شهادات جنود إسرائيليين: «قتلنا فلسطينيين دون قيود ولشعورنا بالملل»

جنود إسرائيليون في رفح جنوب قطاع غزة في 3 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون في رفح جنوب قطاع غزة في 3 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
TT

شهادات جنود إسرائيليين: «قتلنا فلسطينيين دون قيود ولشعورنا بالملل»

جنود إسرائيليون في رفح جنوب قطاع غزة في 3 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون في رفح جنوب قطاع غزة في 3 يوليو الحالي (أ.ف.ب)

اعترف أفراد من الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على الفلسطينيين دون قيود، وبدافع «الملل»، وتركوا جثثهم في الشوارع، وسط غياب شبه كامل لضوابط إطلاق النار في الحرب على قطاع غزة المحاصر.

ونقلاً عن شهادات 6 جنود إسرائيليين، ذكرت مقالة نشرتها مجلة «تل أبيب +972» إن الجنود «مصرح لهم بفتح النار على الفلسطينيين حسب الرغبة تقريباً، بمن في ذلك المدنيون».

وروت 6 مصادر من الجيش من الذين قاتلوا في غزة، كيف أن الجنود الإسرائيليين يقتلون المدنيين بشكل «روتيني» لمجرد أنهم دخلوا منطقة وصفها الجيش بأنها «محظورة».

وقال أحد الجنود الذي جرى تعريفه باسم «ب»، الذي قاتل مع القوات النظامية في غزة لعدة أشهر: «كانت هناك حرية عمل كاملة»، بما في ذلك في مركز قيادة كتيبته. وتابع الجندي: «إذا كان هناك (حتى) شعور بالتهديد، فلا داعي للشرح، ما عليك سوى إطلاق النار».

ويقول الجندي «ب»: «عندما يرى الجنود شخصاً يقترب (يجوز إطلاق النار على مركز كتلته (جسده)، وليس في الهواء)»، مضيفاً «يجوز إطلاق النار على الجميع، فتاة صغيرة وامرأة عجوز».

وقال يوفال غرين، وهو جندي احتياطي يبلغ من العمر 26 عاماً من القدس، وقاتل بصفته جزءاً من «لواء 55 مظليين» في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، والجندي الوحيد الذي تمت مقابلته، والذي كان على استعداد للتعريف باسمه، إنه: «لم تكن هناك قيود على الذخيرة. كان الناس يطلقون النار فقط لتخفيف الملل».

وقال الجندي الاحتياطي «س»، الذي قاتل في شمال غزة: «الناس يريدون تجربة الحدث (بالكامل). أنا شخصياً أطلقت بضع رصاصات دون سبب، في البحر أو على الرصيف أو في مبنى مهجور. لقد أبلغوا عن الأمر على أنه (نار عادية)، وهو الاسم الرمزي لعبارة (أشعر بالملل، لذا أطلق النار)».

دبابات إسرائيلية في منطقة قريبة من الحدود الجنوبية لإسرائيل مع قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

وقال «م»، وهو جندي احتياطي قاتل في قطاع غزة، إنه عندما لا تكون هناك قوات إسرائيلية أخرى في المنطقة، فإن «إطلاق النار غير مقيد للغاية، مثل الجنون. وليس فقط الأسلحة الصغيرة: المدافع الرشاشة والدبابات ومدافع الهاون».

في حين أن إطلاق النار على «المستشفيات والعيادات والمدارس والمؤسسات الدينية، (و) مباني المنظمات الدولية» يتطلب تصريحاً أعلى، قال الجندي «أ»، وهو ضابط تحدث للمجلة الإسرائيلية: «عملياً، يمكنني الاعتماد على الحالات التي قيل لنا فيها ألا نفعل ذلك لإطلاق النار. حتى مع الأشياء الحساسة مثل المدارس، تبدو (الموافقة) كأنها مجرد إجراء شكلي».

وقال الجندي «أ»: «كانت الروح السائدة في غرفة العمليات هي: أطلقوا النار أولاً، واطرحوا الأسئلة لاحقاً. كان هذا هو الإجماع... لن يذرف أحد دمعة إذا قمنا بتسوية منزل بالأرض عندما لا تكون هناك حاجة لذلك، أو إذا أطلقنا النار على شخص ما».

إخفاء الجثث

وقالت الشهادات للمجلة الإسرائيلية إن جثث المدنيين تركت على طول الطرق، والأرض المكشوفة، لتتحلل أو تأكلها الحيوانات الضالة، مشيرة إلى أن الجنود في الجيش الإسرائيلي يخفونها فقط قبل وصول قوافل المساعدات الدولية.

