إسرائيل توقف تحويل أموال «حصة غزة» إلى النرويج... وتبحث عن دولة بديلة

بسبب الاعتراف بالدولة الفلسطينية وموقفها من اعتقال نتنياهو وغالانت

توقيع اتفاقيتي دعم من النرويج بقيمة 6.6 مليون دولار لقطاع الطاقة بالقدس وغزة في نوفمبر 2022 (وفا)
توقيع اتفاقيتي دعم من النرويج بقيمة 6.6 مليون دولار لقطاع الطاقة بالقدس وغزة في نوفمبر 2022 (وفا)
TT

إسرائيل توقف تحويل أموال «حصة غزة» إلى النرويج... وتبحث عن دولة بديلة

توقيع اتفاقيتي دعم من النرويج بقيمة 6.6 مليون دولار لقطاع الطاقة بالقدس وغزة في نوفمبر 2022 (وفا)
توقيع اتفاقيتي دعم من النرويج بقيمة 6.6 مليون دولار لقطاع الطاقة بالقدس وغزة في نوفمبر 2022 (وفا)

قررت إسرائيل إلغاء تحويل أموال المقاصة إلى النرويج، رداً على مواقف النرويج الأخيرة، بما في ذلك قرار الاعتراف بدولة فلسطينية، وتصريحات وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، ضد إسرائيل.

وقالت هيئة البثّ الرسمية إن الحكومة الإسرائيلية قررت التخلي عن دور النرويج في حفظ الأموال التي تجبيها إسرائيل عن البضائع المستوردة إلى السلطة الفلسطينية، وبدأت تبحث عن دولة بديلة قد تكون سويسرا، لكن الأمر منوط بموافقتها أولاً.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد اتفقت مع واشنطن على تحويل جزء من أموال المقاصة التي تخصصها السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، إلى طرف ثالث، هو النرويج، بعد رفض وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، تحويل المستحقات المخصصة لقطاع غزة، فيما رفضت السلطة الفلسطينية برام الله تلقي المستحقات المخصصة للضفة الغربية فقط.

وبلغ مجمل ما في الصندوق النرويجي من أموال المقاصة حتى الآن نحو مليار شيكل. ويفترض أن تحتفظ النرويج بالأموال لحين الاتفاق بين إسرائيل والسلطة، أو التوصل إلى تسوية في غزة.

رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور يعلن أن النرويج تعترف بفلسطين دولة مستقلة في مايو الماضي (أ.ف.ب)

وقالت هيئة البثّ إن تدهور العلاقات بين إسرائيل والنرويج جاء بسبب إعلان النرويج، في شهر مايو (أيار) الماضي، الاعتراف بدولة فلسطينية، علاوة على تصريحات حادة أطلقها في عدة مناسبات وزير الخارجية النرويجي ضد إسرائيل، وكان ردّ الفعل الأولي في إسرائيل هو استدعاء سفيرها، آفي نير، من أوسلو، للتشاور، لتبقى السفارة الإسرائيلية منذ مايو (أيار) تدار من قبل نائب السفير، بينما تزاول السفارة النرويجية عملها كالمعتاد في تل أبيب.

رئيس محكمة العدل نواف سلام خلال جلسة المحكمة في لاهاي (أ.ف.ب)

ولكن ما دفع إلى الإعلان عن هذا القرار، الثلاثاء، مع أنه كان قد نوقش من قبل، أن حكومة النرويج قدّمت الثلاثاء، لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، موقفها من مطلب المدعي العام بإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب قادة «حمساويين».

وذكرت النرويج، في ردّها على المحكمة الجنائية، أنها لا تعارض إصدار مذكرات الاعتقال هذه، وأن ذلك لا يتعارض مع بنود اتفاق أوسلو الذي تتولى النرويج دور الضامن له.

وتضغط إسرائيل الآن من أجل إقناع سويسرا بقبول الدور بدل النرويج، وكان وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر قد زار سويسرا مؤخراً، وأجرى محادثات هناك.

أعلام إسبانيا والنرويج وآيرلندا بعد اعترافها بدولة فلسطين في مدخل مدينة رام الله إلى جانب علم جنوب أفريقيا نهاية مايو الماضي (أ.ف.ب)

تزامن وقف تحويل أموال السلطة للنرويج مع وقف إسرائيل تحويل باقي الأموال للسلطة الفلسطينية. وقبل يومين، أمر سموتريتش بمصادرة نحو 100 مليون شيكل (26 مليون دولار) من أموال الضرائب العائدة للسلطة، قائلاً إن الأموال ستُمنح بدلاً من ذلك لعائلات قتلى العمليات الفلسطينية.

