أزمة متفاقمة في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم تهدده بالانهيار

«قانون الحاخامات» يكشف عمق الخلافات

جانب من احتجاجات نظمها اليسار الإسرائيلي ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب يوم 6 يوليو (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات نظمها اليسار الإسرائيلي ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب يوم 6 يوليو (أ.ف.ب)
TT

أزمة متفاقمة في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم تهدده بالانهيار

جانب من احتجاجات نظمها اليسار الإسرائيلي ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب يوم 6 يوليو (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات نظمها اليسار الإسرائيلي ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب يوم 6 يوليو (أ.ف.ب)

استيقظ النظام السياسي في إسرائيل، الثلاثاء، على الأزمة الأكثر حدة في الائتلاف الحاكم، بعد تصميم حزب «القوة اليهودية» برئاسة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير على معارضة «قانون الحاخامات» الذي قدمه حزب «شاس» الديني، ودعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبقية الأحزاب، قبل أن يضطر رئيس الائتلاف أوفير كاتس إلى سحب جميع مشاريع القوانين من الكنيست، محتجاً بشدة على السلوك «غير المسؤول» لحزب بن غفير.

وأعلن كاتس سحب جميع المشاريع، وكتب في مجموعة «واتساب» تابعة لحزب «الليكود» أن القوانين لن تكون على جدول الأعمال الثلاثاء، وذلك بسبب «السلوك غير المسؤول لعوتسما يهوديت (قوة يهودية)». ونقلت القناتان 12 و13 وصحيفة «يديعوت أحرونوت» عن كاتس قوله في المجموعة: «غير مستعد للاعتماد على أي طرف آخر غير أطراف الائتلاف، لكني غير مستعد لإدارته حسب مزاج الشركاء». وتابع: «آمل أن يتوقف الوضع الذي يساعد فيه حزب من ائتلاف المعارضة على إيذائنا».

وجاء موقف كاتس بعد أن أعلن حزب بن غفير أنه لن يدعم «قانون الحاخامات» على الرغم من تقديمه بشكل مخفف، وهو القانون الذي أدى إلى خلافات حادة في وقت سابق، وقاد إلى اتهامات متبادلة، ويصر عليه حزب «شاس»، ويهدف إلى نقل صلاحيات تعيين حاخامات المدن من السلطات المحلية إلى وزارة الأديان التي يتولاها موشيه ملخيئيلي، من «شاس».

بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

وأصر بن غفير على معارضة المشروع رغم محاولات نتنياهو التوصل إلى حل، وذلك فيما بدا انتقاماً منه لأنه لم يضمه إلى منتدى المشاورات الأمنية المصغر الذي حلّ بديلاً لمجلس الحرب.

وبعد تهديدات بن غفير وقبل سحب القوانين من الكنيست، حاول نتنياهو الاجتماع مع بن غفير وحدد موعداً لذلك، لكنه ألغاه لاحقاً، بعدما هاجمه بن غفير واتهمه بأنه يقود الحكومة منفرداً ويعزل شركاءه الطبيعيين.

وقال نتنياهو رداً على بن غفير إنه لا يدير روضة أطفال، ولا يمكن له العمل بهذه الطريقة.

وحاول بن غفير منذ حل مجلس الحرب، الانضمام إلى المنتدى الأمني المصغر. ولم يتجاوب نتنياهو مع هذا المطلب، واتهمه بتسريب أسرار الدولة، قبل أن يطالب بن غفير نتنياهو وجميع الوزراء بالخضوع لجهاز كشف الكذب.

لكن خطوة بن غفير رداً على نتنياهو، أشعلت غضب حزب «شاس»، الذي هاجم نتنياهو وبن غفير على حد سواء.

وقال «شاس» إن «السلوك غير الشرعي» للوزير بن غفير، يعطي مرة أخرى مكافأة للمعارضة التي تنتهز كل فرصة للإطاحة بحكومة اليمين.

وهدّد «شاس» بأنهم سيتشاورون لبتّ مستقبلهم في الحكومة.

مظاهرة ضد الحكومة أمام مقر إقامة نتنياهو في القدس يوم 7 يوليو (رويترز)

ثم ردّ بن غفير متهماً زعيم حزب «شاس» أرييه درعي بأنه متمسك بآيديولوجيا اليسار، ويدفع نتنياهو إلى تبني سياسة تسوية، ويعارض ضمه (بن غفير) إلى حكومة الحرب.

وقال حزب بن غفير إن «هذا ليس مستغرباً، فبينما يدفع الوزير بن غفير نحو اتخاذ قرارات وهزيمة العدو في كل الجبهات، فإن درعي يدعو إلى الاستسلام».

