غموض يلفّ «سرقة القرن» العراقية

مصادر ترجّح تجاوزها سقف الـ5 مليارات دولار

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من «سرقة القرن» (أرشيفية - أ.ف.ب)
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من «سرقة القرن» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

غموض يلفّ «سرقة القرن» العراقية

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من «سرقة القرن» (أرشيفية - أ.ف.ب)
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من «سرقة القرن» (أرشيفية - أ.ف.ب)

يبدو أن مسار التحقيقات القضائية في سرقة الأموال الضريبية، وما بات يُعرف بـ«سرقة القرن» العراقية، في طريقه إلى الكشف عن «جبل فساد» هائل، ومع ذلك تبدو الشكوك التي تحيط بإجمالي المبلغ المسروق حاضرةً في معظم التصريحات الرسمية وغير الرسمية.

وتفجّرت السرقة «الفضيحة» خلال عهد حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وأُعلن عن تفاصيلها في صيف 2022، حيث اشترك «تحالف» مؤلَّف من 5 شركات، يُعتقد أنها وهمية، في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار عراقي من الأموال الضريبية (قُدرت بنحو 2.5 مليار دولار)، خلال الفترة الممتدة من 9 سبتمبر (أيلول) 2021 إلى 11 أغسطس (آب) 2022.

غير أن مسار التحقيق المتواصل، والتصريحات التي تصدر عن عدة جهات رقابية، ترجّح مضاعفة مبلغ السرقة المعلَن عنه سابقاً، وربما وصوله إلى نحو 11 تريليون دينار (نحو 8 مليارات دولار).

نواب عراقيون يناقشون «سرقة القرن» في أكتوبر الماضي (البرلمان العراقي)

تفاصيل جديدة في القضية

وكشف رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، عن تفاصيل جديدة بشأن سرقة الأمانات الضريبية. وفي مؤشر على عدم معرفة الهيئة إجمالي المبلغ المسروق، دعا حنون، مدير هيئة الضرائب إلى «الإعلان عن كمية الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية، وخلال مدة 15 يوماً».

وقال حنون، خلال مؤتمر صحافي، إن «رئيس الوزراء يتابع بشكل يومي قضية الأمانات الضريبية».

وكشف عن نجاح هيئته في استرداد بعض المتهمين، من أصحاب الشركات الضالعة في عملية السرقة، وضمنهم المتهم قاسم محمد، وكان يشغل منصب المدير المفوّض لشركة «الحوت الأحدب»، حيث استُردّ من إقليم كردستان بعد أن كان هارباً في تركيا، وبلغت السرقة المسجّلة باسمه «988 مليار دينار، وهي ليست أرقاماً نهائية». على حد قول رئيس «النزاهة».

وأُلقي القبض، حسب حنون، على «المتهم محمد فلاح الجنابي، المدير المفوض لشركة (القانت)، وهو متهم بسرقة تريليون و85 مليار دينار، عبر 79 صكاً مزوراً»، إلى جانب إيقاف المتهم الثالث بسرقة الأمانات الضريبية، في دولة الإمارات، وسوف يتم استرداده قريباً.

وذكر حنون أن «المتهم الرابع بسرقة الأمانات الضريبة، هو علاء خلف مران، هارب الآن في لبنان أو تركيا، وكان منسوباً بمكتب الكاظمي (رئيس الوزراء)، وبجعبته 890 مليار دينار».

وهناك أيضاً المتهم حسين كاوه، ويشغل منصب مدير مفوض لإحدى الشركات المتهمة بالسرقة، ما زال «موقوفاً في أربيل، والمساعي جارية مع الإقليم لا ستراده، ومعه متهم آخر موقوف أيضاً، وهو متهم بسرقة 624 مليار دينار، من خلال 37 صكاً».

وكشف حنون عن أن «عدد المتهمين فاق الـ30 متهماً، وتم استرداد أكثر من مليونَي دولار و155 مليون دينار».

وعن المتهم الرئيس نور زهير في سرقة الأموال الضريبية الذي أُفرج عنه بكفالة، ذكر رئيس هيئة «النزاهة» أن «نور زهير متهم مكفل، وهو خارج السجن، والأموال المستردة تعود إلى القضاء، ومجمل القضية بيده، وثقتنا عالية بالقضاء».

إجمالي سرقة القرن

ويعتقد الأكاديمي والباحث في شؤون مكافحة الفساد غالب الدعمي، أن «قضية الأموال الضريبية متشابكة ومعقدة جداً، وأن الجزء الغاطس منها أكبر بكثير ربما من الجزء الظاهر لنا».

وقال الدعمي لـ«الشرق الأوسط» إن «حجم التقديرات للمبالغ المسروقة ربما يصل إلى 11 تريليون دينار عارقي (نحو 8 مليارات دولار)، والمؤسف أن معظم هذه الأموال ذهبت إلى خارج البلاد».

