مدوّن غزّي يقدّم «الأمل على طبق أكل» للأطفال المتعبين من الحرب

لا يوثّق سقوط الصواريخ... لكن «الصمود والمثابرة»

المدوّن الفلسطيني حمادة شقورة في لقطة من أحد فيديوهاته
المدوّن الفلسطيني حمادة شقورة في لقطة من أحد فيديوهاته
TT

مدوّن غزّي يقدّم «الأمل على طبق أكل» للأطفال المتعبين من الحرب

المدوّن الفلسطيني حمادة شقورة في لقطة من أحد فيديوهاته
المدوّن الفلسطيني حمادة شقورة في لقطة من أحد فيديوهاته

يجلس النازح الفلسطيني حمادة شقورة على أرضية خيمته في جنوب غزة، يتفحص علب الفاصوليا واللحوم المعلبة لتحضير أي طبق يمكن أن يعطيه إحساساً بأنه في المنزل. وقد اختار هذا المدوّن الثلاثيني المتخصص في المحتوى المرتبط بالأكل، تحضير الطعام للأطفال ليعطيهم بعض «الأمل» في ظل الحرب المستمرة في القطاع.

قبل تدمير منزله وتهجير عائلته ثلاث مرات منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، كان هذا «اليوتيوبر» البالغ 32 عاماً ينشر مقاطع مصورة تُظهر أفضل مطاعم البرغر والبيتزا والمعكرونة في مدينة غزة. لكنه اضطر لتعلم الطبخ وحده بعد خمسة شهور من النزاع، كي لا يُضطر للاكتفاء بما يصل إليه من حصص غذائية في زمن الحرب.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في مكالمة فيديو من خان يونس: «خطرت لي فكرة تحويل هذا الطعام المعلّب الذي نتناوله منذ أشهر من المساعدات (...) إلى شيء مختلف، وتحضير طعام لذيذ للأطفال».

وبالاعتماد على حزم المساعدات وأي خضراوات طازجة يمكنه جمعها، تمكّن شقورة من تحضير تاكو لحم البقر «على الطريقة الغزية»، وشطائر البيتزا، وأنواع مختلفة من الساندويتشات أطلق على أحدها اسم «الساندويتش الذهبي» المقلي.

وقد صوّر نفسه وهو يطبخ ويقدّم الطعام لأطفال المخيم الجائعين.

جانب مختلف من الحرب

«زاكي»... تعليق يعني «لذيذ» باللهجة الفلسطينية يدلي به صبي صغير مبتسماً في مقطع فيديو وهو يأكل فطيرة مقلية محشوة بالتفاح ومغطاة بالشوكولاته في أحد مخيمات النازحين في قطاع غزة.

مع هاتفه الجوال وشبكة الإنترنت المتقطعة، يلتقط شقورة جانباً مختلفاً من الحرب وصعوباتها المتعددة، لا يوثّق سقوط الصواريخ، ولكن «الصمود والمثابرة».

وقد استطاع شقورة، أو «حمادة شو» كما يُعرف على الإنترنت، جذب الجمهور إلى محتواه، وبات لديه ما يقرب من نصف مليون متابع على «إنستغرام». وبازدياد أعداد متابعيه، تزداد معها التبرعات.

يصطف أطفال من مخيم النزوح في مناطق خان يونس، ثاني أكبر مدينة في القطاع، في صف غير منتظم، حفاة الأقدام حاملين أنواعاً مختلفة من الأواني في مناطق دُمّرت بيوتها جراء الحرب، بالقرب من الأنقاض.

ويقول شقورة: «أريد إطعام أكبر عدد ممكن من الأفواه الجائعة». لكنه يتحدث عن صعوبات تواجهه في خان يونس مقارنة برفح التي كان يطبخ في مخيماتها في السابق.

ويضيف: «خان يونس عبارة عن ركام ويصعب أن أقيم فيها مطبخاً أو أن أصنع فيها الكثير. المواصلات صعبة وكل شيء فيها غالٍ، وأنا أعمل على أشياء إلى حد ما متواضعة».

مجاعة

يوضح شقورة أنه يعتمد بدرجة كبيرة على المعلبات لإعداد أطباق وتوزيعها، مشيراً إلى أن جنوب قطاع غزة لا يزال يضم كميات من الغذاء أكبر من شمال القطاع الذي فرّ منه لكونه يعاني «مجاعة حقيقية»؛ إذ «لا توجد فيه مياه صالحة للشرب أو طعام صالح للأكل».

بينما لم تعلن الأمم المتحدة رسمياً المجاعة في غزة، يقول الخبراء إن الجوع منتشر في المنطقة المحاصرة من إسرائيل، مع وصول القليل من المساعدات الغذائية إلى السكان البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وقد توفي أكثر من 30 فلسطينياً بسبب سوء التغذية منذ أن شنت حركة «حماس» هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ما أدى إلى اندلاع الحرب التي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في أنحاء القطاع.

