إسرائيل تتوقع نجاح واشنطن في تخفيف التوتر

اتهامات لنتنياهو ونصر الله والسنوار بأنهم يسعون لإجهاض المحاولات الأميركية

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

إسرائيل تتوقع نجاح واشنطن في تخفيف التوتر

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي (رويترز)

في الوقت الذي يعيش فيه المواطنون بدول المنطقة في ظل توتر شديد، خوفاً من اشتعال حرب شاملة، ويتهم فيها كثيرون القادة الثلاثة؛ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأمين عام «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، ويحيى السنوار الرئيس الجديد لحركة «حماس»، بالاهتمام بحساباتهم الذاتية، بحثاً عن «صورة نصر كاذب»، ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب أن لدى الإدارة الأميركية انطباعاً من اتصالاتها المباشرة مع إيران بأن هناك فرصة لتبديد التوتر، والتوصل إلى صفقة تُوقف الحرب على غزة، ومن ثم تفتح الباب من جديد لتسوية بين إسرائيل وإيران ولبنان.

وقالت المصادر نفسها إن تصريحات مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، التي قال فيها إن «التوصل إلى صفقة لوقف الحرب على غزة بات أقرب من أي وقت مضى»، لم تكن مجرد تكرار لتصريحات شبيهة سابقة، ولم تكن بغرض تضليل الناس، بل هي ناتجة عن ضغوط شديدة وغير مسبوقة مارستها إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على جميع الأطراف، منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في طهران.

نازحون فلسطينيون يجلسون في خيمة دمّرتها غارة إسرائيلية على وسط قطاع غزة (رويترز)

تطويق التصعيد

وتؤكد المصادر أن هناك إشارات تدل على أن واشنطن تقيم اتصالات مع طهران، عبر طرف ثالث، وأنها خرجت بانطباع بأنها نجحت بأن تُطوّق بدرجة معينة إيرانَ عن القيام بهجوم واسع ضد إسرائيل، وبأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يُظهر أيضاً إشارات مرونة في مسألة وقف إطلاق النار مع «حماس».

وقالت المصادر: «إذا كانت إيران وإسرائيل صادقتين، وقامتا بتخفيض التصعيد، فيمكن أن يحصل انعطاف، وبدلاً من التدحرج نحو الحرب، يجري التدحرج نحو سلسلة تفاهمات وتسويات». وأضافت المصادر أن الإيرانيين بدأوا يدركون خطورة الموقف على مصالحهم، إذ إنهم يتابعون التحركات الأميركية؛ من تحريك بوارج الأسطول الخامس، والأسطول السادس، وأيضاً التهديدات الإسرائيلية بتحويل بيروت إلى غزة أخرى، وأخيراً المطالب المتزايدة في إسرائيل بأن تُوجّه ضربة استباقية لـ«حزب الله» ولإيران بسبب التهديدات التي تعلنها إيران و«حزب الله» ضد إسرائيل. فالجميع أصبح يرى أن المنطقة مقبلة على حرب شاملة لا يريدها أحد، ولا يستطيع أحد تحمل نتائجها.

جنديان إسرائيليان خلال عمليات عسكرية بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحذير من التفاؤل

لكن حتى أصحاب هذا الرأي يحذّرون من التفاؤل الزائد، ويقولون إن الأميركيين يعتقدون أن من مصلحة الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، أن يتسلم منصبه في أجواء هدوء وليس حرب، إلا أنهم غير متأكدين من أن نتنياهو ونصر الله والسنوار سيتعاونون؛ لأن لدى كل منهم حسابات سياسية وذاتية خاصة به، فضلاً عن الاستخفاف بقوة الآخر، وهذه وصفة للتخريب على جهود خفض التصعيد.

وقالت بعض المصادر إن مفتاح الحل بيد نتنياهو، مشيرين إلى أن الأميركيين اكتوا بناره عدة مرات، آخِرها عندما تعهّد بالتقدم في الصفقة قبيل سفره لإلقاء الخطاب في الكونغرس، الشهر الماضي. لكن الزيارة انتهت دون أي تقدم، بل إنه بعد عودته إلى إسرائيل عبَّر عن مواقف متشددة في المفاوضات.

وقال مقرَّبون منه إنه يعتقد أن استمرار الهجمات في غزة، واغتيال القادة الكبار في «حماس»، سينجحان في أن يفرض على الحركة اتفاقاً مريحاً أكثر لإسرائيل. لكن كبار قادة الأجهزة الأمنية يقولون إن نتنياهو يماطل في الوقت بشكل متعمد؛ لأن توجهه هو نحو حرب استنزاف طويلة بوصفها الطريقة الوحيدة التي تضمن له عدم سقوط حكومته.

