القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

القضاء الإسرائيلي يستجوب جنودا متهمين بإساءة معاملة معتقل من غزة

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً من مخيم بلاطة في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

استجوب القضاء العسكري الإسرائيلي الثلاثاء جنودًا اعتقلوا في إطار التحقيق بشبهة سوء معاملة معتقل في مركز يُحتجز فيه فلسطينيون من غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر.

وأمام المحكمة العسكرية في قاعدة بيت ليد في الوسط، تظاهر العشرات احتجاجا على توقيف الجنود التسعة في قضية حظيت بتغطية إعلامية واسعة.

بعد فترة وجيزة على توقيف المشتبه بهم الاثنين بأيدي الشرطة العسكرية، اقتحم عشرات المتظاهرين، بمن فيهم نواب من اليمين المتطرف، مركز الاعتقال التابع للجيش وتظاهروا أمام السجن العسكري.

وما زالت هذه الأحداث التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية على نطاق واسع، تثير ردود أفعال في إسرائيل حيث دعا الثلاثاء وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش وزير الدفاع إلى "الوقف الفوري لسوء معاملة أبطال الجيش".

من جهته، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أيضا إلى إطلاق سراح الجنود.

شتبك جنود وشرطة إسرائيليون مع متظاهرين من اليمين بعد اقتحامهم قاعدة «بيت ليد» العسكرية بسبب احتجاز جنود احتياطيين للتحقيق معهم للاشتباه في إساءة معاملتهم لمعتقل بعد هجوم 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

بدوره، قال زعيم المعارضة يائير لبيد على فيسبوك إن اقتحام المتظاهرين الاثنين للمجمع العسكري مثّل "تهديدا خطيرا لصورة إسرائيل بصفتها دولة يهودية وديموقراطية".

وقال متحدث باسم الجيش لوكالة فرانس برس الاثنين إن التحقيق بوشر "عقب الاشتباه بسوء معاملة كبيرة تعرض لها معتقل في مركز احتجاز سدي تيمان"، دون مزيد من التفاصيل.

قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري تعقيبا على توقيف الجنود لوكالة فرانس برس "هذه جريمة اغتصاب جديدة بحق أحد المعتقلين في معسكر (سديه تيمان) من قبل مجموعة من السجانين... هذه الجريمة تُسقط بشكل واضح ادعاءات الاحتلال وما روّج له على مدار الفترة الماضية عن نيته فتح تحقيقات حول الجرائم التي جرت في المعسكر".

ودان الزغاري "محاولة الاحتلال المستمرة تصوير معسكر (سديه تيمان) على أنه السجن الوحيد الذي شهد على جرائم التعذيب والاغتصاب وأنه بنقل المعتقلين منه ستتوقف الجرائم، علما أن سجونا أخرى تشهد المستوى نفسه من الجرائم، وقد وثقنا العديد من الإفادات والشهادات حول ذلك، وأبرزها سجن (النقب)".

أقام الجيش الاسرائيلي معسكر سديه تيمان لاعتقال مقاتلي حماس الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر ، وخلال عملياتها البرية وتوغلاتها، اعتقلت إسرائيل أعدادا كبيرة من الفلسطينيين الذين نقلتهم إلى المعسكر.

وأدلى أكثر من مئة معتقل أفرج عنهم بشهاداتهم عما لاقوه من "تعذيب" والتقت فرانس برس عددا منهم.

وتقدمت منظمات إسرائيلية معنية بحقوق الإنسان بالتماس للمحكمة العليا بشأن إساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين، هي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "هموكيد" وجمعيتا "مسلك" و"عدالة" اللتان تدافعان عن حقوق الفلسطينيين.

وقالت منظمة العفو الدولية في منتصف يوليو "يتعين على السلطات الإسرائيلية وضع حد لاعتقالها الانفرادي غير المحدد لفلسطينيين من قطاع غزة المحتل، من دون تهمة أو محاكمة... (وهو ما يشكل) انتهاكا صارخا للقانون الدولي".

ووثقت المنظمة 27 حالة لفلسطينيين، بينهم خمس نساء وصبي يبلغ 14 عاما، احتُجزوا "لمدة تصل إلى أربعة أشهر ونصف شهر" دون أن يتمكنوا من الاتصال بأسرهم..

وينفي الجيش الإسرائيلي هذه الاتهامات.

وفي وقت لاحق الثلاثاء، قال الجيش إنه في قضية منفصلة، اتُهم جندي احتياط بعدد من حالات إساءة المعاملة للمعتقلين وبإظهار "عنف شديد" تجاههم.


مقالات ذات صلة

كيف ترى واشنطن احتمالات التصعيد في لبنان؟

خاص الجيش اللبناني يصل قرب موقع الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

كيف ترى واشنطن احتمالات التصعيد في لبنان؟

رسم مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، سيناريوهات المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» بعد محاولة استهداف الرجل الثاني في الحزب.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم العربي الموسيقي الفلسطيني رؤوف البلبيسي (رويترز)

موسيقيون نازحون من غزة يسعون لمواصلة مسيرتهم الفنية في مصر

منذ نعومة أظفاره، يراود الموسيقي الفلسطيني رؤوف البلبيسي حلم بإنشاء مركز ثقافي ينبض بالحياة في غزة، لكن بعد 5 أشهر من افتتاحه المقهى عصفت رياح الحرب بحلمه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رجال دين دروز في الجولان المحتل يلوّحون لأقربائهم على المقلب الآخر من الحدود السورية (أ.ب)

أهالي الجولان ضد الانتقام باسمهم

اجتمعت القيادات الدينية والسياسية لأهالي الجولان، وبينهم القيادات في مجدل شمس، وحذّروا من هذه التصريحات الفردية، والاستغلال المُغرِض لها من إسرائيل وغيرها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي احتجاجات خارج سجن سديه تيمان جنوب إسرائيل حيث فُتح تحقيق في التعذيب الممنهج لأسرى فلسطينيين (رويترز) play-circle 01:25

مئات من اليمين الإسرائيلي بينهم نواب ووزراء يهاجمون قواعد عسكرية

شهدت 3 قواعد عسكرية للجيش وللشرطة العسكرية الإسرائيلية احتجاجات لمئات نشطاء اليمين بسبب التحقيق مع جنود مشتبه بهم بممارسة التعذيب الوحشي مع أسرى فلسطينيين.

نظير مجلي (تل أبيب)
تحليل إخباري بري وميقاتي خلال اجتماعها في عين التينة (الوكالة الوطنية)

تحليل إخباري لبنان في مواجهة الضربة الإسرائيلية يشكو الفراغ وحاجته لشبكة أمان

تقول مصادر سياسية في بيروت إن الجهود المبذولة للحد من تأثيرات ضربة إسرائيلية للبنان لا تكفي ما لم تعمد القوى اللبنانية بكل توجهاتها إلى توفير شبكة أمان داخلية.

محمد شقير (بيروت)

هنية... الواجهة السياسية والدبلوماسية لـ«حماس» (بروفايل)

إسماعيل هنية(د.ب.أ)
إسماعيل هنية(د.ب.أ)
TT

هنية... الواجهة السياسية والدبلوماسية لـ«حماس» (بروفايل)

إسماعيل هنية(د.ب.أ)
إسماعيل هنية(د.ب.أ)

أعلنت حركة حماس، الأربعاء، اغتيال زعيمها السياسي إسماعيل هنية في " غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران". وكان هنية حضر مراسم أداء الرئيس الإيراني الجديد اليمين الدستورية أمس الثلاثاء.

وأكد الحرس الثوري الإيراني، في بيان، تعرض هنية للاغتيال حيث قال: "في وقت مبكر من صباح اليوم، تعرض منزل إسماعيل هنية في طهران لقصف، مما أدى إلى استشهاده وأحد حراسه الشخصيين. والسبب قيد التحقيق وسيتم الإعلان عنه قريبا".

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلتقي بإسماعيل هنية، في طهران (رويترز)

ووفقا لوكالة رويترز، كان إسماعيل هنية،الوجه الصارم على صعيد الدبلوماسية الدولية للحركة الفلسطينية، مع احتدام الحرب في غزة حيث قتل ثلاثة من أبنائه في غارة جوية إسرائيلية. ولكن على الرغم من خطابه المتشدد، فقد اعتبره العديد من الدبلوماسيين معتدلا مقارنة بالأعضاء الأكثر تشددا في الحركة المدعومة من إيران داخل غزة.

وبعدما تقلد منصب رئيس المكتب السياسي لحماس في 2017، كان يتنقل بين تركيا والعاصمة القطرية الدوحة هربا من قيود السفر المفروضة على قطاع غزة المحاصر، وهو ما ساعده على التفاوض في محادثات وقف إطلاق النار وإجراء مباحثات مع إيران، حليفة حماس.

وقال هنية في تصريحات لقناة الجزيرة ومقرها قطر بعد فترة وجيزة من شن مقاتلي حماس الهجوم على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) "نقول لكل الدول بما فيها الأشقاء العرب.. هذا الكيان لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام هؤلاء المقاتلين، لا يقدر أن يوفر لكم أمنا ولا حماية، وكل التطبيع والاعتراف بهذا الكيان لا يمكن أن يحسم هذا الصراع".

وردت إسرائيل على الهجوم بشن حملة عسكرية أدت حسبما أعلنت السلطات الصحية في غزة إلى مقتل أكثر من 39 ألف شخص داخل القطاع حتى الآن.

وأعلنت حماس مقتل ثلاثة من أبناء هنية، وهم حازم وأمير ومحمد، في العاشر من أبريل (نيسان) عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية السيارة التي كانوا يستقلونها. وقالت حماس إن هنية فقد أيضا أربعة من أحفاده، ثلاث فتيات وفتى، في الغارة.

ونفى هنية تأكيدات إسرائيلية بأن أولاده كانوا يقاتلون في صفوف الحركة وقال "مصالح شعبنا الفلسطيني مقدمة على أي شيء وأبناؤنا وأولادنا هم جزء من هذا الشعب"، وذلك عند سؤاله عما إذا كان مقتل أولاده وأحفاده سيؤثر على محادثات الهدنة.

وعلى الرغم من اللهجة الصارمة التي يستخدمها في تصريحاته، فإن الدبلوماسيين والمسؤولين العرب يعتبرونه براجماتيا نسبيا بالمقارنة بالأصوات الأكثر تشددا داخل غزة، حيث خطط الجناح العسكري لحركة حماس لهجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.

إسماعيل هنية(د.ب.أ)

وتوعد هنية جنود الجيش الإسرائيلي بأنهم سيجدون أنفسهم "غرقوا في رمال غزة"، لكنه قام هو وسلفه خالد مشعل بجولات مكوكية في المنطقة لإجراء محادثات بغية التوصل لاتفاق بوساطة قطرية مع إسرائيل يفضي إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مقابل الإفراج عن فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية، فضلا عن إدخال مزيد من المساعدات لغزة.

وتنظر إسرائيل إلى جميع قادة حماس باعتبارهم إرهابيين، وتتهم هنية ومشعل وآخرين بمواصلة "التحكم في منظمة حماس الإرهابية".

هنية وخالد مشعل (رويترز)

لكن لم يتضح حتى الآن إلى أي مدى كان هنية يعلم بهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) قبل وقوعه. فقد كانت الخطة، التي وضعها المجلس العسكري في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، في غزة سرية للغاية لدرجة أن بعض مسؤولي الحركة بدوا مصدومين من توقيتها وحجمها.

ومع ذلك كان لهنية دور فعال في بناء القدرات القتالية لحماس عبر عدة طرق، منها تعزيز العلاقات مع إيران التي لا تخفي دعمها للحركة. وخلال العقد الذي كان فيه هنية رئيسا لحركة حماس في غزة، اتهمت إسرائيل فريقه بالمساعدة في تحويل المساعدات الإنسانية إلى الجناح العسكري للحركة، وهو ما نفته حماس.

وعندما غادر هنية غزة في 2017، خلفه يحيى السنوار الذي قضى أكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية والذي رحب به هنية مجددا في غزة في 2011 بعد عملية لتبادل المحتجزين.

مرشد إيران علي خامنئي مع اسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)

وقال أديب زيادة، المتخصص في الشؤون الفلسطينية بجامعة قطر "هنية يقود المعركة السياسية لحماس مع الحكومات العربية"، مضيفا أن هنية يرتبط بعلاقات وثيقة مع شخصيات أكثر تشددا في الحركة والجناح العسكري. وتابع "إنه الواجهة السياسية والدبلوماسية لحماس".

والتقى هنية ومشعل بمسؤولين في مصر، التي تتوسط أيضا في محادثات وقف إطلاق النار. وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن هنية سافر في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) إلى طهران للقاء المرشد الإيراني علي خامنئي.

وقال ثلاثة مسؤولين كبار لرويترز إن خامنئي أبلغ هنية خلال الاجتماع بأن إيران لن تدخل الحرب لأنها لم تعلم بأمرها مسبقا. ولم ترد حماس على طلبات للتعليق قبل أن تنشر رويترز التقرير، ثم أصدرت نفيا بعد نشره.

وفي مرحلة الشباب، كان هنية ناشطا طلابيا في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة. وانضم إلى حماس عندما تأسست خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987. وتعرض هنية للاعتقال والترحيل لفترة وجيزة. وأصبح هنية أحد تلامذة الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس، والذي كان أيضا لاجئا مثل عائلة هنية من قرية الجورة القريبة من عسقلان. وفي عام 1994 قال لرويترز إن الشيخ ياسين كان نموذجا يحتذى به بالنسبة للشباب الفلسطيني وإنه تعلم منه حب الإسلام والتضحية من أجله وعدم الركوع للطغاة والمستبدين.

هنية مع الشيخ ياسين (رويترز)

وبحلول عام 2003، أصبح هنية أحد المساعدين الذين يثق بهم ياسين، والتُقطت صورة له في منزل الشيخ في غزة وهو يحمل هاتفا بجانب أذن مؤسس الحركة الذي كان مصابا بشلل شبه كامل حتى يتمكن من المشاركة في حديث. واغتالت إسرائيل ياسين عام 2004.

وكان هنية من أوائل المدافعين عن دخول حماس معترك السياسة. وفي عام 1994 قال إن تشكيل حزب سياسي سيمكن حماس من التعامل مع التطورات الناشئة. ورفض قادة حماس الدخول في ميدان السياسة في البداية، ثم وافقوا عليه لاحقا وأصبح هنية رئيسا للوزراء بعد فوز الحركة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006، وذلك بعد عام من انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة. وسيطرت الحركة على غزة عام 2007.

إسماعيل هنية(إ.ب.أ)

وعندما سأله صحافيون من رويترز في 2012 عما إذا كانت حماس قد تخلت عن النضال المسلح أجاب هنية بالنفي القاطع وقال إن المقاومة ستستمر بجميع أشكالها، الشعبية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية.