مفاوضات الدوحة... مقترح أميركي جديد وشروط إضافية لنتنياهو

شبه إجماع في تل أبيب على أن الحكومة الإسرائيلية ستُفشلها

أقارب ومؤيدو محتجزين إسرائيليين في غزة خلال تجمع أمام مقر نتنياهو في القدس للضغط من أجل تأمين الإفراج عنهم يوم 10 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
أقارب ومؤيدو محتجزين إسرائيليين في غزة خلال تجمع أمام مقر نتنياهو في القدس للضغط من أجل تأمين الإفراج عنهم يوم 10 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات الدوحة... مقترح أميركي جديد وشروط إضافية لنتنياهو

أقارب ومؤيدو محتجزين إسرائيليين في غزة خلال تجمع أمام مقر نتنياهو في القدس للضغط من أجل تأمين الإفراج عنهم يوم 10 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
أقارب ومؤيدو محتجزين إسرائيليين في غزة خلال تجمع أمام مقر نتنياهو في القدس للضغط من أجل تأمين الإفراج عنهم يوم 10 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

 

في الوقت الذي تبث فيه الولايات المتحدة أنباء متفائلة بحذر إزاء المفاوضات التي يفترض أن تبدأ في الدوحة، الخميس، يسود شبه إجماع في تل أبيب على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيجهض أي محاولة للوصول إلى اتفاق لوقف النار في غزة.

ويأتي ذلك في وقت تعتزم الإدارة الأميركية تقديم مقترح جديد لاتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة «حماس»، في ظل توقعات بعدم التوصل إلى تفاهمات بين الجانبين حول المقترح المطروح حالياً خلال «قمة الدوحة»، الخميس، والتي تشارك فيها إسرائيل والوسطاء الأميركيون والقطريون والمصريون، وتطلق عليها تسمية «قمة الفرصة الأخيرة». وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأربعاء أن الإدارة الأميركية تعتزم أيضاً ممارسة ضغوط شديدة على الأطراف من أجل «مصادقة فورية» على مبادئ مقترحها الجديد.

وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن نتنياهو يواصل طرح شروط جديدة في المفاوضات، وآخرها الشرط بترحيل جميع قادة الصف الأول والثاني والثالث في «حماس». وبحسب مصادر سياسية إسرائيلية فإن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قرر تأجيل مشاركته في المفاوضات ليس فقط بسبب ضبابية القرار الإيراني بشأن الانتقام لاغتيال إسماعيل هنية وحسب، بل أيضاً لأنه أدرك أن نتنياهو لم يغيّر موقفه بشكل حقيقي.

وقالت هذه المصادر إن بلينكن تلقى تقديراً بأنه «لا يوجد في إسرائيل شخصية سياسية واحدة مقتنعة بأن نتنياهو غيّر موقفه وينوي الرضوخ للضغوط الأميركية والغربية والمحلية لإنجاح الصفقة». فهو يواصل التمسك بالشروط التي أضافها إلى المقترح الأصلي، الذي كان قد وضعه بنفسه، في نهاية مايو (أيار) ثم تراجع عنه. ومن هذه الشروط: بقاء قواته على محور فيلادلفيا ووضع حواجز إسرائيلية على محور نتساريم لضمان عدم نقل أسلحة ومسلحين من جنوب القطاع إلى شماله، واستخدام حق الفيتو على الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم تبادلهم والإصرار على ترحيل القسم الأكبر منهم إلى الخارج والحصول على قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال كلمته أمام الكونغرس الأميركي في 24 يوليو الماضي (أ.ب)

وأضاف أحد المطلعين على النقاشات الداخلية في الحكومة الإسرائيلية أن نتنياهو، وبالإضافة إلى السبب المعروف بأنه يدرك أن إقرار الصفقة يعني تفكيك حكومته واحتمال خسارة الحكم، لديه سبب آخر يقلقه هو محاربة وإجهاض خطة رئيس «حماس» يحيى السنوار. فبحسب اعتقاده، واعتقاد عدد من مستشاريه، فإن السنوار يخطط لصفقة تنهي الحرب وتعيد المصالحة الفلسطينية الداخلية والتوجه إلى مفاوضات تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لأنه يرى أن هذا هو السبيل الوحيد لبقاء «حماس» في صورة المشهد الفلسطيني والظهور كمن جلب الحل للقضية الفلسطينية بفضل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد رفضت المخابرات الإسرائيلية هذا التقدير وقالت إن السنوار هو آخر من يفكّر في إنجاح الصفقة، لأنه ما زال يأمل في توحيد الساحات واضطرار إيران و«حزب الله» للرد على اغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية. لكن مصادر تنقل عن مقربين من نتنياهو أن السنوار الذي «فوجئ» بانتخابه رئيساً للمكتب السياسي لـ«حماس» ويشعر بأنه تم وضع شرك له في هذا الانتخاب، يريد أن يقلب الطاولة ويتصرف ليس فقط كزعيم حركة بل كزعيم شعب. وبحسب محرر الشؤون العربية في القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي، إيهود يعري، فإن مصادر في «حماس» أبلغته بأن السنوار يشعر بأن مؤيدين لخالد مشعل نصبوا له شركاً. فهم يعرفون أن انتخابه رئيساً سيحرجه، لأنه لا يستطيع التحرك فوق الأرض. وسيكون رئيساً للحركة مقيّد الحركة ومتعلقاً بعمل ونشاط هؤلاء القادة في الخارج. وليس واضحاً إذا كان هذا التقرير الإسرائيلي بخصوص الخلافات داخل «حماس» مبنياً على معلومات دقيقة أم أنه جزء من تسريبات لجس النبض.

صورة يحيى السنوار في ميدان فلسطين بالعاصمة الإيرانية طهران يوم 12 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

وقالت يونيت مرزان، الباحثة في الشؤون الاجتماعية والسياسية الفلسطينية في مجموعة بحوث «شارة مرور»، إن «السنوار يتعرض لضغط من قادة الذراع العسكرية الذين بقوا في القطاع، وهو معني بوقف إطلاق النار في أسرع وقت. وهو غير راضٍ عن تعيينه رئيساً لـ(حماس)، وحتى أنه يخشى من أن يكون هذا الأمر نابعاً من خطة لإضعافه، علماً بأن العلاقة بينه وبين قيادة (حماس) في الخارج تتسم بنزاع طويل الأمد». وأضافت أنهم اليوم يعتقدون بأنه لم ينجح في استغلال إنجازاته في عملية «حارس الأسوار» للتقدم السياسي إلى جانب السلطة الفلسطينية، واستمر في الاهتمام بزيادة القوة العسكرية. وهو أيضاً لم يتوقع قوة رد إسرائيل عسكرياً على «طوفان» 7 أكتوبر الماضي. وفي مقابل فقدان العدد الكبير من النشطاء الرئيسيين في المجال السياسي والعسكري، وتعزز قوة خالد مشعل في أعقاب اغتيال هنية وصالح العاروري، فإنه يوجد أمام السنوار خياران، بحسب القراءة الإسرائيلية. استخدام «الترقية» التي حصل عليها من أجل عقد صفقة تحرير المخطوفين مقابل تحرير سجناء فلسطينيين، والتي ستسجل على اسمه وليس على اسم مشعل، وربما أيضاً ستحافظ على قدرته على التأثير على «اليوم التالي» للحرب.

وهذا هو ما يخشاه نتنياهو، كما يقول منتقدوه. إذ إنه سيؤدي أولاً إلى سقوط حكومته وسيؤدي ثانياً إلى تسجيل مكاسب للسنوار و«حماس» تحت قيادته.


مقالات ذات صلة

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.