أما إذا وافق نتنياهو بشكل حقيقي على الصفقة، فيمكن أن تتغير الصورة تماماً، ويصبح التفاؤل في مكانه. وعندها تنتقل الكرة إلى السنوار، الذي مِن جهته بنى هجومه على إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على أمل ما يسميه «توحيد الساحات»، فإذا شعر بأن هذا غير ممكن، في حال انسحاب إيران، فسيضطر إلى إحداث انعطاف، وسيجدها فرصة ليبدأ عهده الجديد في قيادة «حماس» بخطوة إيجابية يمكنها أن تخدمه استراتيجياً وتعزز قوته فيها. أما دور نصر الله، الذي يؤكد دائماً أنه لا يريدها حرباً شاملة، وأن الحرب، من جهته، ستتوقف في حال توقف الحرب على غزة، ويبقى أن يتنازل في هذه الظروف عن الانتقام لاغتيال فؤاد شكر.


مقالات ذات صلة

تلويح إسرائيلي باغتيال السنوار مع «اقتراب» قواتها من مخبئه في خان يونس

المشرق العربي صورة أرشيفية ليحيى السنوار زعيم «حماس» الجديد (أ.ف.ب)

تلويح إسرائيلي باغتيال السنوار مع «اقتراب» قواتها من مخبئه في خان يونس

بالتزامن مع إعلانها المشاركة في اجتماع مرتقب الخميس المقبل لسد الفجوات أمام اتفاق وقف النار في غزة، أطلقت إسرائيل حملة عالمية لتصنيف «حماس» تنظيماً إرهابياً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

عائلات فلسطينية تفر من هجوم إسرائيلي جديد على خان يونس

عاودت الدبابات الإسرائيلية التوغل في خان يونس بجنوب قطاع غزة، الجمعة، لتجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح والفرار على امتداد الطرق المزدحمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني يتحدث إلى برويز فتاح، رئيس لجنة «تنفيذ أمر الإمام» والمنسق العام للجيش حبيب الله سياري (موقع خامنئي)

إيران تعيد النظر في خطة الرد... لكنها سترد

بعد 8 أيام من اغتيال إسماعيل هنية، واصلت إيران إطلاق الرسالة ذاتها بشأن «واجب» الرد على إسرائيل، لكن ثمة متغيرات فرضت نفسها على خطة «الانتقام».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أغراضهم للنزوح من خان يونس (رويترز)

إسرائيل توافق على استئناف محادثات الهدنة وتوسّع عملياتها في جنوب قطاع غزة

وافقت إسرائيل على استئناف مباحثات الهدنة في قطاع غزة الأسبوع المقبل، والذي دعت إليه واشنطن والدوحة والقاهرة، لكنها واصلت الجمعة عملياتها العسكرية على الأرض.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج العاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)

الإمارات تنضم للدعوة القطرية المصرية الأميركية لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة

قالت الإمارات إنها انضمت إلى الدعوة الموجهة من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، ورئيس جمهورية مصر العربية، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الولايات المتحدة…

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

لبنان يقابل تهديدات غالانت بدعم جهود استئناف مفاوضات غزة

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستقبلاً وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستقبلاً وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (رئاسة الحكومة)
TT

لبنان يقابل تهديدات غالانت بدعم جهود استئناف مفاوضات غزة

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستقبلاً وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستقبلاً وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (رئاسة الحكومة)

أعلنت الحكومة اللبنانية، الجمعة، تأييدها لمضمون البيان المشترك لقادة الولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر، وتوجهت إلى السفراء المعتمدين في بيروت برسالة تتضمن القواعد الأساسية للدولة، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وتطورات غزة وجنوب لبنان، وذلك بعد رسالة إسرائيلية وقعها وزير الدفاع، يوآف غالانت، تضمنت تحذيراً بأن تل أبيب «ستقاتل بكل قوتها» في حال لم يتوقف «حزب الله» عن القتال.

وقال غالانت، الخميس، في رسالة غير عادية موجهة بشكل مباشر إلى «الشعب اللبناني»: «إن إسرائيل تسعى للسلام والازدهار والاستقرار على جانبي الحدود الشمالية». وتابع: «لن نسمح لميليشيا (حزب الله) بزعزعة استقرار الحدود والمنطقة». وأكد أنه «إذا استمر (حزب الله) في عدوانه، فإن إسرائيل ستقاتله بكل قوتها»، وأضاف: «أولئك الذين يلعبون بالنار يجب أن يتوقعوا الدمار».

