معارضون: «حزب الله» أوقف آلية الانتخابات منذ 25 عاماً وبديل شكر يحدده «الحرس الثوري»

مَن سيخلف قائد الحزب الذي اغتالته إسرائيل؟

صورة أرشيفية تجمع فؤاد شكر وقاسم سليماني (الإعلام الحربي في حزب الله)
صورة أرشيفية تجمع فؤاد شكر وقاسم سليماني (الإعلام الحربي في حزب الله)
TT

معارضون: «حزب الله» أوقف آلية الانتخابات منذ 25 عاماً وبديل شكر يحدده «الحرس الثوري»

صورة أرشيفية تجمع فؤاد شكر وقاسم سليماني (الإعلام الحربي في حزب الله)
صورة أرشيفية تجمع فؤاد شكر وقاسم سليماني (الإعلام الحربي في حزب الله)

لم يكن إلا قلة قليلة، والأرجح هم من المنخرطين في صفوف حزب الله أو المعنيين مباشرة بشؤونه يعرفون فؤاد شكر، القيادي الرفيع في الحزب الذي اغتالته إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت، مساء الثلاثاء. إذ يصح القول بمن يتولون مهاماً أمنية وعسكرية قيادية في حزب الله أنهم «جنود مجهولون» لا تُكشف هوياتهم إلا عند وفاتهم.

وكذلك آلية تعيينهم وكيفية تولي مناصبهم غير معروفة تماماً.

إذ يتحدث الكاتب والباحث السياسي الدكتور قاسم قصير، المطلع عن كثب على شؤون الحزب، عن مؤسسات تنظيمية داخلية في الحزب بحيث يكون هناك معاونون طبيعيون للقادة، فيتولى المعاون الموقع الذي يشغر، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مجلس الشورى في الحزب أو القيادة هي مَن يتولى التعيين من دون الإعلان عمن يتولون المواقع العسكرية».

الإطار التنظيمي لـ«حزب الله»

يتألف الإطار التنظيمي للحزب من عدة مجالس؛ هي: «مجلس الشورى، المجلس الجهادي، المجلس التنفيذي، المجلس السياسي، مجلس العمل الحكومي والنيابي ومجلس القضاء»، ويلفت قصير إلى أن «المجلس الأهم يبقى مجلس شورى، ويتم عادة الإعلان عن أسماء المنضوين في كل المجالس ما عدا المجلس الجهادي والأمني».

وحسب موقع «جنوبية» الشيعي المعارض تتألف هيكلية حزب الله من 3 أطر رئيسية هي: أولاً، الأمين العام الذي يعد رأس الهيكل ويتمتع بصلاحيات تنظيمية واسعة جداً، وثانياً، مجلس شورى الذي يترأس أعضاؤه المجالس التنظيمية الأربعة؛ وهي: المجلس الجهادي، المجلس القضائي ومجلس العمل النيابي، ويضاف إليها المجلس التنفيذي الذي يرأسه الشيخ هاشم صفي الدين، وهو بمثابة القلب التنظيمي (الحكومة) الذي يتفرع عنه أكثر الوحدات التنظيمية.

الحرس الثوري الإيراني

ويشير الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين إلى أن «الجهاز العسكري في الحزب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحرس الثوري الإيراني، وبالتالي فإن تحديد البديل عن شكر يقرره الحرس قبل غيره، خصوصاً أن نظام الانتخابات عموماً داخل مؤسسات الحزب توقف منذ نحو ٢٥ عاماً، إضافة إلى أنه في الجانب العسكري هناك خصوصية لا تحيل التعيينات إلى الانتخابات أصلاً، ويقررها في هذه المواقع مستوى الثقة الإيرانية، وتحديداً فيلق القدس بالشخص الذي يجب تعيينه، فشكر مثلا كان المعني بالعلاقة المباشرة مع قيادة الحرس الثوري».

لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الشخص الذي سيتولى مهام شكر يجب أن يكون فاعلاً وحاضراً وقوياً داخل البنية العسكرية للحزب، وله تاريخ جهادي».

تاريخ شكر

ولن يكون ملء الفراغ الذي سيتركه شكر مهمة سهلة سواء لحزب الله أو إيران. وفقاً لـ«حزب الله»، فإن شكر هو «من الجيل المؤسس للحزب، وصاحب دور قيادي في تأسيس وتنظيم المجموعات الأولى للمقاومة الإسلامية في لبنان، وشارك في التصدي للاجتياح الإسرائيلي مطلع الثمانينات وأصيب في مواجهة خلدة البطولية عام 1982».

القيادي العسكري فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل بالضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء (الإعلام الحربي في حزب الله)

ولعب، بحسب ما نشر حزب الله، «دوراً أساسياً في تخطيط وإدارة العمليات، وخصوصاً النوعية، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، وهو المسؤول العسكري المركزي الأول لحزب الله في حقبة التأسيس والنصف الأول من التسعينات». وهو قاد العمليات العسكرية على «جبهة الإسناد اللبنانية» منذ بداية معركة «طوفان الأقصى».


مقالات ذات صلة

4 قتلى سوريين في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان

المشرق العربي عناصر إغاثة لبنانيون يمشّطون المنطقة عقب قصف إسرائيلي استهدف جنوب لبنان (أ.ف.ب)

4 قتلى سوريين في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان

أحصت وزارة الصحة اللبنانية مقتل أربعة سوريين على الأقل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان، أوضح مصدر في هيئة صحية أنهم من أفراد عائلة نازحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية مشجّعون يحملون عَلم إسرائيل خلال مشاهدة منافسات الجودو في أولمبياد باريس (إ.ب.أ)

تخوفاً من الرد الإيراني... إسرائيل تحذّر حاملي جنسيتها في الخارج

دعت إسرائيل حاملي جنسيتها، الخميس، إلى توخي الحذر الشديد عند السفر إلى الخارج، وقال إن إيران أو حلفاءها قد يستهدفون مؤسسات إسرائيلية أو يهودية خارج البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة أرشيفية تجمع قادة مركزيين بـ«حزب الله» تعرضوا لاغتيال: من اليمين عماد مغنية وفؤاد شكر ومصطفى بدر الدين (الإعلام الحربي)

اغتيال شكر يطوي صفحة «الرعيل الأول» من قادة «حزب الله»

لم يعلن «حزب الله» عن أي عملية عسكرية ضد المواقع الإسرائيلية طوال 48 ساعة، بدأت منذ مساء الثلاثاء.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي ركام القنصلية الإيرانية بدمشق حيث قُتل زاهدي ورفاقه بغارة إسرائيلية في الأول من أبريل (أ.ف.ب)

أوامر للقوات السورية بمنع استهداف «الجولان»

بينما يترقب العالم رد إيران على اغتيال هنية وردّ «حزب الله» على مقتل قائده العسكري، كشف المرصد السوري عن أوامر سورية بتحييد الجولان عن أي مواجهات عسكرية محتملة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نصر الله يتحدث عبر الشاشة في تشييع القائد العسكري بـ«حزب الله» فؤاد شكر بالصاحية الجنوبية (رويترز)

نصر الله يتوعد بـ«رد مدروس جداً» على اغتيال شكر

توعّد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بـ«رد حقيقي ومدروس جداً» على اغتيال القائد العسكري البارز في الحزب فؤاد شكر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

اغتيال شكر يطوي صفحة «الرعيل الأول» من قادة «حزب الله»

صورة أرشيفية تجمع قادة مركزيين بـ«حزب الله» تعرضوا لاغتيال: من اليمين عماد مغنية وفؤاد شكر ومصطفى بدر الدين (الإعلام الحربي)
صورة أرشيفية تجمع قادة مركزيين بـ«حزب الله» تعرضوا لاغتيال: من اليمين عماد مغنية وفؤاد شكر ومصطفى بدر الدين (الإعلام الحربي)
TT

اغتيال شكر يطوي صفحة «الرعيل الأول» من قادة «حزب الله»

صورة أرشيفية تجمع قادة مركزيين بـ«حزب الله» تعرضوا لاغتيال: من اليمين عماد مغنية وفؤاد شكر ومصطفى بدر الدين (الإعلام الحربي)
صورة أرشيفية تجمع قادة مركزيين بـ«حزب الله» تعرضوا لاغتيال: من اليمين عماد مغنية وفؤاد شكر ومصطفى بدر الدين (الإعلام الحربي)

يغلق اغتيال القيادي العسكري البارز في «حزب الله» فؤاد شكر، صفحة قيادات «الرعيل الأول» المؤسس للحزب في بدايات الثمانينات من القرن الماضي، والذين قضوا بأكملهم في معارك عسكرية أو نتيجة اغتيالات، فيما يعد شكر المشترك بين مجموعتين؛ الأولى هي «مجموعة الـ82» التي خرجت من مسجد في منطقة الأوزاعي إثر اجتياح إسرائيل لبيروت في 1982، وتتألف من عشرة أشخاص، كان شكر آخرهم، والثانية هي مجموعة القادة العسكريين الذين تناوبوا على قيادة الجناح العسكري منذ الثمانينات، وكان شكر أولهم في تلك المهمة.

و«مجموعة الـ82» المعروفة بهذا الاسم في أوساط الحزب، هي عبارة عن عشرة أشخاص اجتمعوا في بدايات الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، في جامع من منطقة الأوزاعي بجنوب بيروت. كان هؤلاء، حسب ما يقول مواكبون للحزب، من الملتزمين دينياً والمتأثرين بثورة الخميني الإسلامية في إيران. قرروا مقاومة الاجتياح الإسرائيلي للبنان بدءاً من بيروت ومعركة خلدة (مدخل العاصمة الجنوبي)، ثم انتقلوا إلى القتال في الجنوب.

مجموعة الرعيل الأول

وتألفت تلك المجموعة من: حسن شكر، عاصي زين الدين، سمير مطوط، محمود يوسف، محمد حسونة، فؤاد شكر، أسعد برو، محمد نعمة يوسف، جعفر المولى، وأحمد شمص.

ويتحدر معظمهم من البقاع في شرق لبنان، وكانوا يسكنون منطقة الأوزاعي، وهي منطقة فقيرة ومهمشة. والمفارقة أن جميع هؤلاء قتلوا في الثمانينات، خلال مرحلة الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، ولم يبقَ منهم إلا شكر الذي اغتالته إسرائيل الثلاثاء.

سمير مطوط أحد أعضاء مجموعة العشرة المعروفة في الحزب باسم «مجموعة الـ82» (إعلام حزب الله)

تلك المجموعة المتحدرة من الأوزاعي، التقت مع مجموعات أخرى كانت موجودة في قلب الضاحية الجنوبية، خرج منها قائدان للجناح العسكري للحزب هما: عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وآخرون. ويقول العارفون بهذه التجربة إن الحزب «لم يكن يعمل وفق هيكلية تنظيمية واضحة، بل كان عبارة عن خلايا، تتقاطع وتنسق فيما بينها ومع قوى أخرى تقاتل إسرائيل في الجنوب»، والتقت كل المجموعات في الجنوب خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي، وتبلورت لاحقاً بدءاً من عام 1985 ضمن هيكلية عسكرية منظمة وواضحة، وتتلقى تدريبات من «الحرس الثوري» الإيراني، وكان شكر من أوائل الذين تولوا قيادة الجسم العسكري المركزي في الحزب، بدءاً من 1985 وحتى عام 1992.

آخر ثلاثة ظهروا في صورة مع نصرالله وسليماني

وشكر، الوحيد الذي بقي من المجموعة الأولى، هو آخر ثلاثة أيضاً يُنسب لهم تنظيم وتطوير الجسم العسكري في «حزب الله»، وتدريب المقاتلين وتسليحهم ورفدهم بالأسلحة الدقيقة والمتطورة. وهم ثلاثة ظهروا في صورة واحدة لم يُعرف تاريخها، إلى جانب أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله، والقائد السابق لـ«فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته طائرات أميركية في مطلع عام 2020 في بغداد. كانت الصورة المتداولة في السابق إثر اغتيال سليماني، تظهر شكر يتوسط عماد مغنية ومصطفى بدر الدين بوجه مظلل، قبل أن يُكشف عن وجهه في الصورة التي بثها «الإعلام الحربي» بعد اغتياله.

سليماني ونصرالله ومغنية وشكر وبدر الدين في صورة أرشيفية (إعلام حزب الله)

وقضت القيادات المركزية الثلاثة اغتيالاً في عمليات تُنسب إلى إسرائيل. فقد تعرض مغنية لاغتيال بانفجار سيارته في دمشق في فبراير (شباط) 2008، فيما تعرض بدر الدين لاغتيال بصاروخ أصاب مركزاً عسكرياً للحزب بريف دمشق في مايو (أيار) 2016، وتضاربت المعلومات حول هوية المنفذ بين المعارضة السورية التي سارعت إلى تبني العملية، وتقديرات لدى الحزب بأن إسرائيل تقف وراء الهجوم. أما شكر فاغتالته غارة إسرائيلية، الثلاثاء الماضي، استهدفت منزلاً يشغله في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية.

تعليق العمليات في الجنوب

لم يعلن «حزب الله» عن أي عملية عسكرية ضد المواقع الإسرائيلية طوال 48 ساعة، بدأت منذ مساء الثلاثاء، في مؤشر واضح على تعليق النشاط العسكري العائد إلى احتمالين؛ أولهما الشغور في سدة القيادة العسكرية المركزية في الحزب، إثر اغتيال قائدها فؤاد شكر، حسبما يقول خبراء، وثانيهما استعدادات الحزب للرد على الاغتيال الذي حصل في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت التي كانت بعيدة عن أي استهداف إسرائيلي.

ولم تختبر الجبهة الجنوبية منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعليقاً للقتال انطلاقاً من جنوب لبنان، إلا في الهدنة المعلنة في قطاع غزة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وليومين في عيد الفطر، ويومين آخرين في عيد الأضحى، وهما هدنتان كانتا غير معلنتين، أتاحتا للسكان في جنوب لبنان بزيارة قراهم الحدودية لثلاث ساعات صباحاً في كل عيد.

ومنذ السادسة من مساء الثلاثاء، وحتى بعد ظهر الخميس، لم يتبنّ «حزب الله» أي عملية عسكرية، رغم أن الجيش الإسرائيلي نفذ، الخميس، غارة استهدفت بلدة كفركلا، كما تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن تحليق مكثف للمسيرات الإسرائيلية في الجنوب، وعن تحليق لطائرات حربية إسرائيلية في البقاع (شرق لبنان). وإلى جانب تعليق النشاط العسكري، لم تصدر تصريحات بارزة عن قيادات «حزب الله» منذ اغتيال شكر، كذلك لم يصدر أي موقف في بيان نعيه، وتُرك الأمر لأمين عام الحزب حسن نصرالله.

ويرى خبراء مواكبون لعمل «حزب الله» أن تعليق التصريحات بانتظار إعلان نصرالله، ينسحب على الجبهة العسكرية القائمة في جنوب لبنان، بالنظر إلى أن الحزب «يتخذ قراراته بعد مشاورات ويترك الإعلان عنها في أحداث مشابهة لأمينه العام». ويذكر هؤلاء بأن الحزب «تعامل مع الاغتيالات الثلاثة بنفس المعيار»، في إشارة إلى التعامل مع اغتيال مغنية وبدر الدين وشكر. ويشير هؤلاء إلى أن الحزب «يترك المواقف لنصرالله الذي يعلنها بعد حصيلة محادثات داخلية في مجلس الشورى»، وأن تلك المواقف «تحدد مدى التصعيد والرد، أو الانتقال لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية».

صورة غير مؤرخة لفؤاد شكر في موقع عسكري لـ«حزب الله» (الإعلام الحربي)

وتتسع التقديرات للحديث عن الشغور في سدة الحزب في هذه المرحلة، مما يؤدي إلى تجميد الأعمال العسكرية، وهي فرضية تتضارب المعلومات بشأنها. ففي حين تشير تقديرات إلى أن العمليات العسكرية تتجمد بعد رحيل قائد المعركة، بانتظار ملء الشغور بالموقع، لا يجزم آخرون من المواكبين لحركة الحزب بهذه الفرضية، ويذكّرون بأن الحزب لم يعلق نشاطه العسكري في سوريا بعد اغتيال مصطفى بدر الدين في عام 2016، وكانت وحدات الحزب تعمل بشكل متواصل من دون تأثير. وتقول مصادر مطلعة على دينامية عمل الحزب إن «تعيين البدائل لا يأخذ وقتاً، وخصوصاً في فترات الحروب»، وأن هناك شخصيات تتولى المهام في حال تأخر التعيين، مثل نائب المسؤول وقادرة الصف الأول في «المجلس الجهادي».