تعرّض نساء بدويات في النقب لاعتداء من مستوطنين

حرقت سيارتهن أثناء التوجه إلى نابلس في الضفة

فلسطيني يعاين سيارة أحرقها المستوطنون «شبيبة التلال» في بلدة جيت بالضفة الغربية أغسطس الجاري (أ.ب)
فلسطيني يعاين سيارة أحرقها المستوطنون «شبيبة التلال» في بلدة جيت بالضفة الغربية أغسطس الجاري (أ.ب)
TT

تعرّض نساء بدويات في النقب لاعتداء من مستوطنين

فلسطيني يعاين سيارة أحرقها المستوطنون «شبيبة التلال» في بلدة جيت بالضفة الغربية أغسطس الجاري (أ.ب)
فلسطيني يعاين سيارة أحرقها المستوطنون «شبيبة التلال» في بلدة جيت بالضفة الغربية أغسطس الجاري (أ.ب)

تعجز لميس الجعار (22 عاماً)، العربية البدوية حاملة الجنسية الإسرائيلية، عن النوم، منذ تعرّضها لهجوم على أيدي مستوطنين هاجموها مع شقيقاتها وأحرقوا سيارتهن في الضفة الغربية المحتلة، في اعتداء يثير استياء في إسرائيل.

كلما أغمضت عينيها، ترى لميس وجوه مهاجميها وتستيقظ مذعورة. في التاسع من أغسطس (آب)، كانت الجعار تقود سيارتها ومعها طفلتها إيلاف (عامان ونصف العام) وشقيقتاها رغدة (29 عاماً) ونوفة (40 عاماً) وابنة نوفة هند (22 عاماً)، متجهة من مدينة رهط في النقب في جنوب إسرائيل، إلى مدينة نابلس في الضفة الغربية.

وتروي رغدة الجعار لـ«الوكالة»: «ضللنا الطريق، وصادفنا سيارة تحمل لوحة إسرائيلية، فسألنا سائقها باللغة العبرية عمّا إذا كان الطريق يؤدي إلى نابلس، فردّ بالإيجاب. لكن ما إن تقدمنا قليلاً، أيقننا بأنه ليس الطريق، فحاولنا العودة، لكن ذلك السائق سدّ لنا الشارع بسيارته».

وتتابع: «فوجئنا بعد ذلك بأن مجموعة مستوطنين يلاحقوننا ويرشقوننا بالحجارة من الخلف، وآخرين من التلال. لا أذكر من شدة الخوف كم كان عددهم. أحاط بنا نحو عشرة مستوطنين مسلحين، وبعد أن تحطّمت السيارة وتحطّم زجاجها، رشّونا بالغاز ونحن فيها».

ووصفت الشرطة الإسرائيلية ما حصل بـ«الحادث الخطير» الذي استخدمت فيه «الحجارة» و«التهديد بالسلاح» و«إحراق» السيارة، بعد «دخول عن طريق الخطأ» إلى نقطة غفعات رونين الاستيطانية.

واعتقلت الشرطة وجهاز الأمن العام (شين بيت) «أربعة مشتبه بهم» على خلفية «هذا الاعتداء الخطير». تقول لميس إن أحد المستوطنين «رشّ الغاز في وجه طفلتي، وقلت له حرام عليك، فوجّه رشّاشه نحو رأسها».

إليشاع ييرد من أبرز جماعة «شبان التلال» المتطرفة طالته العقوبات الأوروبية وفي الصورة خلال مثوله أمام محكمة في القدس بتهمة تورطه في قتل فلسطيني بالضفة الغربية عام 2023 (أ.ب)

يذكر أن غفعات رونين جزء من مستوطنة هار براخا اليهودية جنوب نابلس، ويسيطر عليها «شباب التلال»، وهو تنظيم يهودي ديني متطرف يطالب بأن تصبح الضفة الغربية أرضاً يهودية.