وتابع: «حتى الآن تم استرجاع نحو 600 مليار دينار عراقي، ويبلغ عدد الأشخاص الرئيسيين المتهمين 9، وضمنهم نور زهير، وقد تم حجز معظم المصالح والعقارات العائدة لهؤلاء الأشخاص في بغداد على أمل بيعها بعد تقدير قيمتها وإعادتها لحزينة الدولة».

ويعتقد الدعمي، أن «معظم المتورطين كانوا في الحقيقة أدوات لسارق حقيقي لم يظهر إلى الواجهة، لكنه يملك النفوذ اللازم للتملّص من السرقة، لقد كانوا مجرد أدوات، وحين حصولهم على الأموال عبر صكوك مصرفية اكتفوا بالحصول على نِسب صغيرة من تلك الأموال».

وخلص إلى أن «عملية فك رموز هذه السرقة ما زالت قيد التحقيق، ويبدو أن هيئة النزاهة حقّقت تقدماً في هذا الشأن، مع حاجتها الشديدة للوقت بهدف الحصول على جميع التفاصيل المتعلقة بسرقة ضخمة من هذا النوع».


مقالات ذات صلة

مستشار السوداني: إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة

المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية هدَّدت مراراً بزيادة هجماتها على الأميركيين والإسرائيليين (إكس)

مستشار السوداني: إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة

أدلى أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي بتصريحات مثيرة حول ضرورة أن يبادر العراق إلى هيكلة الفصائل المسلحة وحلّها قبل أن تُحلّ بالقوة من قِبل آخرين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد بسوريا (أ.ف.ب)

تباين المواقف العراقية بعد أسبوعين من سقوط الأسد

على الرغم من الموقف الرسمي العراقي حيال الأزمة في سوريا والمتمثل بمواقف وإجراءات رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

حمزة مصطفى (بغداد)
الخليج ولي العهد السعودي لدى استقباله في المخيم الشتوي بالعُلا رئيس الوزراء العراقي (واس) play-circle 00:19

محمد بن سلمان والسوداني يبحثان التطورات الإقليمية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تطورات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة تجاهها.

«الشرق الأوسط» (العلا)
تحليل إخباري الصمت يسود فضاء الفصائل العراقية المسلّحة

تحليل إخباري الصمت يسود فضاء الفصائل العراقية المسلّحة

خلافاً للصوت العالي الصادر عن الفصائل المسلحة العراقية الذي كان يُسمع كل يوم تقريباً خلال الأشهر الماضية، يسود هذه الأيام صمت كبير داخل أوساط هذه الجماعات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي ماهر الأسد (أ.ف.ب)

تضارب أنباء بشأن وجود ماهر الأسد في العراق

نفت بغداد والسليمانية تقارير إعلامية عن لجوء ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد إلى جبال في إقليم كردستان.

حمزة مصطفى (بغداد)

الشرع: لا نريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان

قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع (أ.ف.ب)
قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع (أ.ف.ب)
TT

الشرع: لا نريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان

قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع (أ.ف.ب)
قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع (أ.ف.ب)

قال أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قائد «هيئة تحرير الشام» التي تولّت السلطة في سوريا، إن بلاده منهكة من الحرب ولا تشكِّل تهديداً لجيرانها أو للغرب، مؤكداً أنه لا يريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان.

وفي مقابلة مع شبكة «بي بي سي» البريطانية، دعا الشرع إلى رفع العقوبات عن سوريا.

وقال: «الآن، بعد كل ما حدث، يجب رفع العقوبات لأنها كانت تستهدف النظام القديم. لا ينبغي معاملة الضحية والظالم بالطريقة نفسها».

وأكد الشرع ضرورة شطب «هيئة تحرير الشام» من «قائمة المنظمات الإرهابية» الخاصة بالأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة.

وبدأت «هيئة تحرير الشام» جماعةً منشقةً عن تنظيم «القاعدة»، قبل أن تنفصل عنه عام 2016.

وقال الشرع: «(هيئة تحرير الشام) ليست جماعةً إرهابيةً. نحن لم نستهدف المدنيين أو المناطق المدنية»، مؤكداً أنهم ضحية لجرائم نظام بشار الأسد.

ونفى أنه يريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان، مشيراً إلى أن «البلدين مختلفان للغاية، ولديهما تقاليد مختلفة. فأفغانستان مجتمع قبلي. وسوريا لديها عقلية مختلفة».

وأكد الشرع أيضا أنه يؤمن بتعليم النساء.

وقال: «لدينا جامعات في إدلب منذ أكثر من 8 سنوات. أعتقد بأن نسبة النساء في هذه الجامعات تزيد على 60 في المائة».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» على إدلب منذ عام 2017.

وأطاحت قوات تقودها الهيئة، بزعامة الشرع، بحكم بشار الأسد الذي فرَّ من سوريا في 8 ديسمبر (كانون الأول)، بعد أكثر من 13 عاماً من قمع الاحتجاجات المطالِبة بالديمقراطية، والذي أدى إلى اندلاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن.