إشادة أممية بحرص السوداني على عدم الانجرار إلى حرب

بعثة «يونامي» تحْيي ذكرى مسؤول قُتل بتفجير إرهابي في بغداد عام 2003

القائم بأعمال رئاسة بعثة «يونامي» كلاوديو كوردوني خلال إحياء ذكرى سيرجيو فييرا دي ميللو الذي قُتل بتفجير إرهابي في بغداد عام 2003 (بعثة يونامي)
القائم بأعمال رئاسة بعثة «يونامي» كلاوديو كوردوني خلال إحياء ذكرى سيرجيو فييرا دي ميللو الذي قُتل بتفجير إرهابي في بغداد عام 2003 (بعثة يونامي)
TT

إشادة أممية بحرص السوداني على عدم الانجرار إلى حرب

القائم بأعمال رئاسة بعثة «يونامي» كلاوديو كوردوني خلال إحياء ذكرى سيرجيو فييرا دي ميللو الذي قُتل بتفجير إرهابي في بغداد عام 2003 (بعثة يونامي)
القائم بأعمال رئاسة بعثة «يونامي» كلاوديو كوردوني خلال إحياء ذكرى سيرجيو فييرا دي ميللو الذي قُتل بتفجير إرهابي في بغداد عام 2003 (بعثة يونامي)

شدّد مسؤول كبير بالأمم المتحدة في العراق على ضرورة خفض التصعيد المرتبط بحرب غزة، واحتمالات توسعها، مشيداً بموقف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بعدم الانجرار إلى حرب. وجاء هذا الموقف في وقت أحيت بعثة «يونامي» الأممية ذكرى تفجير إرهابي أودى بحياة ممثّل الأمم المتحدة في العراق سيرجيو فييرا دي ميللو، ببغداد عام 2003.

وقال نائب الممثل الخاص للأمم المتحدة بالعراق كلاوديو كوردوني، في تصريحات صحافية بمقر بعثة «يونامي»، داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، إن «رئيس الوزراء العراقي (محمد شياع السوداني)، على وجه الخصوص، حريص على عدم الانجرار إلى هذه الحرب، مع دعمه دبلوماسياً وسياسياً حقوق الفلسطينيين».

ورأى أن «الحرب ليست وسيلة لحل الأمور. هناك خطر أن الأمور سوف تزداد سوءاً».

وأكّد كوردوني أنه «يتفهم الصعوبات التي يواجهها العراق، ولكن ندعو الجميع إلى خفض التصعيد، والأهم من ذلك وقف هذه الحرب، والعمل نحو حل سياسي». وعبّر عن أمله في «ألّا يحدث التصعيد المنتظر».

وبينما تحزم البعثة الأممية حقائبها للرحيل من العراق أواخر العام المقبل، بناءً على طلب العراق، وموافقة مجلس الأمن الدولي، فإنها تُحيي ذكرى الهجوم الذي طال مقر الأمم المتحدة في بغداد عام 2003، وأودى بحياة الممثل الأممي الخاص البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميللو، و22 شخصاً آخرين.

ممثّل الأمم المتحدة في العراق سيرجيو فييرا دي ميللو يتحدث في مطار الكويت 2 أغسطس 2003 (أ.ف.ب/ أرشيفية)

وقال كوردوني في هذا الإطار: «أنا سعيد بعودة الأمم المتحدة وعملها مع العراقيين منذ ذلك الحين، وأنا فخور بالعمل الذي قام به الزملاء على مدى السنوات الـ21 الماضية».

ويُعدّ التفجير الذي طال بعثة الأمم المتحدة في بغداد، خلال شهر أغسطس (آب) 2003، باكورة التفجيرات الإرهابية التي طالت العراق بعد نحو 5 شهور على إسقاط النظام السابق في أبريل (نيسان) 2003، وتلاه بأيام تفجير آخر طال زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق آنذاك محمد باقر الحكيم، الذي كان بمثابة زعيم المعارضة العراقية الأبرز لنظام صدام حسين.

وبينما أدى تدمير مقر مبنى البعثة الأممية إلى مقتل أول ممثل أممي في العراق البرازيلي ديمليو، و22 آخرين من العاملين في البعثة، فإن التفجير الذي طال مرقد الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف، حيث كان يؤدي الحكيم الصلاة، تسبّب -بالإضافة إلى مقتل الحكيم نفسه- في مقتل عشرات من المصلّين والمرافقين.

المهمة الأخيرة

وبناءً على طلب تقدّم به رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى الأمم المتحدة، في مايو (أيار) الماضي، لإنهاء مهمة بعثة «يونامي» في البلاد، باتت مهمة البعثة «محدودة»، حسبما أعلن نائب الممثل الأممي كوردوني في تصريحاته.

