تراجع ثقة الإسرائيليين في قادة الجيش إلى أدنى مستوى منذ 75 سنة

بسبب فشل الحرب وتحريض اليمين على القيادات الأمنية

بنيامين نتنياهو في مقر قيادة الجيش الإسرائيلي بالمنطقة الشمالية (د.ب.أ)
بنيامين نتنياهو في مقر قيادة الجيش الإسرائيلي بالمنطقة الشمالية (د.ب.أ)
TT
20

تراجع ثقة الإسرائيليين في قادة الجيش إلى أدنى مستوى منذ 75 سنة

بنيامين نتنياهو في مقر قيادة الجيش الإسرائيلي بالمنطقة الشمالية (د.ب.أ)
بنيامين نتنياهو في مقر قيادة الجيش الإسرائيلي بالمنطقة الشمالية (د.ب.أ)

دلت نتائج البحث الاستطلاعي الشهري الذي يجريه معهد «سياسة الشعب اليهودي»، التابع للوكالة اليهودية، على أن غالبية المواطنين الإسرائيليين قلقة تجاه مستقبل الوضع العام في إسرائيل، بما في ذلك على المستويين الأمني والاقتصادي، وأن ثقة الإسرائيليين منخفضة جداً في القيادة السياسية، خصوصاً الحكومة ورئيسها، بنيامين نتنياهو، وأن الثقة في القيادات العليا في الجيش، وبات 55 في المائة يقولون إنه لم تعد لديهم ثقة أيضاً بالقيادة العسكرية، وهذه تعتبر أدنى نسبة منذ 75 عاماً.

ووفقاً لنتائج يوليو (تموز) الجاري من البحث، لفحص التوجهات والأنماط الرئيسية لدى الرأي العام الإسرائيلي حول القضايا المركزية المطروحة، فإن الغالبية العظمى من المواطنين الإسرائيليين «قلقون للغاية» أو «قلقون» بشأن الوضع الأمني في إسرائيل. ويظهر الاستطلاع أن الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم من أنصار اليمين (بما في ذلك يمين الوسط) عبروا عن «قلق» تجاه الوضع الأمني، في حين كان «القلق شديداً» في أوساط اليسار والوسط.

وعقب يديديا شتيرن، رئيس معهد «سياسة الشعب اليهودي»، على نتائج هذا البحث قائلاً: «إنها تدل على أزمة ثقة عميقة بالقيادتين السياسية والأمنية». وأضاف: «مثل هذه الأزمة تعتبر إشكالية بشكل عام. هناك ضرورة ملحة لأن تعمل هذه القيادة على استعادة الثقة بين القيادة والجمهور، فهذا هو شرط من الشروط الأساسية للحصانة القومية في مواجهة التحديات الحالية والقادمة. والخطوة الأولى في هذه السبيل تكون بإجراء انتخابات عامة في أسرع وقت ممكن».

عضوا الكنيست الإسرائيلي اليمينيان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش (رويترز)

الانتماء السياسي لليمين

وبدا أبرز المعطيات في هذا المؤشر، التراجع الكبير في مستوى ثقة الإسرائيليين في قادة الجيش الإسرائيلي مقارنة بالأشهر السابقة. ففي رد على السؤال: «كيف تحدد ثقتك في القيادة العليا للجيش الإسرائيلي»، جاءت الإجابة من 55 في المائة بأن ثقتهم منخفضة أو منخفضة جداً بكبار القادة.

وفي تحليل للمعطيات يتضح أن هذه الثقة تتضاءل كلما زاد الانتماء السياسي لليمين، وكذلك كلما اتجه يميناً على مستوى التدين والمحافظة. ففي أوساط اليهود الذين يعتبرون أنفسهم «يمينيين»، قال ثمانية من بين كل عشرة إن لديهم ثقة منخفضة أو منخفضة للغاية في القيادة العليا للجيش. ومن بين اليهود الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم «وسط»، فإن اثنين من كل ثلاثة لديهم ثقة عالية أو عالية جداً في القيادة العليا للجيش الإسرائيلي.

والتفسير لهذا التراجع يعود إلى أداء الجيش في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والحرب التي تلته؛ إذ إن اليمين يطالب بنتائج أفضل واليسار يتذمر من شدة الضربات الحربية في غزة وتبعات ذلك على إسرائيل. ويضاف إلى ذلك أن أحزاب اليمين الإسرائيلية، وخصوصاً «الليكود» الذي يقوده نتنياهو، تدير حملة تحريض شرسة على القيادات العسكرية والأمنية منذ سنة 2010، وقد بدأت تؤتي ثمارها الآن. وخلال الحرب تصاعدت هذه الحملة بشكل خاص؛ لأن نتنياهو يحاول إظهار إخفاقات 7 أكتوبر على أنها تقتصر على الجيش والمخابرات، حتى يبرئ نفسه منها. لكن النتائج الأخرى لمؤشر المزاج الإسرائيلي جاءت أيضاً مثيرة للقلق في إسرائيل.