تضيف رغدة: «بدأ الدم يسيل من رأسي من الخلف بعد أن أصبت بحجر. كنت على اتصال مع الشرطة الإسرائيلية التي طلبت مني تحديد موقعنا وإرساله لهم عبر الهاتف. لكن تطبيق الخرائط كان يظهر كأننا في القاهرة!».

مظاهرة لمناهضة العنف في مدينة رهط بالنقب الأحد (لجنة المتابعة العربية)

وتشير إلى أنها خرجت من السيارة. «قلت للذي يقف أمامي بسلاحه إننا نحمل الجنسية الإسرائيلية. نحن جئنا من بئر السبع وضللنا طريقنا»، «فطلب مني هاتفي النقال بعد أن عرف أنني اتصلت بالشرطة. رفضت إعطاءه إياه، فألقى حجراً كبيراً على قدمي ما تسبب بكسرها».

لن تخرجن على قيد الحياة

تستعين رغدة في بيت والدها حيث التقتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمشاية حديدية للسير، بينما قدمها ملفوفة بجبيرة. وتقول إن رجلاً هددهن، قائلاً: «لن تخرجن من هنا على قيد الحياة»، مضيفة: «قلت لشقيقتيّ: سيحرقنا ونحن في السيارة، فلنهرب». وخرجن من السيارة وركضن هاربات، «فقام المستوطنون على الفور بإشعال النيران بالسيارة»، وفق رغدة. وأنقذهن في النهاية جنود وعناصر شرطة إسرائيليون.

أثارت هذه الحادثة غضباً بين العرب في إسرائيل. وزار العائلة أعضاء عرب في الكنيست الإسرائيلي. واستنكر إسرائيليون يهود كذلك ما حصل، وتعاطفوا مع العائلة. واتصلّ الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ بالعائلة وعبّر عن تضامنه وشجب الحادث، وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتبه قال إنه «مصدوم»، وإن «جميع الإسرائيليين لهم الحقّ في معاملة تقوم على المساواة والاحترام».

يقول والد الفتيات عدنان الجعار: «زارتنا وفود عربية من كل حدب وصوب، كما زارتنا مجموعات من الإسرائيليين اليهود، وهذا يخفّف مصابنا».

إحدى القرى البدوية في صحراء النقب (أرشيفية - أ.ف.ب)

يعيش في إسرائيل نحو 300 ألف بدوي، بشكل رئيسي في صحراء النقب. وهم جزء من المجتمع العربي الذي يشكّل ما يقرب من خُمس سكان إسرائيل البالغ عددهم 9.3 مليون، ويشكون من التمييز والتهميش. وارتفعت نسبة التوتر في الضفة الغربية والمواجهات بين مستوطنين وفلسطينيين، منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من سبعة أشهر.

وكان عضو الكنيست ماتان كوهن، من حزب الوحدة الوطنية الذي يرأسه بيني غانتس، يزور عائلة الجعار لدى وجود فريق «وكالة الصحافة الفرنسية»، حيث قال إنه «حادث تنفطر له القلوب». وأضاف: «أشعر بالراحة لأن معظم الشعب الإسرائيلي يستنكر هذا العمل، يجب وضع هؤلاء في السجن».

مستوطنون من اليمين الإسرائيلي (د.ب.أ)

كما كانت في المنزل الإسرائيلية نوعا ابنستاين تيننهاوس مع عائلتها وقد جلب ابنها الصغير هدية لإيلاف، ابنة لميس. وقالت تيننهاوس (41 عاماً): «نحن عائلة يهودية إسرائيلية، نشعر بالاشمئزاز». وأضافت: «أنا أم لأربعة أطفال. أصغرهم يبلغ من العمر ثلاث سنوات، مثل إيلاف. وتخيّلت نفسي في موقف لميس في السيارة وأنا أتعرّض لهجوم من هؤلاء الوحوش».


