أجواء سورية محمومة في أطرافها الثلاثةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5045125-%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9
تواصَل التصعيد والمواجهات على الساحة السورية شرقاً وشمالاً، بين قوات «التحالف الدولي» وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» من جانب، والميليشيات السورية التابعة لإيران من جانب آخر. وعلى مسار آخر بين «قسد» و«التحالف» من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى. إضافةً إلى هجمات «داعش» ضد القوات الحكومية والميليشيات الرديفة لها التابعة لإيران.
وبذلك يزداد الوضع الميداني تعقيداً، في ظل تصعيد خطير تشهده المنطقة، وتوارُد الأنباء عن استنفار القوات الحكومية السورية، والميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله جنوب سوريا، بعد تهديدات إسرائيلية بضرب مواقع لحزب الله، على خلفية سقوط صاروخ في قرية مجدل شمس السورية في الجولان المحتل.
وتعرّضت 15 قرية بريف محافظة الرقة الغربي شمال سوريا للقصف من القوات التركية، في ظل اشتباكات عنيفة دارت بين «قسد» وفصائل سورية مدعومة من تركيا بمنطقة «نبع السلام».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير، الاثنين، إن الاشتباكات اندلعت إثر محاولة «قسد» التسلل على محور عريضة عجيل بريف تل أبيض في ريف الرقة الغربي، ضمن منطقة «نبع السلام»، وتخلّل الاشتباكات قصف مدفعي نفّذته «قسد»؛ لتغطية انسحاب عناصرها، وسط معلومات عن سقوط جرحى في صفوف الفصائل، فيما تمكّنت القوات المهاجمة من الانسحاب، دون معلومات عن سقوط قتلى، أو وقوع عناصر في الأسر.
كما أفاد المرصد باستهداف القوات التركية والفصائل الموالية لها بقصف مدفعي ثقيل عدة قرى في ريف تل أبيض الغربي. وطال القصف قرية الدبس وهوشان وتغليب بريف عين عيسى، تزامناً مع اندلاع اشتباكات بين الفصائل الموالية، دون تسجيل خسائر بشرية.
وشرقاً تَواصل تبادُل الضربات بين قوات التحالف المتمركزة في قاعدة كونيكو للغاز شمال دير الزور والميليشيات الإيرانية شرق دير الزور، وأظهر مقطع فيديو بثّه ناشطون احتراق سيارة مزوّدة براجمة صواريخ، قيل إنها تتبع الميليشيات الإيرانية، وعقب إطلاقها صاروخاً باتجاه قاعدة كونيكو، استهدفت بطائرة مسيرة تتبع للتحالف على أطراف بلدة بقرص.
في غضون ذلك نصبت قوات «قسد» حواجز جديدة على طريق بلدة العزبة كونيكو والطرق الرئيسية بمحيط قاعدة كونيكو، حسب مصادر محلية قالت إن قوات التحالف استقدمت خلال اليومين الماضِيَين تعزيزات عسكرية كبيرة، تضمّنت معدات ثقيلة إلى قاعدتها شمال دير الزور.
كما أفادت المصادر باستهداف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، مناطقَ سيطرة القوات الحكومية السورية والميليشيات الرديفة للحرس الثوري بريف دير الزور، وذلك بعد استهداف مقاتلي العشائر رتلاً عسكرياً مشتركاً للتحالف و«قسد» قريباً من البصيرة بريف دير الزور الشرقي، بصواريخ موجّهة، وتحقيق إصابات مباشرة.
ودوّت في المنطقة أصوات انفجارات عنيفة وفق موقع «دير الزور one»، لافتاً إلى استنفار قوات التحالف، التي حلّق طيرانها بكثافة في المنطقة. ونفى الموقع نقلاً عن مصادر «خاصة» استهداف قاعدة كونيكو، وإنما الرتل العسكري المشترك.
في ظل ذلك، ذكرت مصادر إعلامية متقاطعة، أن الميليشيات الإيرانية أخْلت مقرّات لها في البوكمال بريف دير الزور الشرقي، وبدّلت مواقع مخازن للسلاح.
كما كشفت شبكة «دير الزور 24» المحلية عن إجراء الميليشيات الإيرانية في مدينة دير الزور تغييرات على مواقعها.
