«دفاع مشترك» إسرائيلي - أميركي رداً على ضربة محتملة لـ«حزب الله» وإيران

دول عربية وغربية تدعو رعاياها لمغادرة لبنان

دمار في مصنع إسرائيلي بمدينة كريات شمونة ناتج عن قصف صواريخ «حزب الله» (رويترز)
دمار في مصنع إسرائيلي بمدينة كريات شمونة ناتج عن قصف صواريخ «حزب الله» (رويترز)
TT

«دفاع مشترك» إسرائيلي - أميركي رداً على ضربة محتملة لـ«حزب الله» وإيران

دمار في مصنع إسرائيلي بمدينة كريات شمونة ناتج عن قصف صواريخ «حزب الله» (رويترز)
دمار في مصنع إسرائيلي بمدينة كريات شمونة ناتج عن قصف صواريخ «حزب الله» (رويترز)

توعدت إسرائيل بالهجوم، رداً على أي ضربة ينفذها «حزب الله» وإيران، وسط دعوات لدول عربية وأجنبية؛ آخرها فرنسا والمملكة العربية السعودية، لرعاياها بمغادرة لبنان بشكل فوري، في ظل المخاوف من اشتعال الوضع في المنطقة، على خلفية الحرب في غزة، والتوتر بين إيران وإسرائيل. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأحد: «إننا مستعدّون بشكل قوي جداً في الدفاع، بالبر والبحر، وجاهزون للانتقال بسرعة إلى الهجوم أو الرد. وسنجبي ثمناً من العدو مثلما فعلنا في الأيام الأخيرة. وإذا تجرأ على الهجوم فسيدفع ثمناً باهظاً».

وجاء تصريح غالانت، عشية زيارة قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي «سنتكوم»، مايكل كوريلا، إسرائيل، الاثنين، وذلك على خلفية الاستعدادات «لدفاع مشترك» إسرائيلي - أميركي من هجوم إيران و«حزب الله»، وفق ما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي.

مغادرة الرعايا

وأرخى التوتر القائم قلقاً دولياً تمثَّل في دعوة دول عربية وأجنبية رعاياها للخروج من لبنان. وذكرت السفارة السعودية في بيروت، في بيان على منصة «إكس»، أنها «تُتابع من كثب تطورات الأحداث في جنوب لبنان، وتُجدّد السفارة دعوة المواطنين السعوديين لمغادرة الأراضي اللبنانية بشكل فوري؛ التزاماً بقرار منع السفر إلى لبنان»، المفروض منذ مايو (أيار) 2021. ومنذ نشوب الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما تلاها من تبادل شِبه يومي للقصف عبر الحدود بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، جدّدت المملكة دعوتها لرعاياها بمغادرة لبنان، والتقيّد بقرار منع السفر إليه مرات عدة، كان آخِرها نهاية يونيو (حزيران) الماضي.

مسافرون ينتظرون بعد تأخير أو إلغاء رحلاتهم في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (إ.ب.أ)

تأتي الدعوة السعودية بعد خطوات مماثلة من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول عربية مثل الأردن وسلطنة عمان، دعوة رعاياها للمغادرة، في حين كانت السويد قد أعلنت إغلاق سفارتها في بيروت، ودعت مواطنيها إلى المغادرة.

وأوصت وزارة الخارجية الفرنسية الرعايا المقيمين في لبنان، وخصوصاً المسافرين في رحلات ترفيهية، إلى اغتنام فرصة استمرار الرحلات الجوية حتى الآن للمغادرة. في حين قال جوناثان فاينر، نائب مستشار مجلس الأمن القومي الأميركي، الأحد، إن الولايات المتحدة قررت نشر مزيد من القوات في الشرق الأوسط، في إجراء وقائي ودفاعي.

وعبر منصة «إكس»، دعا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، اليوم الأحد، الإيطاليين الموجودين مؤقتاً في لبنان إلى عدم السفر إطلاقاً إلى جنوب البلاد، وإلى العودة إلى إيطاليا في أقرب وقت على متن رحلات تجارية؛ «نظراً للوضع المتدهور». وأضاف: «ندعو أيضاً الإيطاليين إلى عدم التوجه إلى لبنان في رحلات سياحية». وعلّقت بعض شركات الطيران رحلاتها إلى بيروت، أو قامت بتعديل مواعيدها؛ ومنها الخطوط الجوية الكويتية التي علّقتها إلى أجل غير مسمّى. وقالت شركة الخطوط الجوية الفرنسية «إير فرنس»، أمس السبت، إنها وشركة ترانسافيا التابعة لها ستُمدّدان تعليق رحلاتهما بين باريس وبيروت حتى السادس من أغسطس (آب) الحالي على الأقل، مع احتدام التوتر بالمنطقة.