مقالات ذات صلة

أكثر من 11 ألف اعتداء على فلسطينيي الضفة خلال النصف الأول من 2025

شؤون إقليمية أطفال فلسطينيون قبالة بؤرة استيطانية إسرائيلية جديدة اقيمت شمال الخليل في الضفة الغربية المحتلة، في 6 يوليو/تموز 2025 (أ ف ب)

أكثر من 11 ألف اعتداء على فلسطينيي الضفة خلال النصف الأول من 2025

أرقام فلسطينية رسمية تظهر تصاعداً في هجمات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية هذا العام بواقع أكثر من 11 ألف اعتداء وهجوم.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم العربي قوات إسرائيلية بالضفة الغربية (أ.ب)

مقتل فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي شمال الضفة الغربية

قُتل فلسطينيان، اليوم الأحد، برصاص الجيش الإسرائيلي، خلال عملية عسكرية في قرية سالم قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وفق ما أفادت مصادر فلسطينية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية الشرطة الإسرائيلية تعتقل عدداً من طالبي اللجوء الإريتريين في تل أبيب خلال مواجهات في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

«بعضهم من السودان وروسيا»... 30 ألف عامل يريدون لجوءاً في إسرائيل

مقابل المكابرة في الحكومة إزاء فقدان قوة العمل الفلسطينية الكبرى (نحو 200 ألف)، والادعاء بأنه «بالإمكان الاستغناء عن العمالة الفلسطينية إلى الأبد».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية فلسطينيون يجمعون أمتعتهم قبل هدم منازلهم من قبل القوات الإسرائيلية في مخيم طولكرم للاجئين بالضفة الغربية (أ.ب) play-circle

إسرائيل: اليمين المتطرف ينأى بنفسه عن مستوطنين هاجموا الجيش بالضفة

أثار هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون على جنود في الضفة الغربية الأحد إدانة واسعة من مختلف ألوان الطيف السياسي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مستوطن إسرائيلي يرعى قطيعاً من الدواب في بؤرة استيطانية قريبة من مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة يوم الأحد الماضي (أ.ف.ب) play-circle

«شباب التلال» و«نيتساح يهودا»... ماذا نعرف عن تنظيمات المتطرفين الإسرائيليين؟

تعهَّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بإنهاء ظاهرة عنف المستوطنين ضد جنود الجيش وقوات الشرطة، والتي باتت متكررة خلال الفترة الأخيرة... فما حكاية هؤلاء؟

كفاح زبون (رام الله)

«حزب الله»: لم نكن مستعدين للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله»: لم نكن مستعدين للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)

قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية، نعيم قاسم، إن الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل كان يجب أن يكون له استعدادات وهو ما لم يكن متوافراً.

وفي مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية تم بثها اليوم الثلاثاء، أوضح الأمين العام لـ«حزب الله» أن الجماعة لو كانت دخلت في حرب شاملة مع إسرائيل «لكان هناك دمار وتدخل أميركي وتوسع للأمور على نحو أكبر، دون تحقيق الأهداف المطلوبة».

وقال قاسم إنه لم يكن هناك تنسيق مسبق في بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد هجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «ولم نكن نعرف بها، وبالتالي لا نستطيع الدخول في معركة شاملة».

وأضاف: «بعد مرور شهرين أبلغنا الأخوة في (حماس) بأنهم مقتنعون بأن المساندة تكفي وتؤدي الغرض المطلوب»، مشيراً إلى أنه تبين بعد ذلك أن «إسرائيل متغولة جداً والدعم الأميركي مفتوح بشكل مطلق».

ووسعت إسرائيل الحرب التي تشنها على غزة لتشمل لبنان في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، بعد أشهر من تبادل القذائف الصاروخية مع «حزب الله»، وقتلت الأمين العام للجماعة اللبنانية حسن نصر الله والعديد من كبار قادة الجماعة.

وأوضحت القناة اللبنانية أنها أجرت المقابلة مع قاسم في 11 يونيو (حزيران).