«هدنة غزة»: الجمود يلاحق المفاوضات رغم محاولات الوسطاء

«حماس» وإسرائيل تتبادلان «اتهامات» بعرقلة المباحثات

خيام مدمرة في أعقاب غارة عسكرية إسرائيلية على مخيم المواصي للنازحين (أ.ف.ب)
خيام مدمرة في أعقاب غارة عسكرية إسرائيلية على مخيم المواصي للنازحين (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الجمود يلاحق المفاوضات رغم محاولات الوسطاء

خيام مدمرة في أعقاب غارة عسكرية إسرائيلية على مخيم المواصي للنازحين (أ.ف.ب)
خيام مدمرة في أعقاب غارة عسكرية إسرائيلية على مخيم المواصي للنازحين (أ.ف.ب)

باتت مفاوضات هدنة غزة «تُراوح مكانها»، بعد أسبوع حافل من تسريبات عن «تقدم وإنهاء كثير من النقاط العالقة»، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب بعرقلة التفاوض وحديث يتردد عن إمكانية انسحاب «حماس».

المرحلة الحالية عدَّها خبراء، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «شبه جمود» عبر اجتماعات شكلية بلا نتائج، رغم محاولات الوسطاء لاستمرار المفاوضات، لكن إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو على «المماطلة» قد يطيل أمد المفاوضات دون حسم القضايا الخلافية.

وعقب تصعيد عسكري إسرائيلي استهدف مخيم المواصي للنازحين في خان يونس، وقائد الجناح العسكري لـ«حماس»، محمد الضيف، انطلقت جملة من التسريبات والتصريحات الإعلامية تحمل مخاوف بشأن احتمال وقف المسار التفاوضي، الذي انطلق، الأسبوع الماضي، بالقاهرة، واستُكمل، الأربعاء، بالدوحة، وعاد، الخميس، لمصر، بمشاركة رؤساء المخابرات الأميركية والمصرية والإسرائيلية.

ورغم تلك التسريبات، التي توحي بـ«جمود وشيك» في المفاوضات، فإن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، توقّع، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تستمر المفاوضات شكلياً فقط، وتبقى تحت رحمة مماطلات إسرائيلية مستمرة من وقت لآخر».

تلك التطورات تكشف أيضاً، وفق حديث الخبير الفلسطيني عبد المهدي مطاوع، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المفاوضات ستُلاحقها العراقيل، ومن ثم الجمود»، داعياً «حماس» إلى إحراج نتنياهو أمام العالم، والقبول بشروط الذهاب لهدنة، قبل أن يذهب إلى واشنطن، أواخر يوليو (تموز) الحالي، ويعيد ترتيب أوراقه.

وفي مؤتمر صحافي، مساء السبت، جدد نتنياهو، عقب عملية مخيم المواصي للنازحين في خان يونس، تمسكه بإحدى نقاط الخلاف مع «حماس»، قائلاً إن لإسرائيل «الحق في الاستمرار بالحرب حتى تحقيق جميع أهدافها».

واتهم نتنياهو «حماس» بعرقلة المفاوضات، وقال: «طلبت تغيير كثير من بنود الصفقة، وأنا لم أوافق على أي منها، ولم يكن هناك تقدم في المفاوضات منذ أشهر، لأن الضغط العسكري لم يكن قوياً بما يكفي، والآن بدأنا نشعر بأن هناك تقدماً في المفاوضات لعقد صفقة تبادل».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الجمعة، عن مسؤولين أميركيين وعرب قولهم إنه رغم أن الجانبين «أصبحا أكثر قرباً مما كانا عليه في السابق»، فإن إسرائيل فرضت «شروطاً جديدة» على الخطوط العريضة للمقترح، كما رفض الجانبان بعض التفاصيل، أثناء المحادثات التي جرت في القاهرة والدوحة.

