«حزب الله» وإيران يتمهلان في الرد وحدوده تقررها محادثات الدوحة

تحذير لبناني من استبدال وقف الأعمال العسكرية بخفض التوتر جنوباً

خلال اللقاء الذي جمع المبعوث الأميركي أموس هوكستين ورئيس البرلمان نبيه برّي بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون (د.ب.أ)
خلال اللقاء الذي جمع المبعوث الأميركي أموس هوكستين ورئيس البرلمان نبيه برّي بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون (د.ب.أ)
TT

«حزب الله» وإيران يتمهلان في الرد وحدوده تقررها محادثات الدوحة

خلال اللقاء الذي جمع المبعوث الأميركي أموس هوكستين ورئيس البرلمان نبيه برّي بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون (د.ب.أ)
خلال اللقاء الذي جمع المبعوث الأميركي أموس هوكستين ورئيس البرلمان نبيه برّي بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون (د.ب.أ)

كشفت مصادر سياسية مواكبة للقاءات التي عقدها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكستين، وشملت رئيسي المجلس النيابي نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، ووفداً نيابياً يمثل قوى المعارضة، أن «حزب الله» كان الغائب الحاضر الأبرز فيها، باعتبار أنه المعني الأول بالمهمة التي حضر من أجلها هوكستين إلى بيروت، وتدور حول بند وحيد يتعلق بدعوة الحزب للامتناع عن القيام برد على إسرائيل لاغتيالها أحد أبرز قادته العسكريين، فؤاد شكر، طوال مدة انعقاد المحادثات في الدوحة للتوصل لوقف النار في غزة، لأن هناك ضرورةً لتوفير الفرصة للمتفاوضين لإنهاء الحرب في القطاع.

وقالت المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب استعاض عن مشاركته المباشرة في اللقاءات بتفويضه الرئيس بري كونه أوكل إليه سابقاً التفاوض مع هوكستين للتوصل إلى تهدئة في جنوب لبنان ترتبط بوقف النار في غزة، وأكدت أن الحزب تجاوب مع ضرورة إعطاء فرصة للمتفاوضين في الدوحة لعلهم يتوصلون لوقف النار، ما يعني أنه يحتفظ لنفسه بحق الرد لاحقاً، ويعود له تقدير طبيعة الرد وحدوده ومكانه في ضوء النتائج التي ستتوصل إليها محادثات الدوحة، سواء أكانت إيجابية أو سلبية، وإن كانت تنصح بأن يبقى الرد في مطلق الأحوال تحت سقف السيطرة.

فرصة لمحادثات الدوحة

ولفتت إلى أن «حزب الله» أُعلم بتفاصيل ما بحث فيه هوكستين، خصوصاً مع بري وميقاتي، وقالت إن التواصل بين قيادتي «أمل» والحزب يكاد يكون يومياً ليكون في وسع الثنائي الشيعي أن يبني على الشيء مقتضاه. وقالت إن بري، كعادته، أوكل هذه المهمة إلى معاونه السياسي النائب علي حسن خليل الذي يلتقي على الدوام المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل الذي التقى ميقاتي، مساء الأربعاء الماضي، لهذه الغاية، رغم أن رئيسي المجلس والحكومة يقرآن في كتاب واحد في لقاءاتهما بالوسيط الأميركي بالتوافق مع قيادة الحزب.

وأكدت المصادر المواكبة أن هوكستين لم يحمل معه أي أفكار محددة سوى دعوته لإعطاء فرصة لمحادثات الدوحة التي تنعقد في ظل ارتفاع منسوب الضغط الأميركي على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لدفعه لتسهيل التوصل لوقف النار في غزة، الذي يلقى دعماً غير مسبوق من المجتمع الدولي، وبالتالي لا مصلحة لتوفير الذرائع له للتفلّت من هذه الضغوط، ورأت أن لا صحة لكل ما أشيع ونُسب إلى الحزب بعدم تحبيذه التفاوض مع الوسيط الأميركي، وأن كل ما قيل يأتي في سياق الاستهلاك السياسي، ولن يكون له من مفاعيل سياسية ملموسة تلزمه بموقف من هذا القبيل.