بعد ذلك، استمرت الأجواء في السخونة، ونشر حزب «شاس» رسالة أخرى رداً على رسالة «القوة اليهودية»، وجاء فيها: «اكتشفت كتلة اليمين مرة أخرى بالوناً منتفخاً اسمه إيتمار بن غفير (...). سلسلة من الإخفاقات المحرجة في مجالات مسؤوليته، آلة ضوضاء والعمل صفر. سلوكه طفولي وجنونه متغطرس، وهو يفعل كل شيء لتفكيك الحكومة من الداخل، ويخدم بإخلاص أحزاب اليسار السياسية. لقد تمت الإطاحة دائماً بالحكومات اليمينية من قبل أشخاص من هذا النوع. الجمهور سيعرف ويحكم».

احتجاجات ضد نتنياهو وحكومته في تل أبيب يوم 6 يوليو (أ.ف.ب)

ولم تتوقف المناكفات، وخرج بن غفير على وسائل إعلام مختلفة وهاجم درعي وحزبه «شاس»، وقال إنهم مستسلمون ويدفعون نتنياهو إلى صفقات استسلام مع «حماس» و«حزب الله».

فتحت المناكفات الحادة في الائتلاف وفشله في تمرير قوانين، شهية المعارضة في إسرائيل على احتمال إسقاط الحكومة.

وقال حزب «يش عتيد» الذي يتزعمه يائير لبيد زعيم المعارضة: «هذا هو ما يبدو عليه التفكك: منذ أسابيع كثيرة، لم يتمكن الائتلاف من تمرير قرار واحد مهم بالنسبة له».

وقالت منسقة أحزاب المعارضة، عضو الكنيست ميراف بن آري، إن «الائتلاف المتنازع والمتفكك، الذي لا يهتم إلا بقوانينه الخاصة، أزال اليوم كل التشريعات من جدول الأعمال. ليس لديهم أي اتفاقيات. ليس لديهم أغلبية. وليست لديهم القدرة على التشريع والحكم. ونتمنى لهم أن يستمروا على هذا المنوال قدر الإمكان حتى يتم حل هذه الحكومة السيئة والمفككة».

ومن غير المعروف إلى أي حد يمكن أن تتفاقم الأزمة داخل الحكومة، وهل يمكن أن تؤدي إلى إسقاطها.

ولمح مسؤول في حزب «شاس» إلى أنهم لا ينوون ذلك، لكن بن غفير سيقود إلى هذا الوضع.

إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف (إ.ب.أ)

ثم خرج وزير إسرائيلي كبير من الحريديم (المتدينين) وصرح لقناة i24NEWS بأن «الأزمة في الكنيست الآن هي اختبار لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، هل يسيطر على الائتلاف أم لا؟». وأضاف: «إذا كان نتنياهو غير قادر على السيطرة على هذا الحادث الصغير، فما الفائدة من مجرد محاولة تمرير قانون التجنيد؟ ربما تصبح النكتة حول حل الكنيست حقيقة».

وعملياً لم يتبق سوى ثلاثة أسابيع على انعقاد المؤتمر الصيفي للكنيست، وإذا تقرر بالفعل بدء عملية حل الحكومة، فإن الأسبوع المقبل هو الموعد النهائي.

وفيما يبدو محاولة لتدارك المسألة، قال مقربون من بن غفير في وقت لاحق الثلاثاء، إن نتنياهو وافق سراً على طلبه بالانضمام إلى المنتدى الأمني ​​المحدود.

لكن حزب «القوة اليهودية» لم يعلن ذلك رسمياً، بل قال إنه متمسك بمطلبه مهما كلّف الأمر وسيمضي حتى النهاية إذا لم يتم قبول مطلب بن غفير. وذكر الحزب أنهم يعتزمون في هذه المرحلة مواصلة تعطيل عمل الائتلاف الحكومي، إلى أن يحصل بن غفير على منصب نفوذ في إدارة الحرب.

وفي مقابلات متعددة، قال بن غفير لوسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، إنه «كان ينبغي على نتنياهو أن يكون الشخص البالغ المسؤول، وأن يسمح لي بأن أكون من بين صنّاع القرار. أقول لنتنياهو: انظر من كان على حق، أريد أن يكون لي تأثير. لا أستطيع سماع التقارير فحسب. جئت إلى الحكومة ليس من أجل المناصب، جئت للتغيير، جئت للتأثير على مسار الحرب».

وأضاف: «نقاشاتنا لا تتعلق بالمناصب أو الوظائف، بل بالحرب. أريد التأثير على هذه الحرب، لا يمكن أن يكون نتنياهو محاطاً فقط بأشخاص يريدون التوصل إلى اتفاق في غزة وتسوية مع (حزب الله)».