من جانبه قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، إن قوات التحالف استهدفت من قاعدة كونيكو مناطق سيطرة القوات الحكومية والميليشيات الإيرانية بالمدفعية الثقيلة، في ريف دير الزور الشرقي، وسُمع دويّ انفجارات متتالية نتيجة القصف، ما أدّى إلى «استنفار أمني من قِبل الميليشيات، فيما لم ترِد معلومات عن سقوط خسائر بشرية».
وبالتوازي أقدم تنظيم «داعش» على قتل عنصر من «قسد» بريف دير الزور الشرقي، فيما قُتل عنصران وأُصيب 3 آخرون من الميليشيات التابعة لإيران في هجوم لمسلّحين، رجّح المرصد تبعيّتهم لـ«داعش»، على عناصر في طريق عودتهم من إحدى النقاط العسكرية ببادية الصالحية في ريف البوكمال.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً في المواجهات بين ميليشيات الحرس الثوري وقوات التحالف في محافظة دير الزور، بينما تستنفر القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران وحزب الله اللبناني جنوب سوريا، مع تصاعد التوتر عقب سقوط صاروخ على قرية مجدل شمس في الجولان المحتل.
ونقل موقع «صوت العاصمة» عن مصادر خاصة، «استنفار في ثكنات الدفاع الجوي جنوب ووسط سوريا، بعد التهديدات الإسرائيلية بقصف مواقع الحـزب والحرس الثوري في سوريا ولبنان».
وفي سياق متصل، أقامت مشيخة عقل طائفة الموحّدين الدروز في السويداء، مجلس عزاء وتأبين لضحايا قرية مجدل شمس بساحة سمارة، وسط المدينة، شارك فيها رجال دين مسلمون ومسيحيون، إضافةً إلى وفد من العشائر؛ لإعلان التضامن مع أهالي بلدة مجدل شمس.
وكان لافتاً صدور 3 مواقف عن الزعماء الروحيين الثلاثة في السويداء، كان أولها موقف الشيخ حكمت الهجري، الذي أعلن رفض استخدام سماء المناطق الدرزية ساحات تدريب وتجريب عسكري، تلاها موقف الشيخ يوسف جربوع، الذي أعلن التضامن مع أهالي مجدل شمس، مؤكداً الانضواء تحت قيادة دمشق، والموقف الثالث جاء من الشيخ حمود الحناوي، الذي أكّد التضامن مع ضحايا مجدل شمس، مستنكراً قتل الأطفال، وتحدث عن القتَلة بصيغة المجهول.
شارك في العزاء وفود من مختلف مناطق المحافظة وأريافها، ووفود رسمية واجتماعية ونقابية وأهلية.
أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».
أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.
واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.
ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.
كمال شيخو (القامشلي)
جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمانhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5084403-%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86
الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)
يتعامل الأردن مع تحديات أمنية وسياسية خطِرة على حدوده الشمالية مع سوريا، والشرقية مع العراق، والغربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ومع التحدّي الأخير يتعامل الأردن بحذر شديد مع مخطّطات الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب، ودعوات تهجير الفلسطينيين التي عدّتها عمّان «إعلان حرب عليها»، لتتعاظم هواجس داخلية تفرض نفسها على صنّاع القرار بقوة.
ومع بدء الدورة الأولى من عمر مجلس النواب العشرين الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل وجود كتلة معارضة «حرجة» تملك 31 مقعداً قابلة للزيادة تمثلها كتلة «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخّصة في البلاد.
قياس شرعية الانتخابات
بدأت القصة الجديدة بين السلطة الأردنية والحركة الإسلامية من قياس «شرعية» الانتخابات الأخيرة، بعد مشاركة نواب الحركة حصولهم على قرابة نصف مليون صوت على مستوى البلاد كافة، من أصل نحو مليون و600 ألف مقترع شاركوا في الانتخابات، إلى جانب حصدهم أيضاً مقاعد مُخصّصة للمرأة والشركس والشيشان في عدد من الدوائر المحلية، على مستوى المحافظات.