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، عن قيادي كبير في «حماس» قوله إن الحركة «قررت وقف المفاوضات»، غداة نقل وكالة «رويترز» عن مصدرين مصريين قولهما إن «المفاوضات حول اتفاق الهدنة مجمدة حتى تثبت إسرائيل جديتها»، دون تأكيد مصري رسمي.

إلا أن «حماس»، نفت، في بيان، الأحد، صدور قرار منها بتعليق المفاوضات، وقالت إن ذلك «لا أساس له من الصحة»، وعدَّت «تصعيد نتنياهو وحكومته ضد الشعب الفلسطيني أحد أهدافه لقطع الطريق على التوصل إلى اتفاق».

كما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» تصريحات منسوبة لـ«حماس»، تشير إلى أن «المفاوضات متوقفة، منذ أيام، نتيجة التعنت وسياسة المماطلة الإسرائيلية، ووضع شروط إضافية من خارج المقترح الأخير للإدارة الأميركية»، مؤكدة أن الجهود المصرية والقَطرية «تبقى قائمة» من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار، وإنهاء العدوان، رغم «سياسة التعطيل» الإسرائيلية.

التسريبات الإعلامية بشأن انسحاب «حماس» من المفاوضات، عدَّها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، قد تكون بهدف «احتواء الغضب»، عقب الهجوم الإسرائيلي على مخيم للنازحين في خان يونس.

غير أن نتنياهو، وفق مجمل مواقفه منذ انطلاق المفاوضات، الأسبوع الماضي، يكشف عن عدم رغبته في إتمام اتفاق، وحرص على إطالة أمد المفاوضات أطول فترة ممكنة لتحقيق أهدافه، وفق الدبلوماسي المصري الأسبق، الذي أكد أهمية وجود موقف أميركي جاد لتغيير رئيس الوزراء الإسرائيلي موقفه، والذهاب لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة من بين 3 مراحل.

على جانب آخر، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أنه لا تزال آمال التوصل لهدنة «قائمة»، فوفق ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول أجنبي مطّلع على المفاوضات لم تُسمِّه، فإن رئيس الموساد، دافيد برنياع، سيشارك في «محادثات جديدة»، هذا الأسبوع، في قطر، متوقعاً أن هجمات خان يونس «قد تؤدي إلى انقطاع وتأخير المحادثات، أو تغييرات في المطالب».

والسبت، نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الخاصة عن مصدر رفيع المستوى، أن مصر تدعو إسرائيل إلى «عدم عرقلة المفاوضات» الجارية بشأن التهدئة في قطاع غزة، وطرح مبادئ جديدة تخالف ما جرى الاتفاق عليه بهذا الصدد.

وعدَّ القيادة الإسرائيلية تعمل على «احتواء الرأي العام»، من خلال استهلاك الوقت في «اجتماعات شكلية»، بعيداً عن التوصل إلى صفقة لتجنب انهيار الائتلاف الحكومي.

ويتوقع السفير رخا أحمد حسن استمرار المفاوضات، مع إبقاء واشنطن وتل أبيب المسار التفاوضي في حالة «ميوعة»، دون خطوات حاسمة لكسب مزيد من المكاسب، مستبعداً، وفق التقديرات الحالية، أن تصل الجولة التفاوضية الجديدة للمربع «صفر»، خصوصاً أن طرفي الحرب أصيبا بإرهاق كبير وخسائر، ولا بد من تهدئة ولو مؤقتة.

ويتفق معه الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، في أن المماطلة الحالية مقصودة، خصوصاً أن نتنياهو يستعد لإلقاء كلمة في الكونغرس، ومن بعدها سيدخل الكنيست في الإجازة الصيفية، ومن ثم يتحلل نتنياهو من الضغوط الداخلية والخارجية، ويصبح بإمكانه أن يفرض كل شروطه وينفذ خطته كاملة في غزة، في حين توقّع توجهاً إسرائيلياً للتركيز على سياسة الاغتيالات، وسط ترجيحات بتحقيق تل أبيب اختراقاً أمنياً كبيراً داخل «حماس» أتاح لها معلومات ستكون ورقة رابحة لها في مواجهة قيادات الحركة في الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

تركيا شيّعت جنازة عائشة نور إزغي وتعهّدت بمحاسبة قتلتها الإسرائيليين

شؤون إقليمية جثمان عائشة نور إزغي ملفوفاً بعلم تركيا ومحمولاً على أعناق الجنود لدى وصوله إلى إسطنبول الجمعة (موقع ولاية إسطنبول)

تركيا شيّعت جنازة عائشة نور إزغي وتعهّدت بمحاسبة قتلتها الإسرائيليين

شيّعت تركيا، السبت، جنازة الناشطة الأميركية - التركية عائشة نور إزغي إيغي التي قُتلت برصاص جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية منددة بالاستيطان بالضفة الغربية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مسلح يطلق النار خلال جنازة 4 فلسطينيين في مخيم نور شمس للاجئين بالضفة الغربية الخميس (إ.ب.أ)

إسرائيل تستعد لانتقال التهديدات المعروفة في غزة ولبنان إلى الضفة

قلق متزايد لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أن التصعيد الجاري في الضفة الغربية قد يتطور فعلاً إلى انتفاضة كاملة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي يحيى السنوار زعيم «حماس» الجديد (أ.ب)

رسائل السنوار اللبنانية… نسخة موحدة غير خطية

أعلنت «حماس»، الجمعة، أن رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار وجّه رسالة إلى الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله شكره فيها على انخراط الحزب في مساندة «الحركة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي يحيى السنوار في قطاع غزة 13 أبريل 2022 (د.ب.أ)

السنوار يشكر الأمين العام لـ«حزب الله» على دعم «حماس»

قال «حزب الله» إن يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، قدّم الشكر لحسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» على دعمه لحركة «حماس» في الصراع مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي آثار الدمار بعد القصف الإسرائيلي للمدرسة التابعة لـ«الأونروا» (إ.ب.أ)

إسرائيل تعلن أسماء مسلحين بـ«حماس» كانت تستهدفهم بهجوم قُتل فيه موظفون بـ«الأونروا»

كشف الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، أسماء تسعة رجال قال إنهم مسلحون من حركة «حماس» الفلسطينية قُتلوا في ضربتين جويتين على غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نفق في الضفة «يخيف» إسرائيل

نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

نفق في الضفة «يخيف» إسرائيل

نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

أثار نفق غير مكتمل، أعلن الجيش الإسرائيلي العثور عليه في طولكرم، شمال الضفة الغربية، خوفاً لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أن التصعيد الجاري في الأراضي الفلسطينية قد يتطور فعلاً إلى انتفاضة كاملة، وتتخلله هجمات على المستوطنات والبلدات الإسرائيلية في داخل الضفة، أو على خط التماس.

وذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن الجيش الذي عثر على نفق غير مكتمل باتجاه الجدار الفاصل، أول من أمس، يحقق الآن في مسار النفق والهدف منه، ويدرك أن الأساليب القتالية المتبعة في لبنان وقطاع غزة تنتقل فعلياً إلى الضفة الغربية، في إشارة واضحة إلى أنفاق «حزب الله» في لبنان أو تلك التي أقامتها حركة «حماس» بالقطاع.

وفي هذا الإطار، أكدت «القناة 14» الإسرائيلية أن التهديد تحت الأرض معروف جيداً لإسرائيل، سواء في غزة كتهديد رئيسي أو في الشمال كتهديد قديم بحوزة «حزب الله»، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف هذا التهديد في الضفة أيضاً.

إلى ذلك، استمرت تداعيات الإعلان عن خطة إسرائيلية من داخل حزب «الليكود» الذي يتزعمه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أطلق عليها «خطة الجنرالات»، وهي تستهدف تهجير سكان شمال قطاع غزة في مرحلتها الأولى، وسط تحذيرات من أن الخطة تعني إجهاض أي مفاوضات للوصول إلى هدنة.