نتنياهو يتعمد استفزاز «حماس» لتحميلها مسؤولية إجهاض المفاوضات

رفض الانسحاب من محور فيلادلفيا... وقائمة بأسماء 2500 فلسطيني غزاوي لمهمات الشرطة في القطاع

دمار في حي الصناعة غرب مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
دمار في حي الصناعة غرب مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يتعمد استفزاز «حماس» لتحميلها مسؤولية إجهاض المفاوضات

دمار في حي الصناعة غرب مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)
دمار في حي الصناعة غرب مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)

ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب أن البيانات والتصريحات التي يطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول تشديد مطالبه في مفاوضات وقف النار في قطاع غزة وإصراره على استئناف الحرب بعد الاتفاق وتصفية قادة «حماس»، إنما هي جزء من حرب نفسية، يسعى من خلالها إلى استفزاز الحركة الفلسطينية، وإثارة حنقها وغضبها، ودفعها إلى الانسحاب من المفاوضات بمبادرة منها، وبالتالي يتم تحميلها مسؤولية إفشال المفاوضات.

وقالت هذه المصادر، التي تُعد ضالعة في المفاوضات وقريبة من ممثلي أجهزة الأمن الثلاثة التي تدير هذه المفاوضات، وهي الجيش والمخابرات الخارجية (الموساد) والمخابرات الداخلية (الشاباك)، إن هناك أساساً للتفاؤل بشكل حقيقي؛ لأن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح، وهناك نيات واضحة لإنجاز اتفاق. لكنها أضافت أنه مع كل تقدم في المحادثات يُطلق نتنياهو تصريحات تبدو مناقضة لما يتم الاتفاق عليه في غرفة المفاوضات، فيشعر المفاوضون الإسرائيليون بحرج، ولا يعرفون كيف سيجيبون على نظرائهم الوسطاء.

جثث ضحايا جرى انتشالها من تحت أبنية مدمرة عقب انسحاب القوات الإسرائيلية من حي الصناعة غرب مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)

وعلى سبيل المثال، عندما علم نتنياهو أنه من شأن المفاوضات الجارية في القاهرة بين إسرائيل ومصر، حول نصب نظام مراقبة إلكتروني على طول الحدود بين غزة ومصر، أن تُسفر عن سحب إسرائيل قواتها من هذه المنطقة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، سارع مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى إصدار بيان يقول فيه: «التقرير الذي بموجبه بحثت إسرائيل في إمكانية الانسحاب من محور فيلادلفيا، هو خبر كاذب بالمطلق. رئيس الحكومة يصر على أن تبقى قواتنا في محور فيلادلفيا». وتم إبلاغ هذا الموقف لطواقم المفاوضات، ونُقل إلى مندوبي الولايات المتحدة، وتم إطلاع «الكابنيت» عليه. وصار موضوع بقاء القوات الإسرائيلية عند الحدود بين مصر وقطاع غزة من القضايا التي تعوق التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار؛ لأن حركة «حماس» ومصر، تعارضان بقاء القوات الإسرائيلية هناك.

وهناك حادثة أخرى تدخل فيها نتنياهو أو المقربون منه لعرقلة المفاوضات. فعندما أشاد الوسطاء المصريون والقطريون بموقف «حماس» المرن، وأكدوا أن توجهها إيجابي في محاولة إنجاز المفاوضات، بث مقربون من نتنياهو أنباء إلى وسائل إعلام عبرية تقول إن «حماس» تعاني من ضعف في صمود قواتها، وإن كوادرها بدأت تتفكك، ولم يعد لديها ما يكفي من أسلحة لمواصلة القتال، ولذلك غيّرت سياستها وتحاول التوصل إلى اتفاق. وقال مراسل «القناة 11» الرسمية إن الانطباع السائد لدى جميع ذوي العلاقة من إسرائيل ومن خارجها هو أن نتنياهو يصر على منع التوصل إلى صفقة بأي ثمن. ونقلت القناة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين مطلعين على تفاصيل المفاوضات، الجمعة، إن شرط نتنياهو بعدم عودة السكان إلى شمال قطاع غزة «يخرق تفاهمات مع الوسطاء ويمنع التوصل إلى صفقة». ونقلت «القناة 12» عن المسؤولين الأمنيين قولهم: «إننا في لحظات مصيرية لنجاح الصفقة. فإما أن يحصل الآن، أو ربما لن يحصل بعد وقت طويل جداً، وربما لن يحصل أبداً؛ فرئيس الحكومة نتنياهو أضاف مبادئ تتجاوز خطوط التفاهمات مع الوسطاء، وفي مقدمتها عدم السماح بالعودة إلى الشمال».

