تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
TT

تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)

ناقشت إسرائيل ومصر بشكل خاص انسحاباً محتملاً لقواتها من حدود غزة مع مصر، وفقاً لمسؤولين اثنين إسرائيليين ودبلوماسي غربي كبير، وهو تحول قد يزيل إحدى العقبات الرئيسية أمام اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، تأتي المناقشات بين إسرائيل ومصر ضمن موجة من الإجراءات الدبلوماسية في قارات متعددة تهدف إلى تحقيق هدنة ووضع القطاع على الطريق نحو حكم ما بعد الحرب. وقال مسؤولون من «حماس» و«فتح»، أمس (الاثنين)، إن الصين ستستضيف اجتماعات معهم الأسبوع المقبل في محاولة لسد الفجوات بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. كما ترسل إسرائيل مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي إلى واشنطن هذا الأسبوع لعقد اجتماعات في البيت الأبيض، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويبدو أن المفاوضات بشأن الهدنة اكتسبت زخماً في الأيام الأخيرة، ولكن لا تزال هناك عدة نقاط خلافية أبرزها يتعلق بطول مدة وقف إطلاق النار: «حماس» تطالب بأن يكون وقفاً دائماً، في حين تريد إسرائيل وقفاً مؤقتاً.

وقالت «حماس» إن الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي تشمل الحدود بين مصر وغزة هو شرط أساسي لوقف إطلاق النار.

وسيطر الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية لغزة خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران). وأجبرت هذه العملية «حماس» على الابتعاد عن محور ذي أهمية استراتيجية للحركة، ويقول الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف ودمر العديد من الأنفاق هناك. لكن السيطرة الإسرائيلية على الحدود أدت أيضاً إلى توتر علاقات إسرائيل مع مصر، التي حذرت من أن هذا الإجراء سيسبب ضرراً كبيراً ويمكن أن يهدد الأمن القومي المصري.

وتتردد الحكومة الإسرائيلية في الانسحاب، قائلة إن القيام بذلك من شأنه أن يسهل على «حماس» إعادة تخزين ترسانتها وإعادة بسط سلطتها على غزة. وقال نتنياهو في بيان، يوم الجمعة الماضي، إنه «يصر على بقاء إسرائيل على ممر فيلادلفيا». لكن في مناقشات خاصة أجريت الأسبوع الماضي مع الحكومة المصرية، أشار مبعوثون إسرائيليون كبار إلى أن إسرائيل قد تكون مستعدة للانسحاب إذا وافقت مصر على إجراءات من شأنها منع تهريب الأسلحة على طول الحدود، وفقاً للمسؤولين الثلاثة.

وقال المسؤولون إن الإجراءات المقترحة تشمل تركيب أجهزة استشعار إلكترونية يمكنها اكتشاف الجهود المستقبلية لحفر الأنفاق، بالإضافة إلى بناء حواجز تحت الأرض لمنع بناء الأنفاق. وطلب الثلاثة عدم الكشف عن هويتهم من أجل التحدث بحرية أكبر عن فكرة لم تؤيدها إسرائيل علناً.

وفي العلن، كانت إسرائيل ومصر مترددتين في تأكيد وجود المحادثات. ويحتاج الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو إلى دعم المشرعين الذين يعارضون أي هدنة قد تترك «حماس» في السلطة، وقد تنهار حكومته إذا اعترف بما يناقشه مبعوثوه على انفراد.

عندما نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية ووكالة «رويترز» التقارير عن المحادثات لأول مرة الأسبوع الماضي، سارع نتنياهو إلى وصفها بأنها «أخبار كاذبة تماماً». لكن وزير دفاع نتنياهو، يوآف غالانت، كان قد اقترح في بيان منفصل في وقت سابق من الأسبوع أن إسرائيل يمكن أن تنسحب في ظل ظروف معينة. وأضاف: «المطلوب حل يوقف محاولات التهريب ويقطع الإمدادات المحتملة عن (حماس)، ويمكّن من انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي».

ومع إعراب المسؤولين الأميركيين عن تفاؤلهم المتجدد خلال الأسبوع الماضي بأن المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة لوقف إطلاق النار تتقدم الآن، أصبحت المناقشات حول مستقبل غزة أكثر إلحاحاً، بما في ذلك احتمال عمل «حماس» و«فتح» معاً.

وفشلت المحاولات السابقة للوساطة بين المجموعتين - بما في ذلك اجتماع في بكين في أبريل (نيسان) - في تحقيق نتائج ملموسة، وأعرب العديد من المراقبين عن تشاؤمهم الشديد من أن المحادثات في العاصمة الصينية ستحقق انفراجة.

وسيترأس إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، وفد الحركة إلى بكين. ومن المقرر أن توفد «فتح» ثلاثة مسؤولين، بينهم محمود العالول، نائب رئيس الحركة، إلى العاصمة الصينية، بحسب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عزام الأحمد.

وقال الأحمد إن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، سيجتمع مع الفصائل الفلسطينية في 21 يوليو (تموز) ومرة ​​أخرى في 23 منه، على أن تجتمع المجموعتان على انفراد بينهما. وقال أحمد في مكالمة هاتفية: «نحن متفائلون دائماً، لكننا نقول ذلك بحذر».


مقالات ذات صلة

«جناح صهيون»... ماذا نعرف عن الطائرة الرئاسية الإسرائيلية الجديدة؟

شؤون إقليمية الطائرة الرسمية «جناح صهيون» تظهر في مطار بن غوريون (تايمز أوف إسرائيل)

«جناح صهيون»... ماذا نعرف عن الطائرة الرئاسية الإسرائيلية الجديدة؟

أقلعت الطائرة الرئاسية الإسرائيلية الجديدة – التي يطلق عليها اسم «جناح صهيون» – من قاعدة نيفاتيم الجوية متوجهة إلى الولايات المتحدة في أول رحلة رسمية لها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جثمان أحمد رمزي سلطان ملفوفاً بالعلم الفلسطيني (أ.ف.ب)

مقتل فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في رام الله

«خرج مع الفجر للصلاة وتحضير نفسه للعمل، وفُوجئ بوجود الجيش».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي رجل فلسطيني يتفقّد موقع غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة (رويترز) play-circle 00:39

عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

اشتبكت القوات الإسرائيلية مع مقاتلي «حماس» في عدة مناطق بقطاع غزة، الثلاثاء، بينما قال مسؤولو وزارة الصحة إن 50 شخصاً على الأقل قُتلوا.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية قوات من الجيش الإسرائيلي (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية تغلق الطرق المؤدية إلى إيلات بعد «حادث أمني محتمل»

أغلقت الشرطة الإسرائيلية اليوم (الثلاثاء)، الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة إيلات الجنوبية أثناء التحقيق في حادث أمني محتمل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي زعيم حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار (رويترز)

مدير «سي آي إيه»: ضغوط متزايدة على السنوار لإنهاء الحرب... وكبار قادته سئموا القتال

يحيى السنوار يتعرض لضغوط مزدادة من قادته العسكريين لقبول اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

وكان آخر هذه المواقف تلك الصادرة عن نائب أمين عام الحزب، نعيم قاسم، الذي اعتبر أن «المقاومة هي الخيار الوحيد الحصري لطرد الاحتلال واستعادة الاستقلال والدفاع عن بلدنا... بعد اليوم لا نستطيع أن نقول لبنان القوي أو لبنان المستقل أو لبنان المستقبل إلَّا ومن مقوماته أهله وطوائفه ومقاومته وجيشه وشعبه، ومن دون هذه الدعامة الأساسية التي هي المقاومة لا يمكن أن يستقر لبنان أو أن يتمكن من عملية المواجهة»، وتوجّه إلى منتقدي الحزب بالقول: «أما الذين يريدون التحرير بالقلم والورقة والذين يريدون الحماية من الشيطان الأكبر أميركا والذين يريدون مستقبلهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فليبقوا في غرفهم يلعبون ويسرحون ويمرحون، نحن نسير في الطريق الصحيحة والقافلة تشق طريقها».

وفي حين يرى الوزير السابق، النائب أشرف ريفي، أن عودة «الحزب» إلى لغة التهديد هي نتيجة الأزمة التي يعيشها بفعل خياراته التي تخالف الجزء الأكبر من خيارات اللبنانيين، يضعها عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» غياث يزبك في خانة «تخبط» الحزب الذي يعيش مسؤولوه تقلباً في الرأي من الأكثر تصلباً إلى المسايرة وبعث الرسائل العنيفة حيناً والخفيفة أحياناً، معتبراً أن «ذلك ناتج من وصول الحزب إلى السقف الأقصى في استخدامه القوة العسكرية من دون احتضان شعبي وسياسي له وفي غياب مساعدة الدولة له».

ودعا ريفي «حزب الله» إلى الكف عن التهديد، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان وطن تعددي، لا يمكن أن يقوم مكوّن واحد بحسم خياراته، ونحن لن نتراجع عن الوطن الذي نحن نقرر مصيره وليس إيران وعميلها (حزب الله)، وهذا ما تعكسه الأصوات المسيحية - الإسلامية التي ترفض أن يكون لبنان ولاية إيرانية».

ويذكّر يزبك بما سبق أن قاله رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد بوصفه الذي انتقد ما أسماهم «النازقين من اللبنانيين الذين يريدون أن يرتاحوا وأن يذهبوا إلى الملاهي وإلى الشواطئ، ويريدون أن يعيشوا حياتهم»، وهاجم من يعارض «حزب الله» قائلاً: «الغليان في غزة أفرز كل هذا القيح في الداخل حتى نكون على بصيرة ممن نتعاون معه ويتعاون معنا ومن نصدقه ويكذب علينا... وسنرتّب أوضاعنا على هذا الأساس».

ويسأل يزبك: «هل المشكلة بالنسبة إليهم عقائدية أم تكتيكية، بحيث أنهم يكونون انقلابيين حين تناسبهم الأمور و(مسالمين) حين يرون الوضع ملائماً»، رافضاً من جهة أخرى هجوم قاسم على «من يريدون التحرير بالقلم والورقة»، مؤكداً أن «لبنان قام بأقلامه وبمفكريه وبالعقول الحرة».

وعما إذا كانت هذه المواقف مؤشراً لاستثمار مسبق للحرب وما يعتبره الحزب انتصاراً، يؤكد ريفي: «مهما كانت التسويات، لن نسمح بترجمة ما يدّعون أنه انتصار إلهي في الداخل، نحن نقرر مصيرنا وعلى (حزب الله) أن يعيد حساباته»، مضيفاً «(حزب الله) كان يقول إن لديه 74 نائباً في البرلمان، أما اليوم فهو بالكاد يحصد 51 نائباً في البرلمان، ولو كان قادراً على السيطرة لكان استطاع الإتيان برئيس للجمهورية».

من جهته، يلفت يزبك إلى «منطق ومفهوم مختلف لديهم في مقاربة الربح والخسارة»، ويؤكد: «الانتصار إما أن يكون كاملاً أو لا يكون، ماذا ينفع إذا مات الشعب ودمّرت إسرائيل؟»، ويذكّر بأن المشكلة مع «حزب الله لم تبدأ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عند فتح الحرب في جبهة الجنوب، موضحاً: «مع هذه الحرب تفاقمت المشكلة العميقة بين مفهوم الدولة ومفهوم الدويلة، اليوم صوت المدافع قد يكون طغى قليلاً على الأزمة العميقة، لكنها لم تخف آثارها التي لا نزال نتخبط بها وسنعود إليها عند انتهاء الحرب والعودة إلى ما قبل 7 أكتوبر».

ولا تزال الموقف الرافضة والمنتقدة لزج لبنان في الحرب كما لحصر المفاوضات مع «حزب الله»، وهو ما عبّر عنه رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، متوجهاً إلى المجتمع الدولي الذي يقود المفاوضات قائلاً: «نرفض أن تنحصر المفاوضات بين (حزب الله) وإسرائيل وأن يتم البحث فيما يرضي الطرفين لوقف القتال في حين الشعب اللبناني مغيّب»، داعياً خلال لقاء مع وفد من إقليم زحلة الكتائبي إلى «وضع مصلحة لبنان على الطاولة ونحن على استعداد كمعارضة لخوضها باسم الشعب اللبناني»، معتبراً أن «القرار الدولي 1701 الذي يمنع جر لبنان إلى الحرب ليس كافياً، بل يجب تطبيق القرار 1559 (نزع أسلحة الميليشيات) بالتوازي لتجريد الميليشيات المسلحة من سلاحها، وهذا أهم من القرار الأول الذي لو طُبّق لما احتجنا إلى قرارات جديدة».

واعتبر أن «أهم خطوة اليوم هي إقفال جبهة الجنوب ومهما كانت نتائج الحرب، يجب أن يُدعى إلى جلسة مصارحة بين اللبنانيين للتفكير في حل كل المشاكل دون إلغاء أحد أو استدراج حروب، بل ليعود للجميع حقه»، رافضاً «المساومة على الحرية والكرامة والأرض».