تمسك لبنان بالحل الدبلوماسي

وفي مقابل تلك التهديدات الموجهة إلى الدولة اللبنانية، بقي لبنان «متمسكاً بالحل الدبلوماسي والمبادرات الدولية والإقليمية لخفض التصعيد». وأبلغ وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بنتائج زيارته إلى مصر، «وتأييدها غير المشروط للبنان وضرورة إنهاء الحرب في لبنان»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر مقرون بالحرب في غزة طبعاً، لكن يهمنا بالدرجة الأولى السلام في لبنان». وأوضح أن لبنان تلقى النسخة الأولى من صيغة التمديد لقوات «اليونيفيل»، لافتاً إلى «أننا وافقنا عليها مع تغيير طفيف»، آملاً أن «يُنجز التمديد هذا الشهر ونكون قد توصلنا إلى تمديد جديد لليونيفيل لمدة سنة».

اتفاق الإطار

وقال إن «الجهود التي بذلها القادة الثلاثة والجهات المعنية في دولهم لوضع (اتفاق إطار)، تستحق الثناء». وعبر عن تقدير الحكومة اللبنانية «لأهمية إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين استناداً إلى المبادئ التي وضعها الرئيس بايدن، وأقرها القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي تحت الرقم 2735».

ورأت الحكومة اللبنانية أنه «لا مجال للتأخير الإضافي»، وحضّت كل الأطراف المعنية «على تسريع عملية إطلاق الرهائن، وبدء وقف إطلاق النار، وتنفيذ الاتفاق من دون تردد».

وأعلن بوحبيب أن الحكومة اللبنانية «تعتزم دعم وتقديم مقترح جديد لاستكمال تنفيذ البنود الأخرى بطريقة ترضي جميع الأطراف المعنية». وأكد بوحبيب أن الحكومة اللبنانية تنضمّ إلى الدعوة لاستئناف المناقشات العاجلة، الخميس، 15 أغسطس (آب)، في الدوحة أو القاهرة لإنهاء الاتفاق وبدء تنفيذه على الفور. وقال: «حان الوقت للتصرف بحزم والوفاء بالتزاماتنا لإحلال السلام وإعانة الأفراد المحتاجين والمتأثرين بالأحداث الجارية وعودة الهدوء إلى المنطقة».

رسالة الخارجية

وبعد إعلان بوحبيب، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان أن «الحكومة اللبنانية ترحب بالبيان المشترك لقادة مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية، الذي أكد ضرورة وضع حد فوري لمعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإبرام اتفاق للإفراج عن الرهائن والمعتقلين، ودعوته طرفي النزاع لاستئناف المناقشات العاجلة لتذليل العقبات المتبقية أمام التوصل إلى الاتفاق المنشود».

وأكدت الحكومة اللبنانية في البيان، أن «ما تضمنه بيان القادة الثلاث يجسد رؤية لبنان لخفض التصعيد في المنطقة ونزع فتيل اشتعال حرب إقليمية شاملة، انطلاقاً من خطوة أولى أساسية هي الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2735 المبني على مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن».

وتقدمت الحكومة اللبنانية بالشكر «لقادة الدول الثلاث على الجهود الكبيرة التي يبذلونها لإيقاف دوامة العنف في المنطقة»، وشددت على «ضرورة ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لإلزامها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2735، من دون أي تأخير، بصفتها الجهة التي تسعى للتصعيد وتضع العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة».

خطة الطوارئ

وتعاني الحكومة اللبنانية من مفاعيل التوتر القائم والتهديدات بالرد. وقال، ناصر ياسين، الوزير المشرف على التخطيط للطوارئ، في حالة نشوب صراع أوسع نطاقاً، إن لبنان «سيعاني لسد ولو جزء من احتياجاته الإنسانية في حال نشوب حرب شاملة مع إسرائيل، في الوقت الذي يسعى فيه إلى زيادة الدعم من المانحين مع استمرار الاشتباكات على الحدود».

وقال لـ«رويترز»: «سيحتاج لبنان إلى 100 مليون دولار شهرياً لتوفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، وغيرها من الاحتياجات، في أسوأ السيناريوهات». وأضاف: «ستكون تلبية جزء صغير، حتى ولو 10 أو 15 في المائة من ذلك، مسألة كبيرة بالنسبة للحكومة. سنحتاج من المانحين إلى تكثيف جهودهم».