مقالات ذات صلة

ترمب: قد تُفتح أبواب الجحيم إذا لم يعد الرهائن من غزة بحلول السبت

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حديثه للصحافيين عقب توقيعه أوامر تنفيذية في المكتب البيضاوي (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: قد تُفتح أبواب الجحيم إذا لم يعد الرهائن من غزة بحلول السبت

تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «إمكانية قطع المساعدات عن مصر والأردن إذا لم يوافقا على استقبال الفلسطينيين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي سيارات تابعة للصليب الأحمر أثناء عملية  3 محتجزين إسرائيليين بدير البلح في 8 فبراير 2025 (د.ب.أ)

«حماس» تعلّق تسليم الأسرى وإسرائيل ترفع التأهب لأعلى مستوى

علقت «حماس» عملية تسليم المحتجزين الإسرائيليين، التي كانت مقررة السبت المقبل، وردت إسرائيل برفع مستوى التأهب في غزة.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية فلسطينيون في خان يونس فوق مركبة عسكرية إسرائيلية جرى الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر الماضي (د.ب.أ)

المعارضة الإسرائيلية تتهم الحكومة بـ«دفن» أي تحقيق في هجوم السابع من أكتوبر

اتهمت المعارضة الإسرائيلية الحكومة، الاثنين، بـ«دفن» تشكيل لجنة تحقيق في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وذلك بعد رفضها الاستجابة لطلب بهذا الشأن.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ب) play-circle

نتنياهو: لقاء ترمب كان «الأكثر أهمية» بين رئيس وزراء إسرائيلي ورئيس أميركي

قال نتنياهو إن لقاءه مع ترمب في واشنطن كان اللقاء «الأكثر ودية وأهمية» بين رئيس وزراء إسرائيلي ورئيس أميركي في التاريخ، وإن إسرائيل الآن أقوى من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي مراقب أمني يتابع حركة الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى الشمال بعد انسحاب إسرائيل من ممر نتساريم (إ.ب.أ)

إسرائيل تريد تمديد المرحلة الأولى لاتفاق غزة

ينتظر الإسرائيليون والوسطاء و«حماس» اجتماعاً سيعقده بنيامين نتنياهو للمجلس الأمني، الثلاثاء، حول المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

كفاح زبون (رام الله)

«صفقة الأسرى» مُعلقة... ونُذر تصعيد

فلسطينيون يستقلون مركبة "فان" على طريق صلاح الدين متجهين إلى شمال قطاع غزة أمس ( أ.ف.ب)
فلسطينيون يستقلون مركبة "فان" على طريق صلاح الدين متجهين إلى شمال قطاع غزة أمس ( أ.ف.ب)
TT

«صفقة الأسرى» مُعلقة... ونُذر تصعيد

فلسطينيون يستقلون مركبة "فان" على طريق صلاح الدين متجهين إلى شمال قطاع غزة أمس ( أ.ف.ب)
فلسطينيون يستقلون مركبة "فان" على طريق صلاح الدين متجهين إلى شمال قطاع غزة أمس ( أ.ف.ب)

خيمت نُذر تصعيد، أمس، في قطاع غزة، وباتت الهدنة الهشة بين إسرائيل و«حماس» معرضة للانهيار، بعدما أعلنت الحركة تعليق عملية تسليم الأسرى، التي كانت مقررة السبت المقبل، «حتى إشعار آخر».

واتهمت «حماس»، كيان الاحتلال، بعدم الالتزام ببنود الهدنة، وقالت إن قرارها تعليق تسليم الأسرى، جاء «رداً على انتهاكات إسرائيل لاتفاق وقف النار».

وجاء إعلان «حماس» مواكباً تقريباً لخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في جلسة صاخبة بالكنيست، قال فيها إن إدارته تتفق مع «الإدارة الأميركية بشأن القضايا الأساسية في الشرق الأوسط، (ومنها) تحقيق جميع أهداف حربنا، بما في ذلك القضاء على (حماس)، وإعادة جميع الرهائن، والتعهد أن غزة لن تشكل تهديداً لإسرائيل».

بدوره، رأى وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن تعليق صفقة الأسرى «يُعَدُّ انتهاكاً كاملاً لاتفاق وقف إطلاق النار»، مؤكداً أنه وجه الجيش «بالاستعداد لأعلى مستوى من التأهب لأي سيناريو محتمل في غزة».

من جانبه، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى التمسك بخطته لتهجير أهالي غزة ورفض حق عودتهم، ودعا إلى النظر للقطاع بوصفه «موقعاً عقارياً كبيراً». وأفاد في مقابلة تلفزيونية، أمس (الاثنين)، بأن الفلسطينيين بعد ترحيلهم من القطاع «لن يعودوا، إذ سيحصلون على مساكن أفضل بكثير».