وقال الجندي الاحتياطي «س»: «كانت المنطقة بأكملها مليئة بالجثث. هناك أيضاً كلاب وأبقار وخيول نجت من القصف، وليس لديها مكان تذهب إليه. لا يمكننا إطعامها، ولا نريدها أن تقترب كثيراً أيضاً؛ لذلك، أحياناً ترى كلاباً تتجول بأجزاء متعفنة من جسدها. هناك رائحة موت مروعة»، وقال الجندي: «إنه قبل وصول القوافل الإنسانية، تجري إزالة الجثث».

وتابع الجندي «س»: «تنزل جرافة من طراز (دي -9)، ومعها دبابة، وتقوم بتطهير المنطقة من الجثث، وتدفنها تحت الأنقاض، وتقلبها جانباً حتى لا تراها القوافل»، مشيراً إلى أن «هناك وفيات أكثر مما يجري الإبلاغ عنه».

وتابع الجندي الاحتياطي: «كنا في منطقة صغيرة. كل يوم، يُقتل ما لا يقل عن واحد أو اثنين من (المدنيين) لأنهم كانوا يسيرون في منطقة محظورة. لا أعرف من هو إرهابي ومن ليس كذلك، لكن معظمهم لم يحملوا أسلحة».

ووفق التقرير، فمن بين 324 جندياً إسرائيلياً قتلوا في غزة، قُتل 28 جندياً على الأقل بنيران صديقة، وأفادت الشهادات بأن إطلاق النار غير المحدود كان مسؤولاً جزئياً عن العدد الكبير من الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا بنيران صديقة في الأشهر الأخيرة.

«اللامبالاة بمصير الأسرى الإسرائيليين»

وشهد الجندي غرين بأن قواعد الاشتباك أظهرت «لامبالاة عميقة» بمصير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

ووفق الشهادات، فإن قواعد إطلاق النار لم تتغير حتى بعد أن قتل جنود إسرائيليون في الشجاعية 3 أسرى كانوا يلوحون بأعلام بيضاء في ديسمبر (كانون الأول)، معتقدين أنهم فلسطينيون.

ويتذكر الجندي «ب»: «بالنسبة للرهائن، لم تكن لدينا توجيهات محددة».

قال غرين: «لقد سمعت تصريحات (من جنود آخرين) مفادها أن الرهائن ماتوا، وليس أمامهم أي فرصة، ويجب التخلي عنهم»، مضيفاً: «(هذا) أزعجني أكثر... إنهم ظلوا يقولون (نحن هنا من أجل الرهائن)، ولكن من الواضح أن الحرب تلحق الضرر بالرهائن. كانت هذه فكرتي حينها؛ واليوم تبين أن هذا صحيح».

كما أظهر التقرير أن هناك سياسة ممنهجة لإحراق منازل الفلسطينيين بعد احتلالها، وعندما احتل الجنود المنازل، شهد جرين أن السياسة كانت «إذا تحركت، عليك أن تحرق المنزل».

جنود إسرائيليون على دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة (رويترز)

وأكد الجندي «ب»: «قبل أن تغادر، قم بإحراق المنزل - كل منزل». وتابع الجندي «ب»: «وهذا مدعوم على مستوى قائد الكتيبة. هذا حتى لا يتمكن (الفلسطينيون) من العودة، وإذا تركنا وراءنا أي ذخيرة أو طعام، فلن يتمكن الإرهابيون من استخدامها».

وقال غرين إن الدمار الذي خلّفه الجيش الإسرائيلي في غزة «لا يمكن تصوره»، مشيراً إلى أن الجنود ينهبون أيضاً منازل الفلسطينيين، وأردف: «كثير من الجنود (عاملوا المنازل مثل متجر للهدايا التذكارية، ونهبوا كل ما لم يتمكن سكانها الفلسطينيون من أخذه معهم)».

وقال مسؤولون بقطاع الصحة في غزة في أحدث تعديل إن إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين في الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر منذ 9 أشهر وصل حتى الآن إلى 38243.


مقالات ذات صلة

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

المشرق العربي صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب) play-circle 00:33

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

يتسابق كل من «حزب الله» وإسرائيل لرسم صورة الانتصار أمام جمهوره في الساعات الأخيرة للحرب.

كارولين عاكوم (بيروت)
العالم العربي طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

قال مسعفون، الثلاثاء، إن 10 فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز - أرشيفية)

وزير الدفاع الإسرائيلي يوافق على استمرار العمليات العسكرية على الجبهة الشمالية

قال متحدث باسم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الثلاثاء)، إن الوزير وافق على استمرار العمليات العسكرية الهجومية على الجبهة الشمالية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)

مجموعة السبع: الآن الوقت المناسب لوقف إطلاق النار في لبنان

كثف وزراء خارجية مجموعة الدول السبع اليوم (الثلاثاء)، الضغوط على إسرائيل لقبول اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (روما)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
TT

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسية من تكلفة الصراع الذي احتدم بشدة منذ شهرين حين شنت إسرائيل هجوماً على الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

حصيلة القتلى والجرحى

قالت وزارة الصحة اللبنانية إنه حتى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) قُتل 3768، وجُرح 15699 شخصاً على الأقل في لبنان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ولا تميز الأرقام بين مقاتلي «حزب الله» والمدنيين. وغالبية الحصيلة وقعت بعد أن شنت إسرائيل هجومها في سبتمبر (أيلول).

ولم يتضح بعد عدد القتلى في صفوف «حزب الله». وكانت الجماعة قد أعلنت عن مقتل نحو 500 من مقاتليها في المعارك حتى اللحظة التي شنت فيها إسرائيل هجومها في سبتمبر، لكنها توقفت عن إعلان ذلك منذئذ.

ويقول معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، إن جماعة «حزب الله» خسرت 2450 فرداً إجمالاً.

وقتلت غارات «حزب الله» 45 مدنياً في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.

وقالت السلطات الإسرائيلية إن 73 جندياً إسرائيلياً على الأقل قُتلوا في شمال إسرائيل، وهضبة الجولان وفي معارك بجنوب لبنان.

الدمار

قال تقرير للبنك الدولي إن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان تقدَّر بنحو 2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً.

وقال مختبر المدن بيروت التابع للجامعة الأميركية إن الضربات الجوية الإسرائيلية هدمت 262 مبنى على الأقل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها، معقل «حزب الله».

وألحق الجيش الإسرائيلي أيضاً أضراراً واسعة النطاق في قرى وبلدات في سهل البقاع وجنوب لبنان، وهما منطقتان يسيطر عليهما «حزب الله».

وقدَّر تقرير البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالزراعة بنحو 124 مليون دولار وخسائر تزيد على 1.1 مليار دولار، بسبب فوات الحصاد نتيجة تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين.

وتقدر السلطات الإسرائيلية الأضرار التي لحقت بالممتلكات في إسرائيل بنحو مليار شيقل (273 مليون دولار) على الأقل، مع تضرر أو تدمير آلاف المنازل والمزارع والشركات.

ووقع القسط الأكبر من الأضرار في إسرائيل في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية التي تعرضت لقصف صاروخي من «حزب الله».

وتقول السلطات الإسرائيلية إن نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل وهضبة الجولان تعرضت للحرق منذ بداية الحرب.

نزوح

قالت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان حتى 18 نوفمبر. وأظهرت بيانات المفوضية أن أكثر من 540 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب.

وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من منازلهم في الشمال.

التأثير الاقتصادي

قدم البنك الدولي في تقرير صدر في 14 نوفمبر تقديراً أولياً للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان بنحو 8.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنحو 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنة بتقديرات النمو قبل الصراع البالغة 0.9 في المائة.

وتكبد قطاع الزراعة خسائر تجاوزت 1.1 مليار دولار خلال الأشهر الاثني عشر الماضية بسبب تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين، خصوصاً في المناطق الجنوبية. وقال البنك الدولي إن قطاعي السياحة والضيافة، المساهمين الرئيسيين في الاقتصاد اللبناني، كانا الأكثر تضرراً بخسائر بلغت 1.1 مليار دولار.

وفي إسرائيل، فاقم الصراع مع «حزب الله» التأثير الاقتصادي للحرب في قطاع غزة؛ ما أدى إلى ضغط على المالية العامة.

وارتفع العجز في الميزانية إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل هذا العام.

وفاقم الصراع الاضطرابات في سلاسل التوريد حتى صعد التضخم إلى 3.5 في المائة متخطياً النطاق المستهدف للبنك المركزي بين واحد وثلاثة في المائة. وأبقى البنك المركزي نتيجة لهذا على أسعار فائدة مرتفعة لكبح التضخم فظلت أسعار الرهن العقاري مرتفعة، وتفاقمت الضغوط على الأسر.

وانتعش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الثالث إلى حد ما عن الربع الثاني الضعيف لينمو بنحو 3.8 في المائة على أساس سنوي وفقاً ًللتقديرات الأولية للحكومة.