لبنان قلق من التطورات الإقليمية ويجدد مطالبته بتطبيق القرار 1701

الشغور الرئاسي يحرم الجيش من الاحتفال بعيده للعام الثاني على التوالي

ميقاتي يمر بين ضباط لبنانيين خلال احتفال الجيش بعيده (رئاسة الحكومة)
ميقاتي يمر بين ضباط لبنانيين خلال احتفال الجيش بعيده (رئاسة الحكومة)
TT

لبنان قلق من التطورات الإقليمية ويجدد مطالبته بتطبيق القرار 1701

ميقاتي يمر بين ضباط لبنانيين خلال احتفال الجيش بعيده (رئاسة الحكومة)
ميقاتي يمر بين ضباط لبنانيين خلال احتفال الجيش بعيده (رئاسة الحكومة)

جددت الحكومة اللبنانية موقفها الداعي إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة لا سيما القرار 1701، من دون أن تنفي قلقها من التطورات الإقليمية التي «تُنذر بارتفاع منسوب الخطر»، وفق ما قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مؤكداً «أنّ الرهان على الجيش يبقى الضمانة الأكيدة لوحدة الوطن؛ ما يجعل الالتفاف حول المؤسسة العسكرية واجباً وطنياً جامعاً».

والتقى ميقاتي، الجمعة، سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية لدى مجلس الأمن، وهم سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا، وممثلي الدول الأعضاء غير الدائمين الموجودين في لبنان، وهم سفراء الجزائر واليابان وسويسرا وكوريا الجنوبية، و«جرى تأكيد الثوابت اللبنانية فيما يتعلق بالوضع في المنطقة، وأهمها تأكيد أولوية تطبيق قرارات الأمم المتحدة لا سيما القرار 1701»، وفق ما أعلنت رئاسة مجلس الوزراء.

ميقاتي مجتمعاً مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن (رئاسة الحكومة)

ويعد الاجتماع جزءاً من الحراك الدبلوماسي باتجاه السلطات اللبنانية، لمحاولة تطويق التوتر القائم منذ الأسبوع الماضي بين «حزب الله» وإسرائيل، وتمثل في اغتيال إسرائيل للقيادي البارز في «حزب الله» فؤاد شكر بضاحية بيروت الجنوبية، الثلاثاء الماضي، وتوعد «حزب الله» بالرد، الخميس، على لسان أمينه العام حسن نصر الله.

عيد الجيش

تأتي تلك التطورات في ظل شغور رئاسي، حال، للسنة الثانية على التوالي، دون احتفال الجيش اللبناني في عيده مطلع الشهر الحالي.

ورأى ميقاتي في كلمة ألقاها من مقر قيادة الجيش في اليرزة، لمناسبة عيد الجيش أن «التطورات الإقليمية مقلقة، وتُنذر بارتفاع منسوب الخطر»، مؤكداً «أنّ الرهان على الجيش يبقى الضمانة الأكيدة لوحدة الوطن ما يجعل الالتفاف حول المؤسسة العسكرية واجباً وطنياً جامعاً».

ولفت إلى أن «الشغور الرئاسي ليس وحده ما ينغّص فرحة هذا اليوم الوطني إنّما الظروف التي يعيشها البلد وصولاً إلى العدوان على الضاحية»، مضيفاً: «لا شيء يدلّ على أن الغطرسة الإسرائيلية ستتوقف، ومصرّون على حقنا في الدفاع عن أرضنا وسيادتنا، ولن نتردّد في ذلك مهما علت التضحيات».

وقال ميقاتي في كلمته: «للسنةِ الثانيةِ على التوالي، يغيبُ الاحتفالُ التقليديُّ في الأولِ من آب، ويفتقدُ الملعبُ الأخضرُ في ثكنة شكري غانم في الفياضية، رئيسَ البلادِ محاطاً بأركانِ الدولة، وهو يسلّمُ السيوفَ للضباطِ المتخرجين الذينَ تصدحُ أصواتُهم، وهم يُقسمونَ يمينَ الذودِ عنِ الوطن».