ومعلوم أن البعثة كانت طوال السنوات الـ21 الماضية، تتولى مهمات عديدة، تتمثل في المساعدة في تطوير المؤسسات العراقية، ودعم الحوار السياسي، والانتخابات، وتعزيز حقوق الإنسان.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

وبموازاة طلب العراق إنهاء عمل البعثة الأممية في العراق (يونامي) التي تشكّلت عام 2003، طلب أيضاً إنهاء مهمة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والخاص بمحاربة تنظيم «داعش»، والذي تشكّل عام 2014، وحظي الطلبان بموافقة مجلس الأمن والولايات المتحدة، لكنَّ الأخيرة لا تزال تُجري مباحثات مع العراق لإعادة تنظيم وجودها في البلاد.

وبإحياء ذكرى فييرا دي ميللو تكون البعثة الأممية قد قامت بآخر مهمة لها في العراق بعد نحو عقدين من الزمن.

بلاسخارت المثيرة للجدل

ورغم أن عدداً من الشخصيات الدولية تناوبوا على منصب ممثّل الأمم المتحدة في العراق، فإن الممثلة الأخيرة جينين بلاسخارت كانت الأكثر إثارةً للجدل داخل العراق. وغادرت بلاسخارت منصبها في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، بانتظار وصول الدبلوماسي من سلطنة عمان محمد الحسن ليتولى موقعها، وفي تصريحاته للصحافيين، قال نائبها كوردوني: «إن كل ممثل خاص لديه شخصيته الخاصة وما إلى ذلك، لكننا جميعاً نعمل في إطار التفويض الذي منحَنا إياه مجلس الأمن، ونحن نتطلّع إلى أن يبدأ السيد الحسن ويقود المهمة نحو نهايتها، نهاية العام المقبل».

ويرى كوردوني أن العراق بلد سياسي نابض بالحياة، حيث تشارك أحزاب عدة في الحكومة، وأشار إلى أنه «ربما يكون من الحكمة أن نبحث عن حلول وسط بدلاً من الانقسامات، ولكن مرة أخرى، كما تعلمون، يتمتع الناس بالحرية في متابعة أجنداتهم السياسية الخاصة، وما دام ذلك سلمياً، ومن خلال الإطار المؤسسي، فهذا أمر جيد».

كانت بلاسخارت قد تولّت منصبها في العراق في ظل تحولات سياسية مهمة، تمثّلت في احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 التي سُمّيت «انتفاضة تشرين»، وواجهتها السلطات العراقية وقوى السلاح بالحديد والنار، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 600 شخص، وجرح أكثر من 20 ألفاً آخرين، واحتجّت البعثة الأممية على هذا القمع، ما جعل أطرافاً سياسية عراقية، شيعية تحديداً، تَعدّ بلاسخارت جزءاً من الأزمة لا الحل.

حقائق

من سيرجيو فييرا دي ميللو؟

تفيد الأمم المتحدة بأن سيرجيو فييرا دي ميللو وُلد في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1948، وانضم إلى المنظمة الدولية عام 1969، وبدأ عمله في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في جنيف، كما خدم في العمليات الإنسانية وعمليات حفظ السلام في بنغلاديش والسودان وقبرص وموزمبيق وبيرو. وتولّى أول منصب رفيع المستوى عام 1981، عندما عُيّن كبيرَ المستشارين السياسيين في قوات الأمم المتحدة بلبنان.

وفي الفترة بين عامَي 1991 و1996 عمل مبعوثاً خاصاً للمفوض السامي في كمبوديا، ثم منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية لمنطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، كما عُين لفترة قصيرة ممثلاً للأمين العام في كوسوفو، وعمل مدير الإدارة الانتقالية للأمم المتحدة في تيمور الشرقية. وبعد أقل من عام من تعيينه مفوضاً سامياً لحقوق الإنسان، طلب الأمين العام كوفي عنان، من فييرا دي ميللو، أن يأخذ إجازة مؤقتة من منصبه؛ للعمل في العراق ممثلاً خاصاً له هناك عام 2003، وفي 19 أغسطس (آب)، بعد 3 أشهر فقط من وصوله إلى العراق، قُتل فييرا دي ميللو مع 22 من زملائه، عندما تعرّض مقر الأمم المتحدة للهجوم في بغداد.


