرات الآلاف من المدنيين على الفرار من ديارهم»، يدعو «كل الأطراف في الصراع المسلح إلى الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي؛ بما في ذلك ما يتصل بحماية المدنيين، وبينهم الأطفال». ويؤكد «التزامه التنفيذ الكامل لكل أحكام القرار (1701)»، مع إدراك المسؤوليات في «المساعدة على استعادة الهدوء على طول (الخط الأزرق)، وتأمين وقف إطلاق نار دائم وحل طويل الأجل على النحو المتصور في القرار».

المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون مشيراً إلى نقطة محددة بصورة التُقطت جواً مدعياً أنها لموقع إطلاق صواريخ في بلدة الحنيّة بجنوب لبنان (رويترز)