وباعتراف الحزب المعارض بنزاهة الانتخابات، تكون المعايير التي سعى الإسلاميون إلى تكريسها مرتبطة فقط بعدد المقاعد التي يحصلون عليها، مستندين إلى سيطرتهم على وعي الرأي العام، من خلال امتلاكهم منابر دينية وإعلامية غير متوافرة لخصومهم.
كانت ثمة تحذيرات جاءت على ألسنة شخصيات سياسية وازنة وخبرات قانونية، من أن قانون الانتخاب الذي توافقت عليه لجنة ملكية، ومنح صوتين للناخب أحدهما لدائرته المحلية والآخر للدائرة العامة المخصصة مقاعدها الـ41 للأحزاب، أبرزها أن الصوت الثاني سيكون «صوتاً مجانياً» مُعطىً لمرشحي الحركة الإسلامية، لكن هذه التحذيرات قوبلت بالسخرية.
كان «عرّابو» القانون يسخرون من التحذيرات، وسط ثقة مُفرطة بأنفسهم، بينما سعى «طباخو» القانون إلى تشكيل أحزاب سياسية قيل إنها ستنافس الحركة الإسلامية، بل ستقلّص عدد مقاعدهم. لكن الحقيقة جاءت بعكس توقعات استطلاعات الرأي السرّية، بل إن تلك التوقعات جاءت بمبالغات لا صلة لها بالواقع.
استناداً إلى ما سبق، ونتيجة لمراجعات مراكز قرار و«جرد الحسابات»، أُقيل ضباط كبار في جهاز الاستخبارات العامة، وسياسياً أعيد تموضُع شخصيات في مواقع متقدمة في الديوان الملكي، وتحييد آخرين، مع إلزام الحكومة الجديدة بتدوير الزوايا الاقتصادية الحادة في موازنة العام المقبل، واختصار تصريحاتها بالشأن السياسي. ومن المتوقع أن تطال التغييرات مواقع متقدِّمة، أمنية وسياسية قبل نهاية العام.
وحسب مخضرمين سياسيين، كان من السهل الطعن بدستورية قانون الانتخاب النافذ، خصوصاً في ظل التعارض الواضح في نصوص احتساب درجة الحسم (العتبة) التي جاءت نتيجتها بمضاعفة عدد مقاعد الحركة الإسلامية على الأقل.
وقد استند هؤلاء إلى نصّين متعارضين في حسابات الفوز والخسارة في الانتخابات، ثم إنه رغم التحذيرات أدّى الإصرار على الخطأ لنتائج غير متوقعة، وسقوط استطلاعات الرأي المسكوت عنها، والتي «أُجريت بطرق غير علمية»، كما وصفها مطّلعون تحدثت معهم «الشرق الأوسط».
خطاب العرش... بين السطور
في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي انطلقت أعمال الدورة العادية من عُمر مجلس النواب العشرين، بعد إلقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خطاب العرش. وحمل الخطاب بين سطوره «مفاتيح» لسياسة الأردن، في ظل تحوّلات كبيرة، لعل أهمها إدارة العلاقات الأردنية مع الحليف الأميركي بعد فوز دونالد ترمب بفترة رئاسية جديدة، والمفاجآت التي قد تحملها سياساته، عطفاً على سياساته وقراراته في دورته السابقة، ومدى الحرج الذي قد يتسبّب به الرجل في لقاءاته الرسمية وتصرفاته الشخصية.
لم يأخذ الكلام الملكي المساحة اللازمة من التحليل وقراءة ما بين السطور، واكتفى المحللون بإبراز فقرات من الخطاب تتعلق بالشأن الداخلي، إثر قول الملك إن مستقبل بلاده «لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبّي مصالحه أو تخرج عن مبادئه»، واصفاً الأردن بـ«الدولة الراسخة الهوية، التي لا تغامر في مستقبلها».
ولم يتطرّق المحلّلون إلى سقوط عبارة «حل الدولتين» من الخطاب والاكتفاء بالإشارة إلى «السلام العادل والمشرّف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي عن الأشقاء الفلسطينيين»، مع تمسّك الأردن بأولوية إعادة «كامل الحقوق لأصحابها ومنح الأمن للجميع، رغم كل العقبات وتطرّف الذين لا يؤمنون بالسلام».
قراءة في سلوك «الإسلاميين»
بعد الرسائل الملكية تلك، دخل النواب في منافسة محمومة على مقاعد الرئاسة وانتخاب أعضاء المكتب الدائم للمجلس. وجاءت النتيجة حاسمة لصالح الرئيس الأسبق أحمد الصفدي الذي نافسه النائب صالح العرموطي (الإسلامي)، الآتي محمولاً على أكتاف أعلى الأصوات على مستوى الدوائر المحلية.
أراد «الإسلاميون» في المجلس إيصال «مظلوميتهم» إلى الشارع، فبعد إعلان خمس كتل حزبية تحالفها في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، كانت منافسة كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي» غير مُجدية؛ نظراً لقرارهم بعزل أنفسهم عن أي تحالفات حتى مع المستقلين من أعضاء المجلس، ولم ينجحوا إلا في استقطاب 6 نواب من خارج كتلتهم (الـ31 نائباً)، على الرغم من وجود 23 نائباً مستقلاً، مع توزّع 115 من النواب على 12 حزباً فازوا بمقاعد بعد تجاوز درجة الحسم في الانتخابات النيابية الأخيرة.
هؤلاء، بالإضافة إلى حزب «جبهة العمل الإسلامي»، جاؤوا على التوالي: حزب «الميثاق»، و«إرادة»، و«الوطني الإسلامي»، و«تقدّم»، و«الاتحاد»، و«الأرض المباركة»، وحزب «عزم»، وحزب «العمل»، وحزب «العمال»، و«المدني الديمقراطي»، وحزب «نماء».
ويُدرك الإسلاميون صعوبة التحالف، وكانوا قد ضيّعوا فرصة قدّمها قبل انتخابات الرئاسة وقتها المرشح الصفدي؛ إذ ضمن لهم مقعدين في المكتب الدائم هما مقعد النائب الثاني للرئيس، وأحد مقعدي المساعدين للرئيس، ورئاسة بعض اللجان. غير أنهم آثروا الانعزال ورفض التفاوض، فكانت فكرتهم المركزية - كما وصفها مقربون منهم في حوارات مع «الشرق الأوسط» - أنهم يريدون «إيصال رسائل» تُفيد بتعرّضهم لحصار ومحاربة من قبل الأحزاب الرسمية، وبذلك يحصدون المزيد من الشعبية أمام الشارع الأردني، وهذا ما حصل فعلاً.
وبالفعل، تابع الإسلاميون خطتهم في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، وسعوا للترشح عن مقعدي النائب الأول والثاني للرئيس. وبعد استعراضات تحت القبة، انسحب مرشحو الحركة في رسالة أرادوا منها التذكير بقدرتهم على المشاغبة في مواجهة توزيع المواقع القيادية في المجلس.
إلا أن ما استقرت عليه خطة المواجهة معهم تحت القبة سيحرمهم أيضاً فرص الفوز برئاسة اللجان النيابية الدائمة، وعلى رأس هذه اللجان: المالية، فلسطين، التوجيه الوطني، الاقتصاد والاستثمار، الشؤون الخارجية، والحريات العامة، وفق مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
مواجهة مرتقبة
يُدرك صنّاع القرار في الأردن اليوم مدى خطورة وجود كتلة «حرجة» بحجم كتلة «جبهة العمل الإسلامي» تحت قبة المجلس، لا سيما أنه عُرف عنهم التزامهم في حضور الجلسات التشريعية، وبراعتهم في اختيار مداخلاتهم في الجلسات الرقابية، في ظل احتكارهم لعبة النصاب في التصويت على قرارات المجلس.
ثم إن للإسلاميين صدقيتهم في الإعلام المحلي، وهم الذين استخدموا التواصل الاجتماعي بفاعلية في إيصال صوتهم. ولذا فهم يستخدمون لعبة شحن الشارع بمظلوميتهم وكشفهم عن خفايا التصويت على القرارات في المجلس.
وبرأي متابعين، فإن الحصيلة الشعبية لحزب «جبهة العمل الإسلامي» قابلة للارتفاع في ظل ضعف حجة من يواجههم في العمل العام.
لكن ما غاب عن حسابات المطبخ السياسي لـ«جبهة العمل الإسلامي» (وحاضنته الأم جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة)، أنهم قد يكونون الأداة الأهم في التحذير من مخاطر أمن واستقرار المملكة في ظل استمرار نشاطهم السياسي الذي يعرف استخدام الشارع وعاطفته في الاشتباك مع مؤسسات الدولة؛ إذ بمجرد وجود الإسلاميين في المجالس المنتخبة سيوزّع رسائل إلى عدة جهات، أهمّها تحكم اليمين الإسلامي في دولة عُرفت بالاعتدال... وهذا قد يقلب الطاولة على أحلام الحركة في السيطرة والسلطة.
بداية مُقلقة لعلاقة متوترة
أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية حزمة استحقاقات صعبة. وستكون البداية بـ«حفلة» البيان الوزاري وبدء «ماراثون» مناقشة النواب لمضامينه، وهنا سيستغل نواب الحركة الإسلامية المنبر البرلماني لشن هجمات على الحكومة، وتشويه صورتها، منتصرين بذلك أمام الشارع بعد حجبهم الثقة.
وبعد طيّ صفحة الثقة المضمونة للحكومة، سيدخل استحقاق مشروع قانون الموازنة والوحدات المستقلة لسنة 2025. وتكراراً سيصعد نواب الحركة إلى المنبر ليضاعفوا حصّتهم في الشارع، ولن تنتهي الدورة البرلمانية العادية قبل أن يكون لـ«جبهة العمل الإسلامي» الحصّة الأكبر من معركة الرأي العام.
في المقابل، ما يمكن أن تشهده الدورة الحالية في ملف ساخن قد يعيد المشهد لما قبل عام 2011، هو القرار المُرتقب في حل نقابة المعلمين مطلع ربيع العام المقبل. هذا الملف قد يعيد «تسخين» المشهد المحلي على «صفيح» قضية المعلمين وعودتهم إلى الحراك. وللعلم، كان آخر نقيب للمعلمين قبل قرار قضائي جمّد أعمال النقابة وأغلق أبوابها، نائب جاء عن قائمة الحزب الإخواني التي ترشحت على مقاعد الدائرة الحزبية العامة.
نقاط ضعف الحكومة وقوتها
مرتكز القوة لحكومة جعفر حسّان التي أقسمت اليمين مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو شخصية رئيسها. فحسّان يتمتع بصفات الاستقامة والنزاهة، ورفض الاستجابة للضغوط من مختلف القوى والجهات، وقدرته على العمل تحت الضغط بعيداً عن الأضواء. لكن إذا كانت هذه الصفات تصلح لمهمة من نوع إدارة مكتب الملك الخاص، فإنها قد لا تكون مطلوبة تماماً في شخصية رئيس الحكومة.
وحسّان أدار مكتب الملك في حقبتين مختلفتين، وفي عودته للمرة الثانية خلال السنوات الخمس الماضية استطاع الرجل الانفتاح على الآراء، مستفيداً من تنوع ناصحيه ومحبيه، إلا أن مزايا الرئيس نفسه لا تنسحب بالضرورة على بقية فريقه الحكومي؛ إذ بين اختياراته الوزارية مَن قد يدخل الحكومة كاملة في أزمات متعددة.
وأيضاً، بين وزراء حسّان أشخاص لم يسبق لهم تجربة العمل العام، ناهيك بأن ضمن فريقه طامحين في موقع حسّان نفسه، وبينهم من سبق له العمل البرلماني، بل عُرف عن هؤلاء قدرتهم على استفزاز مجالس النواب ومحاولة التذاكي على التشريعات، قبل كشف الأخطاء التي ارتكبت، ومنها أخطاء قانوني الانتخاب والأحزاب.
في هذا السياق، يحقّ عُرفاً لرئيس الوزراء إجراء أول تعديل وزاري على فريقه الحكومي مباشرةً بعد نيل الحكومة الثقة من مجلس النواب، مع توفير مظلة مشاورات «شكلية» لصالح فرص توزير شخصيات من أحزاب لها أذرع نيابية في المجلس الذي بدأت أعماله رسمياً منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.