«هدنة غزة»: اتهامات «عرقلة» المفاوضات تربك جهود الوسطاء

إسرائيل تتحدث عن 29 شرطاً لـ«حماس»... والحركة تنتقد «مماطلة» نتنياهو

فلسطينيون يشقون طريقهم للعودة للأحياء في الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)
فلسطينيون يشقون طريقهم للعودة للأحياء في الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: اتهامات «عرقلة» المفاوضات تربك جهود الوسطاء

فلسطينيون يشقون طريقهم للعودة للأحياء في الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)
فلسطينيون يشقون طريقهم للعودة للأحياء في الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)

اتهامات متبادلة بين إسرائيل وحركة «حماس» بـ«عرقلة التوصل لاتفاق» تجعل مفاوضات الهدنة في قطاع غزة «تراوح مكانها» قبيل اجتماعات جديدة للوسطاء تنتظر بحث تقليل الفجوات ومن ثم وقف الحرب المستمرة منذ نحو 10 أشهر.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإن تلك الأجواء ورغم أنها «معتادة» بالمفاوضات ضمن مساعي زيادة المكاسب إلا أنها «تُربك» جهود الوسطاء المبذولة على مدار أشهر خاصة أن هذه المرحلة كانت «مفصلية» بعد الزخم والضغوط التي واجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارة واشنطن.

وحمل الخبراء طرفي الحرب مسؤولية تلك التعقيدات لا سيما رئيس الوزراء الإسرائيلي كونها تدفع باستمرار أمد المفاوضات «فترة أكبر» مع استشعار نتنياهو بتحقيق مكاسب عسكرية أكبر يريد مقابلها مزيداً من المطالب على طاولة المباحثات.

وبشأن تطورات المفاوضات، قالت «حماس»، في بيان، الاثنين، إنها تلقت أحدث رد إسرائيلي عقب محادثات غير مباشرة أجريت في روما شاركت فيها إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر، متهمة نتنياهو بالعودة لـ«استراتيجية المماطلة والتسويف والتهرب» من الوصول إلى اتفاق من خلال وضع شروط ومطالب جديدة.

وهو ما رد عليه مكتب نتنياهو، الاثنين، في بيان، اتهم فيه قيادات «حماس» بأنها هي التي تمنع التوصل إلى اتفاق من خلال المطالبة بإجراء 29 تعديلاً على الاقتراح، دون أن يحددها.

فلسطينيتان وسط الأنقاض بالجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)

مكتب نتنياهو أكد «التزام» إسرائيل بمبادئها وفقاً للاقتراح الأصلي، وهي (إطلاق سراح) أقصى عدد من الرهائن الأحياء، والسيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا (على امتداد الحدود بين مصر وغزة)، ومنع حركة الإرهابيين والأسلحة إلى شمال قطاع غزة.

فيما نفى القيادي في «حماس» عزت الرشق أن تكون الحركة وضعت أي شروط جديدة، مؤكداً أن الوسطاء يعلمون تماماً أن «حماس أبدت مرونة وإيجابية»، وفتحت الطريق للتوصل لاتفاق وتجاوزت العقبات الإسرائيلية.

هذه العراقيل اعتبرها السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق «ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة» التي تواجه المفاوضات، مؤكداً أن «الوسطاء أمام طرف إسرائيلي لا يريد اتفاقاً لوقف الحرب بل يريد فقط إطلاق سراح رهائنه والحصول على جثامين قتلاه لا غير».

ويقترح هريدي على الوسيطين المصري والقطري بعد «فشل الجولة الممتدة» من المفاوضات أن يلوحوا بورقة «إعادة تقييم موقف ودور الوساطة بشكل كامل وشامل» في ظل «تلاعب ومماطلة» نتنياهو والتغطية الأميركية على أفعاله وهو ما قد يدفع إلى مزيد من الضغوط على إسرائيل.

ويعتقد الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء محمد الغباري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «تكرار العراقيل» أمام جهود الوسطاء ووضع تعقيدات أمامها يعود بالأساس إلى «شعور نتنياهو بأنه منتصر» وأنه على طاولة المفاوضات لا بد أن يحقق أقصى مكاسب، لافتاً إلى أن من طبيعة المفاوضات أن تشهد مثل هذه «التعقيدات والإرباكات المقصودة» طالما هناك طرف فيها متقدم عسكرياً على أرض الواقع.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية نقلاً عن مسؤول مطلع الأحد أن «لقاء روما عقد من أجل اللقاء فقط ولم يحدث خلاله أي اختراق في المفاوضات وأضاف نتنياهو خلاله شرط الحصول المسبق على أسماء الأسرى الأحياء الذين سيفرج عنهم في الدفعة الأولى».