وقال ميقاتي: «هذا الشغور الرئاسيّ لا ينغِّصُ وحدَهُ فرحةَ هذه المناسبةِ الوطنيّة، بل كذلكَ الظروف الأمنية التي يعيشُها لبنان، من جنوبِهِ إلى بقاعِهِ، وصولاً بالأمس إلى الضاحيةِ الجنوبيةِ للعاصمة، وذلكَ نتيجةَ العدوانِ الإسرائيليّ المستمر على سيادةِ لبنان وسلامةِ أراضيه، فضلاً عن الضائقةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ التي يعاني منها اللبنانيونَ عموماً، والعسكريونَ خصوصاً. وتضافُ إلى كلِّ ذلكَ، تطوراتٌ إقليميةٌ مقلقة تنذرُ بارتفاعِ منسوبِ الخطرِ واتّساعهِ من منطقةٍ إلى أخرى».

ميقاتي متحدثاً أمام ضباط الجيش اللبناني في عيد الجيش (رئاسة الحكومة)

وتطرق ميقاتي إلى التطورات الأمنية الناتجة عن حرب الجنوب. قال: «إننا، في مواجهةِ التصعيدِ الإسرائيليّ الممنهجِ والخطير والذي شهدنا فصولاً داميةً منهُ خلالَ الساعاتِ القليلةِ الماضية، لا يسعُنا سوى التأكيد على حقّنا في الدفاعِ عن أرضِنا وسيادتِنا وكرامتِنا بكلِّ الوسائلِ المتاحة، ولا تردُّدَ في هذا الخيار مهما غلتِ التضحيات»، لافتاً إلى «أننا أَبلَغنا الدولَ الشقيقةَ والصديقةَ أنّنا دعاة سلام ولسنا دعاة حرب؛ لأننا نسعى إلى استقرارٍ دائم ٍمن خلال استرجاع الأجزاء المحتلة مِن جنوبِنا الغالي، والتزامِ العدوِّ الإسرائيليّ تطبيقَ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 بكلِّ بنودِه، ولن تنفعَ كلُّ الاعتداءاتِ الإسرائيلية عن ثَنيِنا عن ذلك».

وأكد: «إننا رحَّبنا، ولا نزالُ نرحِّب، بأيِّ مبادرةٍ تحقِّقُ ما نريدُهُ مِن استعادةٍ لما تبقّى مِن أرضِنا المحتلّة، وتعزيزِ انتشارِ الجيشِ عليها بالتعاونِ مع القواتِ الدولية، لمنعِ أيّ انتهاكٍ لحدودِنا المعترف بها دولياً، كي ينعمَ أهلُنا في الجنوب بالاستقرارِ والأمان، لا سيما أنهم قدّموا التضحيات مِن أجلِ تحريرِ الأرض. كذلك، فإنّ استثمارَ ثرواتِنا في مياهِنا حقٌّ لا جدالَ فيه ولا مساومةَ عليه».


مقالات ذات صلة

لبنان: قلق دبلوماسي غربي وحركة كثيفة لتجنب تداعيات ضربة الضاحية

المشرق العربي سكان من الضاحية الجنوبية لبيروت يعبرون شارعاً في حارة حريك على مقربة من موقع استهداف القيادي بـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)

لبنان: قلق دبلوماسي غربي وحركة كثيفة لتجنب تداعيات ضربة الضاحية

كثّف دبلوماسيو الأمم المتحدة ودول غربية مؤثرة بالوضع اللبناني حركتهم الدبلوماسية باتجاه القيادات اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسافران يدفعان بحقائبهما على مدخل مطار بيروت (رويترز)

لبنان يلجأ إلى مجلس الأمن رداً على التهديدات الإسرائيلية بشن حرب

أبلغت الحكومة اللبنانية دولاً غربية وأوروبية أن «التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان والتهويل بحرب شاملة لن يثني اللبنانيين عن التمسك بحقهم في أرضهم والدفاع عنها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مشايخ دروز يقيمون الصلاة على جنازة أحد ضحايا الهجوم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)

«حزب الله» يبلِغ المسؤولين اللبنانيين والدوليين «حتمية الردّ» على أي ضربة إسرائيلية

رفض «حزب الله» تقديم أي تطمينات، وجدّد «موقفه المعلن» من أنه سيردّ على أي ضربة إسرائيلية، من غير تحديد طبيعة الرد «المتروكة للميدان».

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي درزية تبكي على نعش خلال تشييع ضحايا ملعب كرة القدم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)

لبنان يتحرك داخلياً وخارجياً لتطويق تداعيات حادثة مجدل شمس

تحرك لبنان على المستويين الرسمي والحزبي؛ داخلياً وخارجياً، لتطويق تداعيات حادثة مجدل شمس في هضبة الجولان السوري المحتل وتجنب توسعة الحرب.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على حولا جنوب لبنان (أ.ف.ب)

لبنان يندد بالهجمات على المدنيين ويدعو لوقف الأعمال العدائية

نددت الحكومة اللبنانية في بيان اليوم السبت بالهجمات على المدنيين ودعت إلى وقف الأعمال العدائية على جميع الجبهات.

«الشرق الأوسط» (بيروت )

​على وقع التصعيد... مسافرون يستعجلون مغادرة لبنان

مسافرون في مطار بيروت الدولي (رويترز)
مسافرون في مطار بيروت الدولي (رويترز)
TT

​على وقع التصعيد... مسافرون يستعجلون مغادرة لبنان

مسافرون في مطار بيروت الدولي (رويترز)
مسافرون في مطار بيروت الدولي (رويترز)

في مطار بيروت صفوف من المسافرين أمام ألواح مواعيد الرحلات المغادرة والمقبلة، وصفوف أخرى أمام أكشاك الأمن العام... مع ازدياد المخاوف من تصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، سارع كثيرون إلى مغادرة البلد الصغير، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

بين هؤلاء اللبنانية جويل صفير التي اضطرت أن تقطع عطلتها الصيفية في الوطن الأمّ لتعود إلى فرنسا حيث تقطن وتعمل، مع إلغاء وتأجيل شركات طيران رحلاتها من وإلى بيروت.

من قاعة المغادرة في مطار بيروت تقول صفير، (الأحد)، للوكالة: «أنا ذاهبة إلى فرنسا، لأن لدي عملاً هناك، وليست هناك طائرات. طائرتي ألغيت وأرغمت على أن أحجز بطاقة سفر اليوم لأتمكّن من العودة».

وتضيف وقد بدت على وجهها ملامح الحزن: «لست سعيدة بالمغادرة، كنت أودّ أن أكمل الصيف في لبنان ثم أعود إلى العمل، لكنني أوجزت زيارتي حتى أتمكّن من إيجاد رحلة».

ودعت دول غربية وعربية عدة آخرها فرنسا، رعاياها إلى مغادرة لبنان، على وقع فصل جديد من فصول التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، الذي بلغ ذروته بعد عشرة أشهر من تبادل القصف عبر الحدود اللبنانية بين الطرفين.

وجاء التصعيد الأخير بعد اغتيال إسرائيل القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر بضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت. وتلى ذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران في عملية نسبت أيضاً إلى إسرائيل. وتوعّدت إيران وحلفاؤها بالردّ على الاغتيالين.

ويخشى المغادرون إغلاق المطار في حال حصول ردّ ثم ردّ على الردّ. كما يخشون اتسّاع العمليات العسكرية المحصورة إلى حدّ بعيد منذ قرابة عشرة أشهر في الجنوب اللبناني.

«إيجاد أماكن على الطائرات صعب»

وفتح «حزب الله» جبهة في جنوب لبنان مع إسرائيل «إسناداً» لحركة «حماس» في حربها المتواصلة مع الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية.