الحزب وإيران يتمهلان

وشدّدت على أن لدى الحزب، بتفويضه لبري، كل الثقة به، وإلا لما كان بادر منذ أن قرر مساندة «حماس»، إلى ترك الحرية له للتفاوض لعودة التهدئة إلى الجنوب انطلاقاً من وقف الحرب على القطاع، وكشفت أن الحزب يتمهل في رده على إسرائيل، وهذا ما ينسحب أيضاً على إيران التي أبلغت الوسطاء موافقتها على إعطاء فرصة لمحادثات الدوحة شرط أن تحتفظ لنفسها، أسوة بالحزب، بحق الرد لاحقاً على إسرائيل لاغتيالها رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية.

وقالت المصادر نفسها إن الوسيط الأميركي نصح بالاستعداد لمرحلة ما بعد وقف النار، من دون أن يتقدم بأفكار محددة بهذا الخصوص، سوى تأكيده أن هناك ضرورة لتطبيق القرار 1701 على مراحل، وهذا ما شدد عليه الجانب اللبناني بالتزامه به وضرورة تطبيقه بكل مندرجاته.

ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أن هوكستين تطرق إلى الحشد الأميركي لحاملات الطائرات والغواصات في البحر المتوسط، رداً على ما أثاره بري في هذا الخصوص، ونقلت عنه قوله إن للحشد طابعاً ردعياً لمنع توسعة الحرب وتمددها لتشمل دول في الإقليم.

لكن مطالبة هوكستين بتمهل «حزب الله» في رده على إسرائيل سرعان ما فتحت الباب أمام بحث التمديد لقوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» العاملة في جنوب لبنان لعام جديد، مع استعداد مجلس الأمن الدولي للتصويت على قرار في هذا الخصوص في نهاية الشهر الحالي.

وعود هوكستين

وعلمت «الشرق الأوسط» أن هوكستين وعد بالتدخل لدى الإدارة الأميركية لإصدار قرار يقضي بالتمديد لها لعام جديد بدلاً من 6 أشهر، ليكون لدى لبنان المزيد من الوقت لتعزيز انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني إلى جانب «يونيفيل» لتطبيق القرار 1701.

كما وعد بالتدخل أيضاً للإبقاء على مضامين القرار كما هو، وإذا كان هناك من تعديلات فلا مانع بأن تكون طفيفة، وذلك استجابة لطلب الجانب اللبناني بعدم الأخذ باقتراح إسرائيل استبدال وقف الأعمال العسكرية العدائية بخفض وتيرة التصعيد بين البلدين، ما يعني إدخال تعديل على القرار 1701 الذي يسمح لإسرائيل بالتدخل عسكرياً متى تشاء بدلاً من الإبقاء على هذا البند بصيغته الحالية التي تمهد الطريق للتوصل لوقف النار بصورة نهائية كونه لا يزال عالقاً ولم ير النور.

فهل تستجيب واشنطن لطلب لبنان لئلا تقوم إسرائيل باستغلال التعديل المقترح على نحو يؤدي إلى تفريغ القرار 1701 من مضامينه لحفظ الاستقرار في الجنوب، بدلاً من تطويره على نحو يمهد للانتقال إلى وقف النار على قاعدة التمسك بالامتناع عن الأعمال العسكرية لئلا يبقى الجنوب مشرعاً أمام التهديدات الإسرائيلية بغياب أي رادع لها من الأمم المتحدة، إلا إذا كان التلويح بتعديله يأتي في سياق الضغط لتفعيل دور «يونيفيل» وتوسيع مروحة تحرك القوات التابعة لها في جنوب الليطاني، مع أن أي تعديل لا يصبح نافذاً إلا بموافقة الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وهذا لن يتأمن بما أن أكثر من دولة ستمارس حقها باستخدام «الفيتو» تفهماً منها لموقف لبنان.