وتحدث مكتب نتنياهو في بيان عقب جولة روما أن المحادثات بشأن القضايا الرئيسية حول صفقة الرهائن ستستمر «في الأيام المقبلة»، دون تحديد موعد أو طبيعة تلك القضايا أو تعليق من الوسطاء.

وتريد «حماس» أن يفضي اتفاق لوقف إطلاق النار إلى وقف الحرب في غزة وتراجعت عن مطلب الوقف الدائم لإطلاق النار بالمرحلة الأولى من تنفيذ الهدنة، في حين يقول نتنياهو إن الصراع لن يتوقف إلا بعد إلحاق الهزيمة بـ«حماس».

ولا يتوقع هريدي أي «انفراجة قريبة»، مؤكداً أن «نتنياهو لديه خطط بعيدة المدى» ينفذها ولديه استعداد لفتح مزيد من جبهات الحرب خدمة لمصالحه السياسية واستمراره في الحكم، وإرباك مشهد التفاوض برمته وإفشاله دائماً.

وعن الخلافات داخل إسرائيل بشأن المفاوضات، قال هريدي إنها «تكتيكية وليست حقيقية»، وتساءل: أليس بايدن من قال إن مقترحه هو اقتراح إسرائيلي بالأساس ودفع جهود الوساطة في ذلك المسار فلماذا الآن لا تذهب إسرائيل لاتفاق بشأن مقترحها الذي وضعته؟ مجيباً: «نتنياهو يتلاعب ويريد كسب مزيد من الوقت لتنفيذ خططه فقط».

والأحد، اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت نتنياهو بـ«إضاعة فرصة التوصل إلى اتفاق»، وفق ما ذكرته القناة 13 الإسرائيلية، متحفظاً على شروط نتنياهو لا سيما وضع قيود جديدة على عودة النازحين لشمال غزة.

الغباري يرى أن مشاهد الإرباك الإسرائيلية «المتعمدة» للمفاوضات بإضافة شروط ومطالب محاولة لـ«ممارسة ضغوط أكبر» بالمفاوضات لتحقيق مكاسب مع استشعارها بسيطرتها على الأرض و«استهلاك (حماس) لكل قواها وضعفها حالياً وقبولها بأشياء لم تكن لتحدث» مثل تغيير موقفها من الوقف الدائم للحرب قبل المفاوضات وترحيله لمرحلة تالية.

وعن الآليات التي بيد الوسطاء، أكد أنها لن تخرج عن محاولات «تقريب وجهات النظر» بين طرفي الحرب، والحصول على ضمانات أكبر من واشنطن، لإرغام نتنياهو على توقيع الصفقة، متوقعاً أن يتجه الوضع العسكري بغزة نحو عمليات إسرائيلية مركزة لاستنزاف «حماس» وإنهاء قدراتها مع الاستفادة من ضعفها على طاولة المفاوضات التي يعتقد أنها «لن تحسم قريباً».


مقالات ذات صلة

أسواق الأسهم الخليجية تتراجع وسط توترات عقب اغتيال هنية

الاقتصاد مستثمر يستخدم جهاز كومبيوتر في بورصة الدوحة بقطر (رويترز)

أسواق الأسهم الخليجية تتراجع وسط توترات عقب اغتيال هنية

تراجعت أسواق الأسهم الرئيسية في الخليج خلال مستهل تعاملات الأربعاء، وسط توترات بالمنطقة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية بإيران.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

كيف سيؤثر اغتيال هنية على مفاوضات وقف إطلاق النار؟

قالت حركة «حماس» اليوم (الأربعاء) إن زعيمها إسماعيل هنية قُتل، في الساعات الأولى من صباح اليوم، في إيران، الأمر الذي أثار المخاوف من توسع الصراع في المنطقة.

ماري وجدي (القاهرة)
المشرق العربي صورة من بيت لاهيا لعشرات الفلسطينيين المعتقَلين وهم شِبه عراة (رويترز)

«الأمم المتحدة»: إسرائيل عذبت وأطلقت الكلاب على فلسطينيين اعتقلتهم من غزة

ندّد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك بالأفعال المروّعة ضد المعتقَلين الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي رجل يتفقد مبنى مدمراً ضربته غارة جوية إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

اغتيالات إسرائيل في لبنان منذ اندلاع حرب غزة

تقرير يرصد سلسلة من عمليات الاغتيال الإسرائيلية في لبنان منذ أكتوبر، عندما اندلعت أعمال قتالية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي بالتوازي مع حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

استجوب القضاء العسكري الإسرائيلي الثلاثاء جنودًا اعتقلوا في إطار التحقيق بشبهة سوء معاملة معتقل في مركز يُحتجز فيه فلسطينيون من غزة منذ بدء الحرب

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )

القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

استجوب القضاء العسكري الإسرائيلي الثلاثاء جنودًا اعتقلوا في إطار التحقيق بشبهة سوء معاملة معتقل في مركز يُحتجز فيه فلسطينيون من غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر.