تعكس البيانات والأرقام الصادرة عن بنك إسرائيل المركزي الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد (موقع البنك المركزي)

الوضع الاقتصادي

أشار الاستطلاع إلى أغلبية كبيرة (68 في المائة من اليهود و92 في المائة من العرب) تشعر بالقلق بشأن الوضع الاقتصادي في إسرائيل. وعبّرت الأغلبية في أوساط اليمين عن عدم القلق إزاء الوضع الاقتصادي (40 في المائة لا يشعرون بالقلق إلى حد ما، و18 في المائة لا يشعرون بالقلق على الإطلاق). ولكن في أوساط المجموعات الأخرى، بما في ذلك يمين الوسط، فإن الأغلبية تشعر بالقلق إزاء الوضع الاقتصادي، ولدى أنصار الوسط واليسار تشعر الأغلبية بـ«قلق شديد».

دمار في حي الشجاعية شرق مدينة غزة يوم 11 يوليو (أ.ف.ب)

السيطرة على غزة

في السؤال حول اليوم التالي، تظهر النتائج أن غالبية اليهود في إسرائيل (51 في المائة) ترفض السيطرة المدنية الإسرائيلية التامة والكاملة على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، لكن في صفوف اليمين يدعم هذه السيطرة 56 في المائة. وقال ربع الإسرائيليين إنهم يؤيدون خيار السيطرة الإسرائيلية الكاملة، مدنياً وأمنياً، على قطاع غزة بعد الحرب، في حين قال غالبية المواطنين إنهم يعتبرون أن الترتيب الأفضل لقطاع غزة بعد الحرب هو أن يُحكم القطاع مدنياً بواسطة «جهات فلسطينية وعربية»، في حين تحتفظ إسرائيل لنفسها بالسيطرة الأمنية على قطاع غزة.

في هذا الشهر دل مؤشر الشعب اليهودي على أن انخفاضاً طفيفاً حصل في نسبة أولئك الذين يؤيدون هجوماً إسرائيلياً على لبنان (فوراً أو بعد انتهاء الحرب في غزة)، وارتفاعاً طفيفاً في نسبة أولئك الذين يؤيدون تسوية سياسية للتوتر في الشمال. فبعدما بلغت نسبة التأييد للحرب 62 في المائة بشكل فوري أو بعد القتال في غزة، انخفضت النسبة إلى 56 في المائة. وفي أوساط أنصار كتل وأحزاب الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، فإنه باستثناء «يهدوت هتوراه»، هناك تأييد واسع لشن هجوم فوري على لبنان (45 في المائة من ناخبي «الليكود»، ونحو 60 في المائة من ناخبي «شاس» و«الصهيونية الدينية»).


مقالات ذات صلة

«حماس» تبلغ عائلات لقيادييها بمقتلهم... فمن هم؟

المشرق العربي روحي مشتهى (وسائل إعلام فلسطينية)

«حماس» تبلغ عائلات لقيادييها بمقتلهم... فمن هم؟

بدأت حركة «حماس» بإبلاغ عائلات بعض قياداتها بمقتلهم خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، وذلك في أول إقرار رسمي بخسارة أسماء عدة بارزة من صفوفها.

المشرق العربي تأكيد مصري-قطري على مواصلة التنسيق للحفاظ على مكتسبات اتفاق وقف النار في غزة (مجلس الوزراء المصري)

تنسيق مصري - قطري للحفاظ على مكتسبات وقف إطلاق النار في غزة

أكدت مصر وقطر مواصلة التنسيق والعمل المشترك بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية، من أجل الحفاظ على مكتسبات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

السيسي: مصر ستدفع بـ«منتهى القوة» لتنفيذ اتفاق غزة بالكامل

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، إن بلاده ستدفع بـ«منتهى القوة» نحو التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال كلمته بـ«المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس (أ.ف.ب)

غوتيريش يحث «قوات الأمن» على عدم استخدام «القوة المميتة» داخل جنين

ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأربعاء)، أن هناك خطراً بأن تشعر إسرائيل أن هذه هي اللحظة المناسبة لضم الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (دافوس (سويسرا))
المشرق العربي عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)

«داخلية غزة»: منتشرون في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار

أعلنت وزارة الداخلية في غزة، اليوم الأربعاء، أن عناصر الشرطة تنتشر في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
TT
20

الاتحاد الأوروبي لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)
صبي يحمل أكواماً من الخبز على رأسه يعبر مدرسة مدمرة في حلب شمال سوريا (رويترز)

قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، اليوم الأربعاء، إنها تأمل في التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأسبوع المقبل، بحسب إفادة لـ«رويترز».

ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الوضع في سوريا خلال اجتماع يعقد في بروكسل 27 يناير (كانون الثاني).

وبدأ المسؤولون الأوروبيون إعادة النظر في نهجهم تجاه سوريا بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد على يد قوات المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» التي تصنفها الأمم المتحدة جماعة إرهابية.

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس

وتريد بعض العواصم الأوروبية التحرك بسرعة لتعليق العقوبات الاقتصادية، في علامة على دعمها لعملية الانتقال في دمشق. بينما تسعى عواصم أخرى إلى ضمان احتفاظ بروكسل بنفوذها في علاقتها بالسلطات السورية الجديدة، حتى في حالة تخفيف بعض العقوبات.

وقالت كالاس في مقابلة مع «رويترز»: «نحن مستعدون لتطبيق نهج تدريجي، وأيضاً لمناقشة الموقف البديل». وأضافت: «إذا رأينا أن التطورات تسير في الاتجاه الخطأ، فسنكون حينها أيضاً مستعدين للتراجع».

ودعت 6 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا الشهر التكتل إلى تعليق العقوبات المفروضة على سوريا مؤقتاً في مجالات مثل النقل والطاقة والخدمات المصرفية. وتشمل العقوبات الحالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي حظراً على واردات النفط السوري وتجميد أي أصول للبنك المركزي السوري في أوروبا.

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يحضر مؤتمراً صحافياً في دمشق الأربعاء (رويترز)

في الأثناء، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، أن احتلال إسرائيل لأراضٍ في سوريا غير مقبول على الإطلاق ولا يوجد أي عذر أو مبرر لذلك.

وأضاف المبعوث الأممي خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، في دمشق، أن «بعض مبادئ القرار الأممي 2254 ما زالت قائمة ومنها حماية سيادة سوريا ووحدة أراضيها والحاجة إلى عملية سياسية شاملة بمساعدة الأمم المتحدة، ويجب أن يقودها ويملكها السوريون وتشارك فيها جميع الفئات، ولا يجب أن تأتي من الخارج».

وأشار إلى أن «هناك إجماعاً قوياً لدعم سوريا الجديدة ونريد انتقالاً سياسياً شاملاً، وهناك ضرورة لتشكيل جيش وطني يضم جميع الفصائل».

وشدد بيدرسون على ضرورة رفع العقوبات على سوريا «إذا كنا نريد إعادة إعمار سوريا وننقذ الشعب من الفقر فيجب رفع العقوبات، ورأينا رغبة لدى المجتمع الدولي في دعم سوريا، ومن المهم جداً أن تعيد الدول النظر في العقوبات المفروضة على النظام السابق».

لقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن (سانا)

وأوضح المبعوث الأممي أنه ناقش وقائد إدارة الجديدة، أحمد الشرع: «السوريون يجب أن يأخذوا المبادرة وهناك الكثير من الفرص، وبعد اجتماعين قمت بهما مع السيد الشرع، أستطيع القول إن هناك سبع نقاط ناقشناها، أولاً محاولة أن تنضوي الفصائل المسلحة ضمن جيش وطني، والفرص المتاحة بالنسبة لشمال شرقي سوريا، وحماية جميع السوريين، والانتقال السياسي، والعدالة الانتقالية، المجال الاقتصادي، وإعادة الإعمار، مسألة الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية، وهذه النقاط تحدثنا بها مع الشرع والشيباني، ونحن فهمنا جميع الأفكار فيما يخص الانتقال السياسي».

وأكد بيدرسون أن الأمم المتحدة تتابع ما يجري في سوريا: «نحن ما زلنا فقط في الشهرين الأولين لأخذ الحكم في سوريا، وهذا جاء بعد 14 عاماً من النزاع وحكم الرجل الواحد، وأي حكومة بالتالي ستواجه الكثير من التحديات».

وحول مؤتمر الحوار الوطني في سوريا المزمع عقده، أوضح بيدرسون: «بالنسبة للحوار الوطني وكيفية تطوره هذا بيد السوريين، وحتى الآن لا توجد خطة واضحة، ولكن يتم الإعداد لها لكن من المهم أن تتم بشكل جيد ومدروس».

وشدد المبعوث الأممي على ضرورة المحاسبة لتحقيق العدالة، وقال: «المساءلة والمحاسبة مهمتان جداً وهذا جوهري إذا كنا نريد أن نضمن السلم الأهلي في سوريا، والأمم المتحدة لديها عدة أقسام وهي تدعم مسائل الإدارة والحكومة والمسائل السياسية».

ووصل المبعوث الأممي إلى سوريا، الاثنين، وعقد لقاء مع القيادة الجديدة في سوريا، إضافة إلى لقاء مع ممثلين عن المجتمع المدني وهذه هي الزيارة الثانية له منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 من الشهر الماضي.