مقالات ذات صلة

أزمات وكوارث متلاحقة تُنهك اللبنانيين

المشرق العربي لوحة من ضمن حملة إعلانية تنتشر في بيروت تحمل عنوان «بيكفي تعبنا.. لا نريد الحرب» (إ.ب.أ)

أزمات وكوارث متلاحقة تُنهك اللبنانيين

جاءت الهزتان الأرضيتان اللتان ضربتا لبنان، كما الأردن وسوريا، الثلاثاء والجمعة، بمثابة قطرة المياه التي أدت لطوفان كوب اللبنانيين.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي النائب المفصول من «التيار» آلان عون (إلى اليسار) مع النائب المستقيل سيمون أبي رميا في جلسة برلمانية سابقة (حساب أبي رميا في «إكس»)

لبنان: قيادة «التيار الوطني الحر» تحاول استيعاب تداعيات الإقالات والاستقالات

تحاول قيادة «التيار الوطني الحر» استيعاب تداعيات عمليات الفصل والاستقالة التي طالت عدداً من نوابه، بعدما أقدم مئات من مؤيدي هؤلاء النواب على الاستقالة تضامناً.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (أ.ف.ب)

فرنسا تثني على «التزام لبنان بضبط النفس»

قال وزير الخارجية الفرنسي، الخميس، إنه يأمل في استمرار عدم التصعيد من جانب لبنان بعد أن قتلت إسرائيل أحد كبار قادة جماعة «حزب الله» في بيروت الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في قرى حدودية بجنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

إسرائيل تبدأ في استخدام ذخائر «ثقيلة جداً» بجنوب لبنان

سقط 17 جريحاً بقصف إسرائيلي على جنوب لبنان، في وقت تتجه فيه بعض شركات الطيران لاستئناف رحلاتها إلى بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال لقائه نواب المعارضة ويبدو في الصورة النائب في حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان والنائب فؤاد مخزومي إلى جانب السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون (رويترز)

لدور الرئيس مع الحكومة في فترة الإعمار بعد الحرب

فاجأ المبعوث الأميركي آموس هوكستين وفد المعارضة اللبنانية التي التقاها على هامش زيارته إلى بيروت، الأربعاء، بطرح ملف الانتخابات الرئاسية و«ضرورة انتخاب الرئيس…

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تفاعل مع إعلان مدارس مصرية تطبيق «البصمة» على الطلاب لمواجهة الغياب

طلاب في الطابور الصباحي بإحدى المدراس بالإسكندرية (محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)
طلاب في الطابور الصباحي بإحدى المدراس بالإسكندرية (محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)
TT

تفاعل مع إعلان مدارس مصرية تطبيق «البصمة» على الطلاب لمواجهة الغياب

طلاب في الطابور الصباحي بإحدى المدراس بالإسكندرية (محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)
طلاب في الطابور الصباحي بإحدى المدراس بالإسكندرية (محافظة الإسكندرية على «فيسبوك»)

قال وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري، محمد عبد اللطيف، إن ارتفاع نسب الغياب في المدارس من بين أهم «التحديات التي تواجه التعليم المصري خلال العام الدراسي الجديد»، فيما أعلن عدد من المدارس المصرية «تطبيق البصمة الإلكترونية على الطلاب»، وهو ما أحدث تفاعلاً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

ويبدأ العام الدراسي الجديد في مصر يوم 21 سبتمبر (أيلول) المقبل، وينتهي في 5 يونيو (حزيران) 2025.

وفي إطار استعدادها للدراسة، نبهت بعض المدارس على طلابها، عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، بـ«ضرورة الالتزام بالحضور بداية من العام الدراسي المقبل». وأكدت أن «الحضور سيكون بالبصمة».

وتعاني المدارس المصرية، لا سيما في المرحلة الثانوية، من ارتفاع نسبة الغياب المتكرر لطلابها، وهو ما أشار إليه وزير التعليم المصري خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء الماضي، بأن التحديات تشمل «كثافات الفصول، وعجز المعلمين، وارتفاع نسب الغياب في المدارس».

وعدَّ الوزير المصري في لقاء عقده، الخميس، مع عدد من قيادات وزارة التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية، «تحفيز الطالب والتركيز على الأنشطة المدرسية من أهم عناصر جذب الطلاب للمدارس».

وزير التربية والتعليم المصري يتفقد إحدى المدارس بالإسكندرية (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وخلال اجتماع مجلس الوزراء المصري، الأسبوع الماضي، تطرق وزير التعليم إلى ارتفاع نسب الغياب بالمدارس، مؤكداً أن الوزارة تعمل على إخراج وإنتاج فلسفة تحفيز تساعد على ارتباط الطالب بالمدرسة، والدفع بالطلاب بهدف تحقيق الذات عن طريق تحقيق نجاحات، والتركيز على الأنشطة المدرسية. ونوّه في هذا الصدد بتعديل لائحة الانضباط المدرسي، مشيراً إلى أهمية تطبيق هذه الإجراءات مع استرجاع هيبة المعلم وتحسين مهارات الطلاب.

وترى مؤسِّسة «ائتلاف أولياء أمور مصر»، الدكتورة داليا الحزاوي، أن «تطبيق قرار البصمة بالمدارس سيكون مقترناً بإمكانيات التطبيق، بما يعني اقتصاره على المدارس الخاصة فقط، لأنه أمر مكلف مادياً»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أنه حال تطبيق البصمة سيكون «على مجموعة معينة من المدارس المصرية دون تعميم».

وهو ما اتفق معه أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس المصرية، الدكتور محمد عبد العزيز، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى «صعوبة تعميم قرار البصمة بالمدارس المصرية، لعدم تمكن المدارس من السيطرة على أعداد الطلاب كافة، إلى جانب صعوبة شراء المدارس للأجهزة، خصوصاً في ظل نقص الإمكانيات».

طلاب داخل الفصول الدراسة في مدرسة بالاسكندرية (محافظة الإسكندرية على "فيسبوك")

ولدى مصر «أكبر نظام للتعليم قبل الجامعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث التحق أكثر من 25 مليون طالب بمدارسها في العام الدراسي الأخير»، حسب وزير التعليم المصري.

ووجد إعلان بعض المدارس عن تطبيق «البصمة» تفاعلاً بين مستخدمي التواصل الاجتماعي في مصر، تراوح بين الترحيب والمعارضة للأمر.

وأوضح بعض الرواد أن هذا القرار «يمثّل عودة الانضباط للمدارس وعودة الطلاب إليها». وطالبوا بـ«تعميم الأمر على المدارس الحكومية والخاصة كافة»، فيما أثار آخرون تساؤلات حول امتلاك المدارس القدرات الفنية واللوجيستية لتشغل نظام البصمة.

وهنا أشار أستاذ العلوم والتربية في جامعة عين شمس إلى أن «وزارة التربية والتعليم تريد من الطلاب أن يلتزموا بالحضور للمدارس، وعمل حالة انضباط، وهو بالفعل تخطيط سليم، لكن ذلك يثير تساؤلاً حول ما الخدمة المقابلة التي سيجدها الطالب داخل مدرسته، وهل سيجد عملية تعليمية تغنيه عن التوجه إلى البدائل لتلقي التعليم؟ وبالتالي إذا تم توفير خدمة تعليمية مميزة فسيأتي الطالب لمدرسته من دون وجود بصمة أو إجبار على الحضور».

من جانب آخر، شبهت بعض حسابات «السوشيال ميديا» جهاز البصمة الإلكتروني بأجهزة «التابلت»، التي أدخلت قبل سنوات للمدارس الثانوية المصرية، وأثارت كثيراً من اللغط حولها بشأن تجربة «امتحانات التابلت»، فيما أشار آخرون إلى أن النظام الإلكتروني للدوام لن يستفيد منه غير موردي أجهزة البصمة.

ولفتت مؤسِّسة «ائتلاف أولياء أمور مصر» إلى شكاوى أولياء الأمور من خلو المدارس من الطلاب، وعدم وجود استفادة حقيقية داخلها، مبينة تطلع أولياء الأمور إلى أن تدفع القرارات الأخيرة لوزارة التربية التعليم الطالب إلى العودة للمدارس، ليحقق أقصى استفادة من دراسته وتحصيل العلم، كما أنهم يترقبون أيضاً عودة حقيقية للمدرسة تغنيهم عن الدروس الخصوصية.

ولم يخلُ التفاعل مع بصمة الطلاب في المدارس من السخرية، حيث تهكمت بعض الحسابات على الأمر، لافتة إلى تخوفهم من تعرض أجهزة البصمة الإلكترونية للسرقة.