ويعد قرار سموتريتش باقتطاع أموال من السلطة هو الخامس في وقت قصير. ومنذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) واندلاع الحرب في غزة، حجب سموتريتش الأموال المخصصة لغزة عن السلطة الفلسطينية، واحتجز باقي الأموال لأشهر طويلة، ما وضع السلطة الفلسطينية على حافة الانهيار.

توسيع مستوطنين لمزرعة استيطانية على أراضي جبل العالم في نعلين قرب رام الله (وفا)

ويسعى سموتريتش منذ بداية الحرب إلى تغيير الواقع في الضفة الغربية، وبسط سيطرة مدنية إسرائيلية هناك، وقد دفع قدماً بمصادرة مناطق واسعة في الضفة، وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في مستوطنات جديدة ومستوطنات قائمة فعلاً، وشرعنة بؤر استيطانية في شمال الضفة الغربية، وإلغاء تصاريح الشخصيات المهمة للمسؤولين الفلسطينيين (VIP)، التي يمكنهم من خلالها التحرك بحرية نسبية، حتى خارج المناطق الفلسطينية، وأبقى على فرض عقوبات مالية إضافية ضد السلطة، وعلى قرار منع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل.

نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (رويترز)

أموال الضرائب التي يتحكم بها سموتريتش هي الأموال التي تجمعها وزارة المالية الإسرائيلية نيابة عن الفلسطينيين عند استيراد السلع من الخارج إلى السلطة الفلسطينية، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية تشكل 65 في المائة من ميزانيتها السنوية، وتتراوح التحويلات ما بين 750 إلى 800 مليون شيكل.

وأخذ سموتريتش عدة قرارات بخصم مبالغ متفاوتة من هذه الأموال، لكنه أرسل الشهر الماضي 435 مليون شيكل (نحو 120 مليون دولار) للسلطة، في تحويل هو الأول من نوعه منذ أبريل (نيسان).

وبحسب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، فإن سلطات الاحتلال ضاعفت اقتطاعاتها من أموال المقاصة منذ الحرب على غزة، لتصل في المتوسط إلى 480 مليون شيكل شهرياً، وبمجمل يصل إلى 6 مليارات شيكل من الأموال الفلسطينية المحتجزة.

والضغط الإسرائيلي المتواصل على السلطة يأتي في وقت تراجعت فيه إلى أقصى حد المساعدات العربية والدولية، مع ما سبّبه وباء «كورونا» من تداعيات على الاقتصاد الفلسطيني، قبل أن تأتي الحرب على قطاع غزة، وتفتك إلى حد كبير بالوضع الاقتصادي.

وتعاني السلطة الفلسطينية في الضفة من وضع مالي حرج، لم تستطع معه دفع رواتب كاملة ومنتظمة لموظفيها منذ نهاية عام 2021.

وتشير بيانات وزارة المالية لدى السلطة الفلسطينية إلى أن الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية تجاوزت 11 مليار دولار، سواء للموظفين لديها، أو لبنوك محلية وخارجية وصندوق التقاعد ومقدمي الخدمات لها في قطاعات مختلفة، وهو ما يقترب من ضعفي موازنتها العامة.

ويثير هذا الوضع مخاوف من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية في النهاية.


مقالات ذات صلة

مصر تحاول مجدداً دفع آلية لإعادة فتح معبر رفح 

شؤون إقليمية الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أثناء ترؤسه جلسة للحكومة الفلسطينية في رام الله... الثلاثاء (وفا)

مصر تحاول مجدداً دفع آلية لإعادة فتح معبر رفح 

حركتَا «فتح» و«حماس» تجاوبتا مع محاولة مصرية لإعادة فتح معبر رفح، لكن لا يوجد اختراق كامل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

هل يحقق ترمب حلم الضم الإسرائيلي؟

انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل بعد تولي دونالد ترمب منصبه.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال لقاء سابق في البيت الأبيض (صفحة الرئيس الفلسطيني عبر «فيسبوك»)