وأمام المحكمة العسكرية في قاعدة بيت ليد في الوسط، تظاهر العشرات احتجاجا على توقيف الجنود التسعة في قضية حظيت بتغطية إعلامية واسعة.

بعد فترة وجيزة على توقيف المشتبه بهم الاثنين بأيدي الشرطة العسكرية، اقتحم عشرات المتظاهرين، بمن فيهم نواب من اليمين المتطرف، مركز الاعتقال التابع للجيش وتظاهروا أمام السجن العسكري.

وما زالت هذه الأحداث التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية على نطاق واسع، تثير ردود أفعال في إسرائيل حيث دعا الثلاثاء وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش وزير الدفاع إلى "الوقف الفوري لسوء معاملة أبطال الجيش".

من جهته، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أيضا إلى إطلاق سراح الجنود.

شتبك جنود وشرطة إسرائيليون مع متظاهرين من اليمين بعد اقتحامهم قاعدة «بيت ليد» العسكرية بسبب احتجاز جنود احتياطيين للتحقيق معهم للاشتباه في إساءة معاملتهم لمعتقل بعد هجوم 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

بدوره، قال زعيم المعارضة يائير لبيد على فيسبوك إن اقتحام المتظاهرين الاثنين للمجمع العسكري مثّل "تهديدا خطيرا لصورة إسرائيل بصفتها دولة يهودية وديموقراطية".

وقال متحدث باسم الجيش لوكالة فرانس برس الاثنين إن التحقيق بوشر "عقب الاشتباه بسوء معاملة كبيرة تعرض لها معتقل في مركز احتجاز سدي تيمان"، دون مزيد من التفاصيل.

قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري تعقيبا على توقيف الجنود لوكالة فرانس برس "هذه جريمة اغتصاب جديدة بحق أحد المعتقلين في معسكر (سديه تيمان) من قبل مجموعة من السجانين... هذه الجريمة تُسقط بشكل واضح ادعاءات الاحتلال وما روّج له على مدار الفترة الماضية عن نيته فتح تحقيقات حول الجرائم التي جرت في المعسكر".

ودان الزغاري "محاولة الاحتلال المستمرة تصوير معسكر (سديه تيمان) على أنه السجن الوحيد الذي شهد على جرائم التعذيب والاغتصاب وأنه بنقل المعتقلين منه ستتوقف الجرائم، علما أن سجونا أخرى تشهد المستوى نفسه من الجرائم، وقد وثقنا العديد من الإفادات والشهادات حول ذلك، وأبرزها سجن (النقب)".

أقام الجيش الاسرائيلي معسكر سديه تيمان لاعتقال مقاتلي حماس الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر ، وخلال عملياتها البرية وتوغلاتها، اعتقلت إسرائيل أعدادا كبيرة من الفلسطينيين الذين نقلتهم إلى المعسكر.

وأدلى أكثر من مئة معتقل أفرج عنهم بشهاداتهم عما لاقوه من "تعذيب" والتقت فرانس برس عددا منهم.

وتقدمت منظمات إسرائيلية معنية بحقوق الإنسان بالتماس للمحكمة العليا بشأن إساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين، هي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "هموكيد" وجمعيتا "مسلك" و"عدالة" اللتان تدافعان عن حقوق الفلسطينيين.

وقالت منظمة العفو الدولية في منتصف يوليو "يتعين على السلطات الإسرائيلية وضع حد لاعتقالها الانفرادي غير المحدد لفلسطينيين من قطاع غزة المحتل، من دون تهمة أو محاكمة... (وهو ما يشكل) انتهاكا صارخا للقانون الدولي".

ووثقت المنظمة 27 حالة لفلسطينيين، بينهم خمس نساء وصبي يبلغ 14 عاما، احتُجزوا "لمدة تصل إلى أربعة أشهر ونصف شهر" دون أن يتمكنوا من الاتصال بأسرهم..

وينفي الجيش الإسرائيلي هذه الاتهامات.

وفي وقت لاحق الثلاثاء، قال الجيش إنه في قضية منفصلة، اتُهم جندي احتياط بعدد من حالات إساءة المعاملة للمعتقلين وبإظهار "عنف شديد" تجاههم.