كيف تؤثر الانتخابات الأميركية على ملف الرئاسة اللبنانية والحرب مع إسرائيل؟

إنهاء الشغور الرئاسي مؤجل حتى إشعار آخر

كرسي الرئاسة اللبنانية في قاعة السفراء بقصر بعبدا (غيتي)
كرسي الرئاسة اللبنانية في قاعة السفراء بقصر بعبدا (غيتي)
TT

كيف تؤثر الانتخابات الأميركية على ملف الرئاسة اللبنانية والحرب مع إسرائيل؟

كرسي الرئاسة اللبنانية في قاعة السفراء بقصر بعبدا (غيتي)
كرسي الرئاسة اللبنانية في قاعة السفراء بقصر بعبدا (غيتي)

يعتقد كثير من اللبنانيين أن الانتخابات الأميركية ستكون أشبه بحدث مفصلي يرسم ملامح مستقبل لبنان، سواء من خلال حسم مصير الحرب المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل، أو من خلال اتضاح مصير رئاسة الجمهورية اللبنانية المعلّقة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وللمصادفة، فإن آخر انتخابات رئاسية في لبنان حصلت عشية الانتخابات الأميركية، وبالتحديد حين انتخب الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر 2016. وقد ربط البعض في حينه بين الاستحقاقين، علماً بأن تحولات داخلية هي التي أدت لكسر حلقة الجمود التي دامت عامين ونصف العام، وفرضها «حزب الله» من خلال رفعه شعار «عون أو لا أحد».

ويعتقد متابعون عن كثب للتطورات على جبهة الجنوب التي اتخذها «حزب الله» في التاسع من أكتوبر 2023 جبهة إسناد ودعم لغزة، أنه في حال كان هناك قرار إسرائيلي بتوسعة الحرب على لبنان، فإن ذلك سيحصل قبل موعد الانتخابات الأميركية، أي في الوقت الضائع الحالي، إذ إن الرئيس الأميركي جو بايدن بات أقل تشدداً في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد قراره الانسحاب من السباق الرئاسي.

قوة أميركية ناعمة

ولا يرى النائب في كتلة «الكتائب اللبنانية» سليم الصايغ تغيراً كبيراً تجاه لبنان مع تبدل الإدارات في أميركا إن حصل، مشدداً على أن «الحدث لا يتم في واشنطن إنما على أرض الواقع في الميدان، وفي فلسطين تحديداً». ويشير الصايغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أميركا تعمد راهناً إلى تحفيز لبنان بطريقة ناعمة لإنتاج الإصلاحات وتفعيل الديمقراطية، بينما تضع ثقلها في تأمين إنتاج النفط عبر ترسيم الحدود البحرية، وتأمين حدود إسرائيل عبر الضغط لاستكمال تثبيت الحدود البرية. أما بالنسبة لضبط النفوذ الإيراني، فإن كل الإدارات الأميركية تستعمل القوة الناعمة أمام دولة تستعمل كل قوة ممكنة لتعزيز سيطرتها، ما يعني أن أي سيناريو في جنوب لبنان، سلمياً كان أم حربياً، أو لا هذا أو ذاك كما هو حاصل الآن، سيؤدي إلى نتائج كارثية ما لم يتم مقاربة معضلة لبنان من خلال تحديد للمسألة الشرقية الجديدة: كيف سيتم ضبط النفوذ الممانع في المنطقة مع تفادي الحرب أو الفوضى؟»، واستطرد: «كيف لـ(حزب الله) وإيران أن يقبلا بتحجيم نفوذهما من دون أثمان يطالبان بها؟».

وفي ملف الرئاسة، يستبعد الصايغ أن يتحرر هذا الملف إلا بشرط من اثنين: فإما إقناع إيران بتحريره بوصفه مدخلاً للاعتراف بها كأنه جزء من النظام الإقليمي سياسياً وعسكرياً، أو تغيير الوقائع على الأرض بالكامل من خلال حرب تشنها إسرائيل تخلط أوراق المنطقة، وتعود إلى تركيب الشرق الأوسط الجديد.

فرصة لتوسعة الحرب الآن

من جهته، يستغرب رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - إنيجما»، رياض قهوجي، ربط البعض توسعة الحرب على لبنان بقرار أميركي، مشدداً على أن «أي قرار لتوسعة الحرب هو قرار إسرائيلي وليس أميركياً. أما دعم واشنطن فمهم، وسيأتي سواء أكان الرئيس الأميركي المقبل يحبذ التوسعة أم لا».

