اليمن يحذّر من كارثة بيئية مع توقّع انفجار ناقلة النفط «سونيون»

«أسبيدس» رصدت استمرار حرائق السفينة جرّاء هجمات الحوثيين

مهمة «أسبيدس» الأوروبية رصدت 5 حرائق على الأقل فوق متن ناقلة النفط اليونانية (رويترز)
مهمة «أسبيدس» الأوروبية رصدت 5 حرائق على الأقل فوق متن ناقلة النفط اليونانية (رويترز)
TT

اليمن يحذّر من كارثة بيئية مع توقّع انفجار ناقلة النفط «سونيون»

مهمة «أسبيدس» الأوروبية رصدت 5 حرائق على الأقل فوق متن ناقلة النفط اليونانية (رويترز)
مهمة «أسبيدس» الأوروبية رصدت 5 حرائق على الأقل فوق متن ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

حذّرت الحكومة اليمنية من كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر، مع توقّع انفجار ناقلة النفط اليونانية «سونيون» أو غرقها جرّاء الحرائق المستمرة على متنها، بعد أن هاجمها الحوثيون المدعومون من إيران، الأربعاء الماضي، في الشهر العاشر من تصعيدهم البحري ضد السفن، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

التحذيرات اليمنية جاءت في وقت رصدت فيه المهمة البحرية الأوروبية (أسبيدس) استمرار الحرائق على متن الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد النفطية في منطقة تقع بين اليمن وإريتريا جنوب البحر الأحمر.

وقالت المهمة في بيان على منصة «إكس»، الاثنين، إن النيران لا تزال مشتعلة في السفينة «سونيون»، منذ الجمعة الماضي، ولا توجد أي مؤشرات واضحة حتى الآن على تسرّب نفطي. ونشرت «أسبيدس» صوراً يوم الأحد تُظهر تصاعد ألسنة اللهب والدخان من سطح السفينة في 5 مواقع على الأقل، بالإضافة إلى اشتعال جزء من الهيكل العلوي.

وتعرّضت السفينة لسلسلة هجمات تبنّاها الحوثيون في 21 أغسطس (آب) الجاري، ما أدى إلى توقف محركاتها، وجنوحها في المياه قبل أن تتمكّن سفينة حربية فرنسية ضمن مهمة «أسبيدس» الأوروبية من إجلاء الطاقم المكوّن من 29 فرداً، أغلبهم من الفلبين، إلى جيبوتي.

وحسب مشاهد وزّعها «الحوثيون»، قامت عناصر الجماعة بالصعود إلى متن السفينة وتفخيخ سطحها، بجوار فتحات الخزانات، ثم التفجير عن بُعد، وهو ما أدّى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من غرقها أو انفجارها وتسرّب حمولتها من النفط.

إرهاب ممنهج

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كشف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

ناقلة النفط اليونانية مهدّدة بالانفجار أو الغرق في البحر الأحمر ما يمثّل كارثة بحرية (رويترز)

ورأى الوزير اليمني أن استهداف الحوثيين المتكرّر لناقلات المنتجات النفطية والكيماوية، يعكس عدم اكتراثهم بالتداعيات الكارثية لأي تسرّب في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن على القطاع الاقتصادي والزراعي والسمكي على اليمن، والشريط الساحلي والدول المشاطئة، والبيئة البحرية، والتنوّع البيولوجي للجزر الواقعة في المنطقة.

وحذّر من أن أي تسرّب نفطي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن يهدّد مخزونات الصيد اليمني، وسيؤدي إلى تأثر ملايين اليمنيين في المدن الساحلية بالغازات السامة، وسيُوقف عمل الموانئ اليمنية، ويُلحق تلوثاً بمصانع تحلية مياه البحر الأحمر ويقطع إمداداتها، كما ستخسر اليمن المصائد السمكية التي توفر العيش لمليون وسبعمائة ألف شخص، فضلاً عن تدمير التنوع البيولوجي والمنظومة الإيكولوجية بالمنطقة.

وأكّد الإرياني أن هذا التصعيد الخطير يكشف طبيعة الحوثيين «بوصفهم تنظيماً إرهابياً يتحرك أداةً طيّعةً لتنفيذ الأجندة الإيرانية، دون اكتراث بالأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية في اليمن»، وأشار إلى ما وصفه بـ«التعاطي الدولي مع التهديدات الخطيرة التي تشكّلها الميليشيا بصفتها ذراعاً إيرانياً على أمن وسلامة الملاحة البحرية، والتدفق الحر للتجارة العالمية، والحاجة إلى إعادة النظر في سبل التصدي لأنشطتها الإرهابية».

دخان يتصاعد من ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (رويترز)

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي بسرعة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية عالمية»، وفرْض عقوبات عليها من خلال تجميد أصولها، وحظر سفر قياداتها، وتعزيز التنسيق القانوني بين الدول لملاحقة أفرادها، والأفراد والمنظمات التي تقدّم دعماً مالياً أو لوجستياً لها.