قصف متواصل

في ظل استعدادات الرد، تَواصل تبادل إطلاق النار في جنوب لبنان، في سياق «معركة الإسناد والدعم»، التي أعلنها «حزب الله»، منذ 8 أكتوبر الماضي. وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن «إحدى القذائف المُعادية التي استهدفت المنطقة الواقعة بين رب ثلاثين والعديسة والطيبة، أدت إلى انقطاع خط كهرباء يُغذّي المنطقة وتماس كهربائي في المحول الرئيسي قرب مشروع الطيبة أدى إلى اشتعال النيران فيه»، مؤكدة أنه لم يجرِ استهداف المحوِّل مباشرة بواسطة مُسيّرة إسرائيلية.

صواريخ إسرائيلية لاعتراض مقذوفات أطلقها «حزب الله» ليل السبت - الأحد (أ.ف.ب)

وجاء القصف بموازاة قصفٍ نفّذه «حزب الله» لأربعة مواقع عسكرية، وتلا قصفاً نفّذه «الحزب» لمستوطنة بيت هيلل، للمرة الأولى منذ بدء الحرب؛ «رداً على ‏اعتداء العدوّ على قريتيْ كفر كلا ودير سريان»، رغم أن «الحزب» كان قد أعلن، 9 مرات، في موقع سابق عن قصف مواقع عسكرية محاذية للمستوطنة.

وقالت الشرطة الإسرائيلية، في بيان، إنها «تعاملت مع شظايا صاروخية سقطت في محيط مدينة كريات شمونة». وأضافت أنه «في هذه المرحلة، لم تردْ تقارير عن إصابات، ولكن جرى التسبب بأضرار للممتلكات». وأوضحت أن «خبراء المتفجرات في المنطقة الشمالية عملوا على عزل موقع السقوط، والبحث عن بقايا إضافية لإزالة أي خطر إضافي»، وعدَّت أن «الانضباط المدني ينقذ الأرواح».


مقالات ذات صلة

عون: الجميع متساوون تحت راية العلم اللبناني

المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون (د.ب.أ)

عون: الجميع متساوون تحت راية العلم اللبناني

أكد الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون اليوم (الأربعاء) أن الهدف حاليا يتمثل في العمل على بناء الدولة واستعادة اللبنانيين في الخارج ثقتهم في بلدهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

برزت دعوات الكتل النيابية اللبنانية إلى تشكيل «حكومة كفاءات» مع إطلاق الرئيس المكلف، نواف سلام، الاستشارات النيابية غير الملزمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي اللبناني جورج روكز كان ضحية عملية سرقة (إكس)

جريمة سطو مسلح تهزّ بيروت... والأجهزة الأمنية توقف الفاعل

تمكّنت الأجهزة الأمنية في لبنان، من توقيف «ع.ع»، بعد 4 ساعات على ارتكابه جريمة قتل اللبناني جورج روكز داخل معرض السيارات الخاص به في منطقة الضبية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً».

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

المقابر الجماعية «ملاذ» لسوريين أضناهم البحث عن مفقوديهم

أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

المقابر الجماعية «ملاذ» لسوريين أضناهم البحث عن مفقوديهم

أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

لم يفقد الثمانيني السوري عبد الرحمن عذب، الأمل بالعثور على دليل يحدد مصير ابنه المفقود منذ إحدى عشرة سنة؛ فحص وجوه من يغادرون السجون حتى فرغت، وبحث بلا كلل في المشافي. أخيراً لم يجد الرجل ملاذاً سوى تتبع المواقع التي يُعتقد أنها تضم مقابر جماعية، على ما في ذلك من ألم لأب مكلوم دفن ثلاثة من أبنائه، ويعيش راهناً على أمل العثور على رابعهم أو حتى مواراته الثرى.

وتُقدر أعداد «المفقودين والمعتقلين تعسفياً» منذ عام 2011 وحتى نهاية العام الماضي، بنحو 136614 شخصاً وفق ما توثق «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، التي تقول إن هناك 113 ألف مفقود مصيرهم لا يزال مجهولاً بعد إفراغ السجون.

ومأساة عائلة عذب عمرها من عمر الحراك الثوري في سوريا، إذ يقول الأب إنه كان لديه «6 أبناء من الذكور، وبنتان»، ويضيف بأسى: «كانوا 4 مهندسين ومعلمتين، وفي بداية الثورة خرجوا في المظاهرات ضد النظام وأنا خرجت معهم، لكن النظام قتل ثلاثة من أبنائي وأعادهم إلى جثامين ممزقة في أكياس سوداء، آخر عام 2011، دفنتهم وأقمت العزاء، ورضيت بقضاء الله، واعتبرتهم فداء لسوريا: كنت مطمئناً إلى أنهم في مكان آمن».

لكن بعد وفاة أولاده الثلاثة بعامين، اختفى ابنه الرابع في دمشق، وغادر المتبقون البلاد.

ملاحقة المقابر

يقول عذب لـ«الشرق الأوسط» إنه في رحلة للبحث عن ابنه يلاحق وأفراد عائلته مواقع المقابر الجماعية التي يُكشف عنها في سوريا خلال الشهر الأخير.

