أعداد رافضي الخدمة بالجيش الإسرائيلي في ازدياد

الآيديولوجيا وطول الحرب والإرهاق الأسباب الرئيسية لقرارهم

جنود إسرائيليون على الحدود مع قطاع غزة يوم 14 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على الحدود مع قطاع غزة يوم 14 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
TT

أعداد رافضي الخدمة بالجيش الإسرائيلي في ازدياد

جنود إسرائيليون على الحدود مع قطاع غزة يوم 14 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على الحدود مع قطاع غزة يوم 14 يوليو الحالي (أ.ف.ب)

أبلغت حركة «يش جفول» (هناك حدود) اليسارية، التي تساعد رافضي الخدمة العسكرية منذ حرب لبنان الأولى في مطلع ثمانينات القرن الماضي، عن تسجيل قفزة غير مسبوقة على الإطلاق في أعداد رافضي الخدمة في الحرب الحالية ضد قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم الحركة، يشاي مينوحين، إنه ساعد في الحرب الحالية نحو 40 جندياً ومجندةً رفضوا التجنيد في الاحتياط. فيما ساعد نشطاء آخرون في الحركة عشرات آخرين. وفي المجمل، تلقت المنظمة ما يقارب 100 طلب مساعدة من رافضي الخدمة حالياً، مقارنة بما بين 10 - 15 طلباً سنوياً في العقد الماضي، ونحو 40 طلباً سنوياً خلال سنوات ذروة حرب لبنان والانتفاضتين الأولى والثانية.

وحسب مينوحين، بدأ الرافضون الاتصال به ابتداءً من منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي واستمروا حتى الأيام الماضية.

وحتى في مجموعة «رافضات»، التي تساعد الفتيان والفتيات الذين يرفضون التجنيد في الجيش الإسرائيلي في المقام الأول، هناك تقارير عن ارتفاع في عدد الرافضين. وقال نشطاء «رافضات» إن هناك زيادةً حادةً في عدد جنود الاحتياط الذين يرفضون التجنيد، والذين يحيلونهم إلى منظمات أخرى.

كما أبلغ الناشط اليساري دافيد زونشاين، مؤسس حركة «الشجاعة للرفض» التي ساعدت الرافضين في الماضي، عن تلقيه في الحرب الحالية طلبات مساعدة من عشرات الرافضين، خصوصاً في الأشهر القليلة الماضية، وهو ما يفوق بكثير عدد الطلبات التي كان يتلقاها في السنوات الماضية.

وحسب تقرير في «تايمز أوف إسرائيل»، فإن بعض الرافضين لأسباب تتعلق بضميرهم الذي لا يسمح لهم بالخدمة مع الجيش، لا يتواصلون مع المنظمات المخصصة لمساعدتهم، وبالتالي فإن الأعداد الموجودة لديها جزئية فقط، لكن حقيقة ارتفاع عددهم بأضعاف هي إشارة واضحة إلى القفزة الحادة في أعداد الرافضين للخدمة.

وفي الأشهر الأولى من الحرب، كانت الزيادة في عدد الرافضين تعود إلى العدد الهائل من المجندين، الذي بلغ حوالي 300 ألف (منهم عشرات الآلاف لم يتم استدعاؤهم إلى الاحتياط وحضروا بمبادرة شخصية). لكن في الأشهر الأخيرة، انخفض نطاق التجنيد للاحتياط بشكل كبير، في حين استمر عدد الرافضين في النمو. ويرجع ذلك إلى تعقيد الحرب وجرائم الحرب المرتكبة فيها والاحتجاج المتزايد على سلوك الحكومة.

قوات إسرائيلية داخل قطاع غزة يوم الأحد (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وقال مينوحين إنه «بالإضافة إلى الرافضين الذين نساعدهم، أعرف كثيرين آخرين».

وأضاف: «عندما رفضت الخدمة في لبنان في الثمانينات، وضعوا حوالي 10 في المائة منا في السجن، بمن فيهم أنا. اليوم، لا يوجد أحد في السجن». ويقدر زونشاين، من جهته، أن الجيش «ليس لديه الوقت أو الرغبة في التعامل مع (هذه القضية)».

وبالإضافة إلى الرفض الآيديولوجي، بدأ مؤخراً أيضاً رفض من الجنود الذين أنهكهم طول الحرب. في نهاية أبريل (نيسان)، أعلن حوالي 30 جندي احتياط في كتيبة المظليين، الذين تم استدعاؤهم للخدمة في رفح، عن رفضهم الحضور للخدمة.

وذلك لأن أشهر القتال الطويلة أضرت بدراستهم ومعيشتهم وعائلاتهم وسببت لهم ضائقة نفسية وجسدية.

وأكد مينوحين أنه يعرف حالات رفض أخرى بسبب الإرهاق الشخصي، وأن بعض هؤلاء الرافضين تمت محاكمتهم وسجنهم، على عكس الرافضين الآيديولوجيين.

ولا يقف التمرد على الالتحاق بالجيش في غزة، لكن الرافضين لا يودون الالتحاق بالجيش حتى في الضفة الغربية أو في الشمال على حدود لبنان، أو في أي مكان بما في ذلك مهام قيادة في الجبهة الداخلية.

ورد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قائلاً إن «الجيش يعدُّ رفض الخدمة في الاحتياط أمراً خطيراً، ويتم فحص كل حالة والتعامل معها بشكل فردي من قبل القادة». وأضاف: «منذ اندلاع الحرب، حضر جنود الاحتياط ويستمرون في الحضور للخدمة من أجل الحفاظ على أمن دولة إسرائيل. حضور جنود الاحتياط مهم لتنفيذ مهام الجيش الضرورية».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي «واثق بشكل متزايد» من مقتل الضيف

شؤون إقليمية جنود إسرائيليون خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي «واثق بشكل متزايد» من مقتل الضيف

يعتقد الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد أن محمد ضيف، قائد الجناح العسكري لحركة «حماس»، قُتل في غارة جوية، السبت، في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

نتنياهو يقول إن «حماس» تتعرض لضغوط متزايدة بعد مقتل كبار قادتها

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم (الثلاثاء) «بزيادة الضغط» على «حماس» بعد سلسلة من الضربات المتزايدة على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية تعد قضية التجنيد الإجباري لليهود المتشددين من بين أكثر القضايا إثارة للجدل في إسرائيل (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يبدأ باستدعاء «الحريديم» للتجنيد خلال أيام

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيبدأ في إرسال استدعاءات مبدئية لأعضاء مجتمع الحريديم، ابتداءً من يوم الأحد المقبل.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية الطائرة الرسمية «جناح صهيون» تظهر في مطار بن غوريون (تايمز أوف إسرائيل)

«جناح صهيون»... ماذا نعرف عن الطائرة الرئاسية الإسرائيلية الجديدة؟

أقلعت الطائرة الرئاسية الإسرائيلية الجديدة – التي يطلق عليها اسم «جناح صهيون» – من قاعدة نيفاتيم الجوية متوجهة إلى الولايات المتحدة في أول رحلة رسمية لها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جثمان أحمد رمزي سلطان ملفوفاً بالعلم الفلسطيني (أ.ف.ب)

مقتل فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في رام الله

«خرج مع الفجر للصلاة وتحضير نفسه للعمل، وفُوجئ بوجود الجيش».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«هدنة غزة»: الوسطاء يبحثون عن «حلحلة» قبل زيارة نتنياهو لواشنطن

جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء يبحثون عن «حلحلة» قبل زيارة نتنياهو لواشنطن

جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)
جثة مغطاة لأحد الفلسطينيين قُتل في غارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

يواصل الوسطاء محادثاتهم على أمل إقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، قبل زيارة تحمل مخاوف على المسار التفاوضي، سيجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو لواشنطن، بعد أقل من أسبوعين، وسط تبادل طرفي الحرب المستعرة منذ 10 أشهر اتهامات بالمسؤولية عن عرقلة المفاوضات.

مسار التفاوض، وفق خبراء في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بات أمام نقطة مفصلية هامة قبل زيارة نتنياهو الوشيكة لإلقاء خطاب أمام الكونغرس، التي قد يعود بعدها مدفوعاً بإتمام اتفاق الهدنة أو نسفه، لافتين إلى أن جهود الوسطاء ستستمر في «سياق حلحلة» أي أزمة تعوق التوصل لاتفاق لإنجاز المرحلة الأولى من المراحل الثلاث التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن.

جهود تتواصل

الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي تقود بلاده الوساطة في أزمة حرب غزة، شدد خلال اتصال هاتفي مع نظيره التشيكي بيتر بافل، على ضرورة تكاتف الجهود الدولية للتوصل لوقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة، وفق بيان للرئاسة المصرية، الثلاثاء.

بينما اجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن، مع كل من وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، وركزت المحادثات، على «الجهود المبذولة راهناً للتوصل لوقف لإطلاق النار بين إسرائيل و(حماس)»، وفق ما ذكره المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين.

وتأتي زيارة هذين المسؤولين قبل أيام من زيارة سيقوم بها نتنياهو إلى واشنطن، وسيلقي خلالها في 24 يوليو (تموز) كلمة أمام الكونغرس بمجلسيه.

مناورات دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود مع غزة (رويترز)

التحركات المصرية والأميركية تأتي في إطار «حلحلة» العقبات إزاء المفاوضات وفق ما يراه مساعد وزير الخارجية الأسبق المصري، علي الحنفي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، معتقداً أن الوسطاء يريدون تكثيف الجهود وإنجاحها قبل أي متغيرات تمس مسار التفاوض.

فلا يمكن الجزم بما يمكن أن تسفر عنه زيارة نتنياهو لواشنطن على مسار المفاوضات، وفق الحفني، الذي أوضح أن نتنياهو لا يقبل بالضغوط وليس بالضرورة يعود ويغير موقفه مباشرة، ويجمد المفاوضات.

ويعتقد أن الزيارة ستحمل مناقشات سيناريوهات كثيرة بشأن الحرب والمسار التفاوضي، واصفاً نتنياهو بأنه «طرف لا يتنازل عن عناده بسهولة بمواجهة جهود الوسطاء في حل أزمة غزة».

وتهدف جهود الوسطاء، حسب المحلل السياسي الأردني، منذر الحوارات، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى التوصل لاتفاق يهدئ الأوضاع في المنطقة، متوقعاً أن تغير زيارة نتنياهو لواشنطن، مشهد المفاوضات، مع وجود شواهد على أن واشنطن تريد الذهاب لإبرام اتفاق بشأن غزة في مقابل رغبة من نتنياهو لإطالة أمد الحرب لما بعد وصول دونالد ترمب للرئاسة المحتمل في نوفمبر (تشرين الثاني).

ويوم الخميس، قال بايدن عقب أيام من سلسلة اجتماعات بين القاهرة والدوحة: «لا تزال هناك فجوات»، لكننا «نحرز تقدماً، والاتجاه إيجابي»، وأنا مصمم على إنجاز هذه الصفقة، ووضع نهاية لهذه الحرب التي «يجب أن تنتهي الآن».

ويواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية تطالب بالتوصل إلى اتفاق يعيد الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة، وذلك عبر احتجاجات منتظمة ومتواصلة من آلاف المتظاهرين الإسرائيليين بشوارع تل أبيب.

بينما قدرت وكالة المخابرات المركزية الأميركية أن زعيم «حماس» في غزة، يحيى السنوار، يتعرض لضغوط داخلية كبيرة لقبول اتفاق وقف إطلاق النار، وفق ما أفاد به تقرير نشرته شبكة «سي إن إن»، الثلاثاء، نقلاً عن تصريحات حديثة بمؤتمر مغلق أدلى بها مدير الاستخبارات الأميركية، بيل بيرنز.

جاء ذلك مع تأكيد صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين ودبلوماسي غربي كبير أن إسرائيل ومصر ناقشتا بشكل خاص انسحاباً محتملاً للقوات الإسرائيلية من حدود غزة مع مصر بوصفه جزءاً من اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس».

ووفق «نيويورك تايمز»، فإن استعداد إسرائيل للقيام بذلك يمكن أن «يزيل إحدى العقبات الرئيسية» أمام الهدنة مع «حماس»، التي قالت إن انسحاب إسرائيل من المناطق، بما في ذلك الحدود، شرط أساسي لوقف إطلاق النار.

وفي ظل سيطرة نتنياهو ميدانياً بغزة على مجريات الأمور، سيحاول الوسطاء، وفق منذر الحوارات، الضغط أكثر على «حماس»، مع إصرار نتنياهو على تعظيم مكاسبه وتهميش ورقة الأسرى التي لدى «حماس»، وجعلها ورقة ليست ذات أولوية لديه.

وسيتجه نتنياهو إلى «وضع عراقيل أكبر» سواء بالبقاء في معبر رفح ومحور فيلادلفيا، أو رفض عودة سكان لشمال غزة وغيرها، يضيف المحلل السياسي منذر الحوارات، «لكن هذا يتوقف على رد الفعل المصري» الذي قال إن إسرائيل تضع له «ألف حساب».

ومحادثات الوضع النهائي في معبر رفح ومحور فيلادلفيا تحمل قدراً من الأهمية مثل مفاوضات هدنة غزة، ويجب حلهما معها سواء على طاولة تفاوض واحدة أم مباحثات منفصلة، وفق المصري الحنفي.