ودعا الإرياني إلى تعزيز التعاون الدولي في تبادل المعلومات الاستخباراتية، ومكافحة التمويل والتجنيد، وتفعيل القرارات الدولية بشأن منع بيع أو توريد الأسلحة والمواد ذات الاستخدام المزدوج للجماعة الحوثية.

قلق أميركي

وفي سياق المخاوف من الأثر البيئي الكارثي في البحر الأحمر، عبّرت الولايات المتحدة عن قلقها من هجمات الحوثيين على ناقلة النفط «سونيون»، وقالت إنها تهدّد بالتحول إلى كارثة بيئية، وفق ما جاء في بيان صحافي للمتحدث باسم وزارة خارجيتها ماثيو ميلر. وقال البيان إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء هجمات الحوثيين على ناقلة النفط «سونيون»؛ حيث تهدّد بتسرّب مليون برميل من النفط إلى البحر الأحمر، وهو حجم يزيد 4 أضعاف عن حجم كارثة «إكسون فالديز».

وبينما تم إجلاء الطاقم، أضاف البيان الأميركي أن الحوثيين -كما يبدو- عازمون على إغراق السفينة وحمولتها في البحر، وأنهم على استعداد لتدمير صناعة صيد الأسماك والنظم البيئية الإقليمية التي يعتمد عليها اليمنيون وغيرهم من المجتمعات بالمنطقة في معيشتهم، تماماً كما قوّضوا تسليم المساعدات الإنسانية الحيوية إلى المنطقة من خلال هجماتهم المتهوّرة.

ودعت الخارجية الأميركية في بيانها الحوثيين إلى وقف هذه الإجراءات على الفور، وحثت الدول الأخرى على التقدم للمساعدة في تجنّب الكارثة البيئية.

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

الحوثيون هاجموا 9 ناقلات نفط منذ بدء تصعيدهم وفقاً لبيانات يمنية رسمية (رويترز)

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.

وشهدت هجمات الجماعة تراجعاً في الآونة الأخيرة من حيث العدد والأثر، خصوصاً عقب الضربات الإسرائيلية في 20 يوليو (تموز) الماضي على مستودعات الوقود في ميناء الحديدة، رداً على مسيّرة حوثية انفجرت في تل أبيب، وأدّت إلى سقوط قتيل واحد.


مقالات ذات صلة

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يشدد على تنسيق دولي لخفض التوترات في اليمن

شدد المبعوث الأممي إلى اليمن على التنسيق الدولي لخفض التوترات والحوار البناء، في حين عاد الحوثيون للتصعيد البحري مهددين بقصف السفن الإسرائيلية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)

وفيات الكوليرا في اليمن ترتفع 37 %

بينما زادت الوفيات بالكوليرا في اليمن بنسبة 37 في المائة، أظهرت بيانات حكومية وأخرى أممية ارتفاع عدد الإصابات بمرض حمى الضنك.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

الإرياني يتهم الحوثيين بالتسبب في مقتل 377 ألف يمني

اتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الحوثيين باستغلال أحداث الساحل السوري لحشد المزيد من المجندين، كما اتهمهم بالتسبب في مقتل 377 ألف يمني.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بعد وصوله إلى عدن (إعلام حكومي)

العليمي في عدن لتعزيز الدور الحكومي لمواجهة الأزمة الاقتصادية

عاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى عدن، وذلك ضمن تحرُّك يهدف إلى مساندة الحكومة في جهودها لمواجهة الأزمة الاقتصادية والإنسانية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

توقعات بزيارة قيادات من دروز سوريا لهضبة الجولان

مزارع درزي يسير في حقل بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مزارع درزي يسير في حقل بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
TT

توقعات بزيارة قيادات من دروز سوريا لهضبة الجولان

مزارع درزي يسير في حقل بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مزارع درزي يسير في حقل بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

توقع دروز سوريون أن تزور مجموعة تضم نحو 100 شخصية كبيرة من الطائفة هضبة الجولان، التي تحتلها إسرائيل، يوم الجمعة، في إشارة أخرى تدل على دعم إسرائيل لهذه الأقلية، وفقاً لوكالة «رويترز».

ومن المتوقع أن تلتقي المجموعة بالشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، بالإضافة إلى أعضاء آخرين من الطائفة، وأن تزور مقاماً دينياً.

ولم يصدر تأكيد بعد من وزارة الخارجية الإسرائيلية بشأن الزيارة.

والدروز أقلية عربية تعيش في سوريا وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان.

وفي إسرائيل، يخدم كثير من الدروز في الجيش والشرطة، وتبوّأ بعضهم مناصب رفيعة.

وزيارة يوم الجمعة أحدث مؤشر على دعم إسرائيل للدروز منذ وقف إطلاق النار في لبنان، والإطاحة المفاجئة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد أواخر العام الماضي.

ودعت إسرائيل مراراً إلى حماية حقوق الأقليات السورية، ومنها الدروز.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، هذا الأسبوع، إنه سيُسمح للدروز من الجانب الآخر من الخط الفاصل بدخول هضبة الجولان للعمل، بل إن إسرائيل ستكون مستعدة للدفاع عنهم، بعد أيام من نشوب أعمال عنف في سوريا.