دبلوماسي بريطاني: لندن قد تكون متورطة في جرائم حرب إسرائيلية

مارك سميث استقال احتجاجاً على استمرار بلاده في بيع الأسلحة لتل أبيب

جنود إسرائيليون خلال عمليات ليلية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)
جنود إسرائيليون خلال عمليات ليلية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)
TT

دبلوماسي بريطاني: لندن قد تكون متورطة في جرائم حرب إسرائيلية

جنود إسرائيليون خلال عمليات ليلية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)
جنود إسرائيليون خلال عمليات ليلية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

أعلن دبلوماسي بريطاني استقالته من وزارة الخارجية قائلاً إنه يعتقد أن الوزارة «قد تكون متورطة في جرائم حرب» بسبب استمرارها في السماح ببيع الأسلحة لإسرائيل.

وكتب الدبلوماسي مارك سميث الذي يعمل سكرتيراً ثانياً بالسفارة البريطانية لدى آيرلندا، في رسالة استقالة موجهة لزملائه، ونُشرت على الإنترنت، أن أعضاء في الحكومة الإسرائيلية والجيش عبَّروا علناً عن «نية لتنفيذ إبادة جماعية».

وقال سميث -وفقاً لصحيفة «التايمز» البريطانية- إنه كان «قلقاً بشدة» لأن وزارة الخارجية «تجاهلت» مخاوفه بشأن قانونية استمرار مبيعات الأسلحة لإسرائيل.

وتابع: «يحزنني أن أستقيل بعد مسيرة طويلة في العمل الدبلوماسي. ومع ذلك لا أستطيع أن أواصل القيام بمهامي وأنا على علم بأن الوزارة قد تكون متورطة في جرائم حرب».

وأضاف سميث أنه عمل سابقاً مسؤولاً عن تقييم تراخيص تصدير الأسلحة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي وظيفة تجعله «خبيراً» في مجال سياسات بيع الأسلحة.

الدبلوماسي البريطاني المستقيل مارك سميث (حسابه على «لينكد إن»)

وقال: «نشهد كل يوم أمثلة واضحة على جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني في غزة ترتكبها إسرائيل»؛ مشيراً إلى أن «أعضاء كباراً في الحكومة الإسرائيلية والجيش أعربوا علناً عن نية تنفيذ إبادة جماعية، وأن جنوداً إسرائيليين يصورون أنفسهم وهم يحرقون ويدمرون وينهبون ممتلكات المدنيين بشكل متعمد، ويعترفون باغتصاب وتعذيب الأسرى علانية».

وأكد: «لا توجد تبريرات لاستمرار بريطانيا في بيع الأسلحة لإسرائيل، ورغم ذلك فإنها مستمرة. لقد أثَرتُ الموضوع على كل المستويات في الوزارة، ولم أتلقَّ رداً سوى (شكراً، لقد سجلنا اعتراضك)».

من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: «حكومتنا ملتزمة باحترام القانون الدولي. لقد قلنا بوضوح إننا لن نصدِّر أي معدات قد تُستخدم لارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني».

وأضاف، كما نقلت عنه «التايمز»: «هناك عملية تقييم حول التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني من عدمه، طلبها وزير الخارجية منذ أول يوم له في منصبه».

منذ عام 2008، أصدرت المملكة المتحدة تراخيص تصدير أسلحة بقيمة تزيد على 576 مليون جنيه إسترليني لإسرائيل، وفقاً لتحليل بيانات التصدير الحكومية من قبل حملة مكافحة تجارة الأسلحة.

في يونيو (حزيران)، نشرت الحكومة بيانات حول التراخيص الممنوحة لإسرائيل منذ الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تظهر أنها أصدرت 108 تراخيص بين 7 أكتوبر 2023 و31 مايو (أيار) 2024.

وقُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني في الحرب الدائرة بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، وشُردت غالبية السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وأدت إلى تحذيرات من الخبراء بشأن انتشار المجاعة وتفشي محتمل لأمراض مثل شلل الأطفال.