الرئيس الفلسطيني لترمب: مستعدون لتحقيق السلام العادل

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، استعداده لتحقيق السلام العادل القائم على أساس الشرعية الدولية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
TT

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسية من تكلفة الصراع الذي احتدم بشدة منذ شهرين حين شنت إسرائيل هجوماً على الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

حصيلة القتلى والجرحى

قالت وزارة الصحة اللبنانية إنه حتى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) قُتل 3768، وجُرح 15699 شخصاً على الأقل في لبنان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ولا تميز الأرقام بين مقاتلي «حزب الله» والمدنيين. وغالبية الحصيلة وقعت بعد أن شنت إسرائيل هجومها في سبتمبر (أيلول).

ولم يتضح بعد عدد القتلى في صفوف «حزب الله». وكانت الجماعة قد أعلنت عن مقتل نحو 500 من مقاتليها في المعارك حتى اللحظة التي شنت فيها إسرائيل هجومها في سبتمبر، لكنها توقفت عن إعلان ذلك منذئذ.

ويقول معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، إن جماعة «حزب الله» خسرت 2450 فرداً إجمالاً.

وقتلت غارات «حزب الله» 45 مدنياً في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.

وقالت السلطات الإسرائيلية إن 73 جندياً إسرائيلياً على الأقل قُتلوا في شمال إسرائيل، وهضبة الجولان وفي معارك بجنوب لبنان.

الدمار

قال تقرير للبنك الدولي إن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان تقدَّر بنحو 2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً.

وقال مختبر المدن بيروت التابع للجامعة الأميركية إن الضربات الجوية الإسرائيلية هدمت 262 مبنى على الأقل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها، معقل «حزب الله».

وألحق الجيش الإسرائيلي أيضاً أضراراً واسعة النطاق في قرى وبلدات في سهل البقاع وجنوب لبنان، وهما منطقتان يسيطر عليهما «حزب الله».

وقدَّر تقرير البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالزراعة بنحو 124 مليون دولار وخسائر تزيد على 1.1 مليار دولار، بسبب فوات الحصاد نتيجة تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين.

وتقدر السلطات الإسرائيلية الأضرار التي لحقت بالممتلكات في إسرائيل بنحو مليار شيقل (273 مليون دولار) على الأقل، مع تضرر أو تدمير آلاف المنازل والمزارع والشركات.

ووقع القسط الأكبر من الأضرار في إسرائيل في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية التي تعرضت لقصف صاروخي من «حزب الله».

وتقول السلطات الإسرائيلية إن نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل وهضبة الجولان تعرضت للحرق منذ بداية الحرب.

نزوح

قالت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان حتى 18 نوفمبر. وأظهرت بيانات المفوضية أن أكثر من 540 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب.

وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من منازلهم في الشمال.

التأثير الاقتصادي

قدم البنك الدولي في تقرير صدر في 14 نوفمبر تقديراً أولياً للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان بنحو 8.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنحو 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنة بتقديرات النمو قبل الصراع البالغة 0.9 في المائة.

وتكبد قطاع الزراعة خسائر تجاوزت 1.1 مليار دولار خلال الأشهر الاثني عشر الماضية بسبب تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين، خصوصاً في المناطق الجنوبية. وقال البنك الدولي إن قطاعي السياحة والضيافة، المساهمين الرئيسيين في الاقتصاد اللبناني، كانا الأكثر تضرراً بخسائر بلغت 1.1 مليار دولار.

وفي إسرائيل، فاقم الصراع مع «حزب الله» التأثير الاقتصادي للحرب في قطاع غزة؛ ما أدى إلى ضغط على المالية العامة.

وارتفع العجز في الميزانية إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل هذا العام.

وفاقم الصراع الاضطرابات في سلاسل التوريد حتى صعد التضخم إلى 3.5 في المائة متخطياً النطاق المستهدف للبنك المركزي بين واحد وثلاثة في المائة. وأبقى البنك المركزي نتيجة لهذا على أسعار فائدة مرتفعة لكبح التضخم فظلت أسعار الرهن العقاري مرتفعة، وتفاقمت الضغوط على الأسر.

وانتعش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الثالث إلى حد ما عن الربع الثاني الضعيف لينمو بنحو 3.8 في المائة على أساس سنوي وفقاً ًللتقديرات الأولية للحكومة.