القوات التركية تستعد للسيطرة على جبل كاره في العراق

تواصل توغلها وسط صمت حكومتي بغداد وأربيل

تدريبات لمقاتلي «حزب العمال الكردستاني» التركي في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)
تدريبات لمقاتلي «حزب العمال الكردستاني» التركي في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

القوات التركية تستعد للسيطرة على جبل كاره في العراق

تدريبات لمقاتلي «حزب العمال الكردستاني» التركي في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)
تدريبات لمقاتلي «حزب العمال الكردستاني» التركي في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)

ما زالت السلطات الاتحادية في بغداد والمحلية في إقليم كردستان تلتزم الصمت حيال التحركات الواسعة التي يقوم بها الجيش التركي في بلدات ومناطق واسعة شمال العراق، خصوصاً في محافظة دهوك، إذ تشير مصادر إلى أن تركيا تقوم بتجميع قواتها بالقرب من جبل كاره، المطل على قضاء العمادية، استعداداً للسيطرة عليه بذريعة تمركز عناصر «حزب العمال الكردستاني» التركي (pkk) المعارض، الذي يتخذ من الأراضي العراقية منطلقاً لعملياته العسكرية ضد الجيش التركي.

وباستثناء إعلان مجلس الأمن الوطني الاتحادي في 10 يوليو (تموز) الحالي، رفضه لعملية التوغّل العسكري التركي داخل الأراضي العراقية، ومطالبته أنقرة بـ«مراعاة مبادئ حسن الجوار»، لم يصدر عن بغداد أو أربيل أي بيان بشأن العملية الجديدة، الأمر الذي يفسره مراقبون بنوع من «قبول في بغداد وعجز في أربيل» عن إمكانية وقف التحركات التركية.

ومنذ أسابيع، تنشط القوات التركية في مناطق دهوك؛ إذ قامت بنصب نقاط أمنية في مناطق عدة لملاحقة عناصر «حزب العمال»، إلى جانب قيامها بقصف بعض البلدات، ما دفع سكانها إلى النزوح إلى مناطق أخرى.

صورة تداولتها وكالات كردية لقصف تركي سابق على أحد المرتفعات في دهوك

جبل متين

وأعلنت منظمة «سي بي تي» الأميركية الحقوقية الناشطة في إقليم كردستان، السبت، عن قيام تركيا بنشر قواتها العسكرية في عدة مناطق ضمن سلسلة جبل متين الموازية لجبل كاره الذي يتمتع بأهمية استراتيجية في محافظة دهوك.

ونقلت وسائل إعلام كردية عن مسؤول قسم حقوق الإنسان في المنظمة، كاميران عثمان، قوله إن «الجيش التركي بدأ عمليات عسكرية جديدة في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، وأنشأ من خلالها 7 مواقع عسكرية جديدة في قضاء باتيفا، التابع لإدارة منطقة زاخو المستقلة، كما قام بإنشاء نقطتين عسكريتين في منطقة نهيلي على سفح جبل متين». وأضاف أن «الجيش التركي ينفذ حالياً غارات جوية مكثفة على مناطق متعددة في جبل كاره استعداداً لاجتياحه».

وفي مؤشر خطير على حجم التوغل التركي، تعتقد المنظمة أن محافظة دهوك «يمكن أن تخسر نحو 75 في المائة من أراضيها، حال تمكنت القوات التركية من السيطرة على نقاط استراتيجية في جبل كاره».

ولفت عثمان، إلى أن «العمليات العسكرية الأخيرة للجيش التركي ضد مسلحي (حزب العمال الكردستاني) في قضاء العمادية، أسفرت عن تهجير سكان 9 قرى ونزوح أكثر من 184 عائلة، إضافة إلى تدمير وإتلاف أكثر من 68 ألف دونم من الأراضي الزراعية».

أنقرة تريد منع «حزب العمال الكردستاني» من استخدام العراق منطلقاً لشن هجمات داخل تركيا (رويترز)

القوات التركية في كردستان

وسبق أن قدمت المنظمة العام الماضي، إحصاءات حول عدد القوات والمقار التركية الموجودة في مدن كردستان العراق ومناطق أخرى غير خاضعة للإقليم، وقالت إنها تتوزع في مناطق متفرقة؛ إذ يوجد في محافظة أربيل 14 مقراً عسكرياً، و12 مقراً في سيدكان، واثنان في ميركسور. وفي دهوك يوجد 41 مقراً عسكرياً، 23 منها في مناطق شيلادزي، وكاني ماسي، وبامرني، وديرلوك، في حين تثبت 18 مقراً في قضاء زاخو. ويقول البعض إن هذه القواعد والمقار قد ازدادت خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما يؤكده مصدر مقرب من «الحزب الديمقراطي الكردستاني».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع الأسف، لدينا وجود كثيف للقوات التركية في كردستان، بل حتى في بعض المناطق خارج سيطرة الإقليم، مثل مدينة بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى؛ إذ توجد قاعدة (زليكان) العسكرية، وكذلك هناك مقار في سنجار».

وحول عدم تحرك القوات الاتحادية أو قوات الإقليم ضد التوغل التركي، يؤكد المصدر أن «القوات الكردية بمختلف صنوفها مخصصة لحماية أمن الإقليم داخلياً، وليست لها القدرة على مواجهة القوات التركية. أما القوات الاتحادية فلا نعرف لماذا لا تحرك ساكناً، والاعتقاد السائد في الإقليم أنها تنفذ اتفاقاً من نوع ما مع تركيا».

ويحمّل المصدر الكردي عناصر «حزب العمال» والقوات التركية مسؤولية ما يجري في مدن الإقليم من مخاوف وتهجير وترويع للسكان المحليين، كما يحمّل الحكومة الاتحادية المسؤولية نفسها، باعتبارها المسؤولة عن الحفاظ على أمن وسيادة البلاد وحدودها.

من جانبه، أكد أديب مجيد، من قرية ميسكا التابعة لقضاء العمادية، السبت، أن أهالي القرية حاولوا العودة إليها بعد نزوحهم، لكن القوات التركية منعتهم من الوصول.

ونقلت «وكالة شفق نيوز» الكردية عن عدد من نازحي القرية، قولهم: «كنا نعيش في قريتنا، ونمارس أعمالنا في الزراعة وتربية الماشية، وفجأة اندلعت اشتباكات بين الجيش التركي و(حزب العمال الكردستاني) في محيط قريتنا، وقذائف المدفعية ورصاص البنادق أصابت منازلنا، ما اضطرنا للهرب وترك القرية».


مقالات ذات صلة

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».