وفي الرابع من الشهر الحالي، أفادت مواقع محلية سورية، أن الأهالي عثروا على مقبرة جماعية بمحيط الفرقة التاسعة في مدينة الصنمين في الريف الشمالي من محافظة درعا في جنوب سوريا، وسبق ذلك الاكتشاف بأسبوعين، تقريباً، الإعلان عن اكتشاف مقبرة جماعية في «مزرعة الكويتي» على أطراف ريف درعا الأوسط، «وكانت المنطقة تحت سيطرة ميليشيا تابعة لفرع الأمن العسكري، وتم استخراج 31 جثة، بينها نساء وطفل».

وكان فريق من منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أعلن أنه زار موقعاً في حي التضامن جنوب دمشق يومي 11 و12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ووجد «أعداداً كبيرة من الرفات البشرية في موقع مجزرة وقعت في أبريل (نيسان) 2013 وأخرى مبعثرة في أنحاء الحي المحيط».

لا خبرات أو معلومات

وتمثل مشكلة العبث وغياب الخبرات الاحترافية في التعامل مع المقابر، أزمة رئيسية في مسار البحث عن المفقودين، فمن بين المقابر التي تم العثور عليها في درعا، تعرضت مقبرة «الصنمين» للعبث برفات الجثث والملابس رغم توصيات الدفاع المدني بضرورة الحفاظ على الموقع. ونجت 31 جثة مجهولة الهوية عُثر عليها في «مزرعة الكويتي» من العبث، ونُقلت إلى مقبرة الشهداء الواقعة على طريق الشيخ مسكين – إزرع.

قبل وصول عذب وعائلته إلى مأساة تتبع المقابر، بحثوا في سجني صيدنايا، وعدرا، وغيرهما من المعتقلات، يروي الرجل: «نبشنا الأوراق والوثائق وقوائم الأسماء والمشافي في دمشق، وسألنا الناشطين في مجال المعتقلين... كنا كمن يبحث عن إبرة في كوم». ويشكو من الفوضى و«تضارب المعلومات، وضياع الأوراق».

أبواب سجن صيدنايا الحديدية فُتحت لإطلاق سراح جميع المساجين (إ.ب.أ)

وفي ظل غياب المعلومات، راجت على نحو واسع على منصات مواقع التواصل، خاصة بعد الإعلان عن إفراغ السجون، أنباء عن رصد مقابر جماعية في مناطق متفرقة من البلاد بلغ عددها تقريباً 15 مقبرة تركزت في درعا، وريف دمشق، وحلب.

ولا تحيط الفوضى فقط بعملية البحث عن المفقودين، إذ تطول كذلك الأرقام المتداولة عمن تضمهم المقابر، فبينما قدر حقوقيون وجود مئات الآلاف من الجثث، تذهب إفادات إلى عشرات الآلاف.

ولعل الأرقام الوحيدة الموثقة راهناً بملف المقابر الجماعية تلك التي عثر عليها في حلب وبلغ عددها خمس مقابر، وكان يتم الدفن فيها عبر «مكتب دفن الموتى» التابع لحكومة النظام المخلوع، الذي بدأ منذ عام 2012 بإرسال جثث القتلى في المعتقلات والسجون بحلب مرّمزة بالأرقام إلى المشفى العسكري ليتسلمها مكتب دفن الموتى، بحسب تصريحات لمدير المكتب، الذي كشف عن دفن ثمانية آلاف جثة في مقبرة خان العسل غرب حلب، ونحو ألف وخمسمائة جثة في مقبرة حلب الجديدة، وألف ومائتي جثة في مقبرة نقارين بمدينة حلب.

مقبرة القطيفة

وتبرز مقبرة القطيفة (40 كيلو متراً شمال دمشق) بوصفها واحداً من الأمثلة على تضارب المعلومات، فهي تضم «أكثر من مائة ألف جثة» بحسب «المنظمة السورية للطوارئ» التي قالت إن تقديرها «متحفظ». ولعل موقع «القطيفة» هو ما عزز التقديرات بشأن حجم ما تضمه من الجثث، إذ تمتد على مساحة شاسعة بالقرب من مقر قيادة «الفرقة الثالثة» التابعة لقوات النظام السابق.

معاناة أخرى لذوي المفقودين، تمثلها عالية (60 عاماً) التي تنتمي لريف دير الزور، جاءت السيدة إلى دمشق بحثاً عن ابنها الطالب في الجامعة الذي اختفى عام 2014، عند حاجز القطيفة على طريق حمص ـ دمشق.

مدينة دير الزور شرق سوريا (رويترز)

تقول الأم لـ«الشرق الأوسط»: «لست متأكدة من اختفائه عند القطيفة، لكننا فقدنا الاتصال معه قبل وصوله إلى هذا الحاجز، وقد بحثنا عنه طويلاً دون جدوى، وعندما فتحت المعتقلات والسجون بعد سقوط النظام شعرت أنني سأعثر عليه، لكن بلا فائدة».

تواصل السيدة: «بعد التأكد من عدم وجوده في المعتقلات والمشافي، مشيت كل شوارع الشام وكل مكان قيل إن فيه معتقلين ولم أجده، هو أصغر أبنائي وأريد ضمه إلى قلبي»، وتتابع: «إذا لم يكن حياً أريد رفاته لأبني له قبراً أزوره».