مقالات ذات صلة

إعلام عبري: مفاوضات القاهرة لم تثمر اتفاقاً

المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (السفارة الأميركية)

إعلام عبري: مفاوضات القاهرة لم تثمر اتفاقاً

أفادت وسائل إعلام عبرية، الاثنين، بأن الوفد الإسرائيلي المشارك في مفاوضات القاهرة الرامية إلى تحقيق تهدئة بين حركة «حماس» وإسرائيل في غزة، عاد من دون اتفاق.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي طفل فلسطيني مصاب يتلقى علاجاً طارئاً في مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: شريط «فيلاديلفيا» عقدة جديدة في مسار المفاوضات

تقف مفاوضات الهدنة في قطاع غزة بين محاولات إسرائيلية للتشبث بالبقاء في شريط فيلاديلفيا، على خلاف رغبة «حماس»، وجهود متواصلة للوسطاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عناصر من الصليب الأحمر اللبناني يخمدون حريقاً في بلدة شبعا إثر قصف إسرائيلي على المنطقة (د.ب.أ)

احتمالات توسّع الحرب تتراجع في لبنان على وقع المفاوضات

سجّلت عملية تسلّل للجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان للمرة الثالثة منذ بدء المواجهات مع «حزب الله»، في وقت لا يزال فيه التوتر يسود في لبنان سياسياً وعسكرياً

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان مستقبِلاً الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة في مصر (واس)

مشاورات سعودية - مصرية في الرياض حول أوضاع المنطقة

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الاثنين، بالرياض، مع نظيره بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، أوضاع المنطقة بشكل عام وقطاع غزة على وجه الخصوص

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية عناصر من الشرطة ونيابة إسطنبول أثناء جمع الأدلة بمنطقة إطلاق النار على فلسطينيين (متداولة)

تركيا تحقق بمقتل فلسطيني في إطلاق نار في إسطنبول

تحقق السلطات التركية في مقتل رجل أعمال فلسطيني يقال إنه على علاقة بـ«حماس» في حادث إطلاق نار في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

«هدنة غزة»: شريط «فيلاديلفيا» عقدة جديدة في مسار المفاوضات

طفل فلسطيني مصاب يتلقى علاجاً طارئاً في مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني مصاب يتلقى علاجاً طارئاً في مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: شريط «فيلاديلفيا» عقدة جديدة في مسار المفاوضات

طفل فلسطيني مصاب يتلقى علاجاً طارئاً في مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني مصاب يتلقى علاجاً طارئاً في مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

قبيل جولة «حاسمة» مرتقبة في القاهرة، تقف مفاوضات الهدنة في قطاع غزة بين محاولات إسرائيلية للتشبث بالبقاء في شريط فيلاديلفيا، على خلاف رغبة «حماس»، وجهود متواصلة للوسطاء تحذر من ضياع «فرصة قد تكون أخيرة» لإبرام اتفاق يحول دون تصعيد في المنطقة.

ووفق مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، فإن «القاهرة مستاءة من محاولات إسرائيل تعقيد الوصول إلى حل عبر طرح مسألة شريط فيلاديلفيا بالمخالفة للاستحقاقات التعاقدية بين البلدين».

و«محور فيلاديلفيا» هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية السلام» الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، واحتلته إسرائيل مع الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو (أيار) الماضي، وسط رفض مصري متكرر وتمسك بانسحاب كامل منه.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن مطلب عدم الانسحاب من شريط فيلاديلفيا «عقدة جديدة» يضعها رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو أمام المفاوضات، معولين على دور أميركي حقيقي وجاد لتجاوز «الشروط التعجيزية» التي تكبل بها أي محاولة تقترب من إبرام صفقة.

مطلب عدم الانسحاب من شريط فيلاديلفيا، استبق به نتنياهو زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، التي تعد العاشرة للمنطقة منذ اندلاع حرب غزة قبل 11 شهراً، وفق بيان لمكتبه الأحد، بدعوى «منع الإرهابيين من إعادة التسلح»، بعد أيام من تسريبات إعلامية نقلت عن وزير الدفاع يوآف غالانت قوله إنه «بدون التوصل لصفقة بشأن غزة قد تنزلق إسرائيل إلى حرب إقليمية».

وبعد مقابلة بلينكن، أفاد مكتب نتنياهو بأن الأخير «أصر بثبات خلال اللقاء على تلبية احتياجات إسرائيل الأمنية»، وأمام ذلك حذر بلينكن، الاثنين، من إفشال المفاوضات الحالية قائلاً: «إنها لحظة حاسمة، وربما آخر فرصة، لإعادة الرهائن، والتوصل إلى وقف إطلاق نار»، وحثّ طرفي الأزمة على «عدم اتخاذ أي خطوات قد تُخرج العملية عن المسار».

فلسطينيون ينعون جثمان مصور صحافي قُتل أثناء تغطيته تقدم القوات الإسرائيلية شمال خان يونس (أ.ف.ب)

مطلب نتنياهو الذي لا يلاقي رغبة لدى وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن محور فيلاديلفيا، اعتبره مستشار «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، «إحدى العقد الرئيسية في المفاوضات» إلى جانب رفض إعطاء ضمانات بشأن وقف إطلاق النار بعد إتمام المرحلة الأولى من مقترح بايدن، مع رغبة «حماس» في وقف دائم، وتمسك نتنياهو بمطالب عكسية تريد استئناف القتال.

وهناك سببان وراء إصرار نتنياهو على البقاء في فيلاديلفيا وفق الخبير الاستراتيجي، اللواء سمير فرج، أولهما أن «نتنياهو يبحث عن عقدة كبيرة للمفاوضات في محاولة لإفشالها كعادته لإطالة الحرب، والثاني اكتساب ميزة استراتيجية عسكرية كونه كاشفاً لكل غزة ويمكنه من اقتحام أي منطقة في القطاع في أي وقت يريد».

ووفق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فإن محور فيلاديلفيا منطقة عازلة و«إصرار نتنياهو على البقاء فيها مخالفة للاتفاق قد تستدعي تحركاً مصرياً للجنة المختصة بمتابعة الاتفاقية للنظر في ذلك الاختراق الذي قد يقابل بمواقف مصرية متصاعدة إن لم يحل»، بحسب اللواء فرج.

ويرى الشوبكي أن هناك حلولاً يمكن بها تجاوز أزمة محور فيلاديلفيا إن كان نتنياهو جاداً في إبرام الاتفاق، منها بحث إمكانية وضع قوات مراقبة أو بقاء قوات محدودة.

ورغم تلك العقبات لا تزال واشنطن تتمسك بإمكانية حدوث اتفاق، وسينتقل بلينكن من تل أبيب ويهبط الثلاثاء في زيارة لمصر، مع تأكيد بايدن، في تصريحات صحافية الاثنين، أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «ما زال ممكناً»، موضحاً أن «المحادثات لا تزال جارية ونحن لن نستسلم».

أيضاً مصر التي تستضيف الجولة المرتقبة للمحادثات قبل نهاية الأسبوع الحالي تتمسك باحتمال إبرام صفقة، وتتحدث عن «جهودها المتواصلة مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة لوقف إطلاق النار في القطاع، والعمل على احتواء التصعيد في الإقليم»، وفق تصريحات لوزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، الأحد، مؤكداً أن «سياسة التصعيد التي تنتهجها إسرائيل مرفوضة جملةً وتفصيلاً، ولن تؤدي إلا لمزيد من توسيع رقعة الصراع».

ووسط حالة القلق والترقب للتصعيد بالمنطقة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، الإيرانية، ناصر كنعاني، الاثنين، في مؤتمر صحافي، إن رد إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية بطهران في نهاية يوليو (تموز) الماضي، ومسألة مفاوضات غزة «مسألتان منفصلتان».

وباعتقاد كنعاني أن بلاده: «كانت ولا تزال أقوى وأهم داعم إقليمي ودولي لوقف الحرب ووقف إطلاق النار، لكن لا علاقة لذلك بحق إيران الشرعي والقانوني في معاقبة إسرائيل»، غير أنه أكد أن بلاده «لن تتردد في ضمان أمن المنطقة»، وفق ما نقلته وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية.

ووفق موقع «أكسيوس» الإخباري فإن نتنياهو أبلغ بلينكن عزمه إرسال وفد المفاوضات إلى القاهرة لاستئناف المباحثات حول وقف إطلاق النار بغزة.

ويرى الشوبكي أن جهود أميركا نابعة من أنها «لا تريد حرباً شاملة، وجادة في إبرام اتفاق»، مستدركاً: «لكنها تمارس ضغوطاً ناعمة على حليفها الاستراتيجي الأقرب لا تصل إلى خطوات عملية وملموسة»، متوقعاً أن الصفقة أمام «فرص غير مؤكدة في ظل مخاطر كبيرة لتقويض المفاوضات».

ويعتقد فرج أن «زيارة بلينكن تستهدف الوصول لحل بشأن عقبات الاتفاق وخاصة أزمة محور فيلاديلفيا، ولن يكون هناك اتفاق ما لم يتراجع نتنياهو»، مؤكداً أن مصر ستبقى متمسكة بموقفها الرافض لأي بقاء لإسرائيل بتلك المنطقة العازلة.