واشنطن تدخل خط الاعتراض على «الأحوال الشخصية» العراقي

صاحب تعديل القانون يستبعد التأثير الأميركي في إقراره

ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)
ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)
TT

واشنطن تدخل خط الاعتراض على «الأحوال الشخصية» العراقي

ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)
ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)

أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، الذي يعتزم البرلمان التصويت عليه خلال أيام أو أسابيع، في حين استبعد النائب رائد المالكي، الذي قدّم المقترح، تأثير واشنطن على البرلمان في حال ذهب إلى التصويت عليه.

وجاء الموقف الأميركي على لسان السفيرة ألينا رومانوسكي، بعد أيام من الجدل العام المرتبط بمقترح التعديل والخلافات الشديدة بين المؤيدين من بعض الكتل البرلمانية والفعاليات الدينية والاجتماعية، والمعترضين الذين يمثلهم طيف واسع من المدنيين ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المرأة والطفل والقوانين ذات الطابع المدني البعيدة عن الأطر والتشريعات ذات الطابع المذهبي والديني.

حقوق المرأة والطفل

وقالت السفيرة ألينا رومانوسكي، في تدوينة عبر منصة «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي، التي من شأنها أن تقوض حقوق المرأة والطفل».

وأضافت: «نحن نحث العراقيين على الانخراط في حوار مدني يحترم بشكل كامل حرية الدين أو المعتقد وحقوق المرأة والطفل».

شاركت السفيرة عبر منشورها، موقفاً سابقاً للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، الذي تضمّن الموقف نفسه.

واستبعد النائب رائد المالكي، الذي قَدَّم إلى البرلمان مشروع مقترح التعديل لقانون الأحوال، تأثير الموقف الأميركي على إرادة البرلمان في إقراره.

وتحدث المالكي بـ«إسهاب» لـ«الشرق الأوسط» عن مشروعه للتعديل، وقال إن البرلمان تعرض لموقف مماثل حين أقر قانون تجريم المثلية نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وقد «حضر وقتذاك سفراء 9 دول أوروبية معترضة على التشريع، لكننا تمكّنا من إقناعهم بمطابقة القانون للمعايير الدستورية والاجتماعية والدينية العراقية، ووجدنا منهم التفهم المطلوب وأُقر القانون».

ويعتقد المالكي، أن «واشنطن وبقية الدول ستتفهم مشروع التعديل الجديد، خصوصاً أنه لا يتضمن التفريط في حقوق المرأة، والطفل كما يدعي المعترضون، إنما يحقق العدالة بنظرنا، كما أنه يتيح لمن يرغب في الاستناد إلى القانون القديم في إدارة أحواله الشخصية، وفي وسع غيرهم الاستناد إلى قانون التعديل الجديد».

زواج القاصرات

ويرى المالكي، أن «الضجة الكبيرة حول التعديل ناجمة عن عدم التفهم، وهناك اتجاهات توصف بالمدنية تصرُّ على عدم الاستماع لوجهة النظر المختلفة، لذلك نلاحظ أنها تركز على أشياء هامشية غير موجودة في التعديل، ومنها مثلاً قضية زواج القاصرات، مع أن مرجعية النجف نفسها لا تذهب إلى زواج الفتيات في سن التاسعة».

وعن الجدل حول موضوع «مدونة الأحكام الشرعية» التي يفترض أن تصدر عن الوقفين الشيعي والسني، ورفض المعترضين لها، يشرح المالكي ذلك بالقول، إن «المدونة، شأنهأ شأن معظم التشريعات تحال إلى جهة تنفيذية مثلما تحال بقية القوانين إلى الجهات التنفيذية، فقانون النفط مثلاً يحال إلى وزارة النفط قبل إقرار وهكذا».

ويضيف أن «الوقفين السني والشيعي هما الجهتان التنفيذيتان المرتبطتان بالحكومة في هذه الحال سيقومان بتقديم مدونة الأحكام، وستطرح المدونة أمام رئاسة الوزراء، وسيشترك في مناقشتها مجلس القضاء ومجلس شورى الدولة».

ويؤكد المالكي، أن «المدونة بمثابة رسم قانوني لمشروع التعديل، ومن ثم ترفع إلى الجهات المعنية، مثل رئاسة الوزراء وبقية الهيئات، وبعد كل ذلك تعود إلى البرلمان لتعديلها، إن تطلب الأمر، ولإجراء التعديلات اللازمة قبل التصويت النهائي عليها».

وخلص المالكي إلى القول: «بصراحة أنا حريص على تمرير مشروع التعديل في عهد المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني، بالنظر لتمتعه بالحكمة والاعتدال الشديد، وعدم قبوله أي ظلم يقع على النساء أو الأطفال أو الرجال، إلى جانب التزامه بالدستور، وما تحدده القوانين».

القوى الشيعية تعمل بجد لتشريع تعديلات جدلية على قانون الأحوال الشخصية (إ.ب.أ)

آثار كارثية

وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، قالت قبل أيام، إنه «إذا أُقرّ التعديل، ستكون له آثار كارثية على حقوق النساء والفتيات المكفولة بموجب القانون الدولي، إذ سيسمح بزواج الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات، وتقويض مبدأ المساواة بموجب القانون العراقي، وإزالة أوجه حماية للمرأة في الطلاق والميراث».

وكشف استبيان أجراه «فريق استطلاعات الرأي العراقي»، السبت الماضي، أن أكثر من 60 ألف شخص من كلا الجنسين شاركوا في الاستبيان حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، «رفضوا بقوة» مشروع التعديل.

وأصدرت مجموعة كبيرة من الأكاديميات والفنانات والأديبات العراقيات، الأسبوع الماضي، بياناً رفضن فيه تعديل قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959، لأنه «سيؤدي حتماً إلى طمس الهوية الوطنية، وتغليب الهويات الفرعية والطائفية، وتقويض المكاسب التي تحققت لحماية حقوق النساء، وتعيد العراق إلى مرحلة ما قبل الدولة».


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

خاص صدام مع ابنته حلا في صورة غير مؤرخة (غيتي) play-circle 01:12

جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

يروي جمال مصطفى السلطان، في الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة معه، كيف تلقت أسرة صدام حسين نبأ إعدامه، وقصة زواجه من حلا، كريمة صدام الصغرى، وأكلاته المفضلة.

غسان شربل
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

وأعلن الحزب في وقت لاحق الأحد أنه قصف بالصواريخ قاعدة استخبارات عسكرية اسرائيلية قرب تل أبيب، في هجوم هو الثاني من نوعه على منطقة تل أبيب خلال ساعات.

وقال الحزب في بيان إن مقاتليه استهدفوا عند «عند الساعة 01:00» اليوم (الأحد) «قاعدة غليلوت (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) التي تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 110 كيلومترات، في ضواحي مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعية»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الهجوم بعد، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وأعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق صافرات الإنذار في شمال إسرائيل ووسطها. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر موقع «إكس» أنه: «متابعة للإنذارات في وسط البلاد جرى رصد إطلاق 8 قذائف صاروخية من لبنان، حيث جرى اعتراض معظمها. يتم فحص تقارير عن سقوط بعضها أو شظايا من عمليات الاعتراض».

ووسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان في الأسابيع الماضية، وقتلت كثيراً من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف، ونزوح ما لا يقل عن مليون لبناني من جنوب لبنان، وألحقت دماراً واسعاً في أنحاء مختلفة من البلاد.