في المطار، تظهر ألواح قاعة المغادرة مواعيد الرحلات المتوقعة، منها ما هو إلى إسطنبول، وأخرى إلى عمان أو القاهرة.

كما بالنسبة لصفير، يخيّم شبح الحرب على العطلة الصيفية لكثير من اللبنانيين المهاجرين في الخارج للعمل أو الدراسة، ويستفيدون من فسحة الصيف لزيارة عائلاتهم وأصدقائهم في كلّ عام.

وألغت شركات طيران عدة رحلاتها إلى بيروت، ومن بينها شركة «لوفتهانزا» الألمانية حتى 12 أغسطس (آب). كما مدّدت الخطوط الجوية الفرنسية وشركة «ترانسافيا» تعليق الرحلات حتى الثلاثاء، وستقطع الخطوط الجوية الكويتية رحلاتها بداية من يوم غد. وستلغي شركة الخطوط الجوية القطرية رحلاتها الليلية إلى بيروت مؤقتاً.

وقالت مديرة مكتب سفر قرب بيروت غريتا مكرزل للوكالة: «مع إلغاء الرحلات وارتفاع نسبة التوتر، سارع كثيرون إلى تسبيق مواعيد رحلاتهم. منذ أيام أتلقى سيلاً من الاتصالات من زبائن يريدون المغادرة؛ خوفاً من أن يعلقوا في لبنان».

وأضافت: «إيجاد أماكن على الطائرات صعب جداً بسبب إلغاء رحلات وكثرة الطلب خصوصاً إلى الدول الأوروبية. نجحت في تدبير عدد».

وتشير إلى أن هذا الأمر «ينعكس سلباً على القطاع أيضاً لأننا نخسر أموالاً، فقد كان هناك عدد كبير من اللبنانيين العائدين إلى لبنان للعطلة ألغوا حجوزاتهم».

في المطار، تقول سيرين حكيم (22 عاماً) إنها أمضت عشرين يوماً في لبنان، مضيفة: «كان يفترض أن أغادر بالأمس، لكن رحلتي أرجئت... ينبغي أن أعود لأن لدي عملاً».

«غصباً عنّا»

وهناك الكثير من مشاهد الوداع والعناق قبل أن يترك مرافقو المسافرين أحباءهم. وتقول سيدة خلال الوداع: «غصباً عنّا، لا برضانا».

أمام قاعة الوصول، عدد قليل من الناس ينتظر العائدين، خلافاً لما يشهده عادة مطار بيروت من اكتظاظ في موسم الصيف.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل منذ بدء الحرب في قطاع غزة عن مقتل 545 شخصاً على الأقلّ في لبنان، بينهم 352 مقاتلاً من «حزب الله»، و115 مدنياً على الأقل، بحسب تعداد للوكالة.

في الجانب الإسرائيلي، قُتل 22 عسكرياً و24 مدنياً، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وفي عام 2006 قصفت إسرائيل مطار بيروت خلال حرب مدمرة خاضتها مع «حزب الله»، فأغلق لأكثر من شهر بين يوليو (تموز) وأغسطس.

وعلى طريق المطار الواقع في منطقة نفوذ لـ«حزب الله» اللبناني، يمكن رؤية لوحة عملاقة عليها صور هنية وشكر وقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني الذي قتل في عام 2020 في ضربة أميركية في بغداد، مع عبارة «إنّا منتقمون».

لوحة عملاقة عليها صور هنية وشكر وسليماني على طريق مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)

وعلى بُعد بضعة كيلومترات من طريق المطار، في وسط العاصمة، بدأ لبنانيون يتجمّعون الأحد بحزن لإحياء الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت الذي دمّر أحياء واسعة من العاصمة وقتل قرابة 220 شخصاً، ولم يحدّد التحقيق فيه حتى الآن أي مسؤولية، ما يثير غضب شريحة واسعة من اللبنانيين.