مقالات ذات صلة

سوريا: مسؤول في الأمم المتحدة يدعو لزيادة الدعم الدولي «على نطاق واسع»

المشرق العربي مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر (أ.ف.ب)

سوريا: مسؤول في الأمم المتحدة يدعو لزيادة الدعم الدولي «على نطاق واسع»

شدّد مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر اليوم (الأربعاء) على ضرورة زيادة الدعم المخصص لسوريا «على نطاق واسع».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)

مقتل وجرح العشرات من المدنيين في قصف على مدينة الفاشر

تعرضت مدينة الفاشر، الأربعاء، لقصف مدفعي وغارات جوية أدت إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين. وأدانت مسؤولة أممية الهجمات، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث لوسائل الإعلام في دمشق (أ.ف.ب)

بيدرسن يدعو إلى انتخابات «حرة وعادلة» في سوريا بعد «المرحلة الانتقالية»

دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن من دمشق، اليوم الأربعاء، إلى تنظيم انتخابات «حرة وعادلة» في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عناصر هيئة البحث عن المفقودين خلال عملية لانتشال جثث تم العثور عليها بضواحي ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

دعوة أممية للتحقيق في «جرائم تعذيب أفضت إلى موت» بالسجون الليبية

حثت الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل المعنية بالقانون الدولي الإنساني السلطات الليبية على «اتخاذ إجراء فوري لإطلاق سراح الأفراد المحتجزين تعسفياً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خوري في لقاء سابق بممثلي الأحزاب السياسية بليبيا (البعثة الأممية)

انقسام ليبي بشأن مبادرة خوري لحلحلة الأزمة السياسية

وسط ترحيب أميركي وغربي شهدت ليبيا انقساماً بشأن الإحاطة التي قدمتها القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن وتضمنت مبادرة سياسية جديدة.

خالد محمود (القاهرة)

بلينكن لـ«هيئة تحرير الشام»: تعلموا من عزلة «طالبان»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال إجابته عن أسئلة الحضور في مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» للبحوث في نيويورك 18 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال إجابته عن أسئلة الحضور في مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» للبحوث في نيويورك 18 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بلينكن لـ«هيئة تحرير الشام»: تعلموا من عزلة «طالبان»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال إجابته عن أسئلة الحضور في مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» للبحوث في نيويورك 18 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال إجابته عن أسئلة الحضور في مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» للبحوث في نيويورك 18 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، «هيئة تحرير الشام» التي أطاحت ببشار الأسد وتولت السلطة في سوريا إلى الوفاء بوعودها بالاعتدال إذا كانت تريد تجنب العزلة المفروضة على حركة «طالبان» الأفغانية.

و«هيئة تحرير الشام» التي قادت هجوم فصائل المعارضة المسلّحة لإسقاط الأسد والتي فكّت ارتباطها مع تنظيم «القاعدة» عام 2016، ما زالت مدرجة في قائمة المنظمات «الإرهابية» لعواصم غربية عدة، لا سيما واشنطن.

وقال بلينكن، في مداخلة ألقاها أمام مركز «كاونسل أون فورين ريليشنز» للبحوث في نيويورك: «أظهرت حركة (طالبان) وجهاً أكثر اعتدالاً، أو على الأقل حاولت ذلك، عندما سيطرت على أفغانستان، ثم ظهر وجهها الحقيقي. وكانت النتيجة أنها بقيت معزولة إلى حد كبير» على الصعيد الدولي.

وأضاف، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «لذلك، إذا كنتم لا تريدون هذه العزلة، فهناك أمور معينة ينبغي أن تقوموا بها لدفع البلاد إلى الأمام».

وعادت حركة «طالبان» إلى السلطة عام 2021 بعد وقت قصير من انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وبعد بعض الانفتاح تجاه الغرب، أعادت حكومة «طالبان» فرض تدابير تقييدية ضد النساء.

ولم تعترف أي دولة بـ«طالبان» بوصفها حكومة شرعية، رغم أن الصين والإمارات قبلتا أوراق اعتماد السفيرين اللذين عينتهما «طالبان».

كذلك، دعا بلينكن إلى تشكيل حكومة سورية «غير طائفية» تحمي الأقليات وتعالج المخاوف الأمنية، بما في ذلك مواصلة القتال ضد تنظيم «داعش» وإزالة مخزونات الأسلحة الكيماوية المتبقية.

وقال وزير الخارجية الأميركي إن «هيئة تحرير الشام» يمكنها أيضاً أن تتعلم دروساً من الأسد، بشأن ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية مع الجماعات الأخرى، موضحاً أن «رفض الأسد المطلق الانخراط في أي شكل من العملية السياسية هو أحد الأشياء التي أدت إلى سقوطه».