وتنفي إسرائيل أي مجاعة في قطاع غزة، وتلقي باللوم على الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة بسبب ما تقول إنه توزيع غير فعال للإمدادات.

لكنّ فلسطينيين قالوا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنهم اضطروا إلى التخلي عن وجبات الطعام وإلى غلي الأعشاب الضارة من أجل بقاء أطفالهم على قيد الحياة».

ويقول شقورة إن هدفه الأساسي من الطبخ هو «توفير الأكل للأطفال»، مضيفاً أن لديه «هاجس الخوف من أن يأتي إليّ طفل في مثل هذه الظروف ولا يجد طعاماً».

مثابرة

شقورة، الذي كان قد تزوج لتوه عندما اندلعت الحرب وخطّط للعمل في صناعة الأغذية، واحد من كثيرين يقدّمون محتوى عبر الإنترنت عن الطعام في غزة، خصوصاً لبثّ بعض الإيجابية في ظل الظروف المأساوية في القطاع خلال الحرب.

ويقول إن هدف هذا النشاط يتمثل في محاولة توفير «الكرامة» لسكان غزة وإعادة «الشعور بإنسانيتهم» من خلال الطعام.

وتقول خبيرة الأغذية ليلى الحداد إن طهي الأطباق المحببة لدى السكان جزء من «النضال اليومي للبقاء بشراً والحفاظ على الكرامة»، لافتة إلى أن غزة طورت مطبخاً «متميزاً»، بروح إبداعية صاغها عقدان من الحصار الإسرائيلي.

ويؤكد شقورة أنه يقدم «الأمل على طبق من الطعام»، كعلاج للحرمان والحزن الذي يخيّم على قطاع غزة.

وفي عيد الأضحى، أعد الكعك للأطفال لمساعدتهم على الشعور بأنّ «هناك شيئاً يستحق الاحتفال».

وفي الأيام الحارة، يقدم لهم عصائر الليمون المنعشة. ويقول إن مقاطع الفيديو التي ينشرها للعالم تهدف إلى إظهار أن أهل غزة «أشخاص أقوياء ومثابرون». ويقول: «نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على وجودنا».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تنهي استخدام الاعتقال الاداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية

شؤون إقليمية  قوات إسرائيلية تقيم إجراءات أمنية في البلدة القديمة للخليل تحمي اللمستوطنين اليهود (د.ب.أ)

إسرائيل تنهي استخدام الاعتقال الاداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
المشرق العربي دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع صار دون أكسجين أو ماء؛ نتيجة القصف الذي شنّته إسرائيل في الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

في سابقة تاريخية، كرست مذكرة اعتقال أصدرتها «المحكمة الجنائية الدولية»، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مطلوباً دولياً» جراء اتهامه مع آخرين

«الشرق الأوسط» (عواصم)
المشرق العربي هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

إسرائيل تستقبل هوكستين بغارات على ضاحية بيروت

استقبلت إسرائيل، المبعوث الأميركي آموس هوكستين، بغارات مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور في الجنوب، بعد ساعات على وصوله إلى تل أبيب قادماً من بيروت،

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع، في خضم المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» والدولة العبرية منذ شهرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بشنِّ «الطيران الحربي المعادي» غارتين على الأقل على منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية».

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» سحب دخان تتصاعد إثر 3 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وجاءت الغارات (الجمعة) غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، وجنوب لبنان وشرقه.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء إلى سكان بلدات الطيبة وعدشيت القصير ودير سريان، وكذلك إلى سكان بلدتَي برج الشمالي ومعشوق في جنوب لبنان.

وقال أدرعي في حسابه على منصة «إكس»: «يجب عليكم الإخلاء دون تأخير... يحظر عليكم التوجه جنوباً. أي تحرك نحو الجنوب قد يشكل خطراً على حياتكم».

وطالب متحدث الجيش الإسرائيلي أيضاً بإخلاء بعض المباني في منطقتَي الحدث وحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وحذَّر من أن الجيش «سيعمل ضدها على المدى الزمني القريب».

وأحصت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 52 شخصاً على الأقل، الخميس، جراء الغارات الإسرائيلية، منهم 40 في منطقة بعلبك (شرق) في ضربات لم تسبقها إنذارات.

وأصدر الجيش الإسرائيلي، صباح الجمع، إنذارات جديدة للسكان بإخلاء مبنى في مدينة صور الساحلية في الجنوب، كان قد شمله إنذار مماثل، الخميس، ومنطقتين في محيطها، بينهما مخيم البرج الشمالي المكتظ للاجئين الفلسطينيين.

سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملةً جويةً واسعةً تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها. وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على وقع الحرب في غزة.