فلسطينية قرب مدرسة لوكالة «الأونروا» دمرها القصف الإسرائيلي في حي الصناعة غرب مدينة غزة الجمعة (أ.ف.ب)

وأضاف المسؤولون أنفسهم أن «المبادئ» التي أضافها نتنياهو ستؤدي «في أفضل الأحوال إلى عرقلة استمرار المفاوضات، وفي أسوأ الأحوال ستكون مسماراً غايته ثقب دواليب المفاوضات، وتعطيل القدرة على التوصل لصفقة». وأشاروا إلى أن «إسرائيل تنازلت في ردها، من 27 مايو (أيار)، عن مطلب السيطرة على محور نيتساريم، بحيث إن المطلب برصد أي أحد يتجه إلى شمال القطاع هو تراجع عن تنازلنا في هذا الموضوع؛ فالجيش الإسرائيلي قال إنه قادر على التعامل مع عودة مسلحين إلى الشمال أيضاً، وبالإمكان التوصل إلى حل مع الأميركيين حول هذه القضية. فإذا أصر نتنياهو، فإن هذا المطلب سيمنع الصفقة».

ويذكر أن أحد المواضيع التي تُعد ملحة، وتقدمت فيها المفاوضات يتعلق بالقوة الشرطية التي ستتولى شؤون الأمن والقانون والإشراف على توزيع المساعدات الإغاثية، وتنظيف القطاع من الركام؛ فقد لفت النظر الحديث عن قوة كهذه وتدريبها على أيدي الأميركيين، وسط معلومات عن تلقي المخابرات الإسرائيلية قائمة بأسماء 2500 فلسطيني غزاوي للمهمات الشرطية في القطاع.

وأوضح مصدر إسرائيلي أن الحديث يدور عن قوات الشرطة وغيرها من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، التي قامت بمهمات أمنية في قطاع غزة قبل انقلاب «حماس» في 2007. وهذا القوات متدربة على مهماتها بشكل مهني عندما كان الجنرال الأميركي كيث دايتون يتولى مهمة التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بين عامي 2005 و2010. ومع أن بعض الفلسطينيين انتقدوا هذه القوات المدربة أميركياً، واتهموا الرئيس محمود عباس بأنه وافق في إطارها على تكليف أجهزة الأمن الفلسطينية بحماية أمن إسرائيل، فإن دايتون نجح في تشكيل قوة شرطة ذات قدرات عالية على فرض النظام.

وبحسب مصادر فلسطينية في رام الله، فإن إسرائيل وافقت على الخطة الأميركية لنشر قوات الشرطة في غزة، كما وافقت عليها السلطة الفلسطينية، مقابل وعود من إدارة الرئيس جو بايدن بتهدئة الإجراءات الإسرائيلية، كوقف الاستيطان أشهراً، ووقف هدم المنازل مؤقتاً في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وتقديم رزمة من الامتيازات المالية والتسهيلات الأخرى إلى الفلسطينيين.


مقالات ذات صلة

«حماس»: فقدنا الثقة بأميركا كوسيط في محادثات غزة

المشرق العربي عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» أسامة حمدان (أ.ب)

«حماس»: فقدنا الثقة بأميركا كوسيط في محادثات غزة

قال مسؤول كبير في حركة «حماس»، أمس (الثلاثاء)، إن الحركة فقدت الثقة في قدرة الولايات المتحدة على لعب دور الوسيط بعملية وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
شمال افريقيا رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أفراد من عائلتها في غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)

«هدنة غزة»: المنطقة تترقب مفاوضات الخميس

تحبس المنطقة أنفاسها انتظاراً لبوادر أمل قد تأتي خلال مفاوضات الخميس بشأن الهدنة في قطاع غزة، مع تلميحات إيرانية بالربط بين الرد المتوقع على إسرائيل والنتائج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أقارب ومؤيدو محتجزين إسرائيليين في غزة خلال تجمع أمام مقر نتنياهو في القدس للضغط من أجل تأمين الإفراج عنهم يوم 10 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

مفاوضات الدوحة... مقترح أميركي جديد وشروط إضافية لنتنياهو

يسود شبه إجماع في تل أبيب على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيجهض أي محاولة للوصول إلى اتفاق لوقف النار في غزة خلال مفاوضات الدوحة الخميس.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد الدخان في أعقاب غارة جوية إسرائيلية بالقرب من خان يونس (إ.ب.أ)

«حماس» لن ترسل وفداً للمشاركة في محادثات وقف إطلاق النار

قال ممثل حركة «حماس» في لبنان أحمد عبد الهادي لشبكة «سي بي إس نيوز» إن وفداً من الحركة لن يحضر محاولة استئناف محادثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صواريخ أُطلقت من لبنان (أرشيفية - أ.ب)

«حزب الله» يعلن استهداف مواقع إسرائيلية برشقات صاروخية

أعلن «حزب الله» اللبناني في بيانين منفصلين، أن عناصره استهدفوا انتشاراً لجنود إسرائيليين في موقع «جبل الدير»، كما استهدفوا قاعدة «جبل نيريا» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسيّرة إسرائيلية تستهدف سيارة في بلدة مرجعيون جنوب لبنان  

سيارات الإسعاف تصل إلى مكان الغارة الإسرائيلية بينما يتجمع الناس في أعقاب هجوم بمسيّرة إسرائيلية على الساحة الرئيسية لبلدة مرجعيون جنوب لبنان في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
سيارات الإسعاف تصل إلى مكان الغارة الإسرائيلية بينما يتجمع الناس في أعقاب هجوم بمسيّرة إسرائيلية على الساحة الرئيسية لبلدة مرجعيون جنوب لبنان في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

مسيّرة إسرائيلية تستهدف سيارة في بلدة مرجعيون جنوب لبنان  

سيارات الإسعاف تصل إلى مكان الغارة الإسرائيلية بينما يتجمع الناس في أعقاب هجوم بمسيّرة إسرائيلية على الساحة الرئيسية لبلدة مرجعيون جنوب لبنان في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
سيارات الإسعاف تصل إلى مكان الغارة الإسرائيلية بينما يتجمع الناس في أعقاب هجوم بمسيّرة إسرائيلية على الساحة الرئيسية لبلدة مرجعيون جنوب لبنان في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 3 أشخاص، الأربعاء، بضربات إسرائيلية في جنوب لبنان، في أحدث أعمال عنف عبر حدود البلدين ووسط توتر إقليمي متصاعد وتخوف من اندلاع حرب شاملة.

وكانت مسيرة إسرائيلية استهدفت مساء اليوم (الأربعاء) سيارة في بلدة مرجعيون جنوب لبنان.

وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية بالصواريخ عصر اليوم استهدفت بلدة بليدا جنوب لبنان، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخر. وتعرضت بلدة عيتا الشعب الجنوبية، مساء اليوم، لقصف مدفعي إسرائيلي متقطع، حسب وكالة الأنباء الألمانية.

وأغار الطيران المسيّر الإسرائيلي بعد ظهر اليوم على سيارة قرب مفترق بلدة العباسية عند مدخل مدينة صور الجنوبية، ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، إضافة إلى أضرار جسيمة بالممتلكات والمنازل المجاورة.

وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة، التابع لوزارة الصحة العامة اللبنانية، في بيان سابق اليوم، عن حصيلة محدثة للغارة التي نفذتها طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت مفرق بلدة العباسية، جنوب لبنان، أن «عدد الجرحى بلغ 17 شخصاً، من بينهم 4 حالات حرجة». وقد تم توزيع الجرحى على مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج. ومن بين الجرحى 12 لبنانياً، و4 سوريين، وفلسطيني واحد».

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أن سلاح الجو التابع له «ضرب بنى تحتية لـ(حزب الله)»، بما في ذلك في منطقة بليدا. وأعلن «حزب الله» قصف شمال إسرائيل «بصليات من صواريخ الكاتيوشا»، وذلك «رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي... خصوصاً في بلدة العباسية وإصابة المدنيين فيه». وأعلن الحزب شن عدد من الهجمات ضد قوات ومواقع إسرائيلية الأربعاء، «بأسراب من المسيرات الانقضاضية».

وتشهد المناطق الحدودية في جنوب لبنان تبادلاً لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وعناصر تابعة لجماعة «حزب الله» في لبنان، منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد إعلان إسرائيل الحرب على غزة، وإعلان «حزب الله» مساندة غزة. وأسفر التصعيد عبر الحدود عن مقتل ما لا يقلّ عن 571 شخصاً في لبنان، بينهم 118 مدنيّاً على الأقلّ، حسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية، استناداً إلى السلطات اللبنانيّة وبيانات «حزب الله». وأعلنت السلطات الإسرائيليّة مقتل 22 عسكريّاً و26 مدنيّاً على الأقلّ منذ بدء التصعيد، بينهم 12 في الجولان السوري المحتلّ. ويزور وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الخميس بيروت «في إطار الجهود الدبلوماسية المستمرة من أجل خفض التصعيد في المنطقة»، على ما ذكرت مصادر دبلوماسية الأربعاء. وتأتي زيارة سيجورنيه في أعقاب زيارة أجراها الأربعاء لبيروت المبعوث الأميركي آموس هوكستين.