ويرجح قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كان قرار توسعة الحرب متخذاً، فسيحصل بين شهر أغسطس (آب) وشهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي قبل موعد الانتخابات الأميركية المقبلة، خاصة بعدما باتت حظوظ كامالا هاريس توازي حظوظ دونالد ترمب، أضف إلى ذلك الفتور السائد في علاقة هاريس - نتنياهو، وإعلان ترمب صراحة أنه سيكون الرئيس الذي سينهي الحروب، ما يعني أن مصلحة نتنياهو هي ببدء الحرب الموسعة اليوم ما دام أن بايدن بات متساهلاً بعد انسحابه من السباق الرئاسي، وبالتالي فإن إسرائيل لن تجد أي مقاومة أميركية فعلية لهذا القرار».

الممانعة تريد هاريس

ولم يعد خافياً أن المحور الذي تتزعمه طهران يفضل فوز مرشح ديمقراطي في الانتخابات الأميركية، وهو ما تؤكد عليه الدكتورة بريجيت خير، الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة، لافتة إلى أن «كامالا هاريس تظهر انفتاحاً على إيران، أي هي سائرة في هذا الملف على خطى بايدن الذي أسقط كثيراً من العقوبات على طهران، حتى أنها ذهبت أبعد بمقاطعة خطاب نتنياهو في الكونغرس. بالمقابل، فإن فوز ترمب لن يعني حرباً موسعة، إنما سيعني تقويضاً إضافياً لسلطة إيران».

وعن ملف الرئاسة اللبنانية، تقول خير لـ«الشرق الأوسط»: «محور الممانعة يسيطر على مجلس النواب بواسطة رئيسه نبيه بري، وما يسعى إليه الآن من خلال الوساطة التي يقودها المبعوث الأميركي آموس هوكستين، هو أن يقبض ثمن تحرير رئاسة الجمهورية، علماً بأنه لن يقبل أصلاً بأن يصل أي رئيس إلى قصر بعبدا، إلا إذا كان محسوباً على فريقهم السياسي لضمان استمرارهم بالتحكم بالبلد، لا بل أبعد من ذلك، فإن مخطط الممانعة يقول بالسيطرة على الرئاسات الثلاث».


مقالات ذات صلة

المعارضة ترفض «السلة المتكاملة» لحل الأزمة اللبنانية

المشرق العربي كرسي الرئاسة اللبنانية في قاعة السفراء بقصر بعبدا (غيتي)

المعارضة ترفض «السلة المتكاملة» لحل الأزمة اللبنانية

عاد الحديث مؤخراً في بيروت عن تسويق خارجي وداخلي لطرح يقول بسلة متكاملة للحل، تلحظ اتفاقاً على اسمي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لكن المعارضة رفضته.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارة إسرائيلية تستهدف أحراج بلدة زبقين في جنوب لبنان (رويترز)

تراجع لهجة وعمليات «حزب الله» يقابله مواصلة إسرائيل قصفها المكثف

دخلت المواجهات العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل منذ فترة في مرحلة من الاستقرار النسبي، بعدما بات واضحاً أنه لا مصلحة للطرفين بتوسعة القتال.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أعضاء من «حزب الله» يحملون الأعلام خلال تجمع إحياءً ليوم شهداء الحزب السنوي في الضاحية الجنوبية لبيروت 11 نوفمبر 2022 (رويترز)

جبهة «إسناد غزة» تكشف الدور الهجومي لسلاح «حزب الله»

فرضت جبهة جنوب لبنان واقعاً جديداً على «حزب الله» الذي بدّل وظيفة سلاحه من الدفاع عن لبنان إلى سلاح هجوم، الأمر الذي يفتح النقاش واسعاً للبحث في مصير هذا السلاح

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أ.ب)

تحليل إخباري توقيف سلامة يتصدر المشهد السياسي... فهل يعيد خلط الأوراق؟

يتصدر توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بجرائم مالية، المشهد السياسي، لما يمكن أن يترتب على توقيفه من تداعيات مفتوحة لما لديه من أسرار مالية وسياسية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في «مصرف لبنان» يوم 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)

القضاء اللبناني يبقي رياض سلامة موقوفاً ويرحّل استجوابه إلى الاثنين

تسلّم قاضي التحقيق الأول في بيروت ملفّ حاكم «مصرف لبنان» السابق رياض سلامة، وادعاء النيابة العامة المالية ضدّه، وقرر استمرار توقيفه واستجوابه الاثنين المقبل.

يوسف دياب (بيروت)

مقتل أميركية - تركية في الضفة يستنفر خارجيتي واشنطن وأنقرة

قوات إسرائيلية تدخل مخيم جنين للاجئين السبت (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تدخل مخيم جنين للاجئين السبت (إ.ب.أ)
TT

مقتل أميركية - تركية في الضفة يستنفر خارجيتي واشنطن وأنقرة

قوات إسرائيلية تدخل مخيم جنين للاجئين السبت (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تدخل مخيم جنين للاجئين السبت (إ.ب.أ)

ذكرت «وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)»، أن مُواطنة أميركية شاركت في احتجاج ضد التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية المحتلّة، تُوفيت متأثرة بجراحها، اليوم الجمعة، بعد أن أطلق جنود إسرائيليون النار على رأسها.

قال فؤاد نافعة، مدير مستشفى «رفيديا»، لوكالة «رويترز»: «وصلت المتضامنة الأميركية إلى المستشفى في حالة حرِجة جداً مصابة بالرأس. حاولنا إجراء عملية إنعاش لها، لكن مع كل أسف جرى الإعلان عن وفاتها».

وأفادت وكالة «وفا» بأن الواقعة حدثت في أثناء مسيرة احتجاجية منتظمة للناشطين ببلدة بيتا القريبة من مدينة نابلس، التي شهدت هجمات متكررة من قِبل المستوطنين.

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه يبحث التقارير عن مقتل ناشطة تحمل جنسية أجنبية نتيجة «إطلاق نار في المنطقة»؛ في إشارة إلى مخيم بيتا.

القتيلة الأميركية (تويتر)

«وفاة مأساوية»

وأعرب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، عن أسفه لمقتل مواطنة أميركية في الضفة الغربية المحتلة، ووعد بـ«اتخاذ إجراءات حسب الضرورة».

وقال بلينكن، للصحافيين، في أثناء زيارته جمهورية الدومينيكان: «نأسف على هذه الخسارة المأساوية»، مضيفاً: «عندما نحصل على مزيد من المعلومات، سوف نقوم بمشاركتها، وإتاحتها، وسوف نتخذ إجراءات بناء عليها، حسب الضرورة».

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنها على علم بـ«الوفاة المأساوية» لمواطنة أميركية بالضفة الغربية. وقدمت «الخارجية» الأميركية تعازيها لعائلة المواطنة الأميركية وأحبائها، وأكدت أنها تعمل على سرعة جمع المعلومات عن ملابسات وفاة الناشطة.

«تدخُّل همجي»

وأدان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ما وصفه بأنه «التدخل الهمجي لإسرائيل» ضد ناشطة مدنية، وذلك بعد مقتل أميركية-تركية في الضفة الغربية المحتلة.

وتابع، في منشور على منصة «إكس»: «تركيا ستواصل العمل في كل منصة لإنهاء سياسة الاستيطان والإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ نحو عام وأدت لمقتل 41 ألف شخص؛ بينهم أطفال وكبار السن، وستحاسَب إسرائيل على جرائمها أمام القانون».

وأدانت تركيا، الجمعة، «مقتل» الناشطة الأميركية المؤيدة للفلسطينيين، التي تحمل أيضاً الجنسية التركية، في الضفة الغربية، قائلة إنها قُتلت على يد «جنود الاحتلال الإسرائيلي».

وكتبت وزارة الخارجية التركية، في بيان: «علمنا، بحزن عميق، أن مُواطنتنا؛ وتُدعى عائشة نور إزغي إيغي، قُتلت على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس (...) ونحن ندين جريمة القتل هذه التي ارتكبتها حكومة نتنياهو».

وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيانها: «تحاول إسرائيل بث الخوف في قلبِ كل من يهبّ لمساعدة الشعب الفلسطيني ويكافح سِلمياً ضد الإبادة الجماعية. سياسة العنف هذه مآلها الفشل».

وتسببت زيادة الهجمات العنيفة من قِبل مستوطنين إسرائيليين على القرى الفلسطينية بالضفة الغربية في غضب متزايد بين حلفاء إسرائيل الغربيين، ومنهم الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات على عدد من الأفراد.

وتأتي واقعة الجمعة بعد أسابيع قليلة من هجوم نحو 100 مستوطن على قرية جيت في شمال الضفة الغربية، ما أثار إدانة عالمية ووعداً من الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة ضد أي شخص تثبت إدانته بالعنف.

ويتهم الفلسطينيون وجماعات حقوق الإنسان القوات الإسرائيلية بعدم التحرك لمنع هجمات، بل المشاركة فيها كذلك.