مطار بيروت يحاول «التأقلم مع التهديدات» ويستأنف جزءاً من نشاطه

مؤشرات إيجابية عكستها عودة رحلات «الخطوط الفرنسية»

حركة في مطار بيروت بعد استئناف «الخطوط الفرنسية» رحلاتها إلى لبنان (وزير الأشغال في منصة «إكس»)
حركة في مطار بيروت بعد استئناف «الخطوط الفرنسية» رحلاتها إلى لبنان (وزير الأشغال في منصة «إكس»)
TT

مطار بيروت يحاول «التأقلم مع التهديدات» ويستأنف جزءاً من نشاطه

حركة في مطار بيروت بعد استئناف «الخطوط الفرنسية» رحلاتها إلى لبنان (وزير الأشغال في منصة «إكس»)
حركة في مطار بيروت بعد استئناف «الخطوط الفرنسية» رحلاتها إلى لبنان (وزير الأشغال في منصة «إكس»)

ساهم تراجع منسوب القلق من احتمال شن إسرائيل حرباً واسعة على لبنان، باستئناف شركات طيران أجنبية حركتها في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت، وهو ما يراه مسؤولون لبنانيون بأنه «تأقلم مع التهديدات» التي بدأت قبل 3 أسابيع، على خلفية اغتيال مسؤول عسكري بارز في «حزب الله» بالضاحية الجنوبية لبيروت.

واستأنفت الخطوط الجوية الفرنسية رحلاتها الجوية بين باريس وبيروت يوم 15 أغسطس (آب)، بعد أن علقتها لأسبوعين، في حين لم تتأثر رحلات شركة الناقلة الجوية اللبنانية «طيران الشرق الأوسط» التي تعمل منذ بدء الحرب بعشرين طائرة، فيما بقيت بعض الشركات على قرارها بتعليق الرحلات إلى بيروت، وفي مقدمها مجموعة «لوفتهانزا» الألمانية.

طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» تحط في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (رويترز)

مؤشرات سياسية ودبلوماسية

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لنشاط المطار، إنه بعد 3 أسابيع على التوتر «بدا أن هناك تأقلماً مع التهديدات المتبادلة»، في إشارة إلى حركة المسافرين من المطار وإليه، والقرارات التي اتخذتها بعض الشركات لاستئناف الرحلات، عادّةً أن هذا الأمر «يستند إلى المؤشرات السياسية والحركة الدبلوماسية التي نشطت» عقب اغتيال المسؤول العسكري بـ«حزب الله»، فؤاد شكر، في الضاحية، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، والتهديدات بالرد. ورأت المصادر أن الحركة الدبلوماسية «ساهمت في تخفيف التوتر، وهو ما نراه اليوم مؤشراً في المطار».

ولا يستبعد رئيس لجنة الأشغال والنقل في البرلمان اللبناني، النائب سجيع عطية، أن تكون المؤشرات الأخيرة قد دفعت شركة «الفرنسية» لاستئناف رحلاتها إلى مطار بيروت، معرباً عن قناعته، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بأن الشركات العالمية، حين تتخذ أي قرار، فإنها تستند إلى معطيات سياسية ودبلوماسية، وتتقصى ما إذا كان الوقت حساساً أو مناسباً، ومن ثم، «لا أستبعد بأن يكون هناك ضوء أخضر لاستئناف الرحلات»، مؤكداً أن هذا التطور «إشارة إيجابية»، من دون تحديد نسبة هذه التهدئة وحدودها.

ويربط عطية هذه المؤشرات في بيروت مع مؤشرات أخرى في تل أبيب لجهة حركة الطيران، مضيفاً: «يبدو أن الجو العام يعكس ضوءاً أخضر أميركياً بأن احتمالات التدهور الآن مستبعدة»، مشيراً إلى أن شركات التأمين أيضاً تعمل وفق تطمينات ومعطيات دبلوماسية.

وشهدت بيروت حركة دبلوماسية لافتة في الأسبوع الماضي، تصدرها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكستين، ووزير الخارجية الفرنسية، ستيفان سيجورنيه، في مسعى لإخماد سقف التوتر، ومنع توسع التدهور، وإعطاء الدبلوماسية فرصة لحل النزاعات القائمة، سواء في غزة أو في جنوب لبنان. كما تلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، اتصالاً من وزير خارجية بريطانيا، ديفيد لامي، بهدف الحث على تهدئة الوضع.

ولم تحسم الزيارات والاتصالات الدبلوماسية مع بيروت أي فرضية لجهة تدهور الوضع الأمني أو انتفاء احتمالاته، لكن تبيّن أن التهدئة «مطلب دولي»، وفق ما يقول عطية، معرباً عن اعتقاده بأن كل المؤشرات السياسية «تعكس صورة أن التدهور في الوقت الراهن، غير مطروح، بالنظر إلى (الستاتيكو القائم) ضمن حالة لا حرب ولا تهدئة كاملة، وفي ظل عدم نضوج تسوية كاملة لإنهاء الحرب في غزة، يدفع إلى وجوب أن يبقى الوضع منضبطاً»، كما يعرب عن قناعته بأن «حزب الله» سيردّ استناداً إلى تصريحات مسؤوليه، «لكنه يتجنّب استدراج إسرائيل إلى حرب واسعة».

وفي ظل هذا الواقع، تحسّنت حركة الوصول في مطار بيروت أخيراً، بعدما شهدت بعض الحذر في ظل التحذيرات الدولية وتوقيف رحلات شركات عالمية.

وقالت مصادر مطلعة على حركة طيران «الشرق الأوسط» اللبنانية، إن الشركة تشغل منذ بدء الحرب 20 طائرة من أسطولها البالغ عدده 24 طائرة، ولم تجرِ أي تعديلات على ذلك، مؤكدة أن الرحلات «كان مليئة بالمسافرين، ولا تزال».

وبينما يعدّ هذا الموسم هو موسم المغادرة، ومن الطبيعي أن تكون رحلات المغادرة مليئة بعد انتهاء الإجازات الصيفية، يشير عدد المسافرين على متن الطائرات القادمة لبيروت، إلى أن الحركة لم تتوقف، وتشهد صعوداً في الأسبوع الأخير، ما يؤشر إلى أن الناس «تأقلمت مع الوضع الأخير وتجاوزت المخاوف».

ولا تزال شركات التأمين تفرض إجراءاتها التي تتناسب مع طبيعة الظروف لجهة رفع قيمة التأمين، كون المخاوف والمخاطر لم تُرفع بعد، وهو ما دفع بعض شركات الطيران، ومن ضمنها «الشرق الأوسط»، إلى تأخير رحلات كانت تصل فجراً، إلى توقيت تصل فيه خلال ساعات الصباح.

صورة أرشيفية لإحدى طائرات «الخطوط الجوية الفرنسية» (أ.ف.ب)

تعليق رحلات

وكان الخوف من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط قد دفع شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنُّب بعض المجالات الجوية غير الآمنة. ولا تزال شركة طيران «إيجين»، وهي الناقل الوطني اليوناني، جميع رحلاتها من وإلى بيروت وعمّان وتل أبيب حتى 22 أغسطس، في حين مددت مجموعة «لوفتهانزا»، وهي مجموعة الخطوط الجوية الألمانية، التي تضم أيضاً الخطوط الجوية السويسرية، وخطوط بروكسل الجوية، والخطوط الجوية النمساوية، تعليق الرحلات الجوية من وإلى تل أبيب وطهران وبيروت وعمّان ومدينة أربيل العراقية حتى 26 أغسطس.

ونصحت بريطانيا شركات الطيران في المملكة المتحدة بعدم دخول المجال الجوي اللبناني من الثامن من أغسطس حتى الرابع من نوفمبر، مشيرة إلى «خطر محتمل على الطيران من نشاط عسكري».


مقالات ذات صلة

جيران مراكز «حزب الله» يخلون منازلهم خوفاً من «ضربات انتقامية»

المشرق العربي سكان من الضاحية الجنوبية لبيروت يعبرون شارعاً في حارة حريك على مقربة من موقع استهداف القيادي بـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)

جيران مراكز «حزب الله» يخلون منازلهم خوفاً من «ضربات انتقامية»

يقول سكان قريبون من مراكز «حزب الله» إن المراكز معروفة للجميع؛ لذلك اتخذ الناس قراراً بإخلاء منازلهم، خوفاً من «ضربات انتقامية» إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي احتراق سيارة جراء الغارة الإسرائيلية في مدينة صيدا اليوم (إ.ب.أ)

غارة إسرائيلية تقتل مسؤولاً بحركة «فتح» في جنوب لبنان

قُتل المسؤول بحركة «فتح» خليل المقدح، اليوم الأربعاء، بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ألسنة اللهب تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت البقاع في شرق لبنان (متداول)

خمسة قتلى بغارات إسرائيلية طالت جنوبي لبنان وشرقه

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مساء الثلاثاء سقوط خمسة قتلى بغارات إسرائيلية طالت جنوبي لبنان وشرقه، في حين أعلن حزب الله إطلاق "صليات مكثفة من الصواريخ".

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على قرية الخيام بجنوب لبنان 17 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

إطلاق 40 صاروخاً وطائرات مسيّرة من لبنان على شمال إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي إن وابلاً من نحو 40 صاروخاً وعدة طائرات مسيّرة أُطلق من لبنان على شمال إسرائيل هذا المساء.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي آثار القصف الإسرائيلي على بلدة سرعين في البقاع بشرق لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تهاجم عمق لبنان «استعداداً لأي تطور محتمل»

أعلنت إسرائيل، الثلاثاء، أن الهجمات في عمق لبنان، «هي بمثابة تحضير لأي تطور محتمل».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

واشنطن تدخل خط الاعتراض على «الأحوال الشخصية» العراقي

ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)
ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)
TT

واشنطن تدخل خط الاعتراض على «الأحوال الشخصية» العراقي

ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)
ألينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة في العراق (إكس)

أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن قلقها من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، الذي يعتزم البرلمان التصويت عليه خلال أيام أو أسابيع، في حين استبعد النائب رائد المالكي، الذي قدّم المقترح، تأثير واشنطن على البرلمان في حال ذهب إلى التصويت عليه.

وجاء الموقف الأميركي على لسان السفيرة ألينا رومانوسكي، بعد أيام من الجدل العام المرتبط بمقترح التعديل والخلافات الشديدة بين المؤيدين من بعض الكتل البرلمانية والفعاليات الدينية والاجتماعية، والمعترضين الذين يمثلهم طيف واسع من المدنيين ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المرأة والطفل والقوانين ذات الطابع المدني البعيدة عن الأطر والتشريعات ذات الطابع المذهبي والديني.

حقوق المرأة والطفل

وقالت السفيرة ألينا رومانوسكي، في تدوينة عبر منصة «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي، التي من شأنها أن تقوض حقوق المرأة والطفل».

وأضافت: «نحن نحث العراقيين على الانخراط في حوار مدني يحترم بشكل كامل حرية الدين أو المعتقد وحقوق المرأة والطفل».

شاركت السفيرة عبر منشورها، موقفاً سابقاً للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، الذي تضمّن الموقف نفسه.

واستبعد النائب رائد المالكي، الذي قَدَّم إلى البرلمان مشروع مقترح التعديل لقانون الأحوال، تأثير الموقف الأميركي على إرادة البرلمان في إقراره.

وتحدث المالكي بـ«إسهاب» لـ«الشرق الأوسط» عن مشروعه للتعديل، وقال إن البرلمان تعرض لموقف مماثل حين أقر قانون تجريم المثلية نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وقد «حضر وقتذاك سفراء 9 دول أوروبية معترضة على التشريع، لكننا تمكّنا من إقناعهم بمطابقة القانون للمعايير الدستورية والاجتماعية والدينية العراقية، ووجدنا منهم التفهم المطلوب وأُقر القانون».

ويعتقد المالكي، أن «واشنطن وبقية الدول ستتفهم مشروع التعديل الجديد، خصوصاً أنه لا يتضمن التفريط في حقوق المرأة، والطفل كما يدعي المعترضون، إنما يحقق العدالة بنظرنا، كما أنه يتيح لمن يرغب في الاستناد إلى القانون القديم في إدارة أحواله الشخصية، وفي وسع غيرهم الاستناد إلى قانون التعديل الجديد».

زواج القاصرات

ويرى المالكي، أن «الضجة الكبيرة حول التعديل ناجمة عن عدم التفهم، وهناك اتجاهات توصف بالمدنية تصرُّ على عدم الاستماع لوجهة النظر المختلفة، لذلك نلاحظ أنها تركز على أشياء هامشية غير موجودة في التعديل، ومنها مثلاً قضية زواج القاصرات، مع أن مرجعية النجف نفسها لا تذهب إلى زواج الفتيات في سن التاسعة».

وعن الجدل حول موضوع «مدونة الأحكام الشرعية» التي يفترض أن تصدر عن الوقفين الشيعي والسني، ورفض المعترضين لها، يشرح المالكي ذلك بالقول، إن «المدونة، شأنهأ شأن معظم التشريعات تحال إلى جهة تنفيذية مثلما تحال بقية القوانين إلى الجهات التنفيذية، فقانون النفط مثلاً يحال إلى وزارة النفط قبل إقرار وهكذا».

ويضيف أن «الوقفين السني والشيعي هما الجهتان التنفيذيتان المرتبطتان بالحكومة في هذه الحال سيقومان بتقديم مدونة الأحكام، وستطرح المدونة أمام رئاسة الوزراء، وسيشترك في مناقشتها مجلس القضاء ومجلس شورى الدولة».

ويؤكد المالكي، أن «المدونة بمثابة رسم قانوني لمشروع التعديل، ومن ثم ترفع إلى الجهات المعنية، مثل رئاسة الوزراء وبقية الهيئات، وبعد كل ذلك تعود إلى البرلمان لتعديلها، إن تطلب الأمر، ولإجراء التعديلات اللازمة قبل التصويت النهائي عليها».

وخلص المالكي إلى القول: «بصراحة أنا حريص على تمرير مشروع التعديل في عهد المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني، بالنظر لتمتعه بالحكمة والاعتدال الشديد، وعدم قبوله أي ظلم يقع على النساء أو الأطفال أو الرجال، إلى جانب التزامه بالدستور، وما تحدده القوانين».

القوى الشيعية تعمل بجد لتشريع تعديلات جدلية على قانون الأحوال الشخصية (إ.ب.أ)

آثار كارثية

وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، قالت قبل أيام، إنه «إذا أُقرّ التعديل، ستكون له آثار كارثية على حقوق النساء والفتيات المكفولة بموجب القانون الدولي، إذ سيسمح بزواج الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات، وتقويض مبدأ المساواة بموجب القانون العراقي، وإزالة أوجه حماية للمرأة في الطلاق والميراث».

وكشف استبيان أجراه «فريق استطلاعات الرأي العراقي»، السبت الماضي، أن أكثر من 60 ألف شخص من كلا الجنسين شاركوا في الاستبيان حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، «رفضوا بقوة» مشروع التعديل.

وأصدرت مجموعة كبيرة من الأكاديميات والفنانات والأديبات العراقيات، الأسبوع الماضي، بياناً رفضن فيه تعديل قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959، لأنه «سيؤدي حتماً إلى طمس الهوية الوطنية، وتغليب الهويات الفرعية والطائفية، وتقويض المكاسب التي تحققت لحماية حقوق النساء، وتعيد العراق إلى